أثارت زيارة وفد لجنة الحريات الدينية الأمريكية إلى مصر السبت (23-1)، ردود أفعال غاضبة فى أوساط السياسيين والمهتمين بالشأن العام، معتبرين هذه الزيارة تدخلاً جديد في إطار سلسلة التدخل الأمريكي السافر في شئون مصر الداخلية؛ خاصةً أن القضاء بدأ يأخذ مجراه في التعاطي مع أزمة حادث نجع حمادي الأخيرة. غير مرغوب فيه من جانبه أكَّد حسين محمد إبراهيم نائب رئيس الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين أن هذا الوفد غير مرغوب فيه على أرض مصر، وكان من الأفضل لوزارة الخارجية المصرية أن تُعلن رفضها استقبال هذه اللجنة المعروف عنها تدخلها في الشأن المصري.
وأضاف إبراهيم أن هذه اللجنة معروف عنها تدخلها في الشئون المصرية، خاصةً في ملف ما تسميه "أقليات"، وهو ما يشعل فتيل الفتن الداخلية الذي تدعمه أيادٍ خارجية لا تريد لمصر النهوض أو الاستقرار.
انتهاك للسيادة ويضيف الدكتور عبد الله الأشعل مساعد وزير الخارجية السابق وأستاذ القانون الدولي أن هذه اللجنة أُنشئت خصيصًا لضمان سيطرة الولاياتالمتحدةالأمريكية على دول العالم الثالث الضعيفة، والحكومات اللينة من أجل الإشراف على أوضاع الأقليات الدينية في تلك البلاد.
وأكَّد الأشعل أن وجود تلك اللجنة على أرض مصر انتهاك واضح لسيادتها؛ خاصةً أن الحكومة أعلنت قبل ذلك أن ما حدث في نجع حمادي شأن داخلي لا علاقة لأحد به، مشددًا على أن هذا الأمر لا علاقة له بالقانون الدولي الذي يعطي السيادة المطلقة لكل دولة داخل حدودها، مشيرًا إلى أن تدخل البرلمان الأوروبي قبل ذلك في القضية والخارجية الإيطالية واليوم لجنة الحريات الدينية؛ كلها أعراض لمرض قاتل وهو تفكُّك المجتمع المصري ووصوله إلى حالة من القابلية للاشتعال، متهمًا النظام الحاكم بالمسئولية عن ذلك بعد أن باعد بين المواطن وانتمائه لبلده، وانتهكت كرامته على أرض وطنه.
معلومات متاحة ويرى الدكتور حسن نافعة أمين عام منتدى الفكر العربي أن زيارة وفد لجنة الحريات الأمريكية شيءٌ عاديٌّ وروتينيٌّ على حدِّ وصفه، رافضًا أن يتم توجيه الاتهامات لها في الوقت الذي أصبحت فيه كل المعلومات متاحةً، ويعرفها الجميع ولا تخفى على أحد.
واتفق معه في الرأي حافظ أبو سعدة أمين عام المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، الذي قال: إن تلك اللجنة مهمتها الربط بين الدول التي تربطها بينها علاقات متميزة وبين المساعدات الأمريكية.
وصاية أمريكية وقال عبد الحليم قنديل المنسق العام لحركة كفاية: إن أية لجنة أمريكية تأتي إلى مصر تدخل في سياق الوصاية الأمريكية وحالة الاحتلال السياسي من جانب أمريكا لمصر، في إطار رضا النظام المصري بأن يكون حاكمًا لمصر بتوكيل أمريكي.
وأكد قنديل أن قضية العلاقة بين المسلمين والأقباط لا يمكن حلُّها بعيدًا عن حالة الاحتقان السياسي التي تعاني منه مصر، مطالبًا بضرورة التغيير السياسي؛ ليكون نظام الحكم وطنيًّا ديمقراطيًّا تحت سيادة القانون، وإصلاحًا سياسيًّا شاملاً.
تمييع القضية وكان وفد لجنة الحريات الدينية الأمريكية الذى ترأَّسه فليس جاير العضو باللجنة اليهودية الأمريكية، إحدى أبرز منظمات اللوبي الصهيوني في أمريكا بدأ اليوم زيارة لمصر للقاء مسئولين حكوميين ونشطاء حقوقيين وحزبيين وقيادات دينية؛ للوقوف على حرية الاعتقاد ووضع الأقليات الدينية في البلاد، على ضوء أحداث نجع حمادي الأخيرة.
وعرض وفد لجنة «الحريات الدينية» الأمريكى على «المجلس القومى لحقوق الإنسان» شكاوى من قبل أقباط المهجر، تحمل اتهامات للدولة ب«تمييع» قضية أحداث نجع حمادى.
واعتبر الوفد، خلال زيارته مقر المجلس القومى أمس، ولقائه الدكتور أحمد كمال أبوالمجد، نائب رئيس المجلس، أن الدولة تكتفى تجاه مثل هذه الحوادث ب«الصلح العرفى، ولا تعترف بوجود مشكلة حقيقية، مما يؤدى إلى تكرار تلك الأحداث».
لجنة يهودية أمريكية وتناول اللقاء وضع الأقباط عموما فى مصر. ويضم الوفد، الذى يمثل لجنة الحريات الدينية حول العالم، وهى لجنة مستقلة أنشأها الكونجرس الأمريكى فى عام 1994 بقانون بهدف تقييم أوضاع الحريات الدينية خارج الولاياتالمتحدة، يضم 8 شخصيات إضافة إلى مندوب من السفارة الأمريكية فى القاهرة،
فى حين غابت عن اللقاء رئيسة الوفد فليس جاير، وذلك لعدم وصولها مصر حتى مساء أمس.
يذكر أن رئيسة الوفد هى بالأساس عضوة فى اللجنة اليهودية الأمريكية، التى تمثل أبرز المنظمات المدافعة عن إسرائيل فى الولاياتالمتحدة.
ظرف معقد ويواصل أعضاء الوفد الأمريكى اليوم، لقاءاتهم بمسئولين فى وزارة الخارجية ونشطاء حقوقيين.
من جانبه، قال نائب رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان، فى تصريحات صحفية عقب اللقاء، إن مصر لديها ظرف معقد، فى ظل محاولات للتقليل من دورها فى المنطقة.
وأضاف: «أكدت للوفد أن القضية فيها خطوط حمراء، تفرض على المسلمين والمسيحيين وعلى الجميع ألا يصدر تصريحات أو تتخذ إجراءات أو مواقف تزيد من التوتر والعنف».