الدولار ب50.56 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الاثنين 12-5-2025    طائرات الاحتلال تواصل شن سلسلة غارات عنيفة على مدينة رفح (فيديو)    تزامنا مع زيارة ترامب.. تركيب الأعلام السعودية والأمريكية بشوارع الرياض    المجلس الوطني الفلسطيني: قرار الاحتلال استئناف تسوية الأراضي في الضفة يرسخ الاستعمار    النصر يتطلع للعودة إلى الانتصارات بنقاط الأخدود    أمن الإسماعيلية: تكثيف الجهود لكشف لغز اختفاء فتاتين    بينهم أطفال.. مصرع شخص وإصابة 7 آخرين في حادثين منفصلين بالأقصر    يارا السكري ترد على شائعة زواجها من أحمد العوضي (فيديو)    حكم اخراج المال بدلا من شراء الأضاحي.. الإفتاء تجيب    أمريكا تعلق واردات الماشية الحية من المكسيك بسبب الدودة الحلزونية    وفري في الميزانية واصنعيه في البيت، طريقة عمل السينابون    الصراع يشتعل على المقاعد الأوروبية.. جدول ترتيب الدوري الألماني    مدير الشباب والرياضة بالقليوبية يهنئ الفائزين بانتخابات برلمان طلائع مصر 2025    حقيقة وفاة الدكتور نصر فريد واصل مفتي الجمهورية الأسبق    حريق هائل يلتهم محصول القمح في الغربية    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الاثنين 12 مايو    أصالة تدافع عن بوسي شلبي في أزمتها: "بحبك صديقتي اللي ما في منك وبأخلاقك"    الانتهاء من تصوير 90% من فيلم روكي الغلابة    جيش الاحتلال ينفذ عمليات نسف كبيرة فى رفح الفلسطينية جنوبى قطاع غزة    توجيه مهم من السياحة بشأن الحج 2025    بعد ضم 5 نجوم.. 3 صفقات سوبر منتظرة في الأهلي قبل كأس العالم للأندية    حبس وغرامة تصل ل 100 ألف جنيه.. من لهم الحق في الفتوى الشرعية بالقانون الجديد؟    رسميًا.. موعد صرف مرتبات شهر مايو 2025 بعد قرار وزارة المالية (تفاصيل)    سعر الذهب اليوم وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الإثنين 12 مايو 2025    اعترافات صادمة لسائق بسوهاج: سكبت البنزين وأشعلت النار في خصمي بسبب خلافات عائلية    كيف تأثرت الموانئ اليمنية بالقصف المتكرر؟    ترامب: سأعلن عن خبر هو الأهم والأكثر تأثيرا على الإطلاق    المهندس أحمد عز رئيسا للاتحاد العربى للحديد والصلب    خاص| سلطان الشن يكشف عن موعد طرح أغنية حودة بندق "البعد اذاني"    عمرو سلامة عن مسلسل «برستيج»: «أكتر تجربة حسيت فيها بالتحدي والمتعة»    عمرو سلامة: «اتحبست في دور المثير للجدل ومش فاهم السبب»    البترول تعلن شروطها لتعويض متضرري "البنزين المغشوش"    تكليف «عمرو مصطفى» للقيام بأعمال رئيس مدينة صان الحجر القبلية بالشرقية    ملخص أهداف مباراة الاتحاد والفيحاء في دوري روشن السعودي    عاجل- قرار ناري من ترامب: تخفيض أسعار الأدوية حتى 80% يبدأ اليوم الإثنين    بسبب ذهب مسروق.. فك لغز جثة «بحر يوسف»: زميله أنهى حياته ب15 طعنة    وزيرا خارجية الأردن والإمارات يؤكدان استمرار التشاور والتنسيق إزاء تطورات الأوضاع بالمنطقة    عاد إلى إفريقيا.. الوداد يحسم مشاركته في الكونفدرالية بفوز في الجولة الأخيرة    نجم الزمالك السابق: تعيين الرمادي لا يسئ لمدربي الأبيض    فلسطين.. الاحتلال يقتحم كفر اللبد ويعتدي على شاب من ذوي الإعاقة شرق طولكرم    تبدأ في هذا الموعد.. جدول امتحانات الصف الأول الثانوي بمحافظة أسوان 2025 (رسميًا)    ندوة "العلاقة