ازداد الأمر تعقيدًا مع قائد الانقلاب العسكرى، عبدالفتاح السيسى، بعد أن قامت شركة أرامكو السعودية، بوقف امتدادت الوقود للشهر الثانى على التوالى، وهو الأمر الذى دفعه إلى التحرك سريعًا للبحث عن بدائل تسهم فى توفير احتياجات السوق المحلى من الوقود. وطبقاً لاتفاق تم إبرامه، في شهر أبريل الماضي، فإن شركة أرامكو السعودية توفر لمصر 700 ألف طن من المشتقات البترولية شهرياً ولمدة 5 سنوات مقابل سداد القاهرة 23 مليار دولار لمدة 15 عاماً، وهذه الكمية كانت تمثل نحو نصف احتياجات البلاد من الوقود، كما ساهمت في حدوث استقرار ملحوظ في سوق الوقود المحلية خلال الفترة الماضية.
وتبدو البدائل شديدة الصعوبة بين التكلفة العالية من السوق العالمية الفورية أو اتجاه نحو حلفاء إيران الأمر الذي يغضب الحكومة السعودية ويسهم في تعميق الخلافات بين الطرفين على خلفية تباين المواقف حول عدد من المواقف و الأزمات التي تعاني منها المنطقة.
السؤال الآن: ما هي البدائل المتاحة أمام صانع القرار في مصر للتعامل مع هذه الأزمة المتوقعة الناجمة عن توقف كميات الوقود الواردة من السعودية؟ وهل الإعلان عن طرح الحكومة مناقصات عاجلة لاستيراد نحو 102 شحنة نفط وغاز في عام 2017 كافية لاحتواء الأزمة خاصة خلال الفترة المتبقية من عام 2016 على الأقل؟
وما هي تكلفة هذه الواردات النفطية العاجلة، وفي حال استيراد القاهرة نفطاً خاماً، فهل معامل التكرير المصرية قادرة على تكرير هذا النفط الخام وتلبية احتياجات السوق من مشتقات البنزين والسولار والغاز والمازوت؟
وحول البدائل المتاحة أمام سلطات الانقلاب، أوضحت "الهيئة العامة للبترول أنها بصدد التعاقد حاليا على شحنات بديلة من السوق العالمية". في الوقت الذي أبلغ فيه مسؤلون مسؤولين في أرامكو أبلغوا نظراءهم المصريين بصورة غير رسمية، بأن الشركة السعودية لم تتلقّ تعليمات مغايرة لما تلقتها من القيادة السياسية في المملكة، مطلع شهر أكتوبرالماضي، بشأن عدم إرسال احتياجات مصر البترولية".
ويقول المهندس طارق الملا، وزير البترول، إن مصر ستحصل على المنتجات البترولية المكررة من "السوق الفورية العالمية"، وذلك بعد قرار شركة "أرامكو" السعودية، وقف شحناتها للقاهرة، إلى أجل غير مسمى، موضحًا أن "مصر تلتقى مع المنتجين والتجار، وأى جهة تقدم شروطا ملائمة يمكننا أن نبرم اتفاقا معها".
وردًا على سؤال عما إذا كان يبحث عن صفقات "طويلة الأجل"، خلال مشاركته فى معرض ومؤتمر أبوظبى الدولى للبترول "أديبك" أضاف وزير البترول: "ليس بالضرورة، فالأمر مرهون بالسعر والفرص. نحصل على المنتجات المكررة من السوق على أى حال وحتى أثناء تلقينا شحنات من أرامكو كنا نستورد من السوق"، زاعما أن "السوق الفورية تكون أرخص أحيانا"!.
وأشار إلى أن الأمر لا يتعلق بإيجاد بديل لإمدادات "أرامكو" السعودية، بل بالحصول على شروط ملائمة أفضل، معبرًا عن ذلك بقوله: "من يستطيع أن يقدم لنا ذلك سنبرم معه اتفاقا". نافيا في الوقت ذاته وجود أي مفاوضات مع أي طرف حول توفير الاحتياجات من الوقود لافتا إلى أنه يلتقي بصفة عامة مع المنتجين والتجار". وكشف مصدر حكومي بحسب صحيفة العربي الجديد عن أن "وزير البترول عقد في اليومين الماضيين اجتماعات للجنة الأزمة، التي تضم أبرز المسؤولين في قطاع البترول. وتم استعراض عدد من العروض التي تلقتها الوزارة من دول عربية، بناء على طلبها لسدّ العجز المتوقع من استمرار المنع السعودي. وتبين أن جميع العروض ستكلف مصر مالياً أكثر من الاتفاق المبرم مع السعودية والذي من المفترض أن يمتد خمس سنوات كاملة".
وأوضح المصدر أنه "لا بديل للتعامل مع دول كالكويت والجزائر والإمارات بهذه الأسعار العالية لسد العجز مؤقتاً، وذلك لحين إتمام اتفاق طويل الأجل مع دولة أو دولتين بأسعار أفضل". واستبعد أن "يتم توقيع اتفاقات طويلة الأجل قبل بداية العام المالي المقبل في يوليو 2017" الأمر الذي يعني أن السيسي سيظل في هذه الورطة و تلك المعاناة 8 شهور كاملة.
وبحسب الخبير الاقتصادي مصطفى عبدالسلام فخلال الأيام القليلة الماضية، طرح بعضهم سيناريو النفط الإيراني، سواء عبر استيراد مصر النفط مباشرة من طهران أو بشكل غير مباشر عن طريق استيراد نفط العراق، ولذا جاء الحديث عن زيارة مرتقبة لوزير النفط المصري، طارق الملا، لطهران لبحث الملف.
وعلى الرغم من تأجيل الزيارة بناء على ضغوط خليجية كما تردد إلا أن احتمال زيارة المسؤول المصري طهران لا يزال قائماً مع استمرار موقف شركة أرامكو السعودية.
يضيف عبدالسلام "بالطبع من حق أي دولة أن تبحث عن مصالح شعوبها، ومن حق مصر البحث عن مصالحها الاقتصادية، لكن لا أظن أن مصلحة مصر (قلب العروبة) مع إيران التي تحتل 4 عواصم عربية وتهدد الأمن القومي العربي ليل نهار".
ويتابع «إذا توقف النفط السعودي فهناك بدائل متاحة أمام مصر ليست بالضرورة تبدأ وتنتهي عند إيران، فهناك دول عربية عدة يمكن أن تكون بديلاً متميزاً للنفط السعودي مثل الجزائر وليبيا والكويت والبحرين وسلطنة عمان، وهناك دول أخرى غير عربية..لماذا إذن تفضيل الحكومة المصرية نفط إيران في الوقت الذي يدمر فيها نظام طهران دولاً عربية مثل سورية واليمن والعراق ولبنان، ويسعى للهيمنة على كل دول المنطقة؟!".