فى الوقت الذى نفى فيه المتحدث باسم مجلس الوزراء، أية زيادات فى أسعار المواد الغذائية وبالذات الخضراوات، زاعما أن كل الصرخات والشكاوى التى تصدر عن المواطنين هى "محض شائعات". أكد البنك المركزى، فى بيان أصدره أمس السبت، إن الارتفاعات الحادة التى شهدتها أسعار اللحوم والدواجن محلياً منذ أوائل العام الجارى، وبلغت 25% و40% على التوالى، تخطت الزيادات المتواضعة التى شهدتها الأسعارالعالمية لهاتين السلعتين، وهو ما يعتبر أول اعتراف حكومى رسمى. وقرر البنك المركزى السماح للبنوك، العاملة فى السوق المحلية، باستثناء عمليات استيراد اللحوم والدواجن بجميع أنواعها، من الحد الأدنى لنسبة الغطاء النقدى البالغ حاليا 50%، وترك الحرية للبنوك فى تحديد نسبة الغطاء، ودون حد أدنى، لمدة 6 أشهر اعتبارا من بداية أكتوبر الجارى، بهدف احتواء هذه الأزمة. وأكد البنك حرصه على التصدى لصدمات العرض الحالية التى لحقت باللحوم والدواجن، واحتواء الآثار الثانوية المحتملة التى قد تؤدى إلى زيادة الضغوط التضخمية.
كان البنك أصدر تعليمات فى يونيو الماضى، بشأن تخفيض الحد الأدنى للغطاء النقدى المقدم من التجار، ليصبح 50% بدلاً من 100%، وأكد البنك ضرورة مراعاة ضوابط منح الائتمان الصادرة عنه، ونتائج الدراسات الائتمانية التى يجريها كل بنك لعملائه فى هذا الشأن، موضحا أن القرار الأخير يأتى استكمالا للتعليمات السابقة.
من جانبه رحب حمدى النجار، رئيس شعبة المستوردين، وأحد مستوردى اللحوم، بقرار البنك المركزى، متوقعاً أن يسهم فى تهدئة أسعار اللحوم التى سيتم استيرادها فى الفترة المقبلة، مؤكداً أن هناك زيادات عالمية فى أسعار اللحوم، وتتأثر بها السوق المصرية، بحكم أنها دولة مستوردة للحوم الحمراء.
وأضاف النجار أن البنك استجاب لمطالب المستوردين بخفض الغطاء النقدى لعمليات الاستيراد على مرحلتين، الأولى بخفضه من 100% إلى 50%، والثانية باستثنائها من نسبة الحد الأدنى للغطاء، غير أنه قال إن تراجع أسعار اللحوم فى مصر مرتبط بقضية جوهرية يعانى منها المستوردون، وهى الشروط التعجيزية التى تفرضها الحكومة على استيراد اللحوم الحمراء، مما يحصر منابع الاستيراد فى 4 دول فقط، هى إثيوبيا، والبرازيل، والهند، وأورجواى، لافتاً إلى أنه إذا أرادت الحكومة خفض الأسعار فلابد من تغيير المواصفات القياسية، وإلغاء الشروط التعجيزية المفروضة، بحيث يستطيع المستورد الاستيراد من مصادر أخرى، مثل أيرلندا، وعدد من دول أوروبا، باعتبارها أكبر شريك لمصر، كما أن اللجوء إليها يخفض تكلفة الاستيراد، بعكس المنابع الأخرى.
وتابع النجار أن الشحنات القادمة من أيرلندا، وأوروبا تصل خلال 11 يوماً فقط، فيما يستغرق وصولها من البرازيل مدة تزيد على 30 يوماً.
ارتفاع منتظر لأسعار الدواجن وقال عبدالعزيز السيد، رئيس شعبة الثروة الداجنة فى اتحاد الغرف التجارية، إن قرار البنك المركزى يستفيد منه مستوردو الدواجن المجمدة بغرض سد الفجوة بين الإنتاج المحلى والاستهلاك، موضحاً أن حجم الإنتاج يصل إلى 1.6 مليون دجاجة، بينما يصل حجم الاستهلاك إلى نحو 2.2 مليون دجاجة يوميا، متوقعاً أن تشهد أسعار الدواجن زيادة فى الأيام المقبلة، بسبب ارتفاع أسعار الأعلاف، بحيث ترتفع من 10.25 إلى 13 جنيهاً للكيلو فى المزرعة، وبالتالى ترتفع للمستهلك من 16 و17 جنيهاً، إلى نحو 19 و20 جنيهاً للكيلو، مشيراً إلى أن أسعار الداوجن المستوردة تتراوح بين 16 و17 جنيهاً للكيلو.
