تزداد أوضاع العمال، في ظل حكم العسكر ترديا، فما بين تأخر الرواتب لعدة شهور إلى غلق آلاف المصانع وتشريد آلاف العمال، مما يمهد بثورة عمالية ضد نظام السيسي ولعل مؤشرات الاحتجاجات تدلل على ذلك فقد ذكر مؤشر الديمقراطية إن مصر شهدت 493 احتجاجا عماليا منذ الأول من يناير وحتى نهاية أبريل 2016، احتجاجا على الأوضاع المتدهورة التي تعصف بحقوقهم مما دفعهم لتنظيم قرابة ال 4 احتجاجات يومية بمتوسط احتجاجا عماليا كل 6 ساعات. وتؤكد النقابات العمالية أن استمرار تخفيض الأجور في الوقت الذي لا تستطيع الحكومة فيه السيطرة على الأسعار سيؤدي لكارثة، وأن الاحتجاجات قد تستمر ضد سياسة الأجور الحكومية.
نقابيون: أوضاع العمال بمصر تزداد تأزما
أجمع نقابيون وحقوقيون على أن أوضاع العمال بمصر تزداد تدهورا، وسط أفق مسدود على المدى المنظور. وعبر الحقوقي أسامة ناصف عن أسفه لتدهور أوضاع العمال في ظل سياسات النظام الحالي، مشيرا إلى أن عبد الفتاح السيسي "وعد بتشغيل ألف مصنع من المصانع المتعثرة خلال شهر، لكن العدد لم يتجاوز خمسين". وأضاف ناصف "للجزيرة نت" أن "آلاف العمال لم يحصلوا على مرتباتهم منذ عشرة أشهر"، وأن "العديد من الجهات في الفترة الأخيرة تتعمد الفصل التعسفي بحق العمال والموظفين". وأكد أن "المنظمات الحقوقية لا تملك إلا تقديم مساعدات قضائية فقط للعمال المضطهدين".
فصل وتشريد العمال
وواجهت الإدارات الاحتجاجات العمالية التي وصلت في الربع الأول من العام 2015 إلى 1655 احتجاجًا وفق تقرير المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، بقرارات الوقف عن العمل والفصل للقيادات العمالية، وتلفيق قضايا التحريض على الإضراب والانضمام للجماعة الإرهابية لمئات العمال. ففى 4 يناير 2015 أحال رئيس مجلس إدارة شركة النهر الخالد للملابس الجاهزة بمنطقة الاستثمار بمحافظة بورسعيد، محمد عويس، أمين عام النقابة العامة المستقلة بمنطقة استثمار بورسعيد، ونائب رئيس اتحاد عمال مصر الديمقراطي إلى التحقيق وذلك بدعوى التهجم عليه بمكتبه ومحاولة الاعتداء عليه في وقت كان يطالب بمحاولة مقابلته لمعرفة أسباب رفضه لمنحه إجازة. وفي 17 يناير 2015، قامت إدارة شركة لينين جروب للمفروشات ودون سابق إنذار بفصل القيادي العمالي محمد حسن أبواليزيد بدعوى جمعه لعمال الشركة لأخذ دورة تدريبية حول حقوق العمال نظمتها منظمة العمل الدولية لعمال نقابات محافظة الإسكندرية. وفي 27 يناير 2015، فصلت إدارة شركة مصر للغزل والنسيج غزل المحلة القياديين العماليين ناجي حيدر، وجمال جاد، بدعوى تحريضهم عمال الشركة على الإضراب وتعطيل العمل، وذلك على خلفية إضراب عمال الشركة لمدة أربعة أيام متتالية، للمطالبة بصرف باقي نسبة الأرباح عن السنة المالية 2013/2014 بواقع شهرين، والإعلان بشكل واضح وبجدول زمني عن خطط لتطوير الشركة، وفتح ملفات الفساد ومحاسبة الفاسدين وإقالة المفوض العام للشركة. وفوجئ عمال الشركة بعد ذلك في 18 أبريل 2015 بإدارة الشركة تصدر قرارها بإنهاء خدمة القيادي العمالي كمال الفيومي بدعوى تحريضه العمال على الإضراب وتعطيل الإنتاج ليلحق الفيومي بزميليه المفصولين ناجى حيدر وجمال جاد، ثم قررت الحكومة مد الدورة النقابية عامًا أخرًا وعدم إجراء الانتخابات النقابية التي كان من المقرر قيامها في شهر مايو ما أثار حالة من الغضب بين عمال الشركة. وقبيل شهر فبراير 2015، وفي محاولة لإسكات مطالبات العمال لها بالوفاء بوعودها برفع المرتبات بنسبة 100٪(حيث مازالت نسبة الزيادة لم تتجاوز 50٪)، قامت إدارة شركة دلتا للمياه المعدنية بمدينة السادات بفصل عاملين وبعدها بأسبوع قررت فصل أحد القيادات العمالية، لكن عمال الشركة رفضوا ذلك وأعلنوا تضامنهم مع زملائهم ودخلوا في اعتصام مفتوح داخل مقر الشركة في 15 فبراير 2015 . وفي 18 فبراير دخل 90 عاملاً من العمالة المؤقتة في إضراب عن الطعام في شركة بترو شهد، شركة تعمل بالباطن مع إحدى الشركات المشتركة التابعة