** أعراض الفيروس تشبه "التيفوئيد والبروسيلا" ولكنه أكثر فتكًا منهم ويؤدى إلى الوفاة ** أكثر من نصف مليون مواطن يقعون تحت سيف "الفيروس" الغامض.. والعزل لم يجلب أى نتائج ** توقف الحياة بشكل كامل فى المدارس والأعمال بالقرى الثمانى المنكوبة ** مواطنون: الصحة تخاذلت فى عزل المرضى وتطهير المنازل وفرض حجر صحى مما أدى إلى انتشاره بتلك الطريقة ** الأطباء: لانعرف تشخيص المرض ونعالج بالمسكنات ** مسئول الصحة: الأطباء استغلوا حاجة المرضى للعلاج واخترعوا أدوية وهمية
تحقيق: حامد عبدالجواد تزداد معاناة المواطن المصرى مع التهميش الشديد الذى يلاحقه من حكومات مصر المختلفة، التى لا تجد مانع فى عدم ذكره من الأساس حتى لو كان الوضع كارثى كما هو عليه اليوم فى احدى محافظات صعيد مصر، وظهور "فيروس" غامض، حتى الجهات الحكومية لا تعرف عنه شئ غير أنه يصيب المواطنين فى مقتل، كما تم الإعلان عنه منذ أيام، ولكن دون ذكر نوع المرض أو الاعتراف بوجوده من الأساس. محافظة أسيوط، شهدت حلقة جديدة من حلقات ظهور الفيروسات الغامضة التى تفتك بالمواطنين دون إلقاء أى بال من الحكومة الحالية حول الأمر ولا خطورته، ولا إلى أى مدى ممكن أن ينتشر، ولكن التحرك "الخفى" يأتى دائمًا بعد ظهور حالات وفاة وحديث الإعلام عنها، حينها يخرج المسئولون "المنقذون" ليتحدثوا للشعب المصرى وينفوا وجود أى شئ حتى الموتى أحياناً، لتبرئة ذمتهم كما نرى كل يوم. الصحف والمواقع الإخبارية المصرية، كانت قد تحدثت "على استحياء" عن ظهور فيروس غامض بقري دشلوط التابعة لمحافظة أسيوط، والذى أودى بحياة العديد من الأشخاص منذ ما يقرب من شهر وحتى تاريخه، دون اعلان أى بيانات رسمية من الحكومة أو وزارة الصحة، التى رجح البعض أنه كان لابد أن تقوم بعمل حجر صحى على القرى التى تأكد بالفعل أنها منكوبة بفعل الفيروس الغامض. فيروس غامض البداية كانت عندما ظهر المرض على أهالى قرية عرب أبو كريم منذ شهر ونص تقريبًا وظن الجميع أن لهذا علاقة بإرتفاع حرارة الجو وهو ما ستدعى حجز تلك الحالات بالمستشفيات العامة هناك، ولكن سرعان ما انتشر المرض وكثُرت الحالات بطريقة خطيرة للغاية، ومع عدم تطهير المنازل التى وجد بها المرض ووضعها تحت الحجر الطبى، حسب رأى الأطباء، انتقلت العدوى إلى باقى القرية ثم القرى المجاورة، وسط غياب تام للمسئولين بمديرية الصحة هناك. وشهدت قرى "أبو كريم و عزبة أبو العيون ودشلوط وباويط ونزلة ساو ونجع خضر والرياض" حالات وفاة عدة بعد إصابتهم بذلك الفيروس، بينهم 11 فرد من أسرة واحدة، كانت الصحة قد أعلنت أنهم توفوا نتيجة للتسمم، وهو ما أنكره الأهالى وقالوا أن أعراض المرض قد ظهرت عليهم قبل الوفاة مباشراً. أحد أطباء القرية أدلى بتصريحات صحفية سابقة ، السبت الماضى وقال أنه لم يتضح حتى الآن إذا كان المرض الذى أصاب المواطنين فى القرى مذكورة هو "بروسيلا" (الإجهاض المعدي مرض معدي شديد الخطورة تسببه بكتريا من جنس بروسيلا يؤدى إلى تدنى الكفاءة التناسلية الإنتاجية متمثلاً في الإجهاض أو ولادة مواليد ضعيفة معتلة في الإناث كما يسبب إلتهاب الخصيتين والوعاء الناقل مع شيوع العقم في الذكور في العديد من الحيوانات مختلفة الأنواع كما (أنه قد يصيب الإنسان أيضاً، أو حمى التيفود (هو مرض يأتي بحمى نتيجة بكتيريا تسمى "سالمونيلاتيفى -salmonellae typhi”، وتوجد في الطعام أو الماء وتنتقل عن طريق الإنسان حامل المرض أو المريض به ويزداد انتشار هذا المرض في المناطق التي لا تتوافر فيها