بقلم: إبراهيم أبو الهيجاء يحاجج الرئيس الفلسطيني بأنه القائد الأعلى لسلطة الفلسطينية حسب القانون الأساسي الفلسطيني ، وانه لا يجوز تشكيل قوة أمنية بدون موافقته وإذنه ، ويستطيع أن يحاجج وزير الداخلية بان القوة الجديدة هي من صلب صلاحياته حسب القانون الأساسي أيضا ، ونظراً لإشكالية هذه النقطة قانونياً ، فان مساحة الخلاف واردة نظرياً، رغم ان تشكيل القوة التنفيذية جرى التفاهم مابين مؤسسة الرئاسة والحكومة على تشكيلها وتبعيتها لوزارة الداخلية كجهة اختصاص في السيطرة على جهاز الشرطة والأمن الوقائي والدفاع المدني ، ولكن نكوص الرئيس الفلسطيني عن هذا التفاهم والأجواء الفلسطينية مشحونة يعد وقوداً جديداً لإذكاء وإشعال التوتر أو كمقدمة للاعتداء على القوة التنفيذية من قبل بقية الجاهزة الأمنية ، وهذا سيكون منحى خطير في العلاقة والنتائج . شرعية القوة التنفيذية لم تثبت نتاج الجدل النظري الذي لا طائل منه ، لان لكل فريق حجته القوية ، ولكن أساس قوتها يكمن في أهميتها الوطنية في حماية الأمن الداخلي وقد اثبت التاريخ القصير لنشأتها على قدرتها العالية على ضبط الأمن الداخلي والتصدي للفساد الأخلاقي والأمني والاقتصادي ، وزاد في أهميتها اعتراف الجميع بما فيهم الرئيس عن ضعف الأجهزة الأمنية الحالية في مواجهة الفلتان الأمني ، بل وتورط بعض قادتها في إذكاء الفلتان والاستفادة المالية من نفوذهم وقوتهم ، وأحيانا التغطية على جرائم أخلاقية وحماية مفسدين آخرين ، ثم جاء تورط الأجهزة الأمنية بالسجال السياسي الداخلي من خلال الانحياز لطرف دون طرف أو المشاركة بالإضرابات الداخلية ليؤكد ان الأجهزة الأمنية تورطت في التسييس وجرى جرها لملعب موازين القوى الفلسطينية . كل ذلك أكد الحاجة لجهاز جديد ثم تأكد الأمر كليا عندما بدأ الرئيس الفلسطيني يسحب الصلاحيات من الحكومة الفلسطينية بدء من إصدار مرسوم رئاسي يؤكد تبعية كل الأجهزة الأمنية له بعد أيام فقط من فوز حركة حماس في انتخابات التشريعي، ولاحقا تعيينه أبو شباك إلى مدير عام للأمن الداخلي في الضفة والقطاع ، ولاحقا صدور مرسوم رئاسي يقضي بتبعيّة الإدارة العامة للمعابر والحدود، لرئيس السلطة مباشرة... تبعها قرار يلغي قرار وزير الداخلية الفلسطيني بتعيين الشهيد عطا أبو سمهدانة مراقباً عاماً في الوزارة . مراسيم الرئيس تعني ببساطة تفريغ وزارة الداخلية من معناها الأمني لكي تبقى فقط في الإطار المدني حيث إصدار جوازات السفر وتعيين لجان الإصلاح والتنسيق مع العشائر والمصادقة على تشكيل الجمعيات الخيرية والأحزاب السياسية .... ولا يقف الأمر على تفريغ الداخلية من معناها بل معنى ذلك شل أي قرارات للحكومة لان أي قرار سيصدر عن الحكومة لن يكون له أي واقع تنفيذي مادامت ليس هناك له قوة تحميه على الأرض ... ولذا شاهدنا في الضفة الغربية اعتداء وخطف لوزراء ونواب من حماس دون أي رادع امني بينما لم نجد ذلك في قطاع غزة التي فيها قوة تنفيذية ،بالمقابل عمدت إسرائيل ، وأعلنت نيتها تقويض جهود حماس بتشكيل قوة تنفيذية في الضفة الغربية واعتقلت كل من له علاقة رسمية بمكتب وزير الداخلية في قطاع غزة . باختصار شرعية القوة التنفيذية أتت لاعتبارات وطنية عليا ، وأيضا لحماية المشروع الفلسطيني والدفاع عن خياره الشعبي الحر في مواجهة تفريغ الحكومة من معناها التنفيذي من جهة وحمايتها من الانقلاب عليها من جهة مقابلة ... هذا لا يعني أن القوة التنفيذية بعيدة عن الأخطاء ، ولكن قياس النتائج بشكل كلي وفهم الإرهاصات يجعل شرعية القوة التنفيذية عالية جدا ويحتاجها كل فلسطيني يطلب الأمن والحرية والاستقلال ، لأنها شكلت بقرار فلسطيني حر ، ولذا لا تريدها إسرائيل التي ترى الأمن الفلسطيني فقط من منظور اتفاقه أو اختلافه مع الأمن الإسرائيلي ... ولذا فالتنفيذية أداة مهمة في إعادة بلورة مفهوم امني فلسطيني جديد ذا عقيدة قتالية مختلفة ، وهنا جوهر شرعيتها وأساس وجودها رغم محاولات توريطها في هوامش السجال الحزبي دون النظر لأهميتها الوطنية والاستراتيجة في المدى الأبعد .