لطلاب الثانوية العامة 2025.. مد التقديم لاختبارات القدرات حتى 30 يوليو    "قومي الطفولة" يقدم الدعم ل"طفل العسلية" في الغربية    انتخابات الشيوخ.. محافظ القاهرة للمواطنين: المشاركة واجب وطني    ب 432 مليون جنيه.. البترول: ضبط 14.4 ألف لتر سولار وبنزين قبل بيعه بشكل غير مشروع    الكرملين: بوتين يلتقي مستشار خامنئي لبحث تطورات البرنامج النووي الإيراني    بعد توقيع "المرأة العارية".. ترامب يطالب مالك صحيفة "وول ستريت جورنال" بتعويض 10 مليارات دولار    "سيتسلم الاستغناء".. مصدر يكشف موقف "لاعب الأزمة" في الزمالك    شوبير يوضح الفارق بين إمام عاشور وأحمد فتوح في أزمة حفل راغب علامة    بعد رحيل مودريتش.. ماهو ترتيب قادة ريال مدريد بالموسم الجديد؟    رسمياً.. وزير التعليم يحدد موعد ظهور نتيجة الثانوية العامة 2025    مصرع طالب غرقًا في ترعة الباسوسية بالقناطر الخيرية    إيرادات السبت.. "الشاطر" الأول و"المشروع X" بالمركز الثالث    مايا دياب بإطلالة جريئة وتوجه رسالة لجمهورها    الصبر مفتاحكم.. 3 أبراج تواجه حظ سيء خلال الشهور القادمة    عبد الغفار يناقش تعديل أسعار خدمات التأمين الصحي المتعاقد عليها مع الجهات الخارجية    ما يجب تناوله قبل التمرين لتعزيز الطاقة والأداء    مكتب نتنياهو: رئيس الوزراء يعاني من التهاب في الأمعاء    نائب محافظ الجيزة يبحث تطوير المنطقتين الصناعيتين بالصف وجرزا    خطوات التقديم لحجز شقة بمشروع سكن لكل المصريين 7    بلدة تايوانية تشهد أسوأ أضرار جراء الأمطار منذ 50 عاما    صراع إنجليزي على كولو مواني بعد تألقه مع يوفنتوس    المفتي: الذكاء الاصطناعي امتداد للعقل الإنساني.. ويجب ضبط استخدامه بميثاق أخلاقي عالمي    بايرن ميونخ يقترب من ضم لويس دياز بعد رفض عرضين    رغم عدم إعلانها رسميًا.. الفلسطيني آدم كايد يظهر داخل الزمالك (صورة)    شعبة الأدوية: الشركات الأجنبية تقلص حجم إنتاجها في السوق المحلية.. وبعضها تستعد للتخارج    «المالية» تُخصص 5 مليارات جنيه لجهاز تنمية المشروعات    وزير الصناعة والنقل يتفقد 3 مصانع كبرى في مدينة العبور بمحافظة القليوبية    مصر ترحب بالتوقيع على إعلان المبادئ بين جمهورية الكونغو وحركة 23 مارسالأحد، 20 يوليو 2025 12:06 م    برلمانيون: الأجهزة الأمنية تواجه بكل حزم كافة المخططات الإرهابية    الجبهة الوطنية يكثف نشاطه وجولاته الإنتخابية لدعم مرشحه بالبحيرة    تفاعل جماهيري مع فلكلور القناة في مهرجان "صيف بلدنا" بمطروح    قيادي بالمؤتمر: بيان الداخلية يكشف الوجه القبيح للإرهاب الإخوانى.. ويقظة الأمن أفشلت مخططتهم لاستهداف الوطن    محمد حمدي يعلق على فترة تواجده بالزمالك واعتزال شيكابالا وانتقال زيزو للأهلي    وداعا "للأمير النائم".. 