الرئيسية
السياسية
الاقتصادية
الدولية
الرياضية
الاجتماعية
الثقافية
الدينية
الصحية
بالفيديو
قائمة الصحف
25 يناير
الأخبار
الأسبوع أونلاين
الأهالي
الأهرام الاقتصادي
الأهرام العربي
الأهرام المسائي
الأهرام اليومي
الأيام المصرية
البداية الجديدة
الإسماعيلية برس
البديل
البوابة
التحرير
التغيير
التغيير الإلكترونية
الجريدة
الجمعة
الجمهورية
الدستور الأصلي
الزمان المصري
الشروق الجديد
الشروق الرياضي
الشعب
الصباح
الصعيد أون لاين
الطبيب
العالم اليوم
الفجر
القاهرة
الكورة والملاعب
المراقب
المساء
المستقبل
المسائية
المشهد
المصدر
المصري اليوم
المصريون
الموجز
النهار
الواقع
الوادي
الوطن
الوفد
اليوم السابع
أخبار الأدب
أخبار الحوادث
أخبار الرياضة
أخبار الزمالك
أخبار السيارات
أخبار النهاردة
أخبار اليوم
أخبار مصر
أكتوبر
أموال الغد
أهرام سبورت
أهل مصر
آخر ساعة
إيجي برس
بص وطل
بوابة الأهرام
بوابة الحرية والعدالة
بوابة الشباب
بوابة أخبار اليوم
جود نيوز
روزاليوسف الأسبوعية
روزاليوسف اليومية
رياضة نت
ستاد الأهلي
شباب مصر
شبكة رصد الإخبارية
شمس الحرية
شموس
شوطها
صباح الخير
صدى البلد
صوت الأمة
صوت البلد
عقيدتي
في الجول
فيتو
كلمتنا
كورابيا
محيط
مصراوي
مجموعة البورصة المصرية
مصر الآن
مصر الجديدة
منصورة نيوز
ميدان البحيرة
نقطة ضوء
نهضة مصر
وكالة الأخبار العربية
وكالة أنباء أونا
ياللاكورة
موضوع
كاتب
منطقة
Masress
إجتماع حكومى يناقش خطة إعادة هيكلة الشركة المصرية لنقل الكهرباء
توقيع بروتوكول تعاون بين كلية الفنون التطبيقية بجامعة بنها وغرفة صناعة منتجات الأخشاب والأثاث
نتنياهو ينتقد مظاهرات كبرى تطالب بإطلاق سراح المحتجزين
استبعاد دوناروما من قائمة باريس سان جيرمان في افتتاح الدوري الفرنسي
إحالة أوراق المتهم بخطف طفل وهتك عرضه في الشرقية للمفتي
وكيل صحة الدقهلية خلال اجتماعه مع مديرى الإدارات: يؤكد التعامل بروح القانون أساس النجاح"
شكسبير في سجن الواحات
أمينة الفتوى بدار الإفتاء توضح علامات طهر المرأة وأحكام الإفرازات بعد الحيض
عبد اللطيف منيع يعود للقاهرة بعد معسكر مكثف بالصين استعدادًا لبطولة العالم المقبلة
الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يحاضر في مقرّ "التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب"
قبل بدء الفصل التشريعى الثانى لمجلس الشيوخ، تعرف علي مميزات حصانة النواب
جامعة المنصورة تُشارك في مبادرة "كن مستعدًا" لتأهيل الطلاب والخريجين
غوارديولا يتحدث عن صفقاته الجديدة
مستشفى قها التخصصي ينقذ طفلة من فقدان ملامح أنفها بعد جراحة دقيقة
«الصحة» تغلق 10 عيادات غير مرخصة ملحقة بفنادق في جنوب سيناء
تحقيقات واقعة "فتيات الواحات".. الضحية الثانية تروى لحظات الرعب قبل التصادم
خبير أمن وتكنولوجيا المعلومات: الذكاء الاصطناعي ضرورة لمستقبل الاقتصاد المصرى
7 أسباب تجعلك تشتهي المخللات فجأة.. خطر على صحتك
دورة إنقاذ ومعرض تراثي.. أبرز أنشطة الشباب والرياضة في الوادي الجديد
الأمن يقترب أكثر من المواطنين.. تدشين قسم شرطة زهراء أكتوبر 2| صور
المفتي السابق يحسم جدل شراء حلوى المولد النبوي والتهادي بها