بين المسلمين والمسيحيين في فتاوى دار الإفتاء المصرية" بالمركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي    3 أبراج «مكفيين نفسهم».. منظمون يجيدون التخطيط و«بيصرفوا بعقل»    محافظ الشرقية يصدر قرارًا بتكليف رئيس جديد لصان الحجر    مشاجرة عائلية بسوهاج تسفر عن إصابتين وضبط سلاح أبيض    عاصفة ترابية مفاجئة تضرب المنيا والمحافظة ترفع حالة الطوارئ لمواجهة الطقس السيئ    «انخفاض مفاجئ».. بيان عاجل بشأن حالة الطقس: كتلة هوائية قادمة من شرق أوروبا    مع عودة الصيف.. مشروبات صيفية ل حرق دهون البطن    تقى حسام: محظوظة بإنى اشتغلت مع تامر محسن وأول دور عملته ما قلتش ولا كلمة    خبر في الجول - جاهزية محمد صبحي لمواجهة بيراميدز    حسام المندوه: لبيب بحاجة للراحة بنصيحة الأطباء.. والضغط النفسي كبير على المجلس    أمينة الفتوى: لا حرج في استخدام «الكُحل والشامبو الخالي من العطر» في الحج.. والحناء مكروهة لكن غير محرّمة    الاعتماد والرقابة الصحية: القيادة السياسية تضع تطوير القطاع الصحي بسيناء ضمن أولوياتها    وزير الخارجية والهجرة يلتقي قيادات وأعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي    الإفتاء توضح كيف يكون قصر الصلاة في الحج    هل هناك حياة أخرى بعد الموت والحساب؟.. أمين الفتوى يُجيب    جامعة بنها تطلق أول مهرجان لتحالف جامعات القاهرة الكبرى للفنون الشعبية (صور)    هل يجبُ عليَّ الحجُّ بمجرد استطاعتي، أم يجوزُ لي تأجيلُه؟.. الأزهر للفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في ذكرى إنتصار العاشر من رمضان| "الشاذلي" ديان مصر ورومل العرب ومهندس حرب أكتوبر
عارض كامب ديفيد فنفاه السادات وسجنه مبارك
نشر في الشعب يوم 17 - 06 - 2016

البعض يراه محظوظا والبعض الآخر يراه مظلومًا ولكنه يرى نفسه كأى انسان مؤمن بأن كل شى بقدر وأن ما يصيبنا فى الحياة من خير أو شر إنما لسبب وحكمة من الله سبحانه وتعالى.
قال عنه أعدائه أنه ديان مصر إشارة الى موشى ديان وزير الدفاع الصهيوني الذى احتل سيناء والجولان والضفة الغربيه حتى نهر الأردن فى ستة أيام فقط فى يونيو 67 - واعترف به القادة الاسرائليين فى مذكراتهم بأنه قائد مصرى كفء وقادرعلى رسم وتنفيذ خطط عسكريه بالمستوى العالمى المتعارف عليه فى الاكاديميات العسكريه.
ولأن الأغلبية العظمي من القادة اليهود درسوا فى الولايات المتحدة فقط فأن الفريق الشاذلى قد درس فى الولايات المتحدة وروسيا وهذا ما يجعله من ضمن القادة القلائل الذين دمجوا بين المعسكرين الشرقى والغربى فى الدراسات العسكريه
من هو؟!
ولد سعد الدين محمد الحسيني الشاذلي في الأول من إبريل عام 1922 بقرية شبراتنا مركز بسيون في محافظة الغربية لأسرة فوق متوسطة.
كان والده من الأعيان، وكانت أسرته تملك 70 فدانًا، أبوه هو الحاج الحسيني الشاذلي، وأمه السيدة تفيدة الجوهري وهي الزوجة الثانية لأبيه، وسمى على اسم الزعيم سعد زغلول، كان والده أحد ملاك الأراضي الزراعية ومنذ الطفولة الباكرة ارتبط وجدانياً وعقلياً بحب العسكرية، كان الطفل الصغير يستمع إلى حكايات متوارثة حول بطولات جده لأبيه الشاذلي، الذي كان ضابطاً بالجيش، وشارك في الثورة العرابية وحارب في معركة التل الكبير.
ابن عم والده هو عبدالسلام باشا الشاذلي الذي تولى مديرية البحيرة ثم تولى بعد ذلك وزارة الأوقاف.
