لم يخف قادة الكيان الصهيوني فرحتهم تجاه تراجع حزب العدالة والتنمية في تركيا وحصوله على الأغلبية، وقد أبرزت صحفهم السعادة الغامرة ، وموقع "وراء الأحداث" يحاول من خلال هذا التقرير الوقف على أسباب هذه الفرحة. أكثر من دولة أظهر قادتها وإعلامها ضمنا فرحتهم بعدم حصول حزب أردوغان (العدالة والتنمية) على أصوات تؤهله لتشكيل حكومة وحده كما فعل منذ انتخابات 2004، أبرزها مصر وإيران وسوريا، بيد أن الحفاوة والسعادة الصهيونية كانت طاغية وفاقت الجميع، وشارك فيها رئيس إسرائيل الأسبق، شيمون بيريز، الذي وبخه أردوغان في مؤتمر دافوس 2014، ووجدها بيريز فرصة ليظهر فرحته العارمة علنا بخسارة حزب الرئيس التركي. فعندما سئل بيريز عن خسارة حزب رجب طيب أردوغان في الانتخابات التشريعية الاخيرة، قال بيريز: "أعتقد أن هذا ممتاز، فتركيا كانت في طريقها أن تصبح إيران أخرى، وإيرانان في منطقة واحدة أكثر من اللازم". ونقلت صحيفة يديعوت أحرنوت العبرية عن بيريز قوله، في كلمة أمام مؤتمر هرتزيليا الأمني: إنه سعيد بالنتائج "المتواضعة" التي حصل عليها أردوغان في الانتخابات، وأضاف "بيريز": "هناك زعيم في إيران، وكان سيصبح هناك زعيم آخر في تركيا، فالأمر جيد لتركيا، ولكل الشرق الأوسط". وفي منتدى دافوس الأخير، ديسمبر 2014، هاجم أردوغان حينما كان رئيسا للوزراء، الدولة الصهيونية بعنف عقب كلام بيريز عن الحرب في غزة، ووصف قادة إسرائيل بأنهم "قتلة الأطفال"، واضطر للانسحاب من المنتدى، وأعلن عدم عودته له مرة أخرى؛ لأن رئيس الجلسة حاول منعه من الحديث عن جرائم إسرائيل في غزة، وخرج غاضبا دون أن يصافح بيريز. وقد أظهر العديد من السياسيين الصهاينة والإعلاميين حفاوتهم بتراجع حزب أردوغان، وفقدانه الأغلبية المطلقة في انتخابات البرلمان التركي، وأظهروا شماتة كبيرة لتراجعه بسبب "سياساته" التي وصفتها مصادر إسرائيلية بالمعادية لدولة الاحتلال. وكانت تعليقات الصهاينة تراهن على تشكيل حكومة تركية بعد الانتخابات تضم أحزابا أخرى تقلص من قدرة أردوغان للعمل ضدها، وقالت إن "أُفول نجم الرئيس التركي يبعث التفاؤل فيما يخص إمكانية تراجع اللاسامية في تركيا وتحسّن العلاقات مع إسرائيل". فالقناة الإسرائيلية الأولى نقلت عن مسئول كبير في تل أبيب قوله، "إن دوائر صنع القرار الإسرائيلية تلقت بارتياح كبير نتائج الانتخابات التشريعية التركية، على اعتبار أنها تقلص من هامش المناورة المتاح أمام الرئيس رجب طيب أردوغان وتحدّ من قدرته على صياغة سياسة إقليمية معادية لإسرائيل بشكل مباشر أو غير مباشر". وتوقع المصدر انكفاء تركيا على ذاتها في المرحلة المقبلة، على اعتبار أن هذا التوجه قد يكون نتاج عملية استخلاص العبر التي قد يكون أردوغان قد قام بها في أعقاب الإعلان عن نتائج الانتخابات الصادمة. وتوقع المصدر أن تفضي نتيجة الانتخابات إلى تشكيل حكومة ائتلافية تشارك فيها أحزاب لن تسمح لأردوغان بتبني نفس السياسات الإقليمية التي "تمثل تهديدا لإسرائيل"، مشيرا إلى أن هناك احتمالا كبيرا أن "يُجبر أردوغان على تغيير سياساته تجاه حركة حماس وقطاع غزة، وأن يتوقف عن منح الحركة مظلة إقليمية ودولية". وأوضح المصدر أن تل أبيب تتوقع حرص شركاء أردوغان في الائتلاف الحاكم القادم على تغيير سياسات تركيا تجاه الإسلاميين في العالم العربي بشكل عام، مشددا على أن إسرائيل تتطلع إلى تغيير جذري في السياسة التركية الهادفة إلى إسقاط نظام الأسد عبر تقديم الدعم العسكري والسياسي للتنظيمات الإسلامية السنية. كما نقلت الإذاعة العبرية، أمس الإثنين، عن "مصدر في وزارة الدفاع الإسرائيلية" قوله: "إن الوزير موشيه يعلون سيكثف من مطالباته لحلف الناتو بطرد تركيا من صفوفه بسبب علاقتها مع حركة حماس"، بدعوى أنه "لا يمكن لدولة هي حلف