تمر علينا اليوم 9 مارس 2017، الذكرى الثامنة والتسعون لثورة 1919 المجيدة، التى قال فيها الشعب المصرى كلمته أمام الإستعمار البريطانى، وهزمه شر هزيمة بسبب إصراره وتماسكه وإعلان رباطه أمام الظلم والاستبداد الذى كان يُمارس بحقه بمعاونة الفسدة من أبناء الوطن حينها للأسف الشديد. وتطل علينا ذكر ثورة 19 فى السنوات الأربع الأخيرة، لتكشف لنا فروق جوهرية بين ما كان عليه الشعب المصرى قبل 94 عامًا، وما هم عليه الآن، بعد أن أصبح الجنرالات محُتل جديد، يُنفذ أجندة الغرب كما لم ينفذها الغرب بنفسه أول لم يستطع فعلها امام إرادة الشعب المصرى القوية، وذلك بعد أن حرص على إخماد روح الوطنية وبث روح التفرقة بين أبناء الوطن. أسباب اندلاع الثورة واندلعت ثورة 1919 في مثل هذا اليوم 9 مارس على خلفية سلسلة من الاحتجاجات الشعبية المناهضة للاحتلال البريطاني للبلاد وسياساته القمعية ضد المصريين، عقب الحرب العالمية الأولى، ثم جاء سعد زغلول وقاد هذه المطالبات الشعبية والتي ركزت على تغلغل سلطات الحتلال في شؤون الدولة وإلغاء الدستور وإعلان الأحكام العرفية، وانتهت ثورة 19 إلى تحقيق بعض مطالبها بإلغاء الحماية البريطانية على مصر وإلغاء الأحكام العرفية. هذا ما بين 1919 و25 يناير وعلى الرغم من التشابهات الكثيرة بين الثورتين، إلا أن الظروف التي شهدتها اندلاع الثورتين اختلفت من حيث النظام السياسي الحاكم للبلاد وثقافة وتعداد الشعب، ففي ثورة 19 كانت البلاد تحت سيطرة الاستعمار البريطاني فيما كان السلطان حسين كامل قد اعتلى عرش البلاد خلفًا للخديوي عباس حلمي الثاني الذي تم عزله عند إعلان الحماية البريطانية على مصر، وكان عدد سكان مصر وقتها لا يتجاوز ال13 مليون نسمة، أما في 25 يناير فقد كان الحكم في مصر ذاتيًا بنظام جمهوري، تولاه الرئيس المخلوع حسني مبارك، وكان تعداد سكان مصر حينها قد تخطى ال80 مليون هنا تقابلت الثورتين.. مواجهة الاستبداد والظلم
وفى تشابه الظروف اندلعت الثورتين من حيث رفض الظلم والاستبداد، فقد خرجت الجموع الشعبية عام 1991 في سلسلة احتجاجات شعبية لرفض ظلم واستبدتد المستعمر البريطاني وتدخله في شؤون البلاد ونهب ثرواته وخيراته، كذلك رفعت ثورة 25 يناير شعار العيش والحرية والعدالة الاجتماعية، فعلى الرغم من أن من كان يحكم البلاد مصريون، إلا أنهم فئة معينة استأثرت بالثورة لنفسها تاركين السواد الأعظم من الشعب يعاني الفقر والحاجة. الحزب الوطنى كان ممهد الثورة الأكبر فى مصر وعلى الرغم من كم الفساد الذى انتشر من الحزب الوطنى، الذى اعتلاه السادات ثم مبارك ونجليه ورجاله، إلا أن مصر كانت فى طليعة الدول السياسية قبيل اندلاع ثورة 1919، وخاضت عبر الحزب الوطنى، بقيادة مصطفى كامل ومحمد فريد، جولات سياسية كبيرة ضد حكم الفرد والتدخل الأجنبى فى البلاد. أين نتائج الثورتين الآن؟ بالطبع حققت كلتا الثورتين بعضًا من أهدافهما، حيث نجحت الأولى في إلغاء الحماية البريطانية على مصر في 28 فبراير عام 1914، كما صدر دستور جديد عام 1923 وألغيت الأحكام العرفية وأعلن قانون الانتخابات، إلا أنها لم تستطع تحقيق الاستقلال التام. أما ثورة 25 يناير فقد نجحت هي الأخرى فقط في إبعاد رأس النظام بإعلان مبارك تنحية يوم 11 فبراير عام 2011، فيما يرى الكثيرون ممن شاركوا فيها أن كثير من الأهداف التي نادى بها الثوار لم تتحقق إلى الآن، بل إن العسكر يقفون حائط صد ضد ذلك.