قالت صحيفة بريطانية ان قائدين كبيرين في حركة طالبان الافغانية دخلا في صراع للنفوذ داخل الحركة خاصة بعد اعتقال القائد العسكري للحركة ملا برادار في فبراير الماضي. وزعمت الصحيفة ان النزاع بين كل من الملا عبدالقيوم زاكر والملا محمد اختر منصور يهدد بشق مجلس شورى الحركة. واستندت الصحيفة على تقارير مزعومة من مشايخ في هيلمند تقول ان اعتقال القائد العسكري للحركة ادى الى تعيين الملا زاكر مسئول العمليات العسكرية فيما سلم الملا منصور مسئولية الدعم اللوجيستي وهو ما اصابه بخيبة امل حيث كان يتطلع لتسلم منصب برادار الذي ينظر اليه بمثابة وزير الدفاع في حكومة طالبان وذلك نقلا عن شيخ قبيلة مزعوم له اتصالات مع طالبان. وقالت ان التوتر بين الزعيمين كان عاليا خاصة بعد ان حشدت قوات الناتو اعدادا كبيرة لاعادة السيطرة على بلدة مرجا في اقليم هيلمند حيث ترابط القوات البريطانية. وادى اعتقال ملا برادار الى اجبار عدد من اتباعه للاختيار بين الرجلين، خاصة ان كلا من زاكر ومنصور زعما انهما قائدا منطقة هيلمند. وزعمت التقارير ان كلا المسؤولين يتمتع بدعم من مقاتليه في الاقليم لكن الملا منصور يحاول حشد مقاتليه من قبيلته كي يحكم سيطرته على عمليات الحركة في الاقليم. ومع كل هذا الحشد لم تحدث اية مواجهات بين الرجلين لكن تحرك ملا منصور ادى الى خلق جو من التوتر. وكان الملا منصور قد عمل وزيرا للنقل والنقل الجوي في حكومة طالبان في الفترة ما بين 1996 -2001. وعمل كحاكم لقندهار في حكومة ظل الحركة بعد الاحتلال الامريكي لافغانستان. اما الملا زاكر فقد كان من معتقلي جوانتانامو واطلق سراحه عام 2007 حيث عاد وانضم للحركة. وبحسب مشايخ قالوا ان الملا منصور طلب مرارا من مجلس شورى الحركة تعيينه قائدا لاقليم هيلمند فيما اكد زاكر على انه وزير الدفاع ودعا منافسه للعمل معا. ويضيف المصدر ان هناك انقساما بين الزعيمين اللذين لا يعرف ان كانا موجودين في هلمند ام لا. وفي الوقت الذي نفى فيه متحدث باسم حاكم اقليم هيلمند معرفته بالخلاف الا ان المتحدث باسم طالبان اكد ان لا وجود لخلاف ومؤكدا ان الملا زاكر هو وزير الدفاع. مضيفا ان الحركة ليس لديها الوقت للخلافات الجانبية. وفي تصريح لقائد طالباني اخر، وهو الملا حاج ابراهيم، اكد ان منصور هو وزير الدفاع وقلل من اهمية الخلاف مشيرا الى انه لا يتعدى الخلافات اليومية. ويرتبط الحديث عن الخلافات مع تحضير الحركة لحملة الصيف وتحضير قوات الاحتلال الامريكية لحملة في يونيو القادم للهجوم على مدينة قندهار ومعاقل طالبان القوية.
