تعاني العراق منذ بداية العام 2014 تراجعا اقتصاديا خطيرا بعدما بدأت الحكومة في بغداد تفقد الأراضي لصالح تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام المعروف إعلاميا ب " داعش"، وفقا لوكالة " الأسوشيتيد برس" الأمريكية. وذكرت الوكالة في تقرير لها أن أسعار النفط المنخفضة قد فاقمت هذا التراجع، حيث زادت من أعباء الموازنة العامة العراقية التي تعاني في الأصل من عجز حاد والتي تمثل الإيرادات النفطية قرابة 95% منها. وأضاف التقرير أنه ومنذ يوليو الماضي، بلغت قيمة الإيرادات النفطية 31.5 مليار دولار، وفقا للأرقام الصادرة عن وزارة النفط العراقية، مع بلوغ متوسط الصادرات اليومية أقل من 3.3 مليون برميل، وهي الحصة المقررة في موازنة هذا العام. ويقوم إقليم كردستان العراق الذي يتمتع بحكم ذاتي حاليا ببيع النفط بصورة مستقلة عن الحكومة المركزية. وتشهد الموازنة العراقية الآن، حسب مصر العربية، عجزا بقيمة 21.4 مليار دولار تقريبا، حيث يتم تخصيص زهاء 27 مليار دولار للأغرض العسكرية، لكن ربما تحتاج البلاد لمزيد من الأموال في هذا الخصوص. وقال هيثم الجابوري البرلماني العراقي:" بالتأكيد، الوضع في حالة يُرثى لها والبلاد بحاجة إلى بدائل سريعة." وكانت العراق تمتلك اقتصادا تديره الدولة في عهد الرئيس الراحل صدام حسين والذي كانت تدعمه ثروات البلاد النفطية، حيث كان الدينار العراقي يساوي حينها 3 دولارات. لكن بدأ الاقتصاد يعاني ويلات العقوبات الغربية التي فُرضت عليها في أعقاب حرب الخليج في العام 1991. وفي بداية الغزو الأمريكي للعراق في 2003، كان الدولار الأمريكي يعادل 3 ألاف دينار عراقي. واليوم، يعادل الدولار 1.166 دينار. ويستقر معدل التضخم السنوي عند 2% تقريبا. على صعيد متصل، أشارت " الأسوشيتيد برس" إلى أن الشركات العراقية كانت قد بدأت تشهد ازدهارا بعد سقوط نظام صدام، مدعومة في ذلك بقيام السلطات بتعليق معظم التعريفات والرسوم المفروضة على الواردات والبدء في تنفيذ مشروعات ممولة من جانب الحكومة في عموم البلاد. لكن، والكلام لا يزال للتقرير، العنف الطائفي الذي اجتاح العراق في العامين 2006 و 2007 قد دمر الاقتصاد الوطني. في غضون ذلك، تقوم شبكة الطاقة القومية في العراق بسد نسبة ضئيلة جدا من احتياجات البلاد من الطاقة، ما يجبر المواطنين والشركات على الاعتماد على المولدات التي تدار بالديزل. وتوقفت العراق في الوقت الراهن عن إنفاق الأموال في مشروعات البنية التحتية بهدف تمويل احتياجاتها العسكرية. وقال كريم العبودي صاحب مصانع لإنتاج الألومنيوم والزجاج في العراق والذي تمول الحكومة 65% من مشروعاته: " منذ تدهور الأوضاع الأمنية في البلاد، وسقوط الموصل وتطبيق تدابشر تقشفية، تراجعت المشروعات الحكومية حتى وصلت إلى الحضيض." وفي إطار جهودها لمواجهة الأزمة، تخطط العراق لإصدار سندات بقيمة 7مليارات دولار- 5 مليارات دولار في صورة سندات دولية و 2 مليارات دولار للبنوك المحلية- لخفض عجز الموازنة. وأطلقت الحكومة أيضا مبادرات لفرض ضرائب جديدة على الجمارك والاستهلاك. كما نجحت الحكومة في الحصول على قروض من البنك الدولي بقيمة 1.7 مليارات دولار و 833 مليون دولار من صندوق النقد الدولي. النظرة التشاؤمية للاقتصاد العراقي لم تمنع صندوق النقد الدوليمن أن يتوقع نمو اقتصاد البلاد بنسبة 0.5% مع نهاية العام الجاري، بفضل التوسع في قطاع النفط، وزيادة الانكماش في النشاط الاقتصادي غير النفطي. وذكر الصندوق في بيان له اليوم- الأربعاء- أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للعراق انكمش في 2014 بنسبة 2.1 %، ويرجع ذلك أساسًا إلى تأثير النزاع، في حين شهد إنتاج النفط والصادرات ارتفاعًا طفيفًا، مقارنة مع 2013. وتوقع الصندوق أن يرتفع عجز الموازنة في العراق من 5.3% من الناتج المحلي الإجمالي، العام الماضي، إلى 18.4% من الناتج المحلي الإجمالي، في 2015، بسبب استمرار ضعف أسعار النفط، وارتفاع الإنفاق على الأغراض الإنسانية والأمنية. وأضاف الصندوق ان آفاق نمو الاقتصاد العراقي لا تزال إيجابية على المدى المتوسط، وإن كانت أقل إيجابية مما كان عليه قبل أزمة صعود تنظيم داعش.