للهيئة المصرية العامة للبترول وتقع على طريق الواحات البحرية، وذلك احتجاجًا على رفض إدارة الشركة. وفي 21 فبراير 2015 أصدر القطاع القانوني بالهيئة القومية للإنتاج الحربي قرارًا بناء على مذكرة من رئيس النقابة العامة للعاملين المدنيين بالإنتاج الحربي بتوقيع جزاءات خصم على كل من مجدي عبد الدايم (يومان خصم) وجمال سلامة (يومان خصم) ومحمد بركات(15 يوم خصم) وخصم خمسة أيام على شحتة عبد الله الذي لم يستطع تصديق ما حدث فأصيب بأزمة صحية أودت بحياته، وذلك بدعوى قيامهما بمحاولة إفشال المؤتمر الانتخابي الذي عقدته النقابة العامة بالتنسيق مع رؤساء مجالس إدارات المصانع الحربية لمرشح اتحاد العمال في حلوان الصحفي مجدي البدوي. وفي 7 مارس 2015 أضرب القيادي العمالي بشركة الحديد والصلب محمد عمر عن الطعام، وذلك للمطالبة بوقف ممارسات التنكيل به التي تقوم بها إدارة الشركة لإجباره على الخروج إلى المعاش الطبي، كان آخرها خصم 70٪ من حافزه الشهري دون سبب فضلاً عن إيقافه عن العمل لأكثر من شهرين ووقف كافة مستحقاته المالية، ثم نقله تعسفيًا من قطاع الصلب إلى الورش العمومية ليعمل "لحام مواسير" وهو عمل يحتاج إلى مهارات خاصة بل وصل الأمر إلى حد عدم تسليمه مهمات الوقاية مما أصابه بحروق عديدة في يديه وقدميه. وفي 20 مارس 2015 دخل أربعة عمال بشركة الحديد والصلب بمحاجر بنى خالد في محافظة المنيا في إضراب مفتوح عن الطعام وهم : مراد وهيب وهبة، وائل إبراهيم سالم، أحمد محمد حسن حماد، سيد يحيى حسن، وذلك للمطالبة بإلغاء قرارات نقلهم التي صدرت عقابًا لهم على المشاركة في تظاهرات المطالبة بالأرباح،وسرعان ما التحق بهم عمرو هلال، وعامل أخر بمحافظة السويس، ليصل عدد المضربين عن الطعام خمسة عمال. وفي 5 إبريل 2015 رفضت إدارة شركة غاز مصر التفاوض مع ممثلي العمال من قيادات النقابة المستقلة الذين طالبوها بتطبيق اللائحة الداخلية للشركة، ورداً على إضراب العمال قامت إدارة الشركة بعمل محاضر ضد العشرات من القيادات العمالية في المناطق المختلفة متهمة إياهم بتحريض العمال على الإضراب والتخريب، قامت على أثرها نيابة شبين الكوم باستدعاء ثلاثة من القيادات العمالية للتحقيق معهم بشأن ما نسب إليهم ثم أفرجت عنهم بضمان محل إقامتهم ثم أصدرت إدارة الشركة منشورًا صباح يوم 23 من إبريل 2015 يدعو العمال إلى العودة إلى العمل وفض إضرابهم، وإلا فإنها ستقوم بإغلاق الشركة ومنح العمال أجازة مفتوحة إلى أجل غير مسمى. فقام العمال بتحرير محضر في وزارة القوى العاملة يثبتون فيه تعسف الإدارة ورفضها التفاوض معهم والتهديد بإغلاق الشركة. وفى 16 يونيو 2015 أعلن أكثر من 500 من العاملين بالمؤسسة الثقافية العمالية اعتصامهم أمام مقر وزارة القوى العاملة، وذلك للمطالبة بوقف قرار المجلس الأعلى للجامعات بعدم قبول طلاب الثانوية العامة بالجامعة العمالية هذا العام، حتى تتم دراسة وتقييم أوضاع الجامعة العمالية مع شكاوى حول ملفات الفساد داخل المؤسسة الثقافية، ما يهدد بإيقاف العمل بها وتشريد أكثر من أربعة آلاف عامل وعاملة يعملون فى المؤسسة الثقافية العمالية. وفي 15 سبتمبر 2015 دخل عمال شركة أكسون موبيل بالإسكندرية فى إضراب مفتوح عن العمل احتجاجًا على فصل أحد زملائهم وتعنت الإدارة واضطهادها للعاملين بمستودع زيوت الماكس. وفى 17 نوفمبر 2015 قام عمال مصنع فستيفال للغزل والنسيج ببرج العرب بالإسكندرية بالتقدم بالشكوى رقم 937 ضد إدارة المصنع بمكتب العمل وتحرير محضر إثبات حالة رقم 25 أحوال بقسم شرطة برج العرب،بسبب عدم صرف رواتبهم لشهرين متتاليين ففصلت إدارة الشركة 18 عاملاً. وفي 24 نوفمبر 2015 دخلت مجموعة من العاملين بمحطة مترو الأوبرا في اعتصام مفتوح اعتراضًا على قرار مجلس إدارة شركة مترو الأنفاق بإلغاء إعارة زميلهم رفعت عرفات رئيس النقابة المستقلة للعاملين بسبب تقديمه لملفات فساد في الشركة إلى وزير النقل أثناء اللقاء الذي جمع الوزير بعدد كبير من العاملين.