النظافة) . وأضاف إلى أن ارتفاع حالات الوفيات بتلك الطريقة وبهذه السرعة يثبت أنه ليس أحد الفيروسات المذكورة، وتابع أن مديرية الصحة بأسيوط، أرسلت قافلة طبية إلى قرية عرب أبو كريم التى ظهر بها نفس المرض قبل شهرين ولم ينته إلى الآن، وقامت بإعطائهم حبوب ضد ارتفاع درجات الحرارة، لافتًا إلى أن الأهالى أكدوا له أنه تم ذبح بقرتين فى القرية، كانتا مريضتين بمرض البروسيلا . حالات وفاة وإصابات بالجملة ورغم كل تلك التحذيرات التى أبلغ بها أطباء القرى المذكورة مسئولى الصحة بالمحافظة إلا أن الوضع تفاقم للغاية بعد تكاسلهم عن أداء واجبهم تجاه، هذا الفيروس الذى يفتك بحياة المواطنين، وارتفعت حالات الإصابة وكذلك الوفاة ورغم أن وزارة الصحة تنبهت للأمر مؤخرًا، واعترفت أن هناك 22 حالة وفاة فقط فى القرى، بسبب "الإجهاض الحرارى"، حسب تصريحات الصحة الرسمية، بينما أكد أطباء القرية أن حالات الوفاة خلال الشهر الحالى فقط قد تخطت حاجز ال 100 متعجبين من انكار ذلك فى البيانات الرسمية. بجانب أن تقارير أفادت، أن حاجز المصابين قد تخطى ال 20 ألف مصاب، وهو الأقرب للصحة رغم أن جريدة "الشعب الجديد"، حاولت التأكد من صحته لكن المسئولين هناك ادعوا عدم معرفتهم بالموضوع من الأساس، وهذا ما أثار العديد من التساؤلات حول ذلك الإنكار الذى اعترف المتحدث بإسم الطب الوقائى بإنه موجود، إلا أن الجميع يريد أن يتنصل من مهامة. عبد النبى محمد، أحد أهالى القرية أكد أن المرض ظهر فى قرية دلجا التابعة لمركز ديرمواس بالمنيا، وانتقل إلى قرية أبو كريم الملاصقة لها، وامتد حاليا لقرى دشلوط ونجع خضر ونزلة سأو وأبو كريم وعزبة أبو العيون. الصحة تُنكر وتدعى أنه هبوط فى الدورة الدموية وأشار إلى أن 3 أشخاص من أهالى قرية واحدة توفوا خلال شهر بسبب هذا المرض، آخرهم فتاة توفيت منذ 10 أيام عمرها 17 عاما، ودفنت بعد استخراج تصريح يؤكد أنها أصيبت بهبوط حاد فى الدورة الدموية، وهو ذات التشخيص لجميع الحالات التى توفيت قبلها. وتابع أن أعدادًا كبيرة جدًا من أهالى القرية ترقد فى مستشفى الحميات بديروط وفى عيادات الأطباء الخاصة، ولا يشغل المسئولون سوى نفى المرض دون إجراء فحوصات على المرضي. ولقيت مواطنة أخرى حتفها بقرية دشلوط بمدينة ديروط في أسيوط حتفها متأثرة بنفس أعراض "الفيروس الغامض" المنتشر في القرية، فيما توجه رئيس قطاع الطب الوقائى بوزارة الصحة إلى المحافظة، الإثنين، لمتابعة إصابة 62 مواطنا من القرية وقريتين مجاورتين بنفس الأعراض، حيث تم سحب عينات منهم لكشف غموض الفيروس في مقر المعامل المركزية بالقاهرة، حسب صحيفة المصرى اليوم. وشيعت أسرة المتوفاة، وتدعى سامية فتحى على نصر، جثمانها بعد وفاتها في الثانية من صباح أمس، وقال على فتحى، شقيق المتوفاة، إنها "أصيبت منذ أسبوع بالدور المنتشر في القرية، وارتفعت درجة حرارتها بشدة، وقمنا بالكشف عليها لدى طبيب خاص، وقام بتعليق المحاليل لها وصرف عدد من الحقن والمضادات الحيوية". توقف الحياة مازال مستمراً وأشار إلى أن المرض منتشر في القرية بشكل كبير، ولا يعرف الأهالى ماهية هذا المرض لكن كلهم يشكون من نفس الأعراض، التى أسفرت عن حالة ذعر بين الأهالى نتيجة انتشار مرض غامض تسبب في مقتل اثنين من أهالى القرية خلال الأسبوعين الماضيين، فيما أصيب المئات من أهل القرية به. يقول الليثى إن الحياة أصبحت شبه متوقفة، فالبعض لا يخرجون من منازلهم خوفًا من الإصابة بالمرض، والبعض الآخر منع أولاده من الحضور فى المدرسة، فانخفضت