تقدم محامو الجهاز المركزي للمحاسبات، اليوم الأحد، بمذكرة لمحكمة القضاء الإداري، التي تنظر الدعوى القضائية المطالبة بعزل المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز، دفعوا فيها بعدم دستورية القرار بقانون رقم 89 لسنة 2015، الذي يسمح لرئيس الجمهورية بإقالة رؤساء الأجهزة الرقابية والهيئات المستقلة. وطالبت مذكرة الجهاز، بإحالة القانون للمحكمة الدستورية للفصل في مدى دستوريته، مع وقف الدعوى المنظورة أمام محكمة القضاء الإداري، والتي تطالب بعزل "جنينة" تعليقيا لحين الفصل في دستورية ذلك القانون. ودفعت المذكرة، التي تمثل أول رد فعل رسمي قانوني من قبل الجهاز المركزي للمحاسبات على القانون، بعدم انطباقه على رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، نظرًا لأن المادة 20 من قانون الجهاز تنص على عدم قابلية رئيسه للعزل، مؤكدة أن علاقة هذه المادة بالقانون 89 لسنة 2015 ، هي علاقة نص في القانون الخاص بالعام. وأكد الجهاز في مذكرته على أن قانون إقالة رؤساء الأجهزة الرقابية به العديد من أوجه العوار الدستوري منها عيوب شكلية وأخرى موضوعية. وعلى صعيد العيوب الشكلية، أكدت المذكرة مخالفة ذلك القانون للمادة 215 من الدستور الساري، التي تستوجب أخذ رأي الجهاز بمشروعات القوانين واللوائح المتعلقة بمجال عملها، مؤكدة أنه حكم وجوبي أقرته المادة ومن ثم بات واجبا حتما لا تملك السلطة المصدرة للتشريعات تجاهله. وأضافت المذكرة، أن القانون المشار إليه لم يعرض إلا على مجلس الوزراء، و قسم التشريع بمجلس الدولة، ولم يؤخذ رأي الأجهزة الرقابية بشأنه، ومن ثم يكون مشوبا بعوار دستوري شكلي. كما خالف القانون - بحسب المذكرة- المادة 224 من الدستور، التي تنص على أن جميع القوانين واللوائح التي كانت سارية قبل صدور الدستور الحالي تظل سارية ولا يمسها أي تعديل أو إلغاء إلا وفقا للقواعد والإجراءات المحددة في الدستور نفسه. وأوضحت المذكرة أن كلا من قانون الجهاز المركزي للمحاسبات ولائحة العاملين بالجهاز، هي تشريعات كانت سارية وقت صدور الدستور الحالي، ومن ثم لا يجوز تعديلها أو إلغائها إلا وفقا للإجراءات المحددة في الدستور، ومن ثم فإنه لا يجوز للقانون 89 لسنة 2015 إلغاء أو تعديل ما نصت عليه المادة 20 من قانون الجهاز المركزي للمحاسبات، بشأن عدم قابلية رئيسه للعزل. أما العيوب الموضوعية التي أوردتها المذكرة بشأن القانون، فتمثلت في مخالفته للمادة 14 من الدستور التي نصت على حظر عزل الموظفين العموميين بغير الطريق التأديبي، مؤكدة أن ذلك الحظر يسري بلا شك على أعضاء الأجهزة الرقابية والهيئات المستقلة، أما عن الاستثناء الوارد في تلك المادة، الذي يجوز بمقتضاه فصل الموظف العام بغير الطريق التأديبي في الأحوال التي يقررها القانون، فهذا الأستثناء لا يمكن إعماله إلا في ضوء نصوص قانونية تتميز بالتحديد القاطع والوضوح الساطع، ولا يصلح لذلك مطلقا ما تضمنه القانون رقم 89 لسنة 2015 من عبارات مطاطة وفضفاضة وبالغة الاتساع، لأن النصوص العقابية لا يجوز لها أن تكون بمثل هذا الاتساع. كما أكدت المذكرة أن ذلك القانون يخل بمبدأ المساواة ونكافؤ الفرص الذي كفله الدستور، باعتبار أن تطبيقه يسمح لبعض رؤساء الأجهزة الرقابية إتمام مدد ولايتهم القانونية على رأس تلك الأجهزة، ويحرم البعض الآخر من إتمام تلك المدد، كما يخالف مبدأ الاستقلالية المكفول دستوريا لتلك الأجهزة حتى تتمكن من أداء دورها الرقابي.