20 عاما من الغيبوبة تنتهي بقصة خالدة في الصبر والإيمان    انطلاق فعاليات حملة «100 يوم صحة» بالإسكندرية    طلب أخير من وسام أبوعلي لعمال غرفة ملابس الأهلي.. أحمد حسن يكشف    نيويورك تايمز: روسيا حققت مكاسب كبيرة على الأرض فى أوكرانيا خلال يونيو    رفع 17 طن من القمامة بمدينة الأقصر والمخلفات الملقاة بترعة المعلا بمدينة الطود.. صور    قناة "مصر قرآن كريم" تحيى ذكرى رحيل الشيخ محمود علي البنا    ندوة لمناقشة كتاب "ثورة عبد الناصر" ووثائق ثورة يوليو للمؤرخ جمال شقرة.. الأربعاء 23 يوليو    مصرع سيدة سقطت من الطابق الثامن في الإسكندرية.. ونجليها: ألقت بنفسها    توفى بعدها بدقائق.. تشييع جثامين أم ونجلها من كنيسة الأزهرى ببنى سويف.. صور    عاجل- السيسي يستقبل قائد القيادة المركزية الأمريكية بحضور وزير الدفاع المصري    جنبلاط: أي دعوة لحماية دولية أو إسرائيلية تشّكل مسّاً بسيادة سوريا    الشيخ أحمد خليل: البركة في السعي لا في التواكل    أمين الفتوى: الرضاعة تجعل الشخص أخًا لأبناء المرضعة وليس خالًا لهم    رحلة الرزق انتهت.. حوض المرح ابتلع الشقيقات سندس وساندي ونورسين بالبحيرة    غلق 143 محلًا لمخالفة قرار ترشيد استهلاك الكهرباء    قرار وزاري برد الجنسية المصرية ل21 مواطنًا    مصرع عجوز سقطت من شرفة الطابق الثامن بالإسكندرية.. وأسرتها تكشف السبب    محافظ أسيوط يعلن التسلم الابتدائي لجناح توسع بمدرسة نوال يؤانس الإعدادية بنات    زكى القاضى: إسرائيل لا تريد رؤية الفلسطينيين وتسعى لتفنيذ مخطط التهجير    نتيجة الثانوية العامة 2025 بالاسم ورقم الجلوس.. رابط الاستعلام عبر موقع الوزارة (فور اعتمادها)    البلطي بين 90 و100 جنيه.. أسعار الأسماك في مطروح اليوم الأحد 20 يوليو 2025    حكم قراءة الفاتحة للمأموم في الصلاة الجهرية؟.. أمين الفتوى يجيب    حكم استخدام شبكات الواى فاى بدون علم أصحابها.. دار الإفتاء تجيب    وزير الإسكان يتابع تطوير منظومة الصرف الصناعي بالعاشر من رمضان    دعاء الفجر | اللهم إني أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد محسوب يكتب: انقلاب انقلاب وانقلاب إخوان
نشر في الشعب يوم 31 - 05 - 2015

يستعمل الانقلاب أدواته كاملة في إدارة الصراع مع الثورة المصرية..
وهو منذ البداية وضع نصب عينه التجربة الجزائرية والثنائية الناجحة (عسكر وإرهاب).. ولا تخرج كافة تحركاته عن هذا الإطار..
فمنذ اللحظة الأولى أعلن أنه انقذ مصر من تحوّلها لبلد مختطف من جماعة إرهابية.. وأخرج ساسة من رعيل الستينات ينطقون بما أملاه لهم من أن جماعة الإخوان المسلمون هي جماعة إرهابية، وأنه حين يقتلهم ويصادر أموالهم فإنما يجفف منابع الإرهاب.. وأن القتل ومصادرة الأ/وال إذا طال غيرهم فهم بالضرورة إخوان الإخوان الإرهابيين..
إن الخروج من هذه الثنائية كارثة بالنسبة للانقلاب.. وبالتالي فهو يُذكّر دائما بها، ويضع الفخاخ ليقع الجميع على وجهه في حفرتها.. وكلما ابتعدت كلما زاد قلقه فيُسارع ببذل مزيد من الجهد لاستعادتها..
وهو لا يكتفي باستخدام التصريحات على ألسنة أطرافه ومدمني حكم العسكر ليُروج لذلك، ولا يكتفي بالتشريعات وأحكام المحاكم التي تركز على هذا المعنى لتحوله من مجرد وهم إلى أكبر حقيقة (وهمية).. ولا يكتفي بالتواصل مع النظام الإقليمي والدولي لإقناعهم بهذه الكذبة الكبرى مستفيدا من استراحة الأذن الدولية والإقليمية لهذه النغمة مهما كانت كاذبة..
هو لا يكتفي بكل ذلك.. ولو كانت قراءتنا لطريقته في العمل مستندة إلى متابعة تلك الآليات وحدها فسيكون الأمر كارثي..