قرار جديد من التموين بشأن عدادات المياه: حظر التركيب إلا بشروط
يسري الفخراني بعد غرق تيمور تيمور: قُرى بمليارات كيف لا تفكر بوسائل إنقاذ أسرع
اعتذار خاص للوالد.. فتوح يطلب الغفران من جماهير الزمالك برسالة مؤثرة
توجيهات حاسمة من السيسي لوزيري الداخلية والاتصالات
جبران يفتتح ندوة توعوية حول قانون العمل الجديد
محافظ الجيزة يطمئن على الحالة الصحية لشهاب عبد العزيز بطل واقعة فتاة المنيب
رئيس جامعة الوادي الجديد يتابع سير التقديم بكليات الجامعة الأهلية.. صور
مانشستر يونايتد يدرس التحرك لضم آدم وارتون
فنون شعبية وطرب أصيل في ليالي صيف بلدنا برأس البر ودمياط الجديدة
ريال مدريد يخطط لبيع رودريجو لتمويل صفقات كبرى من البريميرليج
رئيس الأركان الإسرائيلي: نُقرّ اليوم خطة المرحلة التالية من الحرب
مرصد الأزهر: تعليم المرأة فريضة شرعية.. والجماعات المتطرفة تحرمه بتأويلات باطلة
فيديو.. خالد الجندي: عدم الالتزام بقواعد المرور حرام شرعا
رئيس وزراء إسبانيا يقطع عطلته الصيفية لزيارة المناطق الأكثر تضررا من حرائق الغابات
أمر ملكي بإعفاء رئيس مؤسسة الصناعات العسكرية ومساعد وزير الدفاع السعودي
الرئيس السيسي يوجه بمواصلة دعم قدرات شبكات الاتصالات وتوسيع مناطق التغطية
صحة الوادى الجديد: انتظام العمل فى المرحلة الثالثة من مبادرة "100 يوم صحة"
أحمد سعد يغني مع شقيقة عمرو «أخويا» في حفله بمهرجان مراسي «ليالي مراسي»
فيضان مفاجئ في شمال الصين يخلف 8 قتلى و4 مفقودين
شئون البيئة بالشرقية: التفتيش على 63 منشآة غذائية وصناعية وتحرير محاضر للمخالفين
حقيقة انتقال هاكان للدوري السعودي
أزمة الراتب.. سر توقف صفقة انتقال سانشو لصفوف روما
الأنبا ثيئودوسيوس يترأس القداس الإلهي بكنيسة العذراء مريم بفيصل
مدير عام الطب البيطري سوهاج يناشد المواطنين سرعة تحصين حيواناتهم ضد العترة الجديدة
إنفانتينو عن واقعة ليفربول وبورنموث: لا مكان للعنصرية في كرة القدم
الخارجية الروسية تتوقع فوز خالد العناني مرشح مصر في سباق اليونيسكو
في 3 خطوات بس.. للاستمتاع بحلوى تشيز كيك الفراولة على البارد بطريقة بسيطة
موعد آخر موجة حارة في صيف 2025.. الأرصاد تكشف حقيقة بداية الخريف
تعرف علي شروط الالتحاق بالعمل فى المستشفيات الشرطية خلال 24 شهرا
حزب الجبهة الوطنية: تلقينا أكثر من 170 طلب ترشح لانتخابات مجلس النواب
مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي يعلن تفاصيل مسابقة "أبو الحسن سلام" للبحث العلمي
المفتي يوضح حكم النية عند الاغتسال من الجنابة
إصلاح الإعلام
فتنة إسرائيلية
حظك اليوم وتوقعات الأبراج
خطأ أمريكي هدد سلامة ترامب وبوتين خلال لقائهما.. ماذا حدث؟
عيار 21 الآن بعد الانخفاض الجديد.. سعر الذهب اليوم الأحد 17 أغسطس محليًا وعالميًا (تفاصيل)
شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
موافق
الصّديقُ العزيزُ مُصطَفَى لَبِيبٍ
ثابت عيد
نشر في
الشعب
يوم 28 - 04 - 2016
مِنْ بعيدٍ تعارفنَا. أنا في غُربتي الغربيّةِ وهو في غُربتِهِ الشّرقيّةِ. وفي ساحاتِ الفكرِ تقاربنَا، وفي ميادينِ الثّقافةِ تلاقينَا.
