شهدت مدينة غزة يوم الخميس (27/8) اعتصاماً جماهيرياً حاشداً نظمه المسيحيون في كنيسة الروم الأرثوذكس بمدينة غزة بمشاركة رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية، وذلك للتنديد بالعدوان الصهيوني المتواصل على الشعبين الفلسطيني واللبناني. ووجه مسيحيو غزة نداء إلى مسيحيي العالم للتدخل لوقف العدوان الصهيوني على لبنان وفلسطين وتقديم ما أمكنهم من مساعدات لضحايا العدوان الصهيوني. وألقى إسماعيل هنية، رئيس الوزراء الفلسطيني كلمة له خلال الاعتصام، عبر فيها عن اعتزاز الحكومة وافتخارها بجميع أبناء الشعب الفلسطيني، معتبراً هذا الاعتصام دليلاً على وحدة الشعب الفلسطيني، على اختلاف انتماءاته، ومشاربه وأفكاره ومذاهبه، مسلمين ومسيحيين، في وجه هذا "العدوان الغاشم"، الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني والشعب اللبناني، على حد سواء. وقال: "رسالتنا اليوم من قلب كنسية الروم الأرثوذكس في قطاع غزة، أن الشعب الفلسطيني موحد في وجه العدوان والاحتلال، موحد مع أبناء أمته العربية والإسلامية، يقف اليوم هذا الشعب رغم الألم والجوع والحصار والتضحيات، يقف متضامناً مع لبنان الشقيق لبنان الشعب، والرئاسة والحكومة والبرلمان والمقاومة كذلك، يقف اليوم هذا الشعب، ليقول للعالم أجمع: لن تنكسر الإرادة، لن يسرقوا منا المواقف، لن تخترق الحصون، لن تسقط القلاع فوق الأرض الفلسطينية وعلى امتداد رقعتنا العربية والإسلامية". وأكد أن العدوان الصهيوني على الشعبين الفلسطيني واللبناني، يتعدى بأهدافه إعادة الجنود الصهاينة الأسرى، موضحاً أن هذا العدوان يهدف إلى كسر إرادة الأمة، وإسقاط مواقع المقاومة والممانعة، والقبول بالشروط الصهيو أمريكية لتصفية القضية الفلسطينية. واعتبر هنية أن التصعيد العدواني الصهيوني يهدف إلى خلق بؤر توتر على ساحاتنا العربية، كما يهدف إلى خلق صراعات داخلية، ونزع المقاومة من احتضانها الشعبي والجماهيري. وقال: إنه "بالوحدة الوطنية، وبهذا الشموخ الفلسطيني، لن تتحقق هذه الأهداف، ولن يتمكن المحتل من تمرير مخططاته ومؤامراته على شعبنا وعلى قضيتنا وعلى أمتنا." وأعرب رئيس الوزراء، عن تضامن الشعب الفلسطيني مع أشقائه في لبنان، معبراً عن فخر الحكومة واعتزازها، بموقف أبناء الشعب الفلسطيني في مخيمات اللجوء في لبنان، الذين يقفون معبرين عن أصالة الشعب الفلسطيني، وهم يستقبلون النازحين من الجنوب اللبناني. كما وجه هنية التحية للمسيحيين، الذين يعيشون فوق الأرض الفلسطينية والعربية، "ويقتسمون الآلام ويتطلعون معنا إلى الآمال، وإلى تحقيق الأهداف الوطنية"، وقال "إننا جمعنا في خندق واحد، وفي قارب واحد نمضي حتى نحقق أهدفنا الوطنية في إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، وعودة اللاجئين والإفراج عن الأسرى". وفي معرض تعليقه على استشهاد أكثر من سبعة وعشرين شهيداً خلال اليومين الماضيين، قال هنية: إنهم (أي الصهاينة) إذا كانوا يتصورون أن هذه الدماء ستخيف هذا الشعب وسترهب هذا الشعب، فهذا لن يحدث"، مؤكداً على أن القيادة الفلسطينية تتحرك على قاعدة التمسك بالحقوق والصلابة والقوة، وفي ذات الوقت على أساس الحكمة في إدارة هذا الصراع والتوحد على مواقف سياسية وميدانية تكبح جماح العدوان، وتقطع الطريق على المحتل من أن يستمر في عدوانه. وبدوره، ألقى محمد القدوة محافظ غزة كلمة نيابة عن الرئيس محمود عباس، أكد فيها على ضرورة تحقيق أقصى درجات الوحدة والتوحد، بين جميع فئات شعبنا الفلسطيني، لمواجهة التحديات الكبيرة التي تحيق به. وقال القدوة "إن الشعب الفلسطيني رغم ما يعانيه من عدوان غاشم، كان يتابع أحداث أشقائه في لبنان الصمود، هذا الشعب التوأم لشعبنا، والذي شكل بنضاله مع نضال شعبنا المتراس الأول أمام المخطط الإمبريالي على هذه المنطقة، والذي يهدف إلى فرض هيمنته وانتزاع إرادة شعب صامد خاض هذه البطولات، وقدم جل التضحيات عبر أكثر من نصف قرن من الزمان". وبعث القدوة باسم أبناء مدينة غزة كل تحيات الحب والتقدير والدعم والمساندة، إلى الشعب اللبناني، الذي كرس الوحدة الوطنية على تراب لبنان الشقيق، مضيفاً "نقول لهم نحن معكم رغم الجرح النازف، نحن معكم ومن حولكم". وأعلن القدوة عن بدء حملة لتجنيد كل الدعم