لست خبيرًا أو متخصصًا في موضوع زراعة القمح في مصر وتحقيق الاكتفاء الذاتيمنه، لكنني وبصفتي مواطنًا مصريًّا مهتمًا بالشأن العام فقد أصبحت قضيةالقمح أحد الاهتمامات الشاغلة ليو لغيرى من المصرييين. يعتبر القمح من أهم المحاصيل الإستراتيجية فى العالم فهو المصدر الرئيسي لرغيف الخبز لدى معظم سكان العالم عامة والشعوب العربية خاصة لهذا يعتبر الاكتفاء الذاتي من القمح من أهم الأهداف الإستراتيجية للحكومات ونحن فى مصر بلد النيل نعانى من نقص القمح مع وجود عقليات وكفاءات قادرة على تحقيق هذا الاكتفاء.
لقد عرفت مصر على مر العصور بأنها من البلدان الرئيسية فى انتاج القمح، فقد أكد الدكتور عبد السلام جمعة الملقب بأبو القمح فى مصر أن القمح يزرع فى مصر في الأرضي الطينية القديمة منذ عهد الفراعنة والمعروف أيضا أن مصر كانت مخزن غلال الإمبراطورية الرومانية.
وحينما أتحدث عن االاكتفاء من القمح وتأمين قوت ابناء بلدى يحضرنى حديث سيدنا ونبينا محمد حيث قال صلى الله عليه وسلم: ((من بات آمنا في سربه معافى في بدنه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها))
وقالوا أيضا فى الأمثال (( اللى اكله مش من فاسه رايه مش من رأسه((
((من لا يملك قوت يومه لا يملك حريته))، تلك المقولة التي زينت جدران مركز البحوث الزراعية المعنى بالزراعة لخير دليل على أهمبة الاعتماد على النفس فى توفير مصادر الغذاء. وهوما كان يتشدق به الرئيس المخلوع و فى نفس الوقت كان هو ووزير الزراعة الأسبق، الذى يحاكم الأن بتهمة ادخال المبيدات المسرطنة الى البلاد وتسليم مقاليد الزراعة فى عهده الى الاسرائيليين، يعطلون المشاريع المبنية على بحوث ممتاذة من علماء مصر الأوفياء للاكفاء من القمح و الترويج لزراعات لا تسمن ولا تغنى من جوع مثل الكنتالوب وغير ذلك، وكأنه يسعى لأن يسلم ارادة مصر وسيادتها الى امريكا وغيرها من الدول التى تتحكم فى سوق القمح.
اذا مشكلة القمح فى مصر صنعها أصحا ب القرار من الساسة الذين جثموا على صدورنا طوال الفترة الماضية. ولن أقول هذا تبنيا لنظرية المؤامرة ولكن استقراء لمواقف و أراء العلماء و الساسة و أصحاب القرار.وساسرد بعض المواضيع التى تبرهن على صواب هذا الاستنتاج و منها:
أولا: مشروع الدكتورة زينب الديب لتطوير زراعة القمح المصرى و الذى قدم لوزارة عاطف عبيد عام 2000 و الذى كان يهدف الى الاكتفاء من القمح و الذى تم اجهاضه لأسباب واهية وقد وأكدت الكاتبة سكينة فؤاد التى كانت من أكثر الكتاب اهتماما بموضوع القمح، ان مشروع تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح لو كان مقدما منصهاينة لتم التعامل معه بشكل اكثر احتراما من الذي تم التعامل معه فى مشروعزينب الديب.
ثانيا: مشروع الاستاذ الدكتور عبد الرحيم أحمد النجار استاذ الوراثة المتفرع بكلية الزراعة جامعةقناة السويس صاحب فكرة "المشروع القومي لإنتاج وإكثار أصناف وسلالات جديدة من القمحتتحمل درجات عالية من الملوحة والجفاف والذى أهمل أيضا.
ثالثا: مشروع العالم الراحل د. أحمد مستجير ود. أسامة الشيحي، لزراعة القمحوالذرة والأرز بالماء المالح، وفي أي نوع من التربة، من أجل إنتاج سلالات أكثرتحملا للملوحة والجفاف، وذلك بغرض توفير المصادر المائية لاستخدامها لري محاصيلأخري، وكذلك إمكانية استخدام مصادر أخري للري مثل مياه الصرف الزراعي ومياه الآبار،ذات الملوحة المرتفعة.
رابعا: مشروع مركز البحوث الزراعية، لإنتاج صنفين جديدين من القمح المقاوم لمرض الصدأ الأسود المنتشر فى عدد من الدول الأفريقية.