عِندما تتلاقَى الأرواحُ، وتنسجمُ النّفوسُ، تتصاغرُ قيمةُ الأجسادِ، وتتضاءلُ أهمّيّةُ اللِّقَاءَاتِ.
مرّتِ السّنونَ كلمحِ البصرِ، قبلَ أن يرحلَ عَنْ عالمنَا الصّديقُ العزيزُ، والعالمُ الجليلُ مصطفى لبيبٍ. وَبَعْدُ.
قصّةُ حياتِه تُذكّرني بقولٍ لصديقي العَالمِ محمّدِ منصورٍ، أستاذِ التّحكّمِ الآليّ في جَامعةِ زيورخَ، الّذي قالَ: «إِنّ مَن يبرعُ ويتفوّقُ في مجتمعٍ متخلّفٍ، فَهُو لَا محالةَ أقوى من الظّروفِ المحبطةِ المحيطةِ بِهِ».
كثيرًا ما تألّمتُ من الأحوالِ المزديّةِ الّتي يعيشُ فِيها عُلماؤنا، ويعاني منهَا بَاحثونَا في مصرِنا الحبيبةِ.
وَقَدِ اضطرّتنَا - نَحنُ المصريّينَ - الظّروفُ الصّعبةُ الّتي طالما ابتلانَا البارئُ تعالَى بهَا إلَى تَطويرِ فَنٍّ للتّأقّلمِ والتّعايشِ مَعَ أيّ ظروفٍ تواجهُنا، وأيّ محنٍ تقابلنَا.
ولنتأمّلْ مثلًا البعدَ السّياسيّ لقولِ المعتزلةِ إنّ مرتكبَ الكبيرةِ «في منزلةٍ بينَ المنزلتينِ». فهُم لو قالوا - مثلُ الخوارجِ - إنّ مرتَكِبَ الكبيرةِ كافرٌ، لكانَ هذا إعلانَ حربٍ على السّلطةِ، ببطشِهَا، وقمعِهَا، وخساستِهَا، وغرورِهَا.
والشّيءُ نفسُهُ ينطبقُ على كثيرٍ منَ العلماءِ الأبرارِ الّذينَ يدركونَ ظلمَ الحكّامِ، واستشراءَ الفسادِ في شتّى مستوياتِ المجتمعِ الّذي يعيشونَ فيهِ، لكنّهم مضطرّونَ إلى التّعايشِ معهُ، لكي يواصِلُوا بحوثَهم، ويداوِمُوا دراسَاتِهم، ويظلّوا على صِلَةٍ بالعلمِ الّذي هُوَ لهم مثلُ الهواءِ للمخلوقاتِ جميعًا. وبعدُ.
أَحَبّ الصّديقُ مُصطفى لَبيبٍ العلمَ، وَعَشقَ المعرفةَ. وتميّزَ بالفضولِ الّذي ينبغي أن يكونَ من ثَوابتِ صحيحِ الإيمانِ، إِنْ شِئنَا اعتبارَ الإسلامِ: عِلمًا، وَعَمَلًا، وَأَخْلَاقًا. وَبَعْدُ.
نقلَ الصّديقُ مصطفى لبيبٍ كتابَ المرحومِ هاري ولفسونَ الّذي زاملَ بدورهِ أستاذتِي وصديقتي أنّا ماري شيملَ في جَامعةِ هَارفردَ قبلَ عدّةِ عقودٍ.
أحببتُ هَاري ولفسونَ كثيرًا، عِندمَا اشتغلتُ بتاريخِ المعتزلةِ وعلمِ الكلامِ. أعجبنِي أسلوبُ تحليلِهِ الدّقيقُ، وفضّلتُه عَلَى مُعظمِ مُستشرقِي ألمانيَا الّذينَ يميلُونَ إلى عَالمِ الخيالِ، عِندمَا يكتبونَ عنْ تاريخِ الإسلامِ.