وحذر السيد من غياب الرقابة الداخلية على الأسواق، والتى تساعد التجار على رفع الأسعار بنسبة كبيرة، مطالباً بالحفاظ على هامش بسيط بين سعر البيع فى المزارع، والبيع للمستهلك.
وأوضح السيد أن أسعار الأعلاف ارتفعت فى الفترة الماضية، من 2300 جنيه للطن فى أغسطس الماضى، إلى 2750 جنيهاً حالياً، كما ارتفعت أسعار الذرة إلى 1960 جنيهاً للطن، وفول الصويا إلى 2800 جنيه للطن.
اِشتعال أسعار السلع الغذائية وشهدت الأسواق مؤخراً موجة جديدة من الارتفاعات المفاجئة لأسعار الطماطم ومعجونها المصنع، الصلصة، والعدس والفول والزيتون والسكر. وقد واصلت أسعار الطماطم فصولها الساخنة بين الارتفاع والانخفاض، وسجلت اليومين السابقين، ارتفاعاً قياسياً فى أسواق الجملة والتجزئة، البيع للمستهلك، فيما تسبب ارتفاعها القياسى فى توتر أسعار باقى أصناف الخضر.
يأتى ذلك فى الوقت الذى انتقد فيه خبراء ومستثمرون السياسات الزراعية الحالية، مؤكدين أن الزيادة فى المساحات الزراعية الجديدة، لا توازى الزيادة فى النمو السكانى، الذى وصل 1.5٪ فيما اعترفت وزارة الزراعة، بفقدان نحو 700 ألف فدان من الأراضى الزراعية القديمة بالوادى والدلتا، بسبب أعمال البناء المشروعة وغير المشروعة.
وقال سيد إسماعيل، تاجر جملة بسوق العبور "لابد أن تتحرك الحكومة لتسعير الطماطم خاصة أن الارتفاعات أصبحت فلكية فى أسعارها وأن أسعار الجملة للطماطم، سجلت زيادات مفاجئة اليومين السابقين، حيث ارتفع سعر القفص (20 كيلو جرام) من 100 إلى 150 جنيهاً، بما يعنى أن سعر الكيلو داخل سوق الجملة، يبلغ 7.5 جنيه، لافتاً إلى أن أسعارها للمستهلك مرشحة للصعود إلى 15 جنيهاً للكيلو اليومين المقبلين". داعياً الحكومة للسماح باستيراد الطماطم.
وأشار إلى أن أسعار معظم أصناف الخضر الأخرى، تأثرت بالسلب أو الإيجاب بسبب أسعار الطماطم، حيث انهارت أسعار الفاصوليا الخضراء إلى ما بين 100 و200 قرش للكيلو فى أسواق التجزئة، رغم أن الموسم الحالى ليس موسم إنتاجها ويفترض الآن أن تكون أسعارها مرتفعة كما انهارت أسعار الخضروات التى تعتمد بشكل أساسى على الطماطم فى عملية الطهى، فيما تراوحت أسعار البطاطس بين 400 و500 قرش للمستهلك.
وأشار إسماعيل إلى أن أسعار البيع المباشر للمستهلك، لا تعبر عن الأسعار الطبيعية لها فى أسواق الجملة، وأن الارتفاعات مبالغ فيها فى أسعار التجزئة.
وقال "إن أسعار الفاصوليا الخضراء فى الجملة تتراوح بين 50 و80 قرشاً وتزيد للمستهلك بنسب بين 50 و100٪، الأمر الذى ينطبق على أسعار البامية والباذنجان والفلفل والكوسة والخيار".
والإسكندرية تعانى وفى الإسكندرية تراوحت أسعار الطماطم بين 7 و10 جنيهات للكيلو، مما دفع المستهلكين لتقليص مشترياتهم منها، بنسب كبيرة لدرجة أن البعض لجأ لشراء الربع كيلو.
