باعتراف "المعهد الجيولوجي الامريكي" يختزن لبنان في مياهه البحرية الاقليمية ثروة نفطية ومخزوناً من الغاز الطبيعي من شأن استثمارها أن يسدّد ديونه التي تقدّر بخمسين مليار دولار. وإذا كان المجلس النيابي أقرّ في الصيف الماضي بسرعة قياسية اقتراح قانون التنقيب عن النفط إلا أنه رغم ذلك لم تصدر المراسيم التطبيقية للقانون برغم سرعة التحرك لاقرار الاقتراح في البرلمان بعد إعلان شركة "نوبل انرجي" الشريكة في التنقيب عن الغاز والنفط في حقل لفيتان الذي يقع شمال غرب حيفا في منطقة محاذية للحدود البحرية اللبنانية.
وسط ذلك، تصاعد الكلام عن التقصير الحكومي في المبادرة الى ترسيم الحدود البحرية والتخوف من إقدام تل أبيب على سرقة كميات الغاز الخاصة بلبنان، علماً أن لبنان كان طلب من اليونيفيل ترسيم الحدود، وقد إعتذرت عن عدم تلبية الدعوة لأن ولايتها لا تلحظ مثل هذه المهمة. وهذا ما دفع بأوساط وزارة الخارجية الى التركيز على وجوب تعديل مهمة قوة "اليونيفيل" بادخال بند يجيز لها الترسيم البحري بين حدود الدولتين وهذا لم يحصل حتى الساعة.
وبحسب المعلومات فإن الحقل الغازي المكتشف يقع مقابل الساحل الجنوبي للبنان وعلى مسافة تتراوح بين 45 و 70 كلم عن ساحل صور- الناقورة، وهو يتمدّد ايضا جنوبا ليواجه ساحل فلسطينالمحتلة من الناقورة حتى شمالي حيفا، الامر الذي يعني واقعاً ان الحقل في جزء منه يقع ضمن المياه البحرية و المجال الحيوي الاقتصادي اللبناني و في الجزء الاخر هو فلسطيني.
ما يطرح مسألة ايجاد الخط الفاصل بين القسمين او بعبارة اخرى رسم الحدود البحرية بين لبنان وفلسطينالمحتلة. وفي قواعد القانون الدولي العام كرست صلاحية رسم الحدود بين الدول للدول ذاتها، و لها ان توافقت ان تستعين بطرف ثالث تفوّضه بالمهمة، وان تنازعت تلجأ الى حكم او محكمة دولية تفض النزاع، وان تطور الموقف بما يهدد الامن والسلام الدوليين لها ان تلجأ الى مجلس الامن لاعادة الهدوء بوسائله. وبالنسبة الى الحدود اللبنانية يشرح العميد المتقاعد أمين حطيط واقعها كما يلي:
1 - الحدود البرية: تمّ ترسيمها في العام 1923 و تمّت' المصادقة عليها في العام 1932 لدى عصبة الامم و باتت حدوداً دولية معترفاً بها لا يعاد النظر بها الا باتفاق الطرفين، وعندما احتلت فلسطين وبعد حرب 1948 اكدت اتفاقية الهدنة بين لبنان واسرائيل على هذه الحدود واعتبر خط الهدنة مطابقاً لها. اما الخط الازرق الذي اعتمد في العام 2000، فليس له علاقة بمفهوم الحدود ولا يؤثر عليها ولا يمس بها وسقطت صلاحيته في آب (اغسطس) 2000 بعد الانتهاء من التحقق من الانسحاب.
2 - في الفترة ما بين 1949 و1965 ، كانت لجنة الهدنة و باشراف مراقبي الهدنة تتعهد المعالم الحدودية البرية وبشكل متواصل وتتثبت من وجودها في النقاط المحددة احداثياتها في اتفاقية 1923.