تمرد البرلمان العميل وتعد الخلافات بين الادارة الامريكية والرئيس الافغاني حامد كرزاي الذي شن حملة على حلفائه الامريكيين، مما يهدد حدوث الحملة الامريكية القادمة. وجاءت تصريحات كرزاي التي ادهشت الامريكيين والغربيين على حد سواء لشعور الرئيس الافغاني ان الامريكيين يحاولون تحجيم سلطاته وما يراه من تمرد البرلمان الافغاني عليه. ففي الوقت الذي كان البرلمان وطوال الفترة التي حكم فيها كرزاي منذ انهيار طالبان اداة سلطة بيد كرزاي الا ان البرلمان العميل بات مصدر استفزاز وضيق للرئيس العميل أيضا، بعد ان تحول نوابه في معظمهم لحلفاء امريكا. وظهرت اشارات عن تصاعد قوة البرلمان باعتباره اداة رقابة على سلطة الرئيس مما منح امريكا حليفا لم تكن تتوقعه وهي تحاول اي امريكا تقليص صلاحيات الرئيس واجباره على الوفاء بتعهداته واجراء اصلاحات جذرية في حكومته. ولا يعني تمرد البرلمان على الرئيس حلفا رسميا مع امريكا، فما يجري اليوم في كابول هو لقاء مصالح، فالبرلمان وامريكا يدفعان باتجاه ممارسة رقابة على سلطة الرئيس الافغاني الذي يتميز بالتقلب ومحاسبته واجباره على عقد انتخابات نزيهة ومحاربة الفساد الذي ادى الى تراجع شعبية الحكومة. وظهرت قوة البرلمان في الاشهر الاخيرة عندما رفض الميزانية التي تقدم بها الرئيس ورفض المصادقة على عدد من الاسماء التي اقترحها كرزاي لتشكيل الحكومة، اضافة الى خطته لتعديل قانون الانتخابات، فالاقتراحات التي تقدم بها كرزاي كانت تعني ان يحكم السيطرة على مفوضية الانتخابات المستقلة. وتشير صحيفة "واشنطن بوست" الى ان الولاياتالمتحدة وممثلي الاممالمتحدة وعددا كبيرا من الافغان شعروا بالراحة عندما صوت البرلمان على رفض المصادقة على مشروع كرزاي ولم يتردد حتى مؤيدو الرئيس عن المعارضة للمشروع. وعبر دبلوماسي غربي عن دهشته من تصويت البرلمان بالاجماع مشيرا الى ان ما حدث كان "غير مسبوق". ومع ان كرزاي تشدد بخطته الا انه يوم السبت الماضي تراجع ووافق على تعيين مسئولين للتحقيق في الفساد غير افغان ولدى كل منهما حق النقض على قرارات المفوضية. كما اجبر كرزاي على تعيين مسئول للمفوضية يبدو اكثر استقلالية من سلفه. ويرى المراقبون ان التغييرات مهمة لان الافغان سيذهبون الى صناديق الاقتراع بعد شهور في اول انتخابات برلمانية منذ انتخابات عام 2005. ويرى منتقدى كرزاي ان نسخته التي حاول تمريرها عبر البرلمان الحالي كانت ستعطيه القدرة لو مررت على البرلمان بمؤيديه ومحاسبيه مما يعني الغاء المعارضة داخل البرلمان. ويرى مسئولون في البرلمان الحالي ان الانتخابات القادمة هي مسألة ضرورية للعملية السياسية الافغانية. وعلى الرغم من التنازلات التي قدمها او اجبر عليها كرزاي الا ان هناك نوابا يخشون من محاولة الرئيس وحلفائه التلاعب بنتائج العملية الانتخابية. وتظل مشكلة صلاحيات الرئيس عقبة امام الادارة الامريكية الحالية التي تحاول البحث عن طرق لتجاوز الرئيس، ويبدو ان هذا الامر متعلق بالدستور الذي لعبت الولاياتالمتحدة دورا مهما في اعداده ويمنح الرئيس سلطات واسعة على كافة مستويات الحكومة. فكل الوزراء والحكام ومسئولي المناطق يتبعون دستوريا للرئيس مما يمنح امريكا مساحة ضيقة للتحرك فى حال قرر كرزاي التمرد. وبالمقارنة مع الرئيس، يتمتع البرلمان بالاستقلال فهو وان ابدى تمردا على الرئيس في الاعوام الماضية الا انه لم يكن فاعلا بالدرجة الكافية خاصة ان غالبيته من امراء الحرب وتجار المخدرات وذوي السوابق والاميين، لكن السنوات الاخيرة شهدت تحولا حيث فقدت معظم هذه الجماعات مصالحها وبدت تظهر قوى اصلاحية لا تمانع بالتعاون مع امريكا ومنحها دورا وهو ما اغضب كرزاي وظهر في تصريحاته الاخيرة. ونقلت "واشنطن بوست" عن مؤيدين للرئيس اعتقاد الاخير ان امريكا والبرلمان يعملون معا للتقليل من سلطاته، ونقل عنه قوله لعدد من النواب "توقعت منكم التصرف كأفغان لكنكم تصرفتم كأمريكيين". وينفي العضو الذي نقل عنه هذا ان يكون البرلمان يتلقى تعليمات من الامريكيين لكنه اعترف ان اعضاءه احيانا يستشيرون السفارة الامريكية في كابول. ويعتقد محللون انه في غياب المعارضة التي قضى عليها كرزاي فالبرلمان يمكن ان يتحول لأداة رقابة على سلطات الرئيس وطريقة حكمه. وتجد ادارة اوباما التي ورثت كرزاي من ادارة جورج بوش نفسها في وضع حرج فهي ترى في كرزاي شريكا لا يوثق به ولكنه يظل رئيس البلاد وتحتاج امريكا له ان ارادت تحقيق النصر على طالبان.