وفى منتصف مايو من العام الجاري أوقفت إحدى شركات توريد العمالة بشركة أسمنت حلوان 10 من عمالها عن العمل وإلغاء البصمة الخاصة لدخولهم من بوابات الشركة وذلك لاعتصامهم أمام مقر إدارة الشركة بسبب سوء أحوال عملهم وهددتهم بتلفيق قضايا إرهاب وانضمام للإخوان.
محاكمات عسكرية بسبب التظاهرات
وفي تطور خطير للأزمة المتصاعدة لعمال مصر، فقد تم إحالة 13 عاملا بشركة الترسانة البحرية في الإسكندرية المحاكمة العسكرية، واتهامهم بتحريض العمال على الإضراب والامتناع عن العمل، ضمن وقفة شارك فيها المئات من عمال الشركة أمام بوابة ميناء الإسكندرية. كانت إدارة شركة الترسانة البحيرية، أغلقت أبوابها ومنعت العاملين من الدخول لمطالبة العمال بتحسين أوضاعهم المالية وصرف الأرباح المتوقفه من 4 سنوات، وتحسين الخدمات الصحية المقدمة لهم، وتحسين إجراءات الأمان بالشركة، وإعادة تشغيل بعض الورش المتوقفة عن العمل لعدم تزويدها بخامات الإنتاج . ووجهت النيابة ل13 عاملا في المحضر رقم 204 سنة 2016 نيابات عسكرية، اتهامات بتحريض العمال على الإضراب والاعتصام، وهي الاتهامات التي نفوها، وأكدوا أن قرار تنظيم الوقفات الاحتجاجية جاء جماعيا، متهمين الإدارة بالتعنت في دفع حقوقهم، ومنعهم من دخول الشركة. تردى أوضاع العمال ينذر بثورة ضد نظام "السيسى كما تناولت شبكة "إيه بي سي" الإخبارية الأمريكية أوضاع العمال في مصر ، محذرة من تزياد التظاهرات العمال وأنها ستؤدي ذلك إلى تكرار سيناريو 25 يناير. وقالت الشبكة في تقريرلها، إن:" آلام الزيادات الأخيرة في الأسعار يمكن أن تفوق مخاطر الخروج للشوارع رغم القبضة الأمنية العنيفة للدولة، فالخوف من المستقبل يتزايد خاصة إذا عجز العمال عن تأمين لقمة العيش لأسرهم، فحينها قد يصبحوا وحوشا". وتنقل الشبكة عن ، كمال الفيومي، الذي يقود التظاهرت العمالية بالمحلة، قوله: "أجدادنا بنوا هذه المصانع، يقصد الغزل والنسيج، إنه في دمائنا يجب ألا نخاف، يجب هم أن يخشونا".
وتضيف الشبكة : الأوقات الصعبة التي تعيشها مصر زادت من الاضطرابات العمالية، مشيرة إلى أن ارتفاع الأسعار، وانخفاض الأجور، والتأخير في الرواتب، والعلاوات، دفعت العاملين للتهديد بالمزيد من الإضرابات والاحتجاجات، حتى رغم مخاطر حملة القمع العنيفة. لقد نظم العمال ، خلال الشهر الماضي، الاعتصامات في ميناء الإسكندرية وحتى في القاهرة متجاهلة قانون حظر التظاهر.