لم نكن نرى قديمًا أى دعوات للتبرع سوى لمستشفيات السرطان والحالات الإنسانية التى تخرج على الفضائيات طوال اليوم والتى كانت تلاقى تفاعل كبير جداً من المتابعين خاصًة فيما يخص إنشاء مستشفيات السرطان، التى أثبتت بالفعل طوال الأعوام القليلة الماضية أنها صاحبة الشعبية الأكبر بين المصريين الذين تبرعوا بملايين الجنيهات لإنشائها. وأثبتت تلك الحملات أيضًا بعد أعوام من اطلاقها شعبية عبد الفتاح السيسى، الذى أطلق دعوتة العجيبة، "صبح على مصر بجنيه"، فى الرابع والعشرون من فبراير الماضى، معللًا اطلاق حملته تلك بإنها لانقاذ الاقتصاد المصرى المتدهور، والذى كان يصفه وإعلامه بالاقتصاد القوى طالما يديره "الفيلسوف". وقال "السيسى" أيضًا أن تلك الحملة سوف توفر للبلاد عشرة ملايين جنيه يوميًا (هذا فى حالة تبرع عشرة ملايين مواطن بجنيه واحد يوميًا)، لكن هذا بالطبع لم يحدث، وتبرع المصريين جميعًا من مؤيد ومعارض، بحملة قوية من السخرية التى نالت منه ومن نظامه. وبعد مرور ما يقرب من 12 يومًا من إطلاقها، وتصريحات مسئولى صندوق تحيا مصر، نرصد الأسباب التى تجعل تلك الحملة من العجائب بالفعل، فأولها أن الدول لا مشاكلها الاقتصادية الخطيرة والتى نواجهها فى الفترة الحالية، بالأعتماد على دعوة المواطنين للتبرع "الاجبارى" وهذه الطريقه لا يلجأ لها إلا الجمعيات الخيرية والمنظمات التطوعيه التى لا تمتلك الا دعوة أهل الخير للمشاركة في أنشطتها، أما الحكومات التى تمر أوطانها بأزمات اقتصادية خطيرة كتلك التى نمر بها حاليًا، فأنها تلجأ للحلول الأكثر منطقية أى استخدام سلطة الدولة لفرض ضرائب على الشرائح العليا من الدخول لتغطى احتياجتها. لكن أعاجيب الانقلاب في عالم الاقتصاد لا تنتهي وليس هذا ما نريد الحديث عنه الآن لكننا نوضح تلك النقطة تحديدًا خاصًة بإنها تكشف الشعبية الحقيقية ل"السيسى" والتى انكشفت أثناء الدعوة للتصويت فى الانتخابات البرلمانية السابقة، لكن هذه المرة اختلفت قليلاً، حيث أن أحد مسئولى صندوق تحيا مصر الذى أنشأة السيسى بنفسه هو من كشف تلك الشعبية. ف"محمد عشماوي" المدير التنفيذي لصندوق تحيا مصر كشف أن حصيلة خدمة الرسائل القصيرة لاسم "صبح على مصر بجنيه" وصلت إلى نحو 3.75 (ثلاثة ملايين وسبعمائة وخمسون ألف جنيه) خلال 12 يوم من بدء الحمله. ويوضح هذا التصريح لأحد أكبر مسئولى الصندوق،أن متوسط المبلغ المدفوع يومياً هو حوالى ربع مليون جنيه!، فأين هذا الملايين العشر المستهدفه يومياً؟، وما الذي ستفعله الحكومة بهذا المبلغ؟. والأنكي من ذلك أن يقول "عشماوي" بكل صراحة أن عدد الرسائل التى تلقاها الصندوق على شبكات المحمول هو مليون وخمسون ألف ، وهذا يعنى أن عدد المرسله يومياً لم يتجاوز المائة ألف إلا قليلا ، وهؤلاء من استجابوا لدعوة السيسي.. فهل هذه هى شعبيته الحقيقية؟!.