مؤسسات متعددة الجنسيات ومن هنا دعت صحيفة "نيويورك تايمز" ادارة اوباما لاستخدام مناسبة زيارة كرزاي لواشنطن الشهر القادم للبحث عن طرق تعاون وهذا لا يعني اطلاق كرزاي من القفص. فباراك اوباما بحاجة لمواصلة الضغط عليه كي يتخلص من المسئولين الفاسدين والمحسوبين عليه ممن راكموا ملايين الدولارات من الحكومة. وترى الصحيفة ان كرزاي "خبير" في تجاهل الحقائق التي تحيط به، داعية الى مواجهته بتقارير امنية عن قوة طالبان وعن عداء الشعب له، وعندها يمكن ان يستفيق كرزاي من سباته ويعرف انه يقف على الهاوية. ومع الضغط عليه يجب على اوباما حث كرزاي لدعوة الاممالمتحدة التي يعاديها الرئيس الافغاني تسليم مهمة الاشراف على مشاريع الاعمار لشخصيات عالية الكفاءة، مشيرة الى ان الاممالمتحدة لديها ما يكفي من مسؤوليات مثل تقوية مؤسسات الدولة والاشراف على الانتخابات البرلمانية والتأكد من استمرار الدعم الانساني. وتقترح تسليم مهمة التعامل مع الدعم الدولي لمؤسسات فاعلة مثل الدولي وصندوق النقد الدولي وبنك التنمية الاسيوي، مشيرة الى ان هذه المؤسسات قامت بدورها على اتم وجه حتى عام 2005، عندما اتخذت الاممالمتحدة قرارها غير الحكيم التخلي عن خدماتها. وقالت ان صندوق النقد الدولي من الممكن ان يلعب دورا في مراقبة العوائد وتدقيق حسابات الضريبة ولعب دور المراقب على طريقة تحرك النقود المخصصة للمشاريع بدلا من تحويلها لجيوب مسئولي الحكومة. فيما يمكن للبنك الدولي لعب دور في مراقبة الانفاق العام ودفع رواتب موظفي الدولة وعقود الشراء ولدى البنك الدولي اهتمام بتنمية قطاع الاعمال الافغاني. اما بنك التنمية الاسيوي فلديه اهتمام بالمشاريع الاقليمية ويمكنه المساعدة بربط المناطق الداخلية في افغانستان عبر شبكات من الطرق والقطارات ومحطات الطاقة. وترى ان دخول المؤسسات الدولية المتعددة الجنسيات سيؤدي الى زيادة الدول المانحة ودخول الخبرات التقنية لافغانستان. ومع ان افغانستان هي من اكثر بلدان العالم فقرا الا ان منظور التنمية فيها كبير فهي غنية بالمعادن مثل النحاس والحديد ومعدن نادر وهو ليثوم يستخدم في صناعة السيارات الكهربائية. فيما يمكن تطوير قطاعها الزراعي كي يوفر حاجات البلاد حالة تم تطوير شبكات المياه والقنوات اما قطاع النسيج والسجاد فالسوق العالمي مفتوح امامه. وتختم الصحيفة قائلة انه في حالة التصدي للفساد وتعزيز ادارة البلاد ومؤسساتها فالبلد لن يظل فقيرا وقد يتطور لينفق على نفسه. وتعتقد ان ادارة اوباما بدأت خطوات صحيحة لاعادة تشكيل المؤسسة العسكرية وتقوية مؤسسات الحكم المحلي لكن كل هذه الخطوات لن تتم بدون ادارة جيدة للاقتصاد.