في الناتو أن تمنح تنظيما مثل حماس موطئ قدم في تركيا" بحسب الزعم الصهيوني. وقالت الإذاعة العبرية "إن إسرائيل ستكثف حملتها الدولية ضد أردوغان لتقليص هامش المناورة أمامه داخلياً بعد تراجع قوة حزبه". وقد اقتبس الصحفي الصهيوني والمعلق السياسي لصحيفة "ميكور ريشون" اليمينية، (أرئيل كهانا) على حسابه على "تويتر" تغريدة نصا من التوراة لإبراز شماتته بأردوغان يقول: "قضى الرب أن يكون الخسران هو مصير أعدائنا"، وتم تذييل التغريدة بهاشتاج "أردوغان". وقد لخص المعلق الصهيوني تسفي برئيل أسباب هذه الكراهية من القادة الصهاينة لأردوغان والفرحة بتأخر حزبه في الانتخابات لما قال: "قادتنا يمقتون أردوغان لأنه كسر القاعدة وتعامل معهم بندية". قلق من نمو الإسلام السياسي وقد كرست كل الصحف الإسرائيلية، اليمينية واليسارية، صبيحة ظهور النتائج، مساحات كبيرة في الصفحة الأولى للحديث عما أسمته (فشل أردوغان) تضمنت الابتهاج أو التفاؤل فيما يخص العلاقات التركية الإسرائيلي. وقال الصحفي الصهيوني "هداش هروش": "ليس سرًا أنه في إسرائيل كان هناك اهتمام كبير بمسألة نمو الإسلام السياسي في تركيا، وخوف من موجة معاداة للسامية، ذلك الشعور الذي تمت تغذيته من قبل نظام أردوغان، حيث إنه كلما انقضت السنوات وازدادت قوته، كان يُفاقم، أكثر فأكثر، من موقفه ضد إسرائيل وضد اليهود عمومًا". وأضاف "كانت الخشية في إسرائيل تكمن في أن يحصل أردوغان على الأغلبية البرلمانية، في الانتخابات الحالية، الأمر الذي يُتيح له أن يُصبح "سلطانًا" قادرًا على كل شيء، وأن يشوّش الديمقراطية التركية، والتحوّل إلى إمبراطورية إسلامية أخرى في المنطقة، معادية لإسرائيل". مرحبا ب"مصيبة" أردوغان!. وقد أكدت مصادر صحفية عبرية أن الإسرائيليين لم ينجحوا في إخفاء بهجتهم ب "المصيبة التي حلّت برئيس تركيا رجب طيب أردوغان بهزيمة حزبه الحاكم في الانتخابات البرلمانية وخسارته لأغلبية الأصوات التي احتفظ بها لأعوام طويلة، وهو الذي لم يوفر مناسبة كي يحرّض على إسرائيل واليهود"، كما قالت. فصحيفة يديعوت أحرونوت العبرية- التي كتبت في مانشيت عددها الصادر الإثنين (8|6)- تقول (ضربة لأردوغان)، ذكرت أن المسئولين في وزارة الخارجية الإسرائيلية تابعوا عن قرب، تطورات الانتخابات في تركيا وكلّهم أمل بأن تسفر نتائجها عن تغيير في العلاقات بين الدولتين. ونقلت عن مختصون في العلاقات الإسرائيلية - التركية، أن "الضربة التي تلقاها أردوغان قد تؤثر لصالح العلاقات مع إسرائيل"، وفق تقديراتهم، حيث يأملون أن تأتي حكومة تركية ائتلافية جديدة تعيد تحسين العلاقات المتدهورة مع الدولة الصهيونية. وأدت يديعوت أحرونوت إلى أن جميع الشركاء المستقبليين المحتملين في الحكومة التركية القادمة، من قوميين وأكراد وأفراد " الحزب الاشتراكي الديمقراطي"، كانوا شركاء في انتقاد إدارة اردوغان تجاه تل أبيب بسبب الوضع الإقليمي، وأنه كان يجب على تركيا أن تقف إلى جانب إسرائيل ضد إيران وعدم فتح جبهة إضافية، وفق الصحيفة الصهيونية. ويأمل الدبلوماسيون الصهاينة أن "تضطر الحكومة الجديدة في تركيا لإقامة توازن سياسي تجاه إسرائيل، وهذا الاتجاه سيزداد قوّة إذا ما قرّر أردوغان عدم إعادة بناء العلاقات"، وقالوا "إن أردوغان يرغب بخفض حدة اللهب، وربما العودة للحد من الخلافات التي نشبت في أعقاب حادثة سفينة مرمرة قبل خمس سنوات. وبالمقابل تخوفت أوساط سياسية ودبلوماسية إسرائيلية أن تسفر الانتخابات البرلمانية التركية التي أظهرت نتائجها حصول حزب "العدالة والتنمية" على نحو 41 في المائة من الأصوات، عن زيادة حجم الفجوة القائمة في العلاقات بين أنقرة وتل أبيب، و"زيادة التحريض الممارس من قبل أردوغان ضد إسرائيل، في محاولة لاستقطاب داعميه"، حسب التقديرات الإسرائيلية.