خامسا: رأى الدكتور حمزة عبد العليم "مستشار برنامج القمح الأمريكي سابقًا" فى أن الحكومة المصرية هي السبب الأول والأخير في الأزمةالحالية؛ لأنها غير مؤمنة بأهمية الزراعة؛ ما جعلها تضيِّع الأراضيالزراعية، وتُحيل الكثير من الأراضي الزراعية إلى أنشطة مستفزة للشعب المصري.
سادسا: على الصعيد السياسي وضح السفير الدكتور عبد الله الأشعل "مساعد وزيرالخارجية الأسبق" فى أحد أحاديثه أن عدم قيام الحكومة المصرية بزراعة القمح في مصر وسعيهالاستيراده رغم وجود كل مقومات نجاح زراعته في مصر؛ مؤامرة على مصر أولاًوأخيرًا. ويستنكر افتخار وزير الزراعة المصري بأننا حقَّقنا اكتفاءً ذاتيًّا منالكانتالوب، ونحرص بشدة على زراعة اللبّ، في الوقت الذي نتسوَّل فيه القمحوهو محصول حياة أو موت، مؤكدًا أن كل ما يحدث هو مهزلة وفضيحة كبرى، تستدعيمحاسبة الحكومة والمسئولين على وجه السرعة. سابعا: يوم الخميس 19/7/1987 وفى ندوة علمية تتحدث عن مستقبل زراعة القمحفي مصر، دعا إليها نادي أعضاء هيئة التدريس بالإسكندرية بالاشتراك مع نقابةالزراعيين ووزارة الزراعة والتي مثلها الدكتور عبد السلام جمعة (أبوالقمح) نائبًا عن الدكتور يوسف والي وزير الزراعة وقتها. خلصت المنصة الى أنه لا يوجد قرار سياسي بزراعة القمح.
ثامنا: قال الدكتور أيمن فريد أبو حديد وزير الراعة الحالى حينما كان رئيسا لمركز البحوث الزراعية إن مصر لديهافرصة تاريخية لتحقيق الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الإستراتيجية الهامةومنها القمح والذرة في ظل الارتفاع الجنوني لأسعارهما، عالميا بالإضافة إليتقليل معدلات الفقد بها وزيادة دخول المزارعين ورفع مستوي معيشتهم والحدمن استيراد الحبوب من العالم خاصة وان مصر لديها إمكانيات علمية جديرةبالاحترام في مجال تطبيقات التكنولوجيا الحيوية وتحتاج فقط لدعم ومؤازرةالجهات المعنية لاستخدام هذه التكنولوجيا.
وأضاف أن مصر تستورد سنويا 6 ملايين طن من القمح لتلبية احتياجات المواطنينمن رغيف الخبز، بينما لديها الإمكانيات والكوادر العلمية التي تستنبطأصناف من القمح مقاوم للجفاف وذات إنتاجية عالية تساعد في الحد من استيرادالقمح هو ما يستلزم من مصر أن تدخل بقوة لتطبيقات التكنولوجيا الحيوية فيالزراعة لحل مشكلة الاكتفاء الذاتي من القمح طالما أن لديها هذه الإمكانياتالعلمية الهائلة. تاسعا: أحمد الليثى وزير الزراعة الأسبق ردا على سؤال :هل استشعرت أن هناك مؤامرة للاطاحة بك نتيجة استراتيجية القمح؟ قال: لا استطيع نفي أو تأكيد ذلك ولكن المشكلة تحدث مع كل من يناديبتحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح, وقد حدث هذا مع مصطفي الجبلي الذي كانأول من نادي بذلك, ولم يستمر سوي عام ونصف العام أيضاً.
عاشرا: وزير الزراعة الأسبق الدكتور يوسف والي صرح في عام 2004م أن زراعةالفراولة أهم من القمح بالنسبة للاقتصاد المصري، مرجعًا ذلك إلى أن طنالفراولة يتم تصديره ب5 أضعاف سعر طن القمح.
دعونا نتساءل: هل نحن أذكى من روسيا وأمريكا فلماذا لا يزرعون الفراولة ويستوردون القمح؟؟؟؟؟؟؟
أخيرا: الان نستطيع أن نقول بوضوح أن مشكلة القمح صنعت أو على الأقل لم تحل للسيطرة على قرارنا الوطنى ولكن هيهات فبعد الثورة لن يتحكم فى قرار هذا الشعب مخلوق واليوم ستظهرجهود علمائنا المخلصين الى النور لحل مشاكل التنمية فى مصر وعلى رأسها مشكلة القمح وهو ما سنتناوله فى المقلات القادمة بمشيئة الله.
------------------------------------------------------------------------ التعليقات د.حسان عبد الرؤوف عبد الشافى الأحد, 17 يوليو 2011 - 03:52 am الله ياسيادة العميد موضوع هام وأستراتيجى، وعلى فكرة مواضيعك يا علامة العلوم غاية فى الأهمية، حفظك الله لنا ونحن فى انتظارك هذه المره وبلاش ترفض.