تطرقت صحيفة معارضة للانقلاب العسكري في مصر, إلى تزوير النظام للتقارير والإحصاءات الرسمية التي ينشرها بخصوص تحسن الاقتصاد , مشيرة إلى أن الاعلام استقبل تلك التقارير بالافراح والزغاريط, متسائلةٍ لكن ما حقيقة هذه الأرقام ولماذا لم يتحسن واقع المصريين بالفعل؟ حيث تشهد مصر منذ انقلاب يوليو 2013 , حالة من التضخم و ارتفاع أسعار المعيشة و زيادة في أسعار الخدمات والسلع التي تمس المواطن من محدودي الدخل وذلك عقل تحرير سعر صرف الجنيه في 3 نوفمبر 2016، إلى جانب تراجع دخل الفرد وارتفاع أسعار السلع والخدمات لمستويات قياسية، مع زيادة نسبة الفقر في البلاد التي يقبع أكثر من 27 في المئة من سكانها تحت خط الفقر العالمي، بحسب الإحصاءات الرسمية لعام 2015. وقال الصحيفة , أن وزارة المالية أصدرت تقريرا الأربعاء الماضي؛ أكدت فيه أن الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر زاد بنسبة 27.5 في المئة، في السنة المالية المنتهية في يونيو الماضي. وتحدث التقرير عن ارتفاع معدل النمو في الناتج المحلي الإجمالي لمصر خلال الربع الأخير من العام المالي 2016-2017 إلى 4.9 في المئة، مقابل 2.3 في المئة خلال الربع المقابل من السنة المالية السابقة. وقالت المالية إن رصيد الاحتياطي من النقد الأجنبي ارتفع إلى 36 مليار دولار في يوليو الماضي، وهي أعلى قيمة منذ شباط/ مارس 2011، إبان الثورة على الرئيس المخلوع حسني مبارك. وحول الموازنة المصرية، تحدث التقرير عن انخفاض عجز الموازنة بنسبة 2 في المئة خلال الأشهر التسعة الأولى من 2016-2017، إلى 9.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، بالمقارنة مع 11.5 في المئة في نفس الشهور من السنة المالية السابقة. وتوقع التقرير زيادة الإيرادات العامة للدولة بنسبة 32.1 في المئة خلال السنة المالية الحالية حتى نهاية أيار/ مايو 2017. وقال التقرير إن عجز الميزان التجاري انخفض بنسبة 46 في المئة بسبب ارتفاع الاستثمار الأجنبي المباشر، فيما تتوقع شركات أبحاث أن يصل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي إلى 4.5 في المئة في العام المالي 2017-2018، بحسب التقربر ذاته. وفي ملف البطالة، قال التقرير الحكومي إن معدل البطالة بمصر انخفض إلى 11.98 في المئة في الربع الثاني من عام 2017، نتيجة توفير نحو 700 ألف وظيفة جديدة. ويرى الخبير الاقتصادي المصري، عبد الحافظ الصاوي، أن "هذه الأرقام، فضلا عن عدم دقتها، فهي لا تعكس أداء طبيعيا للعرض والطلب في الاقتصاد المصري". وقال الصاوي في حديثه مع "عربي21": "التحسن في عجز الميزان التجاري أتى نتيجة منع الاستيراد عبر قرارات إدارية، كما أن ارتفاع احتياطي النقد الأجنبي جاء نتيجة التوسع في الديون الخارجية وليس بسبب زيادة في الموارد الذاتية من النقد الأجنبي"، وفق تقديره. وأكد الصاوي أن "ما صدر من تقارير عن انخفاض معدل البطالة هو أكذوبة"، مشيرا إلى أن "بيانات الخطة العامة للدولة تشير إلى تراجع معد النمو الاقتصادي إلى 4 في المئة خلال النصف الأول من عام 2016/2017، فكيف انخفض معدل البطالة مع انخفاض معدل النمو؟". وأوضح الصاوي أن "زيادة الإيرادات العامة للدولة؛ هي نتيجة لزيادة الرسوم على الخدمات الحكومية، والتوسع في فرض الضرائب، فضلا عن زيادة أسعار العديد من الخدمات الأساسية، مثل الكهرباء والمياه والغاز والبتوجاز"، مضيفا: "لكل ذلك لا يشعر المواطن بأي تحسن في الأداء الاقتصادي". وحول الهدف من إطلاق هذه الأرقام الآن، وهل هي موجهة لمخاطبة المؤسسات الدولية وخداع المصريين في نفس الوقت، أوضح الباحث الاقتصادي أن "الموسسات الدولية تعلم حقيقة هذه الأرقام وأنها لا تعكس تحسنا اقتصاديا حقيقيا، ولكن تلك المؤسسات تقبل هذا الأداء في ظل فرض سياساتها الاقتصادية؛ التي لا تعتني بالمواطن ولكنها تركز على الموشرات الرقمية"، كما قال. وحول حقيقة تلك الأرقام الرسمية ولماذا لم ينعكس أثرها على واقع المصريين، قال الخبير الاقتصادي مصطفى عبد السلام: "الناس يا عزيزي لا تأكل أرقاما"، في إشارة إلى أن تلك الإحصاءات لا تجد لها مردودا حقيقيا على أرض الواقع يغيّر الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها المصريون. وأكد عبد السلام ؛ أن "جزءا كبيرا من تحسن الأرقام المذكورة سلفا؛ ناتج إما عن الإفراط في الاقتراض الخارجي، أو عن تراجع النشاط الاقتصادي وضعف حركة السوق وتقليل الواردات الخارجية"، وفق قوله. وأوضح الكاتب الصحفي المتخصص في الشؤون الاقتصادية؛ أن "فرض النظام قيودا شديدة على الواردات وزيادة رسوم الجمارك، بجانب حالة الركود التضخمي داخل السوق المصري؛ كلها إجراءات أدت إلى تحسن ملحوظ في الميزان التجاري المصري". وأشار إلى أن "هذا التحسن المعلن عنه ليس تحسنا بقدر ما هو شلل للسوق الداخلي"، مضيفا: "وبالطبع سوق صرف العملات الأجنبية وسعر الدولار استفادا من حالة الشلل التي أصابت السوق المصري"، على حد وصفه.