3- لم يتصدّ احد من لبنان او سواه لمسألة الحدود البحرية لان وضعها في الاصل سهل لا يثير خلاف، فهي معروفة ومحددة بحسب القانون الدولي العام في جزئيها، المياه الاقليمية وهي على بعد 20 كلم من الساحل، والمياه البحرية المشكلة للعمق البحري الحيوي للدولة، وتبعد في البحر الى ما يتعدى ال 120 كلم. اما ترسيم الخط الفاصل بين مجالي دولتين، فان امره يقع تحت نفس القواعد التي ترعى الحدود البرية، وهنا في الحالة اللبنانية، وبما ان لبنان واسرائيل في حالة حرب ولا يمكنهما الاتفاق ويحتاجان الى طرف ثالث فاننا نرى الحل كما يلي:
أ ان يبادر لبنان الى رسم حدوده بمفرده و يتقيّد بقواعد القانون الدولي السالفة الذكر، ويستعين بمراقبي الهدنة فقط للمواكبة، ويضع الخرائط و يودعها الاممالمتحدة الحاقاً للخرائط البرية.
وليس لقوات اليونيفل صلاحية في الشأن هذا فهي ليست وريثة لمراقبي الهدنة كما ان انتدابها يقع تحت العنوانين العسكري الامني ولا يتصل بمسألة رسم الحدود لان النزاع اللبناني الاسرائيلي لم يكن نزاعاً حدودياً بل كانت اعتداء من اسرائيل على ارض تعترف هي بلبنانيتها
ب اذا اعترضت اسرائيل لبنان بالوسائل القانونية السلمية، يكون للبنان ان يراجع الجهات القضائية الدولية بما في ذلك محمكة العدل الدولية، ان اعترضته بالقوة العسكرية هنا يمكن للبنان ان يرفع شكوى لمجلس الامن ويطلب قراراً منه لبت النزاع وتنظيم الامر.
في هذه الاثناء، أوضح مدير الشئون السياسية والمدنية في اليونيفيل ميلوش شتروغر 'أن وضع الطفافات في منطقة رأس الناقورة عام 2000 كان من الجانب الإسرائيلي، والحكومة اللبنانية لم تعترف بهذا الخط، مشيرا في الوقت نفسه إلى أنه 'ليس لدى اليونيفيل أي تفويض لمراقبة هذا الخط، إذ لم يتم وضع الحدود البحرية في منطقة رأس الناقورة من قبل، كما ليس لليونيفيل أي تفويض لترسيم الحدود البحرية'.
وأكد شتروجر في تصريح أن "ولاية اليونيفيل البحرية تقتصر على مساعدة البحرية اللبنانية بناء على طلب من الحكومة اللبنانية في منع الدخول غير المصرّح به للأسلحة أو المواد ذات الصلة عن طريق البحر إلى لبنان'، مشيرا إلى أن 'تركيز اليونيفيل وفقاً لولايتها، ينصبّ على منع قيام أنشطة عدائية من أي نوع كانت".
وإذ شدد على أن "اليونيفيل قلقة من عدد الحوادث الأمنية على طول خط الطفافات منذ العام 2006، حيث ان مثل هذه الحوادث يمكن أن تسبّب زيادة التوتر بين الأطراف"، لفت إلى أن "اليونيفيل كانت قد أثارت هذه المسألة في الاجتماعات الثلاثية".
وكانت الحكومة اللبنانية أعلنت عزمها على ارسال خرائط الحدود البحرية اللبنانية والمتضمنة "المنطقة الاقتصادية البحرية للبنان" الى الاممالمتحدة. وأفيد ان عمق المنطقة البحرية الاقتصادية يبلغ في بعض الحالات نحو 52 ميلاً بحرياً أي حوالى 80 كيلومتراً.'وهي تمتد على طول الشاطئ اللبناني من الناقورة في الجنوب الى حدود لبنان الشمالية، وتم ابلاغ قبرص اليونانية بها ووافقت عليها، لكن برزت اشكالات في الشطر التركي من قبرص، حيث لم يتم بعد التفاهم على الحدود البحرية الاقتصادية بينها وبين لبنان.
وتردد أن لبنان جمّد اتفاق الترسيم مع قبرص اليونانية بسبب العلاقة الجيدة التي تربط مسئوليه حالياً برئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان. اما على الخط اللبناني السوري فهناك اتفاق بين البلدين تمّ خلال زيارة رئيس الجمهورية ميشال سليمان الاخيرة الى دمشق، على ترسيم الحدود البحرية بين البلدين.