فالحقيقة إن أهم أسلحته هو ما تقوم به إداراته الخفية لا الظاهرة.. فليست التشريعات والتصريحات والأحكام القضائية والإعلام الموالي هي أهم الأسلحة في المرحلة التالية للصراع بين حكم الماضي وأمل المستقبل.. فالجميع تكشّف له بؤس الانقلاب وعجزه وتسييس القضاء وموالاته وتفاهة الإعلام وديماجوجيته وبشاعة التشريعات والأحكام واستثارتها للرأي العام الداخلي والدولي..
أما ما لم نتوجه إليه بالفحص والدراسة حتى الآن فهو العمل المخابراتي الذي تقوم به أجهزة الانقلاب لتكريس مفهوم الصراع الثنائي والعسكري الإرهابي وإخفاء حقيقة أنه صراع بين أجيال تحلم بمستقبل مزدهر وحر وعادل من جهة ومسيطرين على الدولة يريدون إبقاءها في الماضي بغفلته وكوارثه من جهة أخرى..
فالانقلاب نفسه كان عملا مخابراتيا بامتياز.. كما إن زعيمه كان رئيسا لجهاز المخابرات العسكرية في أخطر لحظة مرّ بها نظام مبارك خلال ثورة 25 يناير.. وبالتالي فإن الالتفات عن دور المخابرات سيكون سذاجة غير مغتفرة لباحث أو لسياسي أو لمؤرخ..
وعلى ذلك فإن كل ملف من ملفات الساعة له تحليل يمثل رسالة الأجهزة الذكية للانقلاب وتحليل آخر يمثل الرؤية البصيرة التي يجب أن تستشفها عين المتابع بعد إجراء عملية خض مدقق لفصل العناصر الواقعية عن الأحابيل الوهمية التي يجري دسها وكأنها حقائق واقع..
وفي إطار هذا المنهج يجب طرح عدد من التساؤلات المشروعة:
أولا: لماذا التركيز على انشقاق بجماعة الإخوان (والذي يبدو أنه جرى معالجته بسرعة) في لحظة انتبه الجمهور إلى فالق هائل في جسد الانقلاب يعجز أطرافه عن رأبه..؟
ثانيا: كيف تخرج مقالات وتحليلات بهذه السرعة وبهذا التدفق المذهل حول مستقبل الإخوان (وتوصيفه وكأنه مستقبل ميؤوس منه) بينما يجري تجاوز الحديث عن مستقبل الانقلاب المهدد فعلا في تماسكه ووجوده بفعل فشله الذريع في كافة الملفات؟
ثالثا: كيف يجرؤ أي باحث متعقل أن يطرح من جديد السيناريو الجزائري والذي تجاوزته الثورة المصرية، في لحظة فقدت سلطة الانقلاب تعاطف جمهورها التقليدي بينما اكتسبت قوى الثورة زخما جديدا سواء على مستوى ميلها لاستعادة التحامها أو استعادة مطالبها ذات الأبعاد الشعبية أو زيادة اندماج أبرز عناصرها وهي جماعة الإخوان ضمن مفهوم واسع وشامل للعمل الثوري متجاوزة قيودا فكرية ومطالب فصائلية؟!
رابعا: ما مغزى محاولة وضع مفهوم المصالحة بين السلطة والإخوان في سياق إقليمي (بتدخل سعودي تركي) في لحظة تعجز كافة القوى الإقليمية عن حسم أقرب الملفات إليها؟! فالسعودية تعجز عم حسم الملف اليمني بينما تركيا غير قادرة على فرض مجرد مناطق عازلة على حدودها مع سوريا. فكيف لهما أن يمتلكا القدرات السحرية التي يتحدث عنها البعض في فض اشتباك أكبر ملفات المنطقة؟!
وأكتفى بهذه التساؤلات المحددة لأنتقل إلى سرد بعض ما لا يختلف عليه أحد لكنه يضيع ضمن الصخب الدعائي لأفكار ورؤى وسناريوهات مُجهزة بغرف أجهزة الذكاء الاصطناعي:
اولا: جاء الانقلاب المصري في لحظة غير مواتية لن تمنحه القدرة على البقاء لعدة أسباب:
- من الناحية الاقتصادي: لا يمكن مقارنته بما قام به الجيش في 1952 والذي ورث بلدا ثريا فاستند إلى تراكم اقتصادي جيد منح سلطة عبد الناصر مكنة المغامرة يمينا ويسارا دون أن يسقط أو أن يمد يده للخارج حتى جرى تبديد هذا التراكم.
- جرى تفكيك الأصول الصناعية والاقتصادية التي آلت للدولة عبر 80 عاما من التطور الاقتصادي المصري – خلال عصر مبارك - حتى لم يبق للانقلاب أي أساس اقتصادي قويم يمكن أن يسند بقاءه.