تلقى الشاذلي العلوم في المدرسة الابتدائية في مدرسة بسيون التي تبعد عن قريته حوإلى 6 كيلو مترات ، وبعد إكماله الإبتدائية، انتقل والده للعيش في القاهرة وكان عمره وقتئذ 11 سنة، وأتم المرحلة الإعدادية والثانوية في مدارس القاهرة.
تزوج الشاذلي في 13 ديسمبر 1943 من زينات محمد متولي السحيمى ابنة محمد متولي باشا السحيمى مدير الكلية الحربية في ثلاثينات القرن الماضي وأنجب 3 بنات.
قصة كفاح
بدأت علاقته بجمال عبد الناصر وتنظيم الضباط الأحرار حين كان يسكن في نفس العمارة التي يسكنها جمال عبد الناصر بالعباسية قبل ثورة 23 يوليو.
وكانت بينهم علاقات شبه أسرية، وبالاضافة كونهم ضباط مدرسين في مدرسة الشؤون الإدارية وكانا يلتقيان بشكل يومي، وقد فاتحه جمال عبد الناصر عن الضباط الأحرار في 1951، ورحب الشاذلي بالفكرة وانضم إليهم ولكنه لم يشارك في ليلة 23 يوليو 1952 بشكل مباشر كونه كان في دورة في كلية أركان الحرب
مؤسس سلاح المظلات في مصر
سافر وهو برتبة رائد إلى الولايات المتحدة الأمريكية في بعثة تدريبية متقدمة عام 1953 في المظلات وهو من أول من حصل على فرقة "رينجرز" وهي مدرسة المشاة الأميركية.
وكان قائداً للكتيبة 75 مظلات أثناء العدوان الثلاثي عام 1956 وتولى قيادة سلاح المظلات خلال الفترة من 1954 حتي 1959.
أثناء احتفالات بعيد الثورة والذي كان سيقام في 23 يوليو 1954، اقترح الشاذلي على اللواء نجيب غنيم قائد منطقة القاهرة بإظهار سلاح المظلات بصورة مختلفة عن باقي وحدات القوات المسلحة التي كانت تمشي بالخطوة العادية أمام المنصة كما هو معروف، اقترح بأن تقوم كتيبة سلاح المظلات باستعراض المشي بالخطوة السريعة أمام المنصة، وكان بذلك أول من أقترح المشي بالخطوة السريعة في العروض العسكرية الخاصة لقوات المظلات، والتي أصبحت مرتبطة بقوات الصاعقة والمظلات وما ميزها عن سائر القوات ونقلتها الدول العربية فيما بعد.
الشاذلي ينقذ جيش النكسة
أظهر الفريق الشاذلي تميزًا نادرًا وقدرة كبيرة على القيادة والسيطرة والمناورة بقواته خلال نكسة 1967، عندما كان برتبة لواء ويقود مجموعة مقتطعة من وحدات وتشكيلات مختلفة كتيبة مشاة وكتيبة دبابات وكتيبتان من الصاعقة مجموع أفرادها حوإلى 1500 ضابط وفرد والمعروفة بمجموعة الشاذلي في مهمة لحراسة وسط سيناء بين المحور الأوسط والمحور الجنوبي.
بعد ضرب سلاح الجو المصري وتدميره على الأرض في صباح 5 يونيو، واجتياح القوات الإسرائيلية لسيناء، اتخذت القيادة العامة المصرية قرارها بالإنسحاب غير المنظم والذي أدى إلى إرباك القوات المصرية وانسحابها بشكل عشوائي بدون دعم جوي، ما نتج عنه خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات وانقطعت الإتصالات بين القوات المتواجدة في سيناء وبين القيادة العامة المصرية في القاهرة ما أدى إلى حدوث حالة من الفوضى بين القوات المنسحبة، والتي تم قصفها بواسطة الطيران الإسرائيلي.
في تلك الأثناء انقطع الإتصال بين الشاذلي وقيادة الجيش في سيناء وكان عليه أن يفكر في طريقة للتصرف وخصوصاً بعد أن شاهد الطيران الإسرائيلي يسيطر تمامًا على سماء سيناء، فاتخذ الشاذلي قرارا جريئا حيث عبر بقواته شرقًا وتخطى الحدود الدولية قبل غروب يوم 5 يونيو واتجه شرقاً فيما كانت القوات المصرية تتجهة غرباً للضفة الغربية للقناة.
