حلقة جديدة يقودها الكيان الصهيونى، فى أفريقيا لتقليص دور مصر الذى تدهورت علاقاتها بتلك الدول بعد الانقلاب العسكرى، وتصدرت الموقف بالصمت تجاه تلك الزيارة المقلقه، التى بدأت الإثنين الماضى، بزيارة العاصمة الأوغندية، كمبالا، كمحطة تقوده إلى جولته الأولى إلى أفريقيا، ويزور خلالها أربعا من دول حوض النيل، هي أوغندا وإثيوبيا وكينيا ورواندا، ويلتقي خلالها سبعة من زعماء الدول الأفريقية، من بينهم رئيس جنوب السودان. وأجمع خبراء مصريون على التأثير البالغ للجولة على حصة مصر من مياه النيل، مؤكدين أنها ستودى إلى تشدد إثيوبى جديد فى ملف سد "النهضة" مع مصر، كاشفين أنها تستهدف أساسا مناقشة قضايا المياه وسد النهضة، وفكرة إنشاء بنك للمياه في الشرق الأوسط، وتأمين سد النهضة، ومشروعات مشتركة زراعة ومائية وتصدير كهرباء. وبرغم أن جولة "نتنياهو" تأتي قبل انعقاد القمة الأفريقية في رواندا 10 يوليو الحالى، التى ينوي قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي المشاركة فيها، إلا أن مصر اكتفت، أمس الثلاثاء، بتسريبات على لسان مصادر دبلوماسية وأمنية مصرية للصحف المحلية، قالت فيها إن القاهرة تتابع باهتمام بالغ وقلق التحركات الإسرائيلية في القارة الأفريقية. أثيوبيا سوف تشدد على مصر بعد الزيارة وحذر الخبير المتخصص في الشؤون الأفريقية، عطية عيسوي، من أنه من المحتمل أن تسفر زيارة رئيس وزراء الاحتلال إلى دول حوض النيل الأربع عن التشدد أكثر مع مصر من ناحية مطالبها المشروعة في الحفاظ على حصتها من مياه نهر النيل بعد إنشاء "سد النهضة". وأضاف عيسوى، فى لقائه ببرنامج "ساعة من مصر"، عبر فضائية "الغد"، أن العاطفة السياسية الأفريقية الآن مع الكيان الصهيونى أكثر من مصر؛ لأن الدول الأفريقية ترى أن "تل أبيب" دولة وحيدة فى محيط عربى ضدها، بالإضافة إلى أن هذه الدولة صمدت أمام الموقف العربى، بحسب اعتقادهم. وتابع بأن الدول الأفريقية تعتبرالكيان الصهيونى المفتاح للحصول على المساعدات الأممية، مضيفا أنه من المنتظر أنْ يدعم نتنياهو إثيوبيا في موقفها المعارض لمصر في أزمة سد "النهضة". وأوضح أنه تم إنجاز 70% من بناء السد، وأن مصر فى انتظار تحديد المكتبين الاستشاريين. مهما توافق الكيان الصهيونى مع العسكر فلن يعمل لصالح مصر وفى الاسياق ذاته، شدد أستاذ العلوم السياسية، والعميد السابق لمعهد البحوث الأفريقية بجامعة القاهرة، الدكتور محمود أبو العينين، على أن الكيان -بشكل عام- له خط مناهض للمصالح والحقوق المصرية في مياه النيل، واستراتيجيتها واضحة في هذا الإطار، فهي تتبع استراتيجية شد الأطراف بمعنى الضغط على الدول المحيطة بمصر، وكذلك السودان، لشد انتباههم لمناطق أخرى غير فلسطين. وأكد أبو العينين، فى تصريحات نقلتها صحيفة "المصرى اليوم"، أن هذه الزيارة وتوقيتها يكشفان أن الهدف منها هو التأثير على المصالح المصرية، مشيرا إلى أنه حتى من قبل العمل في السد، فإن المشروعات المشتركة والمصالح بين إسرائيل والدول الأفريقية، خاصة إثيوبيا، وبعض الدول الأخرى في حوض النيل، مستمرة ومتنامية منذ فترة طويلة. المياه على رأس أولويات "نتنياهو" وأشارت أستاذة العلاقات الدولية، الدكتورة هبه البشبيشى، إلى أن اختيار رئيس وزراء الاحتلال للدول الأربع، التي ستشملها الزيارة، يشير إلى أن المياه تأتي على رأس جدول أعماله في جولته الأفريقية. وأضافت أن "القضية الحقيقية ليست في أن تل أبيب تسيطر على أديس أبابا، وإنما القضية هي أن لدى الإثيوبيين والأفارقة إرادة على السير في هذا الاتجاه". وأضافت أن "سد النهضة كان ضرورة لإثيوبيا، ليس فقط بسبب الكهرباء، ولكن أيضا لأنه يمنع عنها فيضانا يتسبب في مقتل آلاف المواطنين، لكن كان من الممكن أن يتم تنفيذه بحجم أقل لولا طريقة التعامل المصرية والتشجيع الإسرائيلي". وكشفت أن نتنياهو ذاهب للتأكيد على العقود التي أبرمتها إسرائيل مع إثيوبيا في عهد زيناوي، التي تقضي بقيام شركات صهيونية بتولي عملية توزيع الكهرباء وتصديرها، إلى جانب عقد صفقات عسكرية لتقوية الجيش الإثيوبي، وكذلك مشاريع أخرى تخص الزراعة والري واستخدام التكنولوجيا الإسرائيلية. إقامة بنك للمياه فى الشرق الأوسط ومن جانبه، قال مسؤول وحدة الدراسات الإسرائيلية والفلسطينية بالمركز القومي لدراسات الشرق الأوسط، الدكتور طارق فهمي، إن زيارة نتنياهو لدول حوض النيل، ولإثيوبيا تحديدا، تستهدف إقناعها بمشروع أرنون سوفير، الذي تتبناه حكومة الاحتلال، والذي يقضي بتسعير المياه عبر إقامة بنك للمياه فى الشرق الأوسط، تقدم فيه الكيان التقنية والتكنولوجيا اللازمة، على أن تنقل مياه النيل إليها. وأضاف فهمة أن الزيارة التة تضم 14 وزيرا تستهدف أيضا مناقشة مشروع الحماية الأمنية والاستراتيجية، التي تبحثها إثيوبيا في الوقت الراهن لمشروع السد، مردفا أن الزيارة تم التحضير لها جيدا منذ شهور، وأن نتنياهو يسعى من خلالها لتدشين استراتيجية جديدة مع دول حوض النيل، معتمدة أكثر على التعاون الاقتصادي، بحسب "المصري اليوم".