يبدو أن دولة الإمارات العربية المتحدة لا تألو جهدًا في محاربة الإسلاميين، سواء في داخل حدود الإمارات أو خارج أراضيها، حيث كشف الإعلامي التونسي المعروف «سفيان بن فرحات»، عن ضغوط إمارتيه حثيثة تمارس حاليًا ضد الرئيس التونسي الحالي "الباحي قائد السبسي"، وذلك لحضه على اتباع النموذج المصري (في قمع وإقصاء الإسلاميين)، مقابل ضخ المساعدات الإماراتية إلى تونس، التي تبدو بحاجة إلى الدعم خلال الفترة الماضية. وبحسب الإعلامي التونسي الذي يدعي أنه قريب الصلة من الرئيس التونسي «الباحي قائد السبسي»، هذا الأسبوع، أبوظبي سعت لإقناع «السبسي» بمحاولة الاستيلاء على السلطة من النهضة، صاحب العدد الأكبر من البرلمانيين المنتخبين، والذي أمسك بميزان القوى بين 2011- 2014. ووفقًا ل«فرحات»، فإن الرئيس التونسي أفشى خلال محادثة خاصة، أن المسؤولين الإماراتيين طلبوا منه «تكرار السيناريو المصري»، مقابل المساعدات المالية، إلا أن «السبسي» بحسب الإعلامي التونسي رفض اتباع نفس ذات النهج مع مصر، دون أن يوضخ أسباب هذا الرفض. أمريكا تعلن تونس حليفًا لها وبالتزامن مع تصريحات الإعلامي التونسي "سفيان بن فرحات" حول ضغوط الإمارات على السبسي، أكد الرئيس الأمريكي باراك أوباما، خلال لقاء سابق جمعه بالرئيس التونسي "قائد السبسي"، عزم الولاياتالمتحدةالأمريكية منح تونس وضع حليف رئيسي للولايات المتحدة خارج حلف الناتو، ومتعهدًا بتقديم مساعدات في وقت قريب لتتيح لتونس استكمال الإصلاحات الاقتصادية. ورغم أن هذا الإعلان الأمريكي قد يعزز من دور ومكانة تونس في المنطقة العربية، وقد يقوي موقفها ضد الإماراتالمتحدة، إلا أن مراقبين يخشون من تلاقي المصالح الأمريكية مع الأهداف الإماراتية على أرض تونس، ويكون ضحيتها هم الإسلاميون هناك. ويرى مراقبون أن تصريحات أوباما بشأن تونس، وضغوط الإمارات على "السبسي" تطرح تساؤلات مهمة حول مصير التيار الإسلامي في تونس، وإلى أي مدى سيصمد الرئيس التونسي أمام الضغوط الإماراتية؟ وهل بالفعل السبسي يرغب في شراكة وطنية حقيقة مع الإسلاميين؟ أم إنه يؤجل تنفيذ المخطط الإماراتي لإقصائهم لحين تحقيق أهداف معينة يصبو السبسي إليها؟ النهضة يواجه المخططات بحنكة سياسية في المقابل يؤكد مراقبون أن "حزب النهضة الإسلامي الإخوان المسلمون في تونس"، يحاول هو الآخر بشتى الطرق أن يفلت من شراك المخطط الإماراتي عن طريق تقديمه العديد من التنازلات السياسية، حرصًا منه على بقائه في دائرة الحياة السياسية في تونس وعدم إقصائه بشكل كامل، كما حدث مع الإخوان المسلمين في مصر. وكان "شؤون خليجية"، قد نشر في تقرير سابق تفاصيل الخطة الإماراتية التي تم الاتفاق عليها مع الباجي قايد السبسي، أثناء فترة دعايته الانتخابية، والتي تعمل على عزل حزب النهضة التونسي (ذي التوجه الإسلامي) سياسيًا، وربما إدراجه على قوائم التنظيمات الإرهابية في تونس، والزج بقياداته في سجون السلطة التونسية، إلا أن السبسي تراجع عن