وتمركز بقواته داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة بحوإلى خمسة كيلومترات شرقا داخل صحراء النقب من خلال شريط ضيق بعيد عن مسار الطيران الإسرائيلي، وبقي الشاذلي في النقب لمدة يومين 6 يونيو و7 يونيو، واتخذ موقعاً بين جبلين لحماية قواته من الطيران الإسرائيلي، إلى أن تمكن من تحقيق اتصال بالقيادة العامة بالقاهرة التي أصدرت إليه الأوامر بالإنسحاب فورًا.
استجاب الشاذلي لتلك الأوامر وقام بعملية مناورة عسكرية رائعة، حيث قام بعملية الإنسحاب ليلا وقبل غروب يوم 8 يونيو في ظروف غاية في الصعوبة ورغم هذه الظروف لم ينفرط عقد قواته كما حدث مع وحدات أخرى، لكنه ظل مسيطرًا عليها بمنتهى الكفاءة.
استطاع الشاذلي بحرفية نادرة أن يقطع أراضي سيناء كاملة من الشرق إلى الشط الغربي لقناة السويس والتى تبلغ حوإلى 200 كم في عملية انسحاب عالية الدقة، بإعتبار أن الشاذلي كان يسير في أرض يسيطر العدو تماماُ عليها، ومن دون أي دعم جوي، وبالحدود الدنيا من المؤن، إلى أن وصل الضفة الغربية للقناة، وقد نجح في العودة بقواته ومعداته إلى الجيش المصري سالما، وتفادى النيران الإسرائيلية، وتكبد خسائر بنسبة 10% إلى 20%. وكان بذلك آخر قائد مصري ينسحب بقواته من سيناء قبل أن تتم عملية نسف الجسور المقامة بين ضفتي القناة.
بعد عودة الشاذلي إلى غرب القناة، اكتسب سمعة كبيرة في صفوف الجيش المصري، فتم تعيينه قائدًا للقوات الخاصة والصاعقة والمظلات في الفترة من 1967 حتى 1969 وقد كانت أول وآخر مرة في التاريخ المصرى يتم فيها الجمع بين القوات الثلاث.
سياسياً عسكرياً
بعد أن عينه السادات رئيسا للأركان عام 1971 بدأ الشاذلي في التحرك بفاعلية نحو الدول العربية حتى يتلقى المساعدات والإمداد، للتخلص من الاحتلال الإسرئيلي.
في فبراير 1972، ذهب إلى الجزائر من أجل طلب الدعم العربي لمواجهة إسرائيل، فأخبره المسؤولون الجزائريون أنهم عندما سحبوا لواء المشاة على إثر تدهور العلاقات الجزائرية المصرية بعد هزيمة يونيو 1967، فإنهم سحبوا أفراد اللواء ومعهم أسلحتهم الشخصية فقط، وتركوا جميع أسلحة اللواء الثقيلة في مصر، وأنهم لا يريدون هذه الأسلحة، وإنما يريدون إخطارا بتسلمها.
وعدهم الشاذلي بتسوية الأمر حال رجوعه إلى مصر، هو لم يكن يعلم بهذا الامر من قبل، وبالفعل قدمت وثيقة إلى الجزائر تثبت تسلم الأسلحة، وقابلها الجزائريون بالشكر.
وخلال نفس العام زار الشاذلي بغداد في 26 مايو و2 يوليو 1972، والتقى الرئيس العراقي أحمد حسن البكر، وطرح مشاركة العراق في حرب محتملة ضد إسرائيل، وكان الجانب العراقي يرى أن العراق يواجه مشكلتين رئيسيتين وأن على العراق الاحتفاظ بقواته لكنه على استعداد لأن يرسل قوات عسكرية حال نشوب الحرب.

وكانت تداعيات زيارة الشاذلي للعراق، إرسال العراق سربان من طائرات "هوكر هنتر" في نهاية مارس 1973، وحينما بدأت الحرب كلفت الطائرات العراقية بواجبات في الضربة الأولى، ويذكر الفريق سعد الدين الشاذلي أن القوات البرية المصرية كانت ترفع طلباتها بالقول "نريد السرب العراقي"، أو "نريد سرب الهوكر هنتر"، وهو ما اعتبره الشاذلي شهادة لكفاءة السرب العراقي وحسن أدائه خلال حرب أكتوبر.
