التطهر والتنظف لصلاة الجمعة عبادة شرعية تشتمل على أحكام وآداب نبوية ، يغفل عنها البعض ، ويجهلها البعض الآخر، كان ولا بد من إبراز هذه العبادة، لتفارق العادة، لأن الشارع الحكيم رتب أعظم الجزاء على أكمل الأعمال ولن يظفر بعظيم الثواب إلا من أتى بالعبادة على أكمل وجه ولا يخفى أن التساهل بأمور العبادة قد يحبطها أو قد ينقص أجرها. هذا اليوم يجتمع فيه العدد الكبير من المسلمين في المساجد فتتولد بعض الروائح المؤثرة ، مما يشق على نفوس المصلين ويتأذون به فيفقد المصلي خشوعه وينشغل باله، والواجب رفع الأذى عن المسلم ، أرأيت أكل الثوم أو البصل فإن أكله يكره له حضور المسجد للصلاة حيث يؤذي المصلين برائحته الكريهة، فأنت عندما تغتسل، وتمس من الطيب، وتستاك، وتلبس أحسن الثياب تكون جمعت بين حسن المظهر وحسن التعبد لله وهيأت جواً عبادياً يريح إخوانك المصلين، وإضافة إلى هذا فإنه زينة مأمور بها شرعاً قال تعالى: { يا بني آدم خُذُوا زينتكم عند كُلِّ مسجد } [الأعراف:31] ولنا في ذلك كله وقوله تعالى: { لقد كان لكم في رسول الله أسْوةٌ حسنة } [الأحزاب:21]. مشروعية الغسل لصلاة الجمعة وردت السنة بآثار كثيرة صحيحة تدل على مشروعية الغسل لصلاة الجمعة وتبين فضله منها ما رواه أبو سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم والسواك، وأن يمس من الطيب ما يقدر عليه". وما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية، فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشاً أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر". وعن سلمان الفارس رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يغتسل رجل يوم الجمعة ويتطهر بما استطاع من طهر ويدهن من دهنه أو يمس من طيب بيته ثم يروح إلى المسجد ولا يفرق بين اثنين ثم يصلي ما كتب له ثم ينصت للإمام إذا تكلم إلا غفر له ما بين الجمعة إلى الجمعة الأخرى". وعن أوس بن أوس الثقفي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "من غسل واغتسل يوم الجمعة وبكر وابتكر ومشى ولم يركب ودنا من الإمام فاستمع ولم يلغ كان له بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها". وعن سمرة بن جندب أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: "من توضأ للجمعة فبها ونعمة ومن اغتسل فالغسل أفضل". وعن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اغتسلوا يوم الجمعة فإن من اغتسل يوم الجمعة فله كفارة ما بين الجمعة إلى الجمعة وزيادة ثلاثة أيام". فالمتأمل لهذه الآثار النبوية يدرك مدى فضل غسل الجمعة وتأكد مشروعيته فمن عمل بما وردت به الأحاديث استحق ذلك الثواب العظيم، بل إن من العلماء من ذهب إلى وجوب الغسل لصلاة الجمعة كما سنبينه لاحقاً ، فحري بالمرء المسلم أن يغتنم هذه السنن وان لا يفوت شيئاً منها ليدرك هذا الفضل ويكتب من العاملين بسنته صلى الله عليه وسلم.