ما زال الإعلام الصهيوني باللغة العبريّة منشغلاً في قضيّة الجاسوس الصهيوني، إيلان جرابيل، المعتقل في مصر بتهمة التجسس لصالح الموساد، وذهبت صحيفة "جيروزاليم بوست" إلى القول في عنوان رئيسيّ إنّ مصر أصبحت فخاً لعملاء الموساد، وهذه القضيّة تنضاف إلى قضيّة الجنديّ الصهيونىّ الأسير لدى حماس، جلعاد شليط، الذي صادف أمس الأحد الذكرى الخامسة لأسره، وعلى الرغم من النفي الصهيونيّ، فإنّ المصادر المصريّة تؤكد على أنّ المحامي إسحاق مولخو، زار الخميس الماضي القاهرة سرا لبحث قضية جرابيل وشاليط. وفي هذا السياق، قال المحلل السياسيّ البارز في "يديعوت أحرونوت"، شمعون شييفر، إنّه "وفقاً لتقديرات إسرائيلية مستجدة متطابقة يبدو أن ثمة جهوزية كبيرة لدى كل من إسرائيل وحماس في الوقت الحالي للتوصل إلى صفقة تبادل أسرى فيما بينهما تسفر عن الإفراج عن الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، الأسير لدى هذه الحركة الأخيرة منذ 5 أعوام بالتمام والكمال".
وفي حال تلقي تل أبيب اقتراحاً معقولاً من حركة حماس فإن المجلس الوزاري الصهيوني المصغر للشئون السياسية والأمنية وربما الحكومة الصهيونية كلها سيطالبان باتخاذ قرارات حاسمة في هذا الشأن.
وتابع إنّه يمكن القول إن الجانب الصهيوني قد استوعب جيداً أن حركة حماس لم تليّن موقفها، وخصوصاً فيما يتعلق بالرفض الصهيونى للسماح لعشرات السجناء الفلسطينيين الذين من المتوقع إطلاقهم في إطار صفقة التبادل العودة إلى بيوتهم في الضفة الغربية، لافتا إلى أنّ رئيس الحكومة الصهيونية، بنيامين نتنياهو، كان قد اقترح طرد جزء منهم إلى الدول العربية أو إلى قطاع غزة، الأمر الذي ترفضه حركة حماس جملة وتفصيلاً.
وبحسبه، فإنّه "على الرغم من جهوزية حركة حماس للتوصل إلى صفقة تبادل أسرى مع إسرائيل، إلاّ إنه ما زالت هناك مخاوف كبيرة لدى المسؤولين الإسرائيليين من أن تقدم هذه الحركة في آخر لحظة على طرح مطالب جديدة بهدف عرقلة الصفقة".
وبرأيه، فإنّ "ما تجدر الإشارة إليه هو أن سبب التقدير بأن حركة حماس أصبحت جاهزة ومستعدة الآن للتوصل إلى صفقة تبادل مع إسرائيل يعود إلى الضائقة التي تواجهها في الآونة الأخيرة نتيجة التطورات الأخيرة في سورية، كذلك في ضوء رفض كل من مصر والأردن نقل مقرات قادتها من دمشق إلى أراضيهما".
وخلص شيفر، المعروف بصلاته العميقة مع دوائر صنع القار في تل أبيب إلى القول: "يبدو أنه في حال النجاح في عقد صفقة التبادل هذه والإفراج عن شليط فإن أول خطوة سيتم الإقدام عليها بعد عودته إلى عائلته هي إقامة لجنة خاصة لتقصي وقائع عدم طرح أي بديل من المفاوضات مع حماس للإفراج عنه، بما في ذلك شن عملية عسكرية، على مدار الأعوام الخمسة التي كان خلالها أسيراً لدى حماس في غزة"، على حد تعبيره.
على صلة، في تعليقها على حكم القضاء المصري بالسجن المؤبد الصادر حضورياً على الجاسوس طارق عبد الرازق، وغيابياً على ضابطي الموساد إيدى موشيه وجوزيف ديمو، اعتبرت وسائل الإعلام الصهيونية، أن مصر أصبحت بمثابة فخ للعملاء الذين تتهمهم بالتجسس ضدها لصالح جهاز الموساد (الاستخبارات الخارجيّة).