الرأى الصواب والروح العالية
حدثت الكثير من الخلافات بين الشاذلي والقائد العام للقوات المسلحة ووزير الحربية الفريق أول محمد صادق حول خطة الحرب، فصادق كان يرى أن الجيش المصري يتعين عليه ألا يقوم بأي عملية هجومية إلا إذا وصل إلى مرحلة تفوق على العدو في المعدات والكفاءة القتالية لجنوده، عندها فقط يمكنه القيام بعملية هجومية واسعة تدمر القوات الإسرائيلية في سيناء، ولكن الشاذلي كان يرى أن يتم وضع خطة هجومية وفق إمكانات القوات المسلحة، تقضي باسترداد من 10 إلى 12 كم في عمق سيناء مبدئيا.

وفي 26 أكتوبر 1972 عين السادات الفريق أحمد إسماعيل وزيرا للحربية وقائدًا عاما للقوات المسلحة، بعد رفضه محمد صادق لخطة الشاذلي، وكان يوجد تاريخ للخلافات بين إسماعيل والشاذلي منذ أن كانا في الكونغو ما قد يجعل التعاون بينهما شبه مستحيل، لكن السادات أكد للشاذلي أن العلاقة بينهما ستكون حسنة، وأفضل كثيرا من العلاقة السابقة بينه وبين الفريق أول محمد صادق.
خطة المآذن العالية
يقول الشاذلي عن الخطة التي وضعها للهجوم على إسرائيل واقتحام قناة السويس التي سماها "المآذن العالية" إن ضعف الدفاع الجوي يمنعنا من أن نقوم بعملية هجومية كبيرة ولكن من قال إننا نريد أن نقوم بعملية هجومية كبيرة ففي استطاعتنا أن نقوم بعملية محدودة، بحيث نعبر القناة وندمر خط بارليف ونحتل من 10 إلى 12 كيلومترا شرق القناة.
وكانت فلسفة هذه الخطة تقوم على أن لإسرائيل مقتلين: المقتل الأول هو عدم قدرتها على تحمل الخسائر البشرية نظرًا لقلة عدد أفرادها.
والمقتل الثاني هو إطالة مدة الحرب، فهي في كل الحروب السابقة كانت تعتمد على الحروب الخاطفة التي تنتهي خلال أربعة أسابيع أو ستة أسابيع على الأكثر لأنها خلال هذه الفترة تقوم بتعبئة 18% من الشعب الإسرائيلي وهذه نسبة عالية جدًّا.
ثم إن الحالة الاقتصادية تتوقف تمامًا في إسرائيل والتعليم يتوقف والزراعة تتوقف والصناعة كذلك لأن معظم الذين يعملون في هذه المؤسسات في النهاية ضباط وعساكر في القوات المسلحة ولذلك كانت خطة الشاذلي تقوم على استغلال هاتين النقطتين.
الخطة كان لها بعدان آخران على صعيد حرمان إسرائيل من أهم مزاياها القتالية يقول عنهما الشاذلي: عندما أعبر القناة وأحتل مسافة بعمق 10: 12 كم شرق القناة بطول الجبهة حوالي 170 كم سأحرم العدو من أهم ميزتين له فالميزة الأولى تكمن في حرمانه من الهجوم من الأجناب لأن أجناب الجيش المصري ستكون مرتكزة على البحر المتوسط في الشمال وعلى خليج السويس في الجنوب، ولن يستطيع الهجوم من المؤخرة التي ستكون قناة السويس، فسيضطر إلى الهجوم بالمواجهة وعندها سيدفع الثمن فادحًا".
وعن الميزة الثانية قال الشاذلي: "يتمتع العدو بميزة مهمة في المعارك التصادمية، وهي الدعم الجوي السريع للعناصر المدرعة التابعة له، حيث تتيح العقيدة القتالية الغربية التي تعمل إسرائيل بمقتضاها للمستويات الصغرى من القادة بالاستعانة بالدعم الجوي، وهو ما سيفقده لأني سأكون في حماية الدفاع الجوي المصري، ومن هنا تتم عملية تحييد الطيران الإسرائيلي من المعركة.