- جاءت الثورة المصرية في لحظة انكسار للوضع الاقتصادي وانهيار القدرات الخدمية للدولة، وهو ما آل للانقلاب.
- كل ذلك جعل الانقلاب معتمدا كليةً على ضخ المعونات الخليجية دون احتساب آثار الانكماش الاقتصادي أو أعباء التطورات الإقليمية التي بالضرورة ستقلص من قدرة دول الخليج – وهو ما حدث فعلا - على دعم اقتصاد لا يملك مقومات الصمود طويلا.
- جاء الانقلاب بعد ثورة شارك فيها ملايين الشباب الذين ترسخت لديهم قيمة الحرية وبالتالي سيبقون في حالة مقارنة مع ما يقوم به الانقلاب، والذي لا يسعه أن يستمر في قمع الحريات كما لا يمكنه أن يعيش في أجواء غير مقيدة.
ثانيا: لم تكن الثورة المصرية ولم تتحول إلى صراع عسكري إخواني:
- فالثورة لم تكن تدبيرا إخوانيا، ولم تتبنَ جماعة الإخوان الدعوة إليها، بل على العكس من ذلك ترددت في الانضمام إليها، وكان انضمامها بمثابة عملية استكمال الاصطفاف اللازم لإنجاز التحول وإسقاط مبارك.
- تَحَوّل الإخوان في الوقت الحالي من منضمين للحالة الثورية إلى جزء من بنيانها الصلب؛ لكنهم لا يمثلون كامل الحالة الثورية.
- لم يحمل حديث الرئيس مرسي عن الشرعية معنى شرعيته الشخصية، فلو قصد نفسه لما قال "ثمن الحرية حياتي", إذ كيف يحتفظ على شرعيته بأن يُضحي بنفسه؟ وهو ما انتقل لدى الاتجاه العام لدى جماعة الإخوان إلى الحديث عن شرعية المسار الديموقراطي، واعتبار التمسك بعودة د. مرسي عملية إجرائية لوضع الانقلاب بشكل دائم ضمن إطار "السلطة غير الشرعية".
- لم يرتبط الحديث عن ثورية المنهج بالدعوة لحمل السلاح أو الانخراط في عمليات دموية، وهو ما كان يتمناه الانقلاب الذي يحلم بحرب أهلية؛ وإنما تعبيرا عن إدراك عميق من شباب الإخوان بخطأ الإسلوب المتصالح الذي اتبعه الإخوان مع عناصر الثورة المضادة قبل الانقلاب. كما لم تؤطر أدبيات ثورة يناير لأي تناقض بين الثورية والسلمية.
- أيقن الجميع بأن الثورة لا تنجح في تحقيق مطالب الشعب بالإخوان وحدهم، لكنها أيضا لن تنجح بدونهم، وهو مفهوم مستقر لدى كافة أطراف الجماعة الوطنية المصرية، ويؤسس لمفهوم شراكة تستفيد من تجربة التفتت التي استغلها الانقلاب.
ثالثا: المتوقع للمستقبل القريب:
- تفاقم حالة الفشل التي يعيشها الانقلاب والتي سيحاول سترها بمزيد من عمليات القمع والقتل لمحاولة فرض صورة المعركة الثنائية الافتراضية.
- زيادة انقسامات أطرافه بسبب الصراع على اقتسام كعكة السلطة والثروة.
- تقارب أطراف الثورة المصرية حاملين نفس مطالب يناير باعتبارها المطالب التي لا يمكن الاختلاف عليها.
- تحولات داخلية في معسكر الانقلاب، بما في ذلك احتمال انتقال مركز السلطة من شخص لآخر لمحاولة طرح بدائل لحالة العجز القائمة.
- تحولات بمعسكر الثورة، سينشأ عنها تولى الجيل الثاني في كافة الفصائل لعملية استعادة الاصطفاف.. وما حدث بجماعة الإخوان سيمثل بداية متوالية لن تتوقف إلا باصطفاف شبابي يغير من المشهد بشكل جذري.
ةأخيرا فإن الإغراق في الحديث عن تصورات مستقبلية تتخيل بقاء الانقلاب وانكسار الموجة الثانية للثورة ليس إلا ترويجا لحالة اليأس التي يعتمد عليها الانقلاب في هزيمة معنوية لخصومه الذين باتوا يشكلون غالبية الشعب المصري..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.