قال مصدر أمني فرنسي، أن هناك تحضيرات تجري حاليا لتمثيل عملية تفجير موكب رئيس وزراء لبنان الاسبق ، رفيق الحريري، والذي وقع في الرابع عشر من فبراير عام 2005 ، في أحد حقول الرماية التابعة للجيش الفرنسي في منطقة بيسكاروس، القريبة من بوردو في غرب فرنسا. ونقلت صحيفة "فيجارو" الفرنسية عن المصدر، ان عملية التمثيل يغلب عليها الطابع العلمي التقني، لاختبار المعطيات المتوفرة حتى الآن عن الألف والثلاثمئة كيلوجرام من المواد المتفجرة التي حملتها شاحنة ال "ميتسوبيشي"، عندما اقتحمت موكب رئيس الوزراء اللبناني الراحل قرب فندق سان جورج.
العملية التي تجري الخريف المقبل قرب بوردو، هي عملية التمثيل الأولى على الأرض للهجوم على موكب الرئيس الحريري.
وكانت لجنة التحقيق الدولية قد أجرت عملية مشابهة مطلع العام الحالي على مسرح الجريمة قرب فندق سان جورج لكنها استخدمت فيها التقنيات الثلاثية الأبعاد، لإعادة بناء مسرح الجريمة ما بعد الانفجار.
وحسبما ذكرت صحيفة "السفير" اللبنانية، فان هذه التقنيات لا تسمح، على تقدمها، بمقاربة النتائج التي توصل التحقيق إليها، مع تلك التي يمكن الحصول عليها خلال تجربة واقعية لكل عناصر مسرح الجريمة: من موقع السيارات في الموكب إلى "كمين الميتسوبيشي"، إلى كمية المتفجرات ونوعيتها وعمق الحفرة وقطرها ومقارنتها بالصور المتوفرة على مسرح الجريمة نفسه، وأثر الموجات التفجيرية وقوتها كما سجلتها أجهزة رصد الزلازل اللبنانية، آنذاك.
ومن المفترض أن تسمح إعادة بناء مسرح الجريمة، واستعادة عملية التفجير، بالحصول على خيوط جديدة في التحقيق، لم يكن من الممكن الحصول عليها في الرابع عشر من شباط نفسه بسبب تخريب مسرح الجريمة.
وسترافق إجراءات أمنية مشددة عملية إعادة بناء مسرح الجريمة، وتمثيل عملية تفجير الموكب، التي سيحضرها خبراء المتفجرات والمحققون في مكتب المدعي العام دانيال بيلمار من دون أن يعرف ما إذا كان بيلمار سيشهد بنفسه العملية أم لا.
وتشكل هذه العملية، بالرغم من التعقيدات التقنية الكبيرة التي تتخللها، مؤشرا آخر على قرب وصول التحقيقات إلى خلاصات تقنية يجري التأكد منها في قاعدة الجيش الفرنسي قرب بوردو.
حزب الله والقرار الظني في سياق متصل، زعمت صحيفة "هاآرتس" الصهيونية أنّ الدعم الذي يحصل عليه حزب الله في الداخل اللبناني "سيتوقف عند صدور القرار الظني بجريمة اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري"، معربة عن اعتقادها "أنّ هذا القرار سيضع نهاية لتحالف الحزب مع نجل الحريري، رئيس الحكومة الحالي سعد الحريري، كما سيجعل من الصعب على الحزب الحفاظ على علاقته المتينة بحليفه المسيحي العماد ميشال عون، الأمر الذي سيهدّد بدخول لبنان في أزمة سياسية خطيرة".
وتوقفت الصحيفة عند الخطاب الأخير للأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، واصفة إياه ب "اللاذع"، ملاحظة أن نصرالله هاجم فيه المحكمة الدولية وربط "بين نتائج التحقيق الدولي المرتقبة وبين قضية شبكات العملاء التي تحوّلت حديث البلد في لبنان، في ضوء توقيف موظفين في شركة ألفا للاتصالات".
ولفتت إلى الخلاصة التي توصل إليها نصرالله "ومفادها أنّ المدّعي الدولي القاضي دانيال بلمار سيصل لنتائج مصطنعة ومختلقة".
وسألت "عما يثير غضب نصرالله وهل هناك في الواقع أي رابط بين التطورين المذكورين"، مشيرة الى "أنّ نتائج التحقيق الدولي، المتوقع أن تشمل أسماء المتورطين في اغتيال الحريري ستصدر في سبتمبر المقبل أو قبل نهاية العام على أبعد تقدير.
وحسبما ذكرت صحيفة "الراي" الكويتية، خلصت "هآرتس" إلى أنّ لدى نصرالله سببا وجيهاً للقلق من النتائج الظاهرة للتحقيق الدولي والقرار الظني المنتظر، زاعمة انّ من شأن هذه النتائج أن تعلن نهاية التحالف بين الحريري وحزب الله كما من شأنها أيضاً أن تجعل من الصعب على حزب الله الحفاظ على علاقته المتينة بالعماد عون، الأمر الذي يهدّد لبنان بأزمة سياسية خطيرة.