حرب أكتوبر 1973
في يوم 6 أكتوبر 1973 شن الجيشان المصري والسوري هجومًا كاسحًا على إسرائيل بطول الجبهتين، ونفذ الجيش المصري خطة "المآذن العالية" التي وضعها الفريق الشاذلي بنجاح غير متوقع، لدرجة أن الشاذلي يقول في كتابه "حرب أكتوبر": "في أول 24 ساعة قتال لم يصدر من القيادة العامة أي أمر لأي وحدة فرعية وقواتنا كانت تؤدي مهامها بمنتهى الكفاءة والسهولة واليسر كأنها تؤدي طابور تدريب تكتيكي.
صيحة الله أكبر للفريق الشاذلي
أكد الشاذلي فى تصريحات لبرنامج "شاهد على العصر" أن أقوى خطة وأقصر خطة للنصر فى حرب أكتوبر 73 كانت كلمة "الله أكبر" حيث يرددها مجموعات من الأفراد وعلى كل كيلو من قطاع الاختراق قائلا: "خطة الله أكبر كنت أنا صاحب فكرتها حيث وضعت على كل كيلو فردين أو ثلاثة ومعاهم ميكرفون من الترانزيستور ويقول الله أكبر وبالتالى سيرددها كل الجنود".
وبنداء الله أكبر اشتعلت القناة كلها وهذه أقوى خطبة وأقصر خطة وأقصر خطبة اتصلت بمدير التوجيه المعنوي للقوات المسلحة قلت له اجمع كل الترانزيستورات اللي موجودة في القوات المسلحة بحيث يكون مع الجيش عنده 20 ميكرفون ترانزيستور وفي قيادة الجيش الثانى 30 ميكروفون ترانزيستور لترديد كلمة الله أكبر".
واختتم قائلا :" الكلمة جاءت فكرتها يوم 5 أكتوبر ، كل الجنود وكل الضباط جعلوا كلمة الله أكبر أو إعلان الله أكبر هو المدخل الرئيس للمعركة، وهو النداء الذي ظل الجيش المصري يردده طوال حرب أكتوبر".
وأطلق الشاذلي عليها خطة الحرب اسم "المآذن العالية" وذلك لضعف القوات الجوية المصرية حينها، وضعف إمكانيات في الدفاع الجوي المصري ذاتي الحركة، ما يمنع القيام بعملية هجومية كبيرة.
وأراد الشاذلي عملية محدودة لعبور قناة السويس وتدمير خط بارليف واحتلال من 10 إلى 12 كيلومترا شرق القناة، والتحول بعد ذلك لأخذ مواقع دفاعية، هي بداية لتدمير الاحتلال الإسرئيلي.

الشاذلي خلال حرب أكتوبر
وبحلول الساعة الثانية من صباح يوم الأحد 7 أكتوبر 1973 حققت القوات المصرية نجاحًا حاسمًا في معركة القناة وعبرت أصعب مانع مائي في العالم وحطمت خط بارليف في 18 ساعة وهو رقم قياسي لم تحققه أي عملية عبور في تاريخ البشرية، وقد تم ذلك بأقل خسائر ممكنة بلغت 5 طائرات و20 دبابة و280 شهيدًا، ويمثل ذلك 2.5% من الطائرات و2% من الدبابات و0.3% من الرجال، أما العدو ففقد 30 طائرة و300 دبابة وعدة آلاف من القتلة، وخسر معهم خط بارليف بكامله، وتم سحق ثلاثة ألوية مدرعة ولواء مشاة كانت تدافع عن القناة.
الشاذلي يتمسك ب" المآذن العالية"
بعد بداية الحرب ونجاح الجيش المصري في تدمير خط بارليف وتنفيذ خطة "المآذن العالية" أرسلت القيادة العسكرية السورية مندوبًا للقيادة الموحدة للجبهتين التي كان يقودها المشير أحمد إسماعيل تطلب زيادة الضغط على القوات الإسرائيلية على جبهة قناة السويس لتخفيف الضغط على جبهة الجولان.
طلب الرئيس أنور السادات من أحمد إسماعيل تطوير الهجوم شرقًا لتخفيف الضغط على سوريا، لكن الشاذلي رفض ذلك تماما لأن القوات البرية ليس لديها غطاء حماية كافي من القوات الجوية، لكن السادات فرض قراره بتطوير الخطة.

الدفرسوار
اعتبر الشاذلي ومعه عدد من المؤيدين أن الرئيس أنور السادات هو السبب الرئيسي لحدوث الثغرة بل واتهموه بالفشل في التعامل معها نظرا لقراراته غير المسؤولة، فيقول الشاذلي: أي تطوير خارج نطاق ال12 كيلو التي تقف القوات فيها بحماية مظلة الدفاع الجوي، وأي تقدم خارج المظلة معناه أننا نقدم قواتنا هدية للطيران الإسرائيلي.