كَانَ ولفسونُ هَذا عالمًا فذًا صَبورًا. قَالتْ لي أنّا ماري شيملَ إنّها كانتْ تراهُ جَالِسًا فِي مكتبةِ جامعةِ هارفاردَ طوالَ الوقتِ، يقرأُ، ويتأمّلُ، ويكتبُ.
تَركَ لنَا ولفسونُ، ضِمْنَ مَا تركَ، ثَلاثةَ كتبٍ فَريدةٍ حقًّا، لُم يدركْ أهمّيتهَا مُعظمُ مُعَاصِرِينَا. فَهو قَدْ خَصّ علمَ الكلامِ الإسلاميِّ بدراسةٍ وافيةٍ، وكرّسَ حياتَه لدراسةِ عَلَمينِ من جَهابذةِ العُلماءِ اليهودِ، هُمَا سبينوزَا وَفِيلونُ الإسكندرانيّ.
يَقِينًا نستطيعُ أن نقولَ إنّ العالمَ كانَ ولا يزالُ قريةً صغيرةً.
فالعالمُ الأمريكيّ ولفسونُ كرّسَ حياتَه للكتابةِ عن ثلاثةِ علماءَ وموضوعاتٍ لها علاقةٌ بَعَالَمِنَا العربيِّ الإسلاميِّ وبمصرَ بالذّاتِ.
فَفِيلونُ الأسكندرانيّ كانَ مصريًّا يهوديًّا، واسبينوزَا ينحدرُ مِن أُصولٍ أسبانيّةٍ-برتغاليّةٍ، أيْ مِنِ الأندلسِ الإسلاميّةِ، قبلَ أن تهاجِرَ أسرتهُ إلَى هُولندَا، وَيتخصّصَ هُو في نقدِ الكتابِ المقدّسِ. مع الإشارةِ إلى تقزّزي الشّديدِ منْ تجاهلِ اسبينوزا الإِشَارَةَ إِلَى فَضلِ ابنِ حَزمٍ القُرطبيّ عليهِ.
وَعِلمُ الكلامِ هو جزءٌ أصيلٌ منَ العقيدةِ الإسلاميّةِ. وَبَعْدُ.
تولّى الصّديقُ مُصطفى لبيبٍ نقلَ مَوسوعَةِ ولفسونَ عنْ «فلسفةِ الكلامِ» إِلَى العربيّةِ. فقدّمَ بذلكَ خِدمةً جليلةً للقارئِ العربيّ المعاصرِ، وَالباحثينَ العربِ.
فنظرًا لفسادِ منظومةِ التّعليمِ في عالمنا العربيّ الإسلاميّ ظلّتْ صورةُ المعتزلةِ وعلمِ الكلامِ مشوّهةً في أذهانِ النّاسِ جميعًا.
وأنا شَخصيّا لم أتعلّمْ، ولم أفهمْ أصولَ علمِ الكلامِ، إلّا عندما رحلتُ عن العالمِ العربيّ، والتحقتُ بالجامعاتِ الأوروبيّةِ.
ترجمةُ الصّديقِ مصطفى لبيبٍ لكتابِ هاري ولفسونَ عنْ «فلسفةِ الكلامِ» هو إنجازٌ عظيمٌ مشكورٌ، يَنبَغِي أَنْ يُدركَه النّاسُ فِي مصرَ والعالمِ العربيّ.
لكنّ لا قيمةَ للعلمِ عندَ العربِ المحدثينَ، للأسفِ.
فهذه التّرجمةُ المحترمةُ الّتي أنجزَها الصّديقُ مصطفى لبيبٍ، طَبعوها طباعةً رخيصةً، ركيكةً، لا تليقُ بالمترجمِ، ولا بالمؤلّفِ، ناهيكَ عنْ موضوعِها الخطيرِ. وَبَعْدُ.
اهتمّ الصّديقُ مصطفى لبيبٍ أيضًا بالفكرِ الغربيّ الحدِيثِ.
