كشفت حادثة اقتحام ثوار مصر يوم 9 أيلول 2011، لسفارة العدو في القاهرة عن مدى قوة الشعب وعظمة عزيمته، وأكدت الحادثة أنه لا إرادة تعلو فوق إرادة الجماهير الثائرة. بعد 25 يناير تخلص الشعب من الاستبداد، وبعد 9 أيلول أراد التخلص من التبعية لأعداء الأمة وعلى رأسهم "إسرائيل" وأميركا. قيدت اتفاقية كامب ديفيد المشينة اليد المصرية الحرة وسلبتها حريتها، إلى أن حدثت الهبة الشعبية المباركة يوم 9 أيلول، التي أسفرت عن اقتحام سفارة العدو والسيطرة عليها، وهروب السفير الصهيوني مع طاقم سفارته إلى تل أبيب مدشنا الشعب المصري بهذا الفعل البطولي، بداية النهاية لاتفاقية العار التي ابرمها أنور السادات مع العدو الإسرائيلي عام 1978. حاول المجلس العسكري المصري الحاكم طمأنة "إسرائيل" ولملمة الأمر، لكن "السيف سبق العذل"، فالزلزال الناتج عن الحادثة ولّد تداعيات أكبر من أن يستوعبها المستوطنون القابعون فوق المساحة الكاملة لفلسطين المحتلة. في مصر خصوصا وفي العالم العربي عموما، يمكننا القول أن ما قبل 25 يناير 2011 ليس كما بعده، واليوم وبعد مضي ثمانية أشهر على انتصار الثورة المصرية المجيدة يمكننا القول أيضا، أن ما قبل 9 أيلول 2011 ليس كما بعده، فحادثة اقتحام سفارة العدو في القاهرة ليس حادثا عابرا، بل فعلا جماهيريا عظيما يرسم مستقبلا جديدا لعالمنا العربي ويدخل صراعنا مع العدو الإسرائيلي في عصر جديد، عصرا نورانيا، يجلب معه بشائر التحرير والحرية والانعتاق من التبعية أو الموالاة للأغراب والأعداء ويرسم خطا بيانيا متصاعدا لعملية الصراع مع العدو الإسرائيلي ويؤسس لواقع جديد ينهي الإذعان الشعبي لإرادة الأنظمة ولأعداء الأمة الذي دام عقود. تحدثت مع صديق مصري يقيم في القاهرة، وهو أستاذ في القانون الدولي في إحدى جامعات العاصمة، وسألته عن أعمال الشغب والتعدي على المال العام والخاص التي رافقت عملية اقتحام السفارة، أجابني بأنها من فعل فلول النظام البائد، الغاية منه تشويه عملية الاقتحام وصبغها بالإرهاب والتخريب، لأجل حرمان العملية البطولية من التأييد الشعبي المصري والعربي المتوقع ولحشد أكبر قدر من الاستنكار الدولي لها. إثر سقوط بن علي وضع مبارك "يده على قلبه" ثم سقط، وبعد سقوط مبارك وضع القذافي "يده على قلبه" ثم سقط، واليوم بقية حكام العرب "يضعون أياديهم على قلوبهم" والبقية تأتي. وإثر سقوط السفارة الإسرائيلية بأيدي الثوار المصريون، وضع حكام عرب كثيرون "أعينهم" على السفارات أو المكاتب أم الممثليات التجارية الإسرائيلية الموجودة في أراضيهم، ويبدو أنهم سوف يضعون "أياديهم على قلوبهم" أسوة بما فعله ثلاثة من قبلهم إذا لم يسارعوا بإغلاق البيوت الدبلوماسية أو التجارية الدنسة القائمة فوق التراب العربي الطاهر. الشعوب هي المالكة الشرعية للأرض، ويطالب المالك اليوم بحقه فهو لا يريد رؤية العلم الإسرائيلي يرفرف فوق أرضه، وحذاري من غضب الشعوب الوارثة الشرعية الوحيدة لتراب بلادها وسمائها.