وبالفعل حدث ما توقعه الشاذلي ففي صباح يوم 14 أكتوبر اصطدمت القوات المصرية المتجه شرقًا بمقاومة إسرائيلية عنيفة وكمائن للدبابات وبإسناد جوي إسرائيلي مباشر، ونسبة لتفوق قوات العدو في الدبابات والتفوق الجوي وأن القوات المصرية تعمل خارج نطاق حماية الصواريخ المصرية ومنيت هذه القوة بخسارة فادحة في ساعات.

وفشلت خطة التطوير التي أرادها السادات والجانب السوري، وخسرت القوات المصرية عدد 250 دبابة من قوتها الضاربة الرئيسية في ساعات معدودة من بدء التطوير، للتفوق الجوي الإسرائيلي. وكان قرار التطوير وبتقدير الكثيرين من المتابعين للشأن العسكري أسوأ قرار استراتيجي اتخذته القيادة السياسية، ما أضر كثيرا في سير العمليات فيما بعد وأثر على نتائج الحرب، وجعل ظهر الجيش المصري غرب القناة مكشوفا لأية عملية التفاف، وهو ما حدث بالفعل.
رفض كامب ديفيد وتحدى السادات
بعد انتهاء الحرب عمل الفريق الشاذلي سفيراً في لندن من 13 مايو 1974 إلى 1975 ثم بعد ذلك نقل إلى لشبونة عاصمة البرتغال من 1975 إلى 1978.
وبعد توقيع الرئيس أنور السادات لمعاهدة كامب ديفيد المشؤمه عام 1978، انتقد الفريق الشاذلي بشدة تلك المعاهدة وعارضها علانية وهاجم الرئيس أنور السادات واتهمه بالديكتاتورية واتخذ القرار بترك منصبه سفيراً لدى البرتغال والذهاب إلى الجزائر كلاجئ سياسي.
عرض عليه العديد من الرؤساء والملوك الإقامة عندهم، لكنه اختار الجزائر، وبرر اختياره أنها دولة تقوم على مبدأ الحكم الجماعي وليس الحكم الفردي.
وفي عام 1978 أصدر الرئيس أنور السادات مذكراته البحث عن الذات واتهم فيها الفريق الشاذلي بالتخاذل وحمله مسؤولية التسبب بالثغرة ووصفه بأنه عاد منهاراً من الجبهة يوم 19 أكتوبر وأوصى بسحب جميع القوات في الشرق، هذا ما دفع بالفريق الشاذلي للرد على الرئيس أنور السادات بنشر مذكراته "حرب أكتوبر" والذي يعتبر من أدق الكتب إلى تحدثت عن حرب أكتوبر.
اتهم الفريق الشاذلي في كتابه الرئيس أنور السادات بإتخاذ قرارات خاطئة رغماً عن جميع النصائح من المحيطين به من العسكريين وتدخله المستمر للخطط العسكرية أثناء سير العمليات على الجبهة أدت إلى التسبب في الثغرة وتضليل الشعب بإخفاء حقيقة الثغرة وتدمير حائط الصواريخ وحصار الجيش الثالث لمدة فاقت الثلاثة أشهر كانت تصلهم الإمدادات تحت إشراف الجيش الإسرائيلي.
كما اتهم في تلك المذكرات الرئيس أنور السادات بالتنازل عن النصر والموافقة على سحب أغلب القوات المصرية إلى غرب القناة في مفاوضات فض الإشتباك الأولى وأنهى كتابه ببلاغ للنائب العام يتهم فيه الرئيس أنور السادات بإساءة استعمال سلطاته وهو الكتاب الذي أدى إلى محاكمته غيابيا في عهد محمد حسني مبارك عام 1983 بتهمة إفشاء أسرار عسكرية وحكم عليه بالسجن ثلاثة سنوات مع الأشغال الشاقة ووضعت أملاكه تحت الحراسة، كما تم حرمانه من التمثيل القانونى وتجريده من حقوقه السياسية.