كثافة الطلاب لأقل من النصف والأزمة الكبرى، يعانى منها طلاب الثانوية العامة بعد تقرير 10 درجات على الحضور، فأصبح الطلاب فى صراع مع مرض لا يعرفون عنه شيئًا من أجل المحافظة على 10 درجات. استغلال الموقف وغياب الرقابة وفى حالة من حالات الاستغلال الكامل يحكى عم سلطان، معاناته مع المرض الغامض عندما أصاب 20 فردًا من أسرته، ولتوه كان قادمًا بصحبة زوجته من كشف الطبيب، ولأطباء القرية قصة أخرى، فبدلًا من أن يكونوا سببًا فى معالجة الأزمة، تحولوا إلى أدوات لمضاعفتها على المرضى من فقراء القرى، حيث ارتفع سعر الكشف من 25 جنيهًا إلى 70 جنيهًا، وبعض الأطباء رفع السعر إلى 150 جنيهًا، أما الكشف المستعجل فسعره 170 جنيهًا، على حد قول سلطان. أما عبد العزيز 40 عامًا، من مواطنى دشلوط، الذى تعانى طفلته من الفيروس، بعد شفائه وتجاوزه أعراض الإصابة، فأوضح أن متوسط تكلفة العلاج تبلغ مائتى جنيه للفرد الواحد. وأشار إلى أن المبلغ يعد كبيرًا بالنظر لحال أهل القرى من فقراء الفلاحين وخاصة أن الفيروس يصيب أسرًا بكاملها مرة واحدة. وبحسب عبد العزيز، تواجه الصيدليات زحامًا شديدًا من المرضى، بعد لجوئهم إليها مباشرة لتوفير سعر الكشف لدى الأطباء، رغم أن العاملين بالصيدليات ليس متخصصين وإنما غالبيتهم من حملة الدبلومات وخريجى كليات الحقوق والتجارة. ومن جانبها، حرصت بعض الصيدليات على توفير أدوية بعينها لمواجهة زحام المرضى، بل واستعانت بعضها بطبيب لمباشرة الحالات. الاطباء نتعامل مع المرضى بالمسكنات من جانبه يقول أحد أطباء المحافظة،رفض ذكر اسمه، فى تصريحات خاصة،: إن الأطباء ليس أمامهم سوى التعامل مع المرض حتى ولو بالمسكنات فى ظل العجز عن تفسير أسباب المرض وطريقة علاجه، لكنها فى الغالب بسبب ارتفاع درجات الحرارة هذا الصيف مشيرًا إلى أن القرية كانت تعانى مطلع العام الحالى من إنفلونزا الطيور، وهو ما قابلته وزارة الصحة أيضًا بالإهمال. مسئول بالصحة: حجم الكارثة كبير ولكن "لا وباء" من جانبه قالد الدكتور محمد معتصم، وكيل وزارة الصحة الأسبق وأحد مستشارى الوزارة فى المحافظة حاليًا، فى تصريحات خاصة، أن حجم الكارثة كبير ولا يوجد أى تفسير علمى لما يحدث بالمنطقة الغربية من أسيوط، لكن الأمر لا يرقى إلى درجة وباء رغم إصابة المرض لهذا الكم الهائل من أهالى القرية مشيرًا إلى أنه زار مستشفى حميات ديروط، وبالفعل تأكد من وجود أعداد كبيرة من أسرة واحدة. وتابع: وزارة الصحة تبذل قصارى جهدها لاحتواء الأزمة وفق الإمكانات المتاحة فالمنطقة كانت تعانى إهمالًا كبيرًا وكانت الوحدة الصحية المسئولة عن أكثر من 40 ألف نسمة بقرية دشلوط تعمل بنصف طبيب فقط لأن الطبيب المسئول كان يعمل ثلاثة أيام بها وثلاثة أيام بوحدة صحية أخرى نظرًا لوجود عجز فى الأطباء مؤكدًا أنه أوصى بإسناد الوحدة الصحية لأحد الأطباء. تحليل المياه والطعام وأشار "معتصم" أن الوضع رغم عدم وجود تفسير طبى له لكن هذا علميًا موجود وأن الوزارة وضعت خطة للتعامل معه بعدة درجات، وقامت بأخذ عينات من المياه لتحليلها، والعمل على دائرة من الأمراض واستبعاد كل منها حتى نصل إلى التشخيص الصحيح الذى لم نصل إليه حتى الآن. وتأسف رأفت على تعامل الأطباء مع الأزمة واستغلالهم للمرضى، مؤكدًا أنها خارج رقابة وزارة الصحة، أما بالنسبة لما يحدث بالصيدليات فسيتم تشكيل لجنة من الإدارة المركزية للتفتيش على الصيادلة لمتابعة الأمر، واختتم قائلًا إن الأعراض شبيهة بأعراض الالتهاب فى الحلق واللوزتين، حسب قوله.