تنفيذ تلك الخطة، ربما بسبب تخوفه من تبعاتها على المشهد السياسي التنوسي، وربما بفضل حنكة "حزب النهضة" السياسية، والتي وضعته في موقف حرج بعد تقديمه تنازلات غير مسبوقة في الحياة السياسية. وكانت الخطة الإمارتية التي تم وضع ملامحها الأولية في "باريس"، خلال اجتماع ضم مسؤولين بأجهزة مخابراتية خليجية، وممثلين عن المرشح الرئاسي قايد السبسي إبان فترة الانتخابات الرئاسية، وعدد من الأحزاب المؤيدة للرئيس التونسي الهارب زين الدين بن علي، تضم عدة محاور أساسية. وتتمثل تلك المحاور في إقصاء حزب النهضة، ومنعه من الحصول على أي مركز في الحكومة التونسية، ومحاصرة الحزب وشيطنته في وسائل الإعلام العربية واستفزازه، لكي يتورط في عمليات مواجهة وعنف، فيتسبب في استنفار المجتمع التونسي ضده، ومن ثم اتخاذ إجراءات قانونية تشبه الإجراءات المصرية ضد جماعة الإخوان المسلمين في مصر، إلا أن النهضة فوت عليهم هذه الفرصة. وفي السياق ذاته، كان الدكتور محمد صالح المسفر - الكاتب والباحث القطري وأستاذ العلوم السياسية في جامعة قطر- قد أكد في مقال له بعنوان "رائحة نفط في الانتخابات التونسية"، أن الإمارات دعمت السبسي بشكل كبير كي يفوز في الانتخابات الرئاسية، كما أنها قامت بإهدائه سيارتين مصفحتين أثناء فترة دعايته الانتخابية، ما أثار جدلًا واسعًا في حينها؟. وكشف المسفر في مقال سابق، أن اجتماعًا عقد بين فريق المرشح في انتخابات الرئاسة التونسية، الباجي قايد السبسي، ومندوبين من دول خليجية في باريس، تركّز على كيفية عزل حزب النهضة ومنعه من تسلم أي مركز في الحكومة التونسية المقبلة، ومحاصرة الحزب وشيطنته واستفزازه، ليؤول به الحال كما آل بجماعة الإخوان المسلمين في مصر. دور الإمارات في هدم ثورات الربيع العربي ومنذ اندلاع الشرارة الأولى للثورات العربية بنهاية عام 2010، وتسعى الدول الخليجية وفي مقدمتها السعودية والإمارات إلى وأد تلك الثورات وإخمادها، من خلال رصد أموال ضخمة، ودعم وسائل إعلامية متنوعة لمناهضة تلك الثورات، وذلك خوفًا من تمدد تلك الثورات لبلدان الخليج من ناحية، والحفاظ على المصالح المشتركة مع الأنظمة الديكتاتورية في البلدان العربية من جهة أخرى. وبرزت تلك الخطة الخليجية من خلال الدعم الخليجي المنقطع النظير للانقلاب العسكري في مصر على الرئيس الشرعي للبلاد الدكتور محمد مرسي، ومحاولات شق الصف الليبي وزعزعة الاستقرار، من خلال إنشاء ودعم الميليشيات المقاتلة مع اللواء الانقلابي خليفة حفتر، ودعم الاضطرابات في اليمن ما سهل سيطرة الحوثيين على قطاعات كبيرة هناك، والتخلي الواضح عن الثوار في سوريا، ومحاولة التطبيع مرة أخرى مع نظام بشار الأسد، والوقوف بقوة إلى جانب الباحي قائد السبسي، وهو الذي يمثل انتخابه ردة عن الثورة التونسية وعودة جديدة لنظام بن علي القمعي. وبالإضافة إلى ما سبق، فقد اتفقت عدة دول خليجية على وضع رموز العمل الإسلامي في البلدان العربية على قوائم المنظمات الإرهابية.