وعندما علمَ بصداقتي لِكَبيرِ عُلماءِ اللّاهوتِ المعاصرينَ هَانسَ كُينجَ، سَارعَ يعرضُ عليّ المشاركةَ بدراسةٍ عنْهُ في مؤتمرٍ دوليّ ساهمَ في تنظيمِهِ سنةَ 2006م في جَامعةِ القَاهرةِ عِنِ «المشتركِ بينَ الثّقافاتِ».
وبالفعلِ حَرصتُ على نَقلِ صُورةٍ أمينةٍ عنْ فِكْرِ هانسَ كينجَ للقَارئِ العَربيّ والباحثِ المسلمِ، بدراسةٍ مستفيضةٍ عنهُ، نشرُوهَا في كتابِ المؤتمرِ لاحقًا.
وعندمَا شرعتُ أنقلُ كتابَ صدِيقي هانسَ كينجَ «لماذا مقاييسُ عالميّةٌ للأخلاقِ؟» إلَى اللّغةِ العربيّةِ، كانَ الصّديقُ مصطفى لبيبٍ من أوائلِ المرحّبينَ بالفكرة، والمشجّعينَ لهَا.
بلْ إنّه أوصَى بعضَ تلامذتِه بِدراسةِ فكرِ هَانسَ كينجَ، والإسهامِ في تقديمهِ للمثقّفِ العربيّ. وَبَعْدُ.
مرّتِ السّنونَ كلمحِ البصرِ. وَكانَ الصّديقُ مصطفى لبيبٍ يحرصُ عَلى إرسالِ إبداعاتِه الجديدةِ لي، مثلمَا كنتُ أحرصُ على تقديمِ أيّ جديدٍ أنشرُه لَه.
فكانَ من أوائلِ الأصدقاءِ الّذينَ تلقّوا كتابي: «الإسلامُ في عيونِ السّويسريّينَ»، قبلَ أكثرَ منْ عشرِ سنواتٍ.
كما أنّه تلقّى كتابي عَن صديقتي أنّا ماري شيملَ الّتي كانَتْ لا تُوقّعُ خطاباتِهَا لِي، إِلَّا بعبارَةِ: «الفقيرةُ إِلَى رَحمةِ اللّهِ، أُمُّ هريرة»، حيثُ كانتْ تعشقُ القططَ !!
والتقتْ نفوسُنا جميعًا، شيملَ ولبيبًا وَأنا، عَلى حبّ الصّوفيّةِ، ومقتِ الفكرِ الحنبليّ، الوهّابيّ، السّلفيّ المزعومِ.
فأنا في أطروحتي للماجستيرِ أوضحتُ جمودَ الفكرِ الحنبليّ، وفي أطروحةِ الدّكتوراةِ أظهرتُ العواقبَ الوخيمةَ لهذا الفكرِ الهدّامِ على الحضارةِ الإنسانيّةِ. وَبَعْدُ.
كانَ الصّديقُ مصطفى لبيبٍ يحرصُ على لفتِ الانتباهِ إلى سفاهةِ المدعوّ محمّد بنِ عبدِ الوهّابِ، وتافهتهِ، وكثيرًا ما ذكّرني أنّ شقيقَه كانَ من أوائلَ من فضحوهُ.
وكانتِ الصّديقةُ شيملُ تعشقُ التّقرّبَ إلى البارئ تعالى من خلالِ الأدعيةِ الصّوفيّةِ الجميلةِ الّتي تفيضُ حُبًّا وَإِيمانًا.
وأتذكّرُ أنّ وهّابيّةَ السّعوديّةِ جَعلوا يتردّدونَ طويلًا، قبلَ أن يقرّرُوا تكريمهَا عَلى مضضٍ.
فهمْ قدِ اطّلعوا على كتاباتي عَنها. فأُعجبوا بِحَماسِهَا للإسلام، لَكِنَّهمُ اعترضُوا على مُيولهَا الصّوفيّةِ.
حكتْ لي شيملُ أنّها تلقتْ مكالمةً من السّفارةِ السّعوديّةِ في بونَ، عندمَا كانتْ عاصمةَ
ألمانيا
الغربيّةِ، وبعدَها أرسلوا إليها سيّارةً أخذتهَا إلى المطارِ، وَدسّوها في طائرةٍ إلى السّعوديّةِ، ومن المطارِ إلى أحدِ القصورِ الملكيّةِ، حيثُ استقبلوهَا بحفاوةٍ وترحابٍ، قبل أن يعيدوهَا إلى
ألمانيا
، بدونِ أيّ صخبٍ إعلاميّ!! وَبَعْدُ.