أمر الرئيس أنور السادات بالتخلص من جميع الصور التى يظهر فيها الفريق الشاذلى إلى جواره داخل غرفة العمليات، واستبدالها بصور يظهر فيها اللواء محمد عبدالغني الجمسى رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة في ذلك الوقت، في محاولة منه بمحو أى دليل يشير إلى دور الفريق الشاذلي في معركة العبور.
جزاء الإحسان في السجن الحربي!
في مساء 14 مارس عام 1992 عاد الفريق الشاذلي إلى مصر بعد أن قضى 14 سنة منفياً في الجزائر منها سنتان في عهد الرئيس أنور السادات، و12 سنة في عهد المخلوع حسني مبارك، قبض عليه فور وصوله مطار القاهرة وصودرت منه جميع الأوسمة والنياشين وأجبر على قضاء مدة الحكم عليه بالسجن الحربي التابع للجيش الثالث الميداني لأن الأحكام العسكرية ليس بها استئناف ولا نقض ولا تسقط بالتقادم.
وجهت للفريق للشاذلي تهمتان:
التهمة الأولى: هي نشر كتاب بدون موافقة مسبقة عليه، واعترف الفريق الشاذلي بإرتكابها.
التهمة الثانية: هي إفشاء أسرار عسكرية في كتابه.
وأنكر الشاذلي صحة هذه التهمة الأخيرة بشدة، بدعوى أن تلك الأسرار المزعومة كانت أسرارًا حكومية وليست أسرارًا عسكرية. طالب الفريق الشاذلي أن تتم إعادة محاكمته وبشكل علني إلا أن طلبه قد رفض .
في بداية أكتوبر 1993، تم الإفراج عن الفريق الشاذلي عن طريق عفو عام، وبعد خروجه عاش منعزلاً بعيدًا عن الناس وعاد لقريته وخصص أرضا كوقف للإنفاق على مسجد، وعاش كخبير إستراتيجي يكتب ويحلل كل ما يدور على الساحة.

تجاهل الفريق
الفريق الشاذلي هو الوحيد من قادة حرب أكتوبر الذي لم يتم تكريمه بأى نوع من أنواع التكريم، وتم تجاهله في الإحتفاليات التي أقامها مجلس الشعب المصري لقادة حرب أكتوبر والتي سلمهم خلالها الرئيس أنور السادات النياشين والأوسمة كما ذكر هو بنفسه في كتابه مذكرات حرب أكتوبر.
تم منحه نجمة الشرف سراً أثناء عمله كسفير في إنجلترا من قبل مندوب من الرئيس أنور السادات.
عانى الفريق الشاذلي من النسيان المتعمد في فتره المخلوع حسني مبارك حيث ظل الإعلام يروج لأحادية النصر بالضربة الجوية الأولى وكان الشاذلي ضحية من ضحايا النسيان كما حدث للجمسي والمشير محمد علي فهمي و الفريق أول فؤاد ذكري ونزعت صورته من بانوراما حرب أكتوبر وتم إيقاف معاشه المستحق عن نجمة الشرف العسكرية وعاش العشرين عاماً الأخيرة من حياته على إيرادات قطعة أرض ورثها عن أبيه.

وترجل البطل
توفي الفريق سعد محمد الحسيني الشاذلي يوم الخميس 7 ربيع الأول 1432 ه الموافق في 10 فبراير 2011 م، بالمركز الطبي العالمي التابع للقوات المسلحة، عن عمر بلغ 89 عامًا قضاها في خدمة وطنه بكل كفاءة وأمانة وإخلاص.
وكأن روح الشاذلي قد أبت الخروج إلى باريها قبل أن ينتقم الله له فوافته المنيه عقب تنحي المخلوع حسني مبارك وذلك بعد معاناة طويلة مع المرض.
قام ثوار ميدان التحرير بأداء صلاة الغائب على روحه، وقد شيع في جنازة عسكرية وشعبية مهيبة حضرة آلاف الضباط والجنود من أفراد القوات المسلحة بعد صلاة الجمعة.
وقد تقدم المشيعين الشيخ حافظ سلامة قائد المقاومة الشعبية في السويس إبان حرب أكتوبر.
لقب الفريق الشاذلي بعدة ألقاب من قبل العرب والأجانب ومنها:
* دايان مصر، نسبة لموشيه دايان وزير الدفاع الإسرائيلي في حرب 1967 و 1973.
* رومل العرب، نسبة للقائد العسكري الألماني إثناء الحرب العالمية الثانية إرفين رومل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.