عمت فرحة عارمة في العاصمة المصرية القاهرة والمدن الكبرى مثل الجيزة والإسكندرية والمنصورة وأسيوط والمنيا والمحلة مساء السبت وصباح اليوم الأحد بعد فوز مصر على الجزائر 2-صفر على إستاد القاهرة الدولي وأمام 80 ألف متفرج في الجولة السادسة الأخيرة من منافسات المجموعة الثالثة في الدور الثالث الحاسم للتصفيات المشتركة المؤهلة إلى نهائيات كأس العالم وكأس أمم إفريقيا عام 2010. وأبقت مصر على آمالها في التأهل إلى نهائيات كاس العالم للمرة الثالثة في تاريخها بعد عامي 1934 و1990 حيث فرضت مباراة فاصلة ستقام الأربعاء المقبل على إستاد المريخ في السودان. ومباشرة بعد إطلاق الحكم الجنوب إفريقي جيروم دايمون للصافرة النهائية، خرجت الجماهير المصرية بكثافة إلى الشوارع التي كانت فارغة أثناء المباراة، حاملة أعلام مصر وفانيلات المنتخب لتكتسي المدن كلها باللونين الأحمر والأبيض، وأطلقت السيارات العنان لأبواقها محتفلة بالفوز الغالي الذي يبقى آمال الفراعنة في تحقيق حلم 80 مليون مصري بالتواجد في النهائيات للمرة الثالثة والأولى منذ 20 عاما. من جهة ثانية اندلعت اشتباكات في مدينة مرسيليا جنوبفرنسا بين الشرطة وشبان حطموا واجهات المتاجر أعقاب خسارة المنتخب الوطني الجزائري أمام نظيره المصري صفر-2 في المباراة التي أقيمت مساء أمس السبت بالقاهرة في إطار الجولة الأخيرة للتصفيات الأفريقية المؤهلة لكأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا. وأضرم الشبان النار في السيارات، وأحرقوا صناديق القمامة وستة قوارب كانت راسية في المياه بعد انتهاء المباراة لصالح الفريق المصري. من جهتها قالت الشرطة الفرنسية إنها نشرت خمسمائة من عناصرها وسط مارسيليا الساحلية التي تقيم بها جالية كبيرة من الجزائريين. واعتقلت الشرطة ثمانية أشخاص ألقوا مقذوفات, بينما لم يعلن عن إصابة أحد بجروح في الاشتباكات. يُشار إلى أن فوز المنتخب المصري حرم نظيره الجزائري من التأهل مباشرة للمونديال, بعد أن تساوى الجانبان في عدد النقاط والأهداف, حيث يخوضان مباراة فاصلة بالسودان الأربعاء المقبل. وفي المقابل دان عدد من العلماء موجة الشحن العدائي التى رافقت المباراة من كلا البلدين، وأكد الدكتور فاروق أبو دنيا أستاذ أصول الفقه بجامعة الأزهر وعضو مجلس نادي أعضاء هيئة التدريس بالجامعة؛ أن هذا الشحذ الإعلامي بين الشعب المصري والجزائري يرمي إلى قطع أواصر الأخوة بين البلدين الشقيقين في الدين واللغة، مشددًا على أن هناك أيادي مستفيدة من خلف هذه المباريات، ترمي إلى نزع فتيل التعصب والتعادي لتفتيت شمل الأمة الإسلامية من خلال زج الشباب الضعيف من كلا البلدين؛ لبث روح العداء والتصادم بين جماهير وفريقي البلدين. وأوضح الدكتور أحمد رمضان أستاذ الحديث بجامعة الأزهر أن التنافس الشريف لا يتزاوج نهائيًّا مع التعصب؛ حيث إن التعصب انغلاق، بينما التنافس الشريف العادل انفتاح وتعارف، مؤكدًا أن التعصب هو اتهام من يختلفون معك بالابتذال أو الجهل وغيره، دون أي دليل على ذلك. وشدد رمضان على أن التعصب عامة لا يأتي بخير؛ لأنه إحدى وسائل الجاهلين؛ حيث يظهر المتعصب متوترًا وخائفًا، يخاف من منافسة شقيقه كان أم لا، ويرى في وجوده تهديدًا لبقائه؛ ما يدفعه إلا ارتكاب ما يكره وتمنعه الأديان السماوية، في حين أن من يحافظ على منافسة ولديه الروح الكريمة وسعة الصدر لا يخاف ولايرتبك، وتجده يتحلى بالصفات الكريمة. وأكد أن التعصب حالة ضعف في الأمة تنطلق من حالة جهل تساهم فيها أجندة صهيو أمريكية؛ للفتك بالأمة وإخراجها عن صلاحياتها لقيادة الأمة، بطمس قيمها من التسامح والتعاون والإيثار والإخاء واحترام الآخرين، داعيًا كلا الفريقين وجماهيرهما إلى الالتزام بروح الإسلام الحنيف، والتمسك بقيمه وأخلاقه، وأن تشهد مباراة اليوم بداية للتآخي والتسامح والاحترام الذي يغيظ أهل الباطل والأجندات الصهيو أمريكية، مطالبًا الأمة بضرورة فهم القرآن الكريم وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم وتعلمهما ودراسة سير الأنبياء والرسل عليهم الصلاة السلام؛ حتى تستطيع الأمة أن تخرج من فسادها وظلامها إلى صلاحها وفجرها بصناعة أجيال طيبة لا تعرف خبائث أعدائها. من جهته أكد الدكتور مصطفى الشكعة عضو اللجنة الفقهية لمجمع البحوث الإسلامية أن الإسلام دأب على محاربة التعصب بكل أشكاله، مستشهدًا بقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾ (الحجرات: من الآية 13)، ووصفها الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف: "ما بال بدعوى الجاهلية دعوها فإنها منتنة"، وأن ما يكرم به المرء إنما يكون بالتقوى والإخلاص والعمل الصالح، وليس بالفوز في مباراة أو دوري أو غيره. وشدد على أن التعصب صفة من صفات اليهود على مدار تاريخهم؛ حيث قاموا بترسيخ سياسة الظلم والعداء لغيرهم من أهل الأديان السماوية الأخرى وخاصة الدين الإسلامي، مؤكدًا أن الطريق لنصر وفوز الأمة الإسلامية على أعدائها في كافة المجالات لا يكون بالتشرذم والتشتت والانسياق خلف الدعايات العوراء التي تهدف إلى مسخ هويتها وتحطيم كيانها، وإنما بعودتها إلى قرآن ربها وسنة نبيها، وتعاونها على البر والتقوى والالتزام بالوفاء والعدل والتسامح.