اهتمّ الصّديقُ مُصطفى لبيبٍ بالفكرِ الصّوفيّ، وبالعلماءِ المصريّينَ الّذين درسُوا الصّوفيّةَ في الجامعاتِ الغربيّةِ، وكتبوا دراساتٍ قيّمةً عن أعلامِ الفكرِ الصّوفيّ.
اهتمامُنَا المشتركُ بالصُّوفيّةِ جَعلنا نلتقي منْ جديدٍ عندَ تراثِ العالمِ المصريّ أبي العلا عفيفي الّذي درسَ في
بريطانيا
، وكانَ له إسهاماتٌ متميّزةٌ في تعميقِ فهمِنَا للفكرِ الصُّوفيِّ.
أتذكّرُ أنّ الصّديقَ لبيبًا قد بعثَ لي بترجمتِهِ لأحدِ أعمالِ عفيفي، دُونَ أن تسمحَ الظّروفُ بعقدِ مناقشةٍ عميقةٍ عنْ هذا العالمِ الفذِّ. وَبَعْدُ.
عِنْدَمَا درستُ تاريخَ العلمِ، سارعَ الصّديقُ العزيزُ مصطفى لَبيبٍ بمساعدَتِي بإرسالِ بعضِ كُتبِهِ القيّمةِ عنْ تاريخِ العلمِ عندَ العربِ لِي.
وَفي السّنواتِ الّتي أمضيتُها في دراسةِ المخطوطاتِ الطّبيّةِ العربيّةِ، كنّا لا نتوقّفُ عنْ مناقشةِ إسهاماتِ كبارِ الأطبّاءِ العربِ في تطويرِ العلمِ الإنسانيِّ. وبعدُ.
فِي السّنواتِ الأخيرةِ عندما أبلغتُ العزيزَ مصطفى لبيبٍ بمشروعي المتواضعِ لدراسةِ فكرِ العملاقِ هيلموتَ شميدتَ، لم يتردّدْ في تَشجيعي، برغمِ استغرابِهِ مِنْ تحوّلاتِي، وَتَنَقُّلَاتِي!!
فأنا بَدأتُ بعلمِ الكلامِ، ثمّ انتقلتُ إلى الصّوفيّةِ، قبلَ أن أدرسَ اللّاهوتَ المسيحيّ، وَالدّيانةَ اليهوديّةَ، لأصلَ إلى التّاريخِ الألمانيّ وَالأمريكيّ الحديثِ، وَمازلتُ أشقّ طريقي بحثًا عن المعرفةِ الّتي ينبغي أن تكونَ ضالةَ المؤمنِ.
بعثتُ إلى الصّديقِ مصطفى لبيبٍ بمسودةِ ترجمتي كتابَ: «قَرننا هذا» للمرحومِ هيلموتَ شميدتَ وصديقِهِ فريتسَ شترنَ.
كنتُ أودّ نشرَ التّرجمةِ مع التّعليقاتِ، مِثلمَا فعلتُ مع ترجمةِ هانسَ كينجَ. لكنّي أدركتُ أن التّعليقاتِ ستستَغرقُ المزيدَ من الوقتِ، فقرّرتُ إصدارَ التّرجمةِ أوّلًا، حتّى انتهيَ من التّعليقاتِ.
وَبِالمُناسَبَةِ فإنّني نوّهتُ بفضلِهِ في مقدّمتي كتابَ: «قَرنُنا هَذا»، معَ سائرِ الأصدقَاءِ.
كنّا نتشاورُ كثيرًا في موضوعاتٍ شتّى، وكانَ لا يتردّدُ في تقديمِ النّصيحةِ السّديدةِ، أو الإشارةِ المفيدةِ، إلى مرجعٍ مهمّ، أو ترجمةٍ قيّمةٍ. وَبَعْدُ.
