أثار تزامن زيارة رئيس الوزراء البريطاني السابق وأحد المقربين من حكام الإمارات إلى القاهرة، مع زيارة القيادي الأمني الفلسطيني المقيم بالإمارات محمد دحلان، العديد من علامات الاستفهام حول أهداف الزيارة ومخزى التوقيت، وهل لها علاقة باتصالات التهدئة الجارية للوصول لتهدئة طويلة بين الفصائل الفلسطينية في غزة وبين الكيان الصهيوني؟. وكشفت مصادر سياسية مصرية أن زيارة بلير ودحلان تهدف لقطع الطريق على جهود إقليمية ظهرت مؤخرا لإيجاد قناة تفاوض على هدنة طويلة بين الفصائل في غزة، والكيان الصهيوني، مشيرة إلى أن اجتماعا سيضم بلير ودحلان بمسؤولي الملف الفلسطيني في جهاز المخابرات العامة، يعقد مساء اليوم الإثنين، في محاولة لتأدية دور يستغله دحلان في تسويق نفسه أمام الشعب الفلسطيني، في إطار مطامحه للوصول لكرسي رئاسة السلطة الفلسطينية. اللافت أن هذه الزيارة تأتي بعد أيام من كشف صحيفة ال"تلجراف" البريطانية أن توني بلير يقود وساطة بين حركة "حماس" وإسرائيل من أجل التوصل إلى اتفاق سلام، وبأنه التقى رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل لبحث هدنة مع إسرائيل. وبحسب الصحيفة، فإن بلير كان يحظر عليه في السابق عقد اجتماعات مع المسؤولين بحركة "حماس"، وذلك خلال ترؤسه للجنة الرباعية الدولية ضمن جهود الوساطة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، غير أنها لفتت إلى أنه بعد استقالة بلير من المنصب في شهر مايو الماضي، قام بعقد اجتماعين مع مشعل بالعاصمة القطرية الدوحة. وتطرقت إلى أن المحادثات انصبت حول سبل التوصل لاتفاق سلام مع إسرائيل لمدة عشرة أعوام، مقابل رفع الحصار عن قطاع غزة، الذي يفرضه الاحتلال الإسرائيلي منذ 2007. ويرى مراقبون وجود مصلحة مشتركة بين "دحلان" ونظام السيسي لإفشال التوصل لتهدئة طويلة في غزة تساهم في رفع الحصار عن القطاع، مشيرين إلى أن نظام السيسي يري في التهدئة نجاحا لحركة "حماس"، وفشلا لمحاولات عزلها عن العالم من خلال هدم الأنفاق وإقامة منطقة عازلة على الحدود مع القطاع. ولم تكن هذه هي الزيارة الأولى ل"دحلان" إلى القاهرة خلال هذا العام، حيث سبقها زيارة في مايو الماضي، التقى خلالها مدير الاستخبارات المصرية خالد فوزي وعددا من المسؤولين المصريين الاستخباراتيين والأمنيين، بالإضافة إلى عدد من رؤساء ومديري القنوات الفضائية المقربة سياسيا، من دولة الإمارات، والتي تفيد تسريبات صوتية ومصادر مطلعة بأنها كانت تتلقى تمويلا بوساطة من دحلان بعد الانقلاب على الرئيس مرسي. وتركزت مباحثات الطرفين– وفقا لمصادر مطلعة– على موضوعين أساسيين، هما التطور الإيجابي للعلاقات بين حركة حماس وبعض القوى الإقليمية، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية في عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز، والموضوع الثاني هو مواكبة الخطاب الإعلامي المصري للتغييرات السياسية الطارئة على العالم العربي. ويعد "دحلان" من أبرز روافد المعلومات عن الملف الفلسطيني بالنسبة للاستخبارات المصرية، كما أنه همزة الوصل بين القاهرة ونظام الحكم في الإمارات في العديد من الملفات الأمنية والاقتصادية، ويرتبط محمد دحلان بشبكة من العلاقات مع عدد من الإعلاميين المصريين في صحف وقنوات فضائية خاصة. وسبق ل"دحلان" القيام بدور وساط بين نظام السيسي والجانب الإثيوبي للتوصل لتوقيع اتفاقية "سد النهضة"، وفقا لما ذكرته صحيفة "نيوزويك" الأمريكية، والتي نشرت صورا تظهر دحلان ورئيس المخابرات المصرية خالد فوزي ووزير الخارجية الإثيوبي تيدروس أدهانوم في أبو ظبي، والشيخ محمد بن زايد ولي العهد الإماراتي.