انتقدت 15 مركزا ومؤسسة حقوقية قرار المحكمة الإدارية العليا بشأن تجريم الإضراب باعتباره «مخالفا للشريعة»، مؤكدين أن الإضراب حق كفله الدستور المصري، وأن على الدولة كفالة الحقوق والحريات التي نص عليها. قال المتضامنون في بيان مشترك، اليوم الجمعة، أن «احتفال الدولة بعيد العمال هذا العام جاء مختلفا عن كل الأعوام السابقة، ومعبراً عن المسار السياسي والاقتصادي الذي تنتهجه، وبدا للكافة أن هديتها للعمال هي محاصرة الحق فى الإضراب وتجريم ممارسته». وأوضح البيان أن حكم الإدارية العليا بما تضمنه من مبادىء وتفسيرات لا تحاصر فقط الحق في الإضراب بل تجرمه وتجعل الإحالة للمعاش هي العقوبة التي تطبق على كل من يمارسه من الموظفين العموميين، أمر جلل ستكون له آثاره القانونية على حقوق وحريات الموظفين العموميين. وفي هذا الإطار أوضح البيان عددا من الحقائق القانونية والدستورية بشأن تلك الواقعة: أولا: إن الموظفين الصادر ضدهم الحكم، هم 17 موظفا من العاملين في الوحدة المحلية بقرية قورص مركز أشمون بالمنوفية، بعد احتجاجات عمالية جرت في الوحدة بداية من يوم 13 يونيو، بما يمثله هذا التاريخ من مدلول سياسي واجتماعي على الحراك الجماهيري في ربوع مصر وليس هؤلاء الموظفين فقط. ثانياً: صدر حكم المحكمة التأديبية بالمنوفية يوم 29/12/2014، وقضى بإحالتهم للمعاش، وتم الطعن عليه أمام المحكمة الادارية العليا، ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون في المحكمة الإدارية العليا، التي قضت في 14/3/2015 بوقف تنفيذ حكم المحكمة التأديبية بالمنوفية، وأحالت القضية لهيئة المفوضين لإعداد تقرير بالرأي. ثالثا: أوصت هيئة المفوضين بالمحكمة الإدارية العليا بإلغاء الحكم المطعون عليه، لأن الإضراب حق للموظفين، وتحدد لنظر القضية يوم 11 إبريل 2015 أمام دائرة الموضوع، وبهذه الجلسة لم يحضر الموظفين أو محاميهم وبدلا من إصدار المحكمة قرارا بإعادة إعلانهم بالجلسة للتيقن من معرفتهم بها قررت المحكمة حجزها للحكم دون أن تستمع لدفاع الموظفين، وصدر الحكم فى الأسبوع التالي بتاريخ 18/4/2015، بتأييد حكم المحكمة التأديبية بالمنوفية بإحالتهم للمعاش. رابعا: الحكم استند في تفسير أسبابه إلى أن توقيع مصر على العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية جاء مع التحفظ على عدم مخالفته للشريعة الإسلامية، وزعم أن الإضراب مخالف للشريعة الإسلامية، وبالتالي فمصر غير ملتزمة بنص الاتفاقية الذى يتيح الاضراب عن العمل، وهو تجاهل بين للتطور الدستوري المصري فوقائع القضية تمت في يونيو 2013 أثناء سريان المادة 64 من دستور 2012، الذي جعل من الإضراب حقا دستوريا يعلو على القانون المحلي والاتفاقيات الدولية، وأن حكم الادارية العليا صدر في ظل دستور 2014، الذي أكد أن الإضراب حق دستوري في مادته رقم 15. خامسا: إن الحكم خلط بين مفاهيم «الإضراب عن العمل، والاعتصام، واحتلال المنشآت»، حيث تناولها باعتبارها شكل احتجاجي واحد، متجاهلا حقيقة أنها أنماط متنوعة وغير متشابهة، فالإضراب هو الامتناع عن العمل وقد يكون كلياً أو جزئياً، تبادلياً او تباطئيا، وقد لا يترتب عليه وقف الإنتاج أو احتلال المنشأة، فالإضراب المتباطىء هو الذي يتباطأ فيه العمال أو الموظفين عن معدلات الإنتاج أو الأداء المطلوبة دون أن يوقفوا العمل، والإضراب التبادلي هو الذى يتوقف فيه قطاع عن العمال دون الباقين ويتبادلوا الأدوار كل يوم أو كل فترة زمنية محددة، وهناك الإضراب الكلي الذي يمتنع فيه معظمهم عن العمل دون إعاقة من لم يرغب بالإضراب، وهو ما يختلف جوهرياً عن الاعتصام، وقد لا يترتب عليه أي تعطيل للعمل كأن تدخل وردية للعمل، أما الوردية التي كان من المفترض ذهاب عمالها لمنازلهم فيعتصموا فيها خارج العنابر وفي ممرات الشركة دون الذهاب لمنازلهم مع استمرار وردية العمل فى ممارسة أعمالها دون توقف، وهو ما يعنى بقاء كل الورديات بنطاق موقع العمل وعدم مغادرته وفي الوقت ذاته ممارسة الوردية المعنية لأعمالها. ويختلف ذلك عن أعمال احتلال المنشآت ومنع الغير من ممارسة أعمالهم بالقوة، وهذا له إطاره القانوني ومفهومه الإجزائي والعقابي والتأديبي، الذي يختلف جوهرياً عن الحق فى الإضراب بكل أشكاله. سادسا: الحكم زعم أن الإضراب عن العمل جريمة جنائية استناداً إلى أن المرسوم بقانون رقم 34 لسنة 2011 جرمه، وهو ما يعد متناقضاً مع هذا القانون ذاته لكونه قانون مؤقت يطبق فقط أثناء إعلان حالة الطوارئ، ووقائع أحداث تلك القضية جرت بداية من 13 يونيو 2013، ولم تكن حالة الطوارىء معلنة من بداية وقوع تلك الأحداث وحتى صدور الحكم الأخير.