جمعَنَا أيضًا الاهتمامُ بالعملاقِ المصريّ عبدِ الرّحمنِ بدويٍّ الّذي سَعَى بعضُ أشقّائِه إلَى إعادةِ نشرِ أعمالِه في
القاهرةِ
، دونَ أن أسمعَ شيئًا عن نتائجِ عملِهمْ.
فأنا كنتُ على صلةٍ غيرِ مباشرةٍ بالعملاقِ بدويٍّ عندَما كَانَ يَعيشُ في
باريسَ
، وَالصّديقُ ليببٌ كانَ عَلَى صِلَةٍ مباشرةٍ بعائلةِ بدويٍّ فِي القَاهرةِ.
جَمعنا أيضًا عشقُ اللّغةِ العربيّةِ. وَشَاءَتِ الأقدارُ أن يلتحقَ الصّديقُ لبيبٌ بمجمعِ اللّغةِ العربيّةِ في السّنواتِ الأخيرةِ، حَيثُ سمعتُ أنّه ارتبطَ بعلاقةِ صداقةٍ مَع رئيسِهِ المحترمِ. وَبَعْدُ.
عِنْدَما زَارَ
ألمانيا
مؤخّرًا، كُنْتُ أُريدُ مقابلتَهُ شخصىًّا في فرانكفورتَ، لَولا انشِغَالِي بِالإعدَادِ لِرِحلَةٍ إلَى الأندلسِ.
وعدتُه أنْ أبعثَ إِلَيْهِ بصديقي الصّوفيّ الشّيخِ عثمانَ الّذي أوصيتُهُ بتكريمِ عالمنا لبيبٍ، ودعوتِهِ إلى العشاءِ في «مطعمِ أيفوري» الشّهيرِ.
لكنّ الشّيخَ عثمانَ لمْ يتمكّنْ منْ زيارةِ الصّديقِ لبيبٍ في فرانكفورتَ، فأهدرَ فرصةً ثمينةً لمعرفةِ عالمٍ جليلٍ. وبعدُ.
عِندما مرضَ، لم أتوقّفْ عنِ السّؤالَ عنهُ، وتشجيعِه عَلَى مُواصلةِ الكفاحِ، والإصرارِ عَلى العودةِ متألقًا. كنتُ أقولُ لَهُ: «نحنُ بحاجةٍ إلى إبداعاتِكَ، وأعمالِكَ الجميلةِ».
لكنّي أعترفُ أنّني لم أكتشفْ بعدُ حكمةَ البارئِ تعالى في تقريرِ لحظةِ الفراقِ، وحسمِ ساعةِ الرّحيلِ.
يقنيًا نحنُ نتألّمُ كثيرًا، ونبكي طويلًا، على فرَاقِ أحبائِنَا وأصدقائنَا. لكنْ علينا أيضًا أن نتذكّرَ أنّ الصّديقَ مصطفى لبيبٍ كانَ عاشقًا للصّوفيّةِ، ومؤمنًا بالفكرِ الصّوفيّ الأصيلِ.
والصّوفيّةُ في الإسلامِ تؤمنُ بالحبّ الإلهيّ، وتعتقدُ أنّ ملاقاةَ العاشقِ للمعشوقِ لا يحولُ بينها إلّا الموتُ الجسديّ.
ولذلكَ فهم يعتبرونَ الموتَ «تاجَ المؤمنِ»، لأنّه بالموتِ فقطْ يستطيعُ المؤمنُ أن يتّحدَ بالبارئِ تعالى ويعودَ إليهِ.
ولهذا السّببِ حرصَ جلالُ الدّينِ الرّوميّ على تنبيهِ تلامذتِهِ ألّا يبكوا، عِندمَا يَزورونَ قبرَه، بَلْ ينبغِي أنْ يرقصُوا، ويفرحُوا.
انقر
هنا
لقراءة الخبر من مصدره.
مواضيع ذات صلة
ثورة مصر المجيدة والمقَايِيس العالمية للاَخلاق
البروفيسور"محمد منصور"أعظم شخصيات القرن
العقول المهاجرة متى تعود إلى بلدانها؟
سياراتُ الألمان العظيمة ومذابحُ عسكر مصر
أنماري شيمل : قصة شرقية غربية
حفنة كلام
حفنة كلام
أنماري شيمل : قصة شرقية غربية
أبلغ عن إشهار غير لائق