من المفترض أن يتحمل المصريون عامين عجاف لم يرو مثلهم من قبل، هذا حسب الرواية الحكومية، وإذا نظرنا للواقع فإن الأمر سيمتد إلى ما بعد ذلك، والسبب قرار العسكر بتعويم الجنيه ورفع الدعم، وهو الأمر الذى انعكس على الأسعار فى الأسواق. وأعلن البنك المركزي، الخميس الفائت، أنه قرر تحرير سعر صرف الجنيه في ظل ضغوط على الدولار كانت تهدد بوقف الاستيراد، ما أدى إلى انخفاض سعر العملة الوطنية مقابل الدولار من 8،8 إلى أكثر من 15 جنيهاً. زيادة في الأسعار في اليوم نفسه، أعلنت حكومة العسكر، زيادة في أسعار المحروقات بنسبة 50% للوقود من درجة 80 أوكتان ليصل سعره إلى 2،35 جنيهاً للتر الواحد، بينما ارتفع سعر الوقود من درجة 92 أوكتان بنسبة الثلث تقريباً ليصبح 3،5 جنيهات للتر. غير أن معارضي حكومة السيسي انتقدوها بشدة على وسائل التواصل الاجتماعي متهمين الرئيس المصري بتبديد مليارات الدولارات من المساعدات التي حصلت عليها مصر من دول خليجية خلال العامين الماضيين في مشروعات لا جدوى اقتصادية لها، مثل الفرع الجديد لقناة السويس ومشروع إنشاء عاصمة إدارية جديدة يجري العمل عليه حالياً. ويقول صديق محمد في محطة باص في القاهرة "كيف يمكننا أن نعيش بينما سعر كيلو السكر ارتفع من 4،5 جنيهات إلى عشرة جنيهات؟ فيما سعر الأرز تضاعف أيضاً". ويعمل صديق في فندق كبير وفي متجر لتأمين قوت عائلته. وبات يدفع شهرياً مبالغ إضافية على المواصلات. وتقول سمر (30 عاماً) إن "الأمر لا يقتصر على المواصلات. هناك الحاجات الأساسية مثل الزيت والسكر والأرز". مرحلة الغلاء الكبير ويعتقد رئيس بنك الاستثمار "مالتيبل غروب" عمر الشنيطي أن "تزامن القرارين هو الذي سيخلق حالة من الغلاء الكبير"، متوقعاً أن "تكسر معدلات التضخم حاجز ال20% أو أقل بقليل خلال عام ونصف على الأقل". ويقول الأستاذ في الجامعة الأميركية في القاهرة عمرو عادلي "إن أمام المصريين سنتين صعبتين" حتى تؤتى الإجراءات الاقتصادية ثمارها وتصبح السيطرة على التضخم وارتفاع الأسعار ممكنة، و"تتحسن المؤشرات الكلية للاقتصاد". وبحسب عادلي، فإن إجراءات التقشف الأخيرة "سيكون لها تأثيران مباشران على مدى عام أو عامين، إذ ستؤدي إلى تعميق الأثر الانكماشي لأزمة نقص العملة الأجنبية الذي يعاني منه الاقتصاد بالفعل منذ عام ونصف والذي أدى إلى تباطؤ الإنتاج بسبب ارتفاع كلفة السلع المستوردة". ويتابع: "أما الأثر الثاني فسيكون زيادة جديدة في التضخم نتيجة رفع أسعار الوقود"، مضيفاً أن طرح مصارف وطنية، مثل البنك الاهلي، شهادات ادخار بعائد 20% لمدة عام ونصف يعد مؤشراً على نسبة التضخم المتوقعة". وشهدت أسعار الخضار والفاكهة ارتفاعاً كبيراً. ونقلت صحيفة "المال" عن رئيس شعبة الخضراوات والفاكهة في اتحاد الغرف التجارية المصرية يحيى السني قوله إن "أسعار النقل ارتفعت بنسب تتراوح بين 30% و40%" بعد زيادة سعر الوقود"، معتبراً أن "ارتفاع كلفة النقل من الأسواق المركزية إلى أسواق التجزئة ستؤدي إلى زيادة سعر بيع الخضراوات والفاكهة للمستهلك". نقص بالأغذية وشهدت البلاد التي يعيش ثلث سكانها التسعين مليوناً تحت خط الفقر، أخيراً نقصاً في مواد غذائية عدة مثل حليب الأطفال والسكر والزيت، وحتى الأدوية. ويعتقد رئيس مركز البحوث الاقتصادية "سغنت" أنغوس بلير أن "الفرد المتوسط في مصر لا يكسب كثيراً من المال وكلفة المعيشة ستزداد مجدداً خلال فترة وجيزة بعد تحرير سعر صرف الجنيه". ويضيف أن "التأثير على المصريين كان بدأ بالفعل خلال الفترة الأخيرة بسبب الارتفاع السريع في سعر العملات الأجنبية في السوق السوداء".