والمساندة، والمساعدة للشعب اللبناني الشقيق، لافتاً إلى أن هذه الحملة بدأت يوم (الأربعاء 26/7) في الضفة الغريبة، وستستكمل اليوم في غزة، حيث سيعقد لقاء لكل ممثلي مؤسسات القطاع الخاص، لتحديد الدعم، الذي يمكن أن نقدمه. من جهته عبر النائب المسيحي حسام الطويل، عن اعتزازه بصمود الشعبين الفلسطيني و اللبناني، مشدداً على أن العدوان الصهيوني على الشعبين الفلسطيني واللبناني، تهدف إلى كسر إرادة الصمود والتحدي. وشدد على أن "شعبنا باق هنا صامد على أرضه، حتى لو تخلى عنه كل العالم وتركنا لهذه الآلة العدوانية، نؤكد لهم أن شعبنا ليس وحيداً، لأنه يقف صفاً واحداً مسلمين ومسيحيين، قوى وفصائل وكل مقومات المجتمع الفلسطيني، ويداً واحدة في مواجهة هذا العدوان الظالم". وقال: "إنهم يكذبون عندما يقولون أن هذه الهجمة الشرسة، تهدف إلى تحرير الجنود الأسرى، موضحا أنها تهدف إلى الالتفاف على نتائج الحوار الوطني والوحدة الوطنية". وأشار إلى أن (إسرائيل) تعتبر نفسها دولةً فوق القانون، فهي لا تريد أن تدفع استحقاق عملية السلام، وهي ضد قيام دولة فلسطينية على حدود عام 1967، وضد عودة اللاجئين، ولا تريد أن تفكك المستوطنات في الضفة الغربيةوالقدسالمحتلة. ودعا النائب الطويل باسم مجلس وكلاء الكنيسة، إلى التعاون مع لجنة المتابعة للقوى الوطنية والإسلامية، لتنظيم مسيرة شموع كرد على إرادة الاحتلال أن يعيش شعبنا في الظلام. من ناحيته، اعتبر الدكتور أحمد بحر، النائب الأول لرئيس المجلس التشريعي الفلسطيني، هذا الاعتصام بأنه "تجسيد للوحدة الوطنية، بين أبناء شعبنا المسلمين والمسيحيين والفصائل بكل أطيافها، وتأكيداً على الوقوف مع إخواننا في لبنان الشقيق، الذين يدفعون ضريبة العزة والكرامة، من أجل حقهم المشروع، كما شعبنا هنا ندفع من أشلاء ودماء نسائنا وأطفالنا ومقاومينا هذه الضريبة". ومن جهته، قال إبراهيم أبو النجا رئيس لجنة المتابعة للقوى الوطنية والإسلامية: إن اعتصام اليوم يمثل الرسالة التي اعتاد العالم أن يرى شعبنا الفلسطيني عليها، والتي تعبر عن التحدي والشراكة، والوفاء. وأضاف: "إنه شيء من الجميل، يرده شعبنا لإخوانه اللبنانيين الذين احتضنوا في وقت مبكر من القرن الماضي أبناء شعبنا، الذين أرغموا على أن يتركوا بيوتهم ظلماً وعدوانا، والذين احتضنوا كذلك الثورة الفلسطينية". من ناحيته، وجه الدكتور أنطون شحيبر في كلمة مجلس وكلاء الكنيسة، التحية "لصمود شعبينا اللبناني والفلسطيني، وتصديهما للمؤامرة التي تحاك ضدهما"، لافتاً إلى أن "شعبنا مسيحيين ومسلمين يقف اليوم معتصماً بحبل الله في وجه العدوان الصهيوني. وأعرب شحيبر باسم مجلس الوكلاء عن إدانته الهجمة الشرسة بحق الشعبين الفلسطيني واللبناني، مشدداً على أن إفشال هذه الهجمة، يتحقق بالوحدة الوطنية، وبالتمسك بالثوابت الوطنية، والتي ستقود حتماً إلى تحقيق أهدافنا الوطنية. وبين أن اعتصام اليوم، ما هو إلا تكريس للوحدة الوطنية بخطوط واضحة وثابتة مسيحيين ومسلمين صفاً واحداً، تعبيراً عن الانصهار في نفس البوتقة، يجمعنا نسيجٌ وطنيٌ واحدٌ لشعب حر. ودعا شحيبر الصهاينة إلى الكف عن ما أسماه ب"جنون العظمة"، وأن يعيدوا قراءة التاريخ، ليفهموا أن الحل العسكري لن يجلب السلام، بل السلام هو إعطاء الحقوق لأصحابها. وبدوره، نوه الأب متيريوس، راعي طائفة الروم الأرثوذكس، إلى ما شهدته المنطقة في الأيام الأخيرة من ازدياد عدد الضحايا جراء التصعيد العسكري الصهيوني. وأكد على ضرورة إعادة بناء السلام داعيا كنائس ومؤمني العالم، إلى الصلاة من أجل السلام في المنطقة، مشدداً على أن الشعب الفلسطيني ينشد الحياة وليس الموت، يبحث عن السلام وليس الحرب، لافتاً إلى ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار، والبحث عن الحلول الدبلوماسية للأزمة الراهنة في المنطقة. وأكد على أهمية أن يتمتع الجميع بحقوق متساوية وبسلام عادل، وتعزيز الاستقرار الاقتصادي، مشدداً على أن السلام لا يفرض بالقوة وضد رغبات الشعوب، وأن السلام الذي يعطى بالقوة يفشل. وطالب الكنائس والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، الاضطلاع بمسؤولياتهم تجاه إحقاق السلام في منطقة الشرق الأوسط، ووقف هذه الحرب وإرسال المعونات والمساعدات للضحايا في المنطقة.