وذكرت وسائل الإعلام الصهيونيّة، المكتوبة والمسموعة والمرئيّة، أن مصر نجحت خلال السنوات الأخيرة في إسقاط وإدانة عدد كبير من الصهاينة، وغيرهم الذين اتهمتهم بالتجسس ضدها لصالح جهاز الموساد الصهيوني، وكان آخر هؤلاء الجاسوس الصهيوني إيلان جرابيل، الذي يحمل الجنسية الأمريكية، واتهمته القاهرة بالتجسس عليها لصالح الموساد، وإثارة الفتن في مصر والوقيعة بين الشعب والجيش.
هذا بجانب رجل الأعمال المصري طارق عبد الرازق (37 عاماً)، الذي اعتقلته السلطات المصرية، واتهم بتكوين شبكة تجسس ضد مصر وعدد من الدول العربية بمساعدة اثنين من ضباط الموساد الصهيوني، واللذين حكم عليهما القضاء المصري بالسجن المؤبد غيابياً، بعدما أصدرت نفس الحكم حضورياً على طارق عبد الرازق الذي عرف بجاسوس الفخ الهندي.
جدير بالذكر أنّه في العام وفي عام 2007، اعتقلت السلطات المصرية أيضاً أحد المواطنين المصريين الذي كان يحمل الجنسية الكندية، ووجهت له تهمة التجسس لصالح الموساد الصهيوني، واتهم غيابياً أيضاً في هذه القضية و3 جواسيس صهاينة، ولكن الحكومة الصهيونية نفت وقتها هذه الاتهامات، وأكدت أن القضية ملفقة.
وفى عام 1996، اعتقلت السلطات المصرية الجاسوس الدرزى الصهيوني، عزام مصعب عزام، عندما دخل مصر بحجة العمل في مجال النسيج، ووجهت له القاهرة تهمة التجسس لصالح الموساد الصهيوني، وحكم عليه بالسجن 15 عاماً، بعدما أكدت النيابة والقضاء المصري على أنه كان يبعث رسائل بالحبر السري للموساد في الملابس الداخلية النسائية، ولكن القضية انتهت بعدما قضى عزام 8 سنوات في السجن المصري، وتم الإفراج عنه بأمر من الرئيس المخلوع حسنى مبارك بحجة مضى نصف المدة و"حسن السير والسلوك"!.
هذا بجانب الجاسوس عودة سليمان ترابين، الذي يحمل الجنسية المصرية والصهيونية، وألقت السلطات المصرية القبض عليه، وحاكمته بالأشغال الشاقة 15 عاماً، بتهمة التجسس ونقل معلومات عسكرية لتل أبيب، ومحاولة تجنيد مصريين للعمل مع الموساد، ولكن حتى الآن لم يتمكن الصهاينة من إطلاق سراحه، وكل ما تمكنت منه إرسال سفرائها في القاهرة لزيارته في السجن.
وفى حوار له مع القناة السابعة الصهيونيّة، هاجم يتسحاق ميلتزر، المحامي الصهيوني الدولي، اعتقال السلطات المصرية لمواطنين يحملون الجنسية الصهيونية واتهامها لهم بالتجسس.
وقال "إن المواطن الإسرائيلي إيلان جرابيل الذي يحمل الجنسية الأمريكية، واتهمته القاهرة بالتجسس عليها لصالح الموساد، وإثارة الفتن فى مصر والوقيعة بين الشعب والجيش، ليس الوحيد الذي قبض عليه فى مصر بتهمة التجسس، ولكن هناك أيضاً المواطن الإسرائيلي عودة الترابين الذي اعتقلته مصر منذ حوالى 10 سنوات بتهمة التجسس، وكان عمره وقتها 29 عاماً".
وحمّل ميلتزر، الحكومات الصهيونية السابقة والحكومة الحالية، مسئولية فشلهما حتى الآن في إطلاق سراح عودة الترابين من السجن المصري الذي لا يلقى فيه معاملة إنسانية ولا يحظى بأي زيارات عائلية، لأن هناك اتهامات إلى أبيه سليمان الترابين بأنه كان على علاقة تعاون بالجيش الصهيوني خلال احتلاله لسيناء.
وطالب المحامي ميلتزر، رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو وحكومته، بضرورة العمل على إطلاق سراح كل من إيلان جرابيل وعودة الترابين، "لأنهما مواطنان إسرائيليان يحظيان بكامل حقوق المواطنة والاحترام والتقدير، ويجب على شعب إسرائيل مساعدتهما ومساعدة عائلتيهما من خلال تحريرهما من مصر"، على حد تعبيره.