قالت صحيفة "نيويورك تايمز"، إن لقاء العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، مع كبار القادة السياسيين لحركة حماس، الجمعة، يعد المثال الأكثر وضوحا حتى الآن على رغبة الملك الجديد للعمل مع التنظيمات الإسلامية التي طالما اعتبرت عدوة لهم. وقال محللون على علاقة بالعائلة السعودية "المالكة"، إن اللقاء يعكس إصرار الملك سلمان على حشد أكبر قدر من العالم العربي ضد إيران، التي تشكل منافس رئيسي للمملكة، في وقت يخشى السعودية أن تتقوى إيران باتفاقها مع القوى الغربية الكبرى والذي ينص على رفع العقوبات الاقتصادية في مقابل فرض القيود على برنامجها النووي. وتقول الصحيفة الأمريكية إن هذه الخطوة تغير مذهل في نهج الملك السابق، عبدالله، الذي قاد حملة لدحر أو القضاء على جماعة الإخوان المسلمين والجماعات التابعة لها فى أنحاء المنطقة. وتشير نيويورك تايمز، إلى أن حركة حماس، التي تسيطر على قطاع غزة من 2007، تمثل فرعا لجماعة الإخوان المسلمين و"عميلا" لإيران.على حدّ وصف الصحيفة لكن الملك سلمان أبدى استعداداً للعمل، حتى مع الإسلاميين ممن هم على طراز الإخوان المسلمين، في جهودة لمواجهة إيران. وألمح محللون إلى أن العاهل السعودي قد يحاول إبعاد حماس عن طهران. وقال مصطفى العاني، المحلل في مركز الخليج للأبحاث، المقرب من مسئولين سعوديين: "آخر شيء كنا نتوقعه أن يلتقي الملك سلمان مع خالد مشعل.. لكن الآن فإن البيئة الإقليمية برمتها آخذة فى التغير". مضيفا أن هناك حاجة للتعامل المباشر مع حلفاء إيران في المنطقة. ووصف العاني اللقاء بأنه "استراتيجية شاملة" لمواجهة النفوذ الإيراني. وتقول "تايمز" إن حماس ونظام الحكم السعودي كلاهم يتبعون الإسلام السني، في حين الحكومة الإيرانية شيعية. وقد توترت العلاقات بين حماس وإيران منذ عام 2011، عندما عارضت حماس في غزة دعم طهران للرئيس السوري بشار الأسد. وقد أصدرت حركة حماس، مؤخرا، بيانا تدعم فيه الحرب السعودية ضد الحوثيين في اليمن. وبحسب العاني، فإن السعوديين يرفضون فكرة أن تخلي القوى العربية، أجبر حماس على اللجوء لإيران لتصبح عميل لها في المنطقة، كما أن أي تبرير لذلك غير مقبول. ويشير إلى أن اللقاء الذي مع الملك مع مشعل تم بترتيب من قطر. وحافظت قطر على علاقات طيبة مع مختلف الأطراف، مما تسبب في خلافات بينها وجيرانها في الخليج، لكن الملك سلمان سعى لإصلاح ذلك الخلل لتحسين المعارضة ضد إيران. وقال حمزة أبو شنب، المحلل السياسي في غزة والمقرب من حماس، إن قادة الحركة لم يجروا أي لقاءات في السعودية منذ عام 2010، عندما سعت حماس لتهدئة مخاوف القادة السعوديين بشأن نقل الحركة أسلحة للحوثيين في اليمن، المدعومين من إيران. وأضاف "ان حماس تحاول كسر العزلة المفروضة عليها منذ 2013"، العام الذي سقط فيه حكم الإخوان المسلمين في مصر. وتابع أن الرياض لا تدعم المقاومة المسلحة، إلا أنهم يجلسون الآن ويتحدثون مع حماس وهذا يؤكد إمكانية عودة الحركة لوجودها القوى في المنطقة. ومع ذلك، تقول "نيويورك تايمز"، كما نقلت عنها صحيفة "اليوم السابع" المصريّة، فإن الملك قد يكون لديه أجندة أكثر تعقيدا، تعكس صعود تنظيم داعش كتهديد إقليمي آخر. وتوضح أن ذلك "التنظيم الإرهابي"، الذي يسيطر على مساحات واسعة من العراق وسوريا، يحظى بنفوذ متزايد داخل غزة، مما يهدد بتقويض حكومة حماس. ويرى بعض منظري داعش إن حماس "عميلة" بسبب عقدها إتفاق وقف إطلاق النار مع "إسرائيل". وترى الصحيفة الأمريكية أن فيما يشكل داعش خطرا أكبر وأكثر مباشرة على المملكة العربية السعودية من حماس، فإن قادة الرياض ربما يسعون لدعم حماس ضد غيرها من المتشددين . إسرائيل، أيضا، قد تفضل تحقيق الاستقرار في غزة لردع المتشددين الأكثر خطورة من توسيع نفوذهم. لكن دوري جولد، المسئول البارز بوزارة الخارجية الإسرائيلية، قال إنه لم يتأثر بأنباء لقاء مكة. مضيفا أنه ليس أقل عداء لحماس من متطرفي داعش. وتابع: "ليس لدى أي مؤشر على احتمال انفصال حماس عن إيران"، متسائلا عما إذا كانت حركة حماس شريك دبلوماسي محتمل أم ببساطة جزء من عالم متطرف مثل داعش. وأصر المسئول الإسرائيلي أن حماس ليست بديلا لداعش، ولكنها تعاونت مع الجماعات التابعة للتنظيم الإرهابي، في سيناء، للحصول على الإمدادات العسكرية والتدريب. وخلص "حماس لا تزال الإشكالية كما كان في الماضي".