"بنيران صديقة" ذاقت بعض الصحف التي سارت في كنف السلطة الحالية غضب وزارة الداخلية، وخضعت للتحقيق بتهمة تكدير السلم العام ونشر أخبار كاذبة، وهو ما فسره عدد من المحللين، ل "مصر العربية "، بأن الداخلية تتبع سياسة "اضرب المربوط يخاف السايب"، ووضع "مقاسات" للصحافة لا يسمح بتجاوزها، وأن هذه الصحف "تدفع الثمن" ضمن حلقات تقييد الحريات. منذ ما يقرب من شهرين تعرضت صحيفتي الدستور والمصري اليوم لهجمة من قبل وزارة الداخلية، بإحالة رئيسي تحرير الصحيفتين للنيابة بتهمة نشر أخبار كاذبة وتكدير السلم العام، على خلفية نشر إحداهما تحقيقا مطولا بعنوان "ثقوب في البدلة الميري"، وحملة قادتها الجريدة الأخرى، يستعرضان خلالهما انتهاكات الداخلية. والتحقت صحيفة "اليوم السابع" لقائمة الصحف المغضوب عليها، بالتحقيق مع خالد صلاح رئيس التحرير والصحفي السيد الفلاح، بذات التهمة على خلفية نشر خبر مفاده أن "إرهابيين هاجموا سيارات تابعة لرئاسة الجمهورية، أثناء عودتها من مدينة شرم الشيخ"، وقبلها بأيام أُلقى القبض على إبراهيم عارف، رئيس تحرير جريدة البيان بتهمة نشرأخبار كاذبة. وفي تعليق له على إحالته للتحقيق، قال خالد صلاح رئيس تحرير اليوم السابع، خلال مداخلة هاتفية بإحدى الفضائيات "إحنا متهمين من بلدنا، وأشعر باستغراب يصل لحد اليأس، ومش قادر أصدق إن بعد 30 يونيو، إن سبل الحوار توصل للشكل ده، والكل عارف إننا من أنصار 30 يونيو، وتوجههنا معروف للجميع". البلاغات التي تقدمت بها وزارة الداخلية ضد الصحفيين خاصة من المؤيدين لسياستها، اعتبرها خالد البلشي، عضو مجلس نقابة الصحفيين، ومقرر لجنة الحريات، معاداة للصحافة وبمثابة رسالة تحمل معنى "اضرب المربوط يخاف السايب"، وذلك لوضع "مقاسات" وأسقف للصحافة لا يسمح تجاوزها، مؤكدًا أن السلطة الحالية تقيد الحريات. وقال عمرو بدر، رئيس تحرير بوابة يناير، إن الهجمة التي تتعرض لها الصحافة مؤخرًا من قبل وزارة الداخلية، جزء من السياق العام الذي تتبعه السلطة الحالية في تقييد الحريات، موضحًا أن الأنظمة القائمة على الاستبداد تكره الحريات وفي القلب منها حرية الصحافة لأنها تكشف الحقائق. وأضاف بدر، أن الداخلية تتعامل وكأنها فوق المحاسبة وعادت لما قبل ثورة 25 يناير، واصفًا تصرفاتها ب "الحماقة"، مؤكدًا أن هجمة الداخلية على الصحافة ستزيد خلال الفترة المقبلة إذا لم يتصد لها الجميع. ومعاداة الداخلية للصحف المؤيدة لها، فسرها بدر بأن هذه الصحف تدفع ثمن تأييدها للنظام وتبرير انتهاكات الداخلية والتخاذل أمام ما يحدث في البلاد من قمع للحريات، لافتًا إلى أن السلطة كانت تعتبر هذه الصحف صديقة لها وتتعامل معها بمنطق الأحبة، ولن تسمح لها أن تنقلب عليها أو تبرز انتهاكاتها.