حزب الله ومصداقية المحكمة في المقابل، شدد نائب كتلة حزب الله، وليد سكرية، في اتصال مع صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية الصادرة في لندن، على أن "مصداقية المحكمة مشكوك فيها بالتأكيد إذا كانت ستبقى على هذا القدر من التسييس وترفض محاكمة شهود الزور ومن كان وراءهم، وكشف ما هي المؤامرة التي تحاك ومن أراد استخدام المحكمة، لا سيما إذا كانت تستند إلى معطيات واتصالات هاتفية تفتقد الصدقية بعد كشف عملاء (ألفا) وتلاعبهم بداتا المعلومات وتركيب اتصالات غير واقعية، وإمكانية نسبها إلى هذه الجهة أو تلك".
وأكد أن "حزب الله واثق من براءته وهو يرد على ما أورده رئيس أركان الدولة الإسرائيلية المعادية جابي أشكينازي، بهدف التحذير من أنه إذا تم تبني كلامه فسيكون للحزب موقفه". وسأل: |"من قال إن المخابرات الإسرائيلية لا تقف وراء اغتيال الحريري؟ وما علاقة أشكينازي بالمحكمة؟"، معتبرا أن كلامه "يثير تساؤلات حول مدى تسييس المحكمة".
واعتبر سكرية أن المحكمة الدولية مسيسة منذ بدايتها مع القاضي ديتليف ميليس واستخدام شهود الزور وتوجيه الاتهام إلى سورية دون ترك أي مجال لاحتمال آخر أو جهة أخرى غير سورية، موضحا أن توجيه الاتهام المباشر إلى سورية بعد كل جريمة اغتيال إنما كان الهدف منه الضغط على سورية".
وأضاف "أرادت الولاياتالمتحدة من القرار 1959 أن تجعل المحكمة سيفا مسلطا على سورية بعد أن رفضت التعاون معها في العراق وفلسطين، واليوم بعد تبدل السياسة الأميركية وفتح سفارة أمريكية في سورية وبدء الحوار بات المطلوب التفتيش عن جهة أخرى لاتهامها، ومن يعادي الولاياتالمتحدة غير المقاومة في لبنان؟".
واستدعى ربط حزب الله بين القرار المرتقب صدوره عن المحكمة الدولية وتوقيف عملاء «ألفا» استغراب القيادي في تيار المستقبل مصطفى علوش الذي رأى، في اتصال مع «الشرق الأوسط» أن «هذا الافتراض يفترض بمطلقه أن يكون عالما بخبايا المحكمة ومضمون القرار الذي سيصدر عنها، وهذا ليس صحيحا». وقال: «قد يكون الهدف من الربط بين الأمرين استطلاع كيفية الهجوم على المحكمة»، لافتا إلى أنه «في حال ثبت التلاعب بالداتا من قبل العملاء في شركة (ألفا) فيجب التأكد من ذلك من خلال الخبراء، ومن ثم تتسلم المحكمة الدولية التدقيق في الموضوع».
وكان توقيف اثنين من الموظفين العاملين في شركة "ألفا" للهاتف المحمول، وموظف سابق في نفس الشكرة، قد فتح الباب على مصراعيه أمام حملة تشكيك واسعة في مصداقية المحكمة الدولية، بلغت ذروتها مع الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، الذي أعلن منذ أيام التشكيك في أي قرار يصدر عن المحكمة الدولية، مستندا إلى معطيات مستقاة من شركة الاتصالات.
من ناحية اخرى، اعتبر النائب في كتلة الحريري عقاب صقر، في اتصال مع "الشرق الأوسط"، أن "كلام الأبواق المحيطة بحزب الله وأكلة الثوم معروفة أدبياته"، وطالب حزب الله "بإسكات هذه الأبواق التي تسيء إليه وتهدد اللبنانيين باسمه"، مؤكدا "تقدير خطاب السيد نصر الله ووجوب الرد عليه بإيجابية، عوض تحويله إلى خطاب توتر وتشنج".
وأعرب عن اعتقاده بأن "مواقف نصر الله مهمة وتشير إلى مرحلة خطيرة ومسائل خطيرة، وينبغي التعامل معها بالقدر ذاته من الأهمية". وعما يحكى عن تلاعب بداتا الاتصالات، التي استندت إليها المحكمة الدولية في عملها، أجاب صقر: "إذا ثبت فعلا أنهم تلاعبوا بالداتا نكون عندها عرفنا من تلاعب بها ومن قام بالتغطية ومن الجهات التي تقف وراء كل ما جرى، وبالتالي ينبغي على حزب الله ان يكون الجهة الأكثر هدوءا وأن يحتكم للتحقيق لا أن يستبق عمل المحكمة بالحملات".