عاشت مدينة قبلي في جنوبتونس يومي الأربعاء والخميس على وقع احتجاجات اجتماعية تنادي بحق أهاليها في التشغيل والتنمية وتوفير فرص عمل في الجهة التي تشهد نسب عالية من البطالة في صفوف الشباب. وأوضح عدد من المحتجين أن أهم مطالبهم هو انتدابهم في الشركة البترولية الهولندية "مازارين" المتمتعة بعقد التنقيب زعفرانة بمعتمدية الفوار والذي مكنها من اكتشاف واحد من أهم الحقول البترولية بالجهة سيشرع في استغلاله قريبا. وتجمع محتجون، الخميس أمام مقر الولاية في قبلي التي تقع على أطراف الصحراء جنوبتونس للمطالبة بالتشغيل والتنمية، وهي احتجاجات متواترة في عدة مناطق في الجنوب التي تقترب فيه نسبة البطالة الى 50 بالمئة في بعض المناطق. وذكرت تقارير اعلامية أن المحتجين أغلقوا الباب الرئيسي لمقر الولاية ومنعوا الأعوان من الدخول. وتأتي الاحتجاجات بعد ليلة من المواجهات استمرت حتى فجر الخميس بين متظاهرين وقوات الأمن في منطقة الفوار التابعة للولاية، استخدمت خلالها قوات الأمن الغاز المسيل للدموع وأطلقت الرصاص الحي في الهواء لتفريق المحتجين الذين حاول البعض منهم الاعتداء على مقر مركز الأمن العمومي في المنطقة. وأكدت مصادر أمنية، أن الوضع يتميز بالحذر صباح الخميس مشيرا إلى أنه لم يتم تسجيل أي إصابات أو إيقافات. ويرى مراقبون أن الحكومة التونسية تواجه تحديات جمة في المرحلة الراهنة اهمها تقليل نسبة البطالة وضرورة توفير فرض عمل للعاطلين بغية التخفيف من حدة الاحتقان الاجتماعي بعد ان عبر العديد من التونسيين عن عدم رضاهم على المنزالي التنموي لحكومة الحبيب اصيد. وبعد ان أمنت انتقالا سياسيا امتد لأربع سنوات تستعد تونس للانطلاق في إصلاحات هيكلية للاقتصاد حتى نهاية العام ا2015 كانت دعت اليها المنظمات المالية العالمية مقابل الاستمرار في ضخ القروض. لكن تأخر برامج التنمية وغياب الاستثمارات في الجهات الداخلية التي أعلنت عنها الحكومة في وقت سابق عزز من حالة الغضب والاحتقان لدى العاطلين والطبقات الفقيرة في المناطق الداخلية الأقل حظا في التنمية والاستثمار. وتبلغ نسبة البطالة في تونس نحو 16 بالمئة وتشمل قرابة 600 ألف عاطل بينهم أكثر من 200 ألف من بين الحاملين للشهادات العليا. وقال خبراء أن عدم اسراع الحكومة التونسية الى وضع خطة سريعة لتخطي المشاكل الاجتماعية سيصعي من مهامها في احتواء الاحتجاجات المتواترة في اكثر من منطقة خاصة في المناطق الداخلية التي يقول أهاليها أنهم يعانون من الإهمال الحكومي. وأدت الاحتجاجات الاجتماعية والإضرابات العمالية الى تعطيل الإنتاج في قطاعات حيوية مثل إنتاج الفسفاط في منطقة الحوض المنجمي بولاية قفصة في الجنوب. وتونس هي رابع منتج للفسفاط في العالم، بمعدل إنتاج يناهز ثمانية ملايين طن سنويا، لكن الرقم تراجع بشكل حاد ليصل في 2014 إلى 3.8 مليون طن، وخلال الربع الأول من العام الجاري بلغ الانتاج نحو 650 ألف طن. وتقول الحكومة إن تعثر الانتاج في قطاع الفسفاط يكلف الدولة خسائر تقدر ب1.5 مليار دينار سنويا.