قالت مصادر قضائية بمجلس الدولة إنه لكي يتم إبطال عقد بيع أراضي مشروع مدينتي الذي وقعه وزير الإسكان السابق محمد غبراهيم سليمان لصالح رجل الأعمل هشام طلعت مصطفى فإن هناك ثلاثة سيناريوهات لإبطالها. ويتمثل السيناريو الأول بإدخال تعديلات مادية وإدارية على العقد، بزيادة حصة الحكومة المادية من المشروع عبر التزامات مالية أكبر على شركة طلعت مصطفى، تتمثل فى دفع نسبة من مقابل مد المرافق للمدينة، والتى سبق أن حصلت عليها الشركة مجانا بموجب العقد الباطل، وكذلك تحميلها نيابة عن السكان دفع مبالغ مالية إضافية لخزانة الدولة كنسبة من أسعار الوحدات السكنية المبيعة منذ بدء المشروع.
إلا أن المصادر أشارت إلى أن تأثير هذا البطلان لا يمتد لنزع حقوق السكان حسنى النية، الذين تعاقدت معهم الشركة دون أن يعلموا بوجود مخالفات إدارية فى العقد.
ولفتت إلى أنه قد يشمل إدخال هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة طرفا أصيلا فى إدارة المدينة لفترة معينة.
أما السيناريو الثانى فعن طريق تمرير الحكومة لتعديل تشريعى على قانون المناقصات والمزايدات رقم 89 لسنة 1998 تنص فيه صراحة على إلغاء قوانين الهيئات الخاصة وعلى رأسها هيئة المجتمعات العمرانية، بحيث لا تترك للمصادفة أو التفسيرات القانونية المتعارضة فرصة تمرير عقد بحجم «مدينتى» يحكم القضاء ببطلانه بعد استقرار مراكزه القانونية.
وعن السيناريو الثالث لإبطال عقد بيع أراضي مشروع مدينتي فيقول المستشار عصام عبدالعزيز، نائب رئيس مجلس الدولة والمستشار القانونى لوزير الإسكان إن ذلك يمكن أن يتم عدم امتداد الحكم لإلغاء التعاقد أو بطلان المراكز القانونية المترتبة عليه، بل يقتصر فقط على المساءلة الإدارية للمسئولين الذين أبرموا العقد بناء على قانون المجتمعات وتجاهلوا تماما قانون المزايدات.
وأضاف عبدالعزيز أن مسألة تطبيق قانون المزايدات على عملية بيع أراضى الدولة بدلا من قانون المجتمعات "هى مسألة خلافية"؛ لأن جميع الهيئات ذات الطبيعة الخاصة مثل «التنمية السياحية» و"التنمية الزراعية" و"الإصلاح الزراعى" ما زالت تطبق قوانينها الخاصة ولا تسرى عليها أحكام قانون المزايدات، بناء على أحكام النقض بأن القوانين الخاصة تقيد القانون العام.
وكانت دائرة العقود بمحكمة القضاء الإداري قد أصدرت حكما ببطلان عقد البيع الابتدائي وملحقه ببيع هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة إلى الشركة العربية للمشروعات والتطوير العمراني 8 ألاف فدان لإقامة مشروع مدينتي بمدينة القاهرةالجديدة .
وقالت المحكمة في حيثيات حكمها إن تطبيق قانون المجتمعات العمرانية على عقد "مدينتي" لا يمنع من تطبيق قانون المناقصات باعتباره القانون العام الذي يحكم كافة مسائل بيع أراضي الدولة والذي يطبق علي كافة الجهات والهيئات الإدارية في مصر.
وأكدت المحكمة أن هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة لم تتبع القواعد والأسس والإجراءات المنصوص عليها في قانون تنظيم المناقصات والمزايدات رقم 89 لسنة 1998 وباعت الأرض بالأمر المباشر وشددت المحكمة علي أن تصرف هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة مشوب بالبطلان في إبرامها عقد البيع الابتدائي مع الشركة العربية للمشروعات والتطوير العمراني إحدى شركات مجموعة طلعت مصطفى.
ورفضت المحكمة كافة دفوع دفاع مجموعة طلعت مصطفي مؤكدة على اختصاصها بالفصل في الدعوى وعلى توافر الصفة والمصلحة للمهندس حمدى الفخرانى ( المدعي ) بوصفه مواطن تضرر شأنه باقي أفراد المجتمع من تخصيص 8 ألاف فدان لشركة هشام طلعت مصطفي بالأمر المباشر ودون إتباع الإجراءات القانونية التي من شأنها أن تضمن عدم خسارة الدولة مبالغ قد تصل إلى 147 مليار جنيها عوائد إنشاء المدينة، في ظل التسهيلات غير المسبوقة التي قدمتها وزارة الإسكان للشركة من مد المرافق إلى إعفاء الخامات والأدوات المستخدمة في أعمال المقاولة والبناء من الجمارك، بالمساواة مع الخامات المستخدمة في إنشاء المشروعات الحكومية المخصصة للنفع العام.
وطالبت المحكمة الحكومة بضرورة إجراء التصرفات المخولة لها وفقا لأحكام القوانين المعمول بها في هذا الشأن لحماية النظام القانوني في الدولة باعتبار أن الدولة القانونية هي التي تخضع أنشطتها أيا كانت سلطاتها لقواعد قانونية تعلو عليها وتكون بذاتها ضابطا لأعمالها وتصرفاتها في أشكالها المختلفة مؤكدة على أن ممارسة السلطة لم تعد امتيازا لأحد والدولة القانونية هي التي توفر لكل مواطن في كنفها الضمانة الأولية لحقوقه وحرياته لنظم السلطة في إطار من المشروعية.