وقال خالد فتح الله، نائب رئيس غرفة تجارة الإسكندرية "إن الارتفاعات الجديدة شملت الفول والعدس وصلصلة الطماطم والسكر والزيتون"، وحول الارتفاعات قال "إن أسعار العدس ارتفعت من 6 إلى 8 جنيهات، كما ارتفعت أسعار الفول من 480 إلى 580 قرشاً للكيلو، فى الجملة، فيما تشير التوقعات لارتفاع أسعار الزيتون، من الإنتاج المحلى بنسبة 50٪ بسبب انخفاض متوقع لإنتاجه يوازى 75٪ من إجمالى الإنتاج، مرجعاً تلك الارتفاعات إلى التقلبات الجوية، التى انعكست على الإنتاج الزراعى فى عدد كبير من بلدان العالم، بينها مصر. وأشار إلى أن منتجى الصلصة رفعوا أسعارها بنسب بين 25 إلى 30٪، حيث ارتفع سعر العبوة 380 جراماً من الإنتاج المحلى من 200 إلى 275 قرشاً، فيما تباع العبوة المستوردة من نفس الوزن بسعر 300 قرش، رغم تحملها لتعريفة جمركية، تصل إلى 35٪، فيما تجاوزت أسعار السكر 525 قرشاً للمستهلك من الأصناف الفاخرة بعد أن رفعت إحدى الشركات الكبرى المنتجة أسعار البيع بالجملة إلى 495 قرشاً للكيلو وأخطرت تجار التجزئة بزيادة جديدة مرتقبة".
وأشار إلى أن تصدير صلصة الطماطم يتزايد بانتظام للسوق الأفريقية لدرجة أن الشركات المنتجة بدأت تخصيص خطوط إنتاج بعبوات خاصة للتصدير.
وقال أحمد صقر، عضو غرفة الصناعات الغذائية، إن السياسة الزراعية لا تتسم بالمرونة، خاصة فيما يتعلق بالمتغيرات والظروف المحيطة محلياً وعالمياً، منذ سنوات قليلة، لافتاً إلى أن أبرز القطاعات التى تتأثر سلباً بغياب تلك المرونة، هى الأعلاف والألبان والقمح والخضر والفاكهة.
وزير الزراعة يعترف كان أمين أباظة، وزير الزراعة، اعترف فى لقاء شعبى بالإسكندرية قبل نحو 10 أيام بفقدان نحو 680 ألف فدان زراعى من أراضى الوادى والدلتا فى أعمال البناء المشروعة وغير المشروعة، خلال السنوات القليلة السابقة.
من جانبه، قال طارق توفيق، الرئيس السابق لغرفة الصناعات الغذائية "إنه ليس من الذكاء استهلاك الطماطم بالطريقة المتعارف عليها فى الفترات الفاصلة بين مواسم زراعتها ويجب توعية المستهلك بذلك"، لافتاً إلى توافر البديل الأرخص وهو صلصة الطماطم التى يقل سعرها حالياً لدى محال البقالة والسوبر ماركت عن سعر الطماطم الطازجة.
طماطم إيه وقطن إيه! من ناحية أخرى، أبدى الدكتور مجدي راضي، المتحدث باسم مجلس الوزراء، سخريته من تساؤلات الصحفيين حول ارتفاع أسعار طماطم والخضار وتدهور محصول القطن ومشاكل توريده، قائلاً إن ارتفاع أسعار الخضروات التي باتت تشكل عبئًا على كاهل المواطن المصري وتراجع محصول القطن المصري لا يمثل أهمية كبرى في مصر، مقارنة بقضايا أخرى تحتل الأولوية والصدارة.
وأضاف في رده على تساؤلات الصحفيين "طماطم إيه اللي بتسألوا عليها، وباذنجان إيه ما علاقة رئيس الوزراء بالطماطم والباذنجان، ثم أين هو ارتفاع الأسعار وفي أي مكان تباع الطماطم ب 7 أو 8 جنيه.. بلاش شائعات أمامنا أهداف أهم من الطماطم والكوسة"!!.
جاء ذلك في تصريحات إلى الصحفيين على هامش زيارة الدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء إلى بني سويف يوم الخميس الماضي حيث افتتح أحد المصانع الجديدة للمواسير بمنطقة بياض العرب، ومنطقة كوم أبو راضي الصناعية وبعض المدارس والبوابة الإلكترونية للمحافظة.
وفي رده على مندوب وكالة أنباء الشرق الأوسط عن سوء أحوال محصول القطن والمشاكل التي تواجه المزارعين هذه الأيام، قال راضي له "أنت لسه فاكر القطن وناقص تطلب مني أن أكلمك عن القطن طويل التيلة يا أخونا نتحدث عن الاستثمار عن التنمية عن هذه الإنجازات العظيمة مش الطماطم وطويل التيلة".
من جانبه، رفض رئيس الوزراء الإجابة على أسئلة الصحفيين، ولم يتحدث سوى التلفزيون المصري، مؤكدا أنه لا زيادة في أسعار الكهرباء والموارد الغذائية. رافق نظيف خلال الزيارة وزراء التربية والتعليم والإسكان والتنمية المحلية والإدارية والاتصالات والدكتور سمير سيف محافظ بني سويف.