تواجه الحكومات العربية انتقادات كبيرة، لغياب سياسة عربية واضحة لاستقبال اللاجئين على أراضيها، كما أن فقدان اللاجئين للحد الأدنى من مقومات الحياة الكريمة، هو من ضمن الأسباب الرئيسية لهجرتهم صوب القارة الأوروبية. ونشر موقع "دويتش فيله" تقريرًا، اليوم الثلاثاء، أشار فيه إلى أنه وفقا لإحصاءات المفوضية السامية لحقوق اللاجئين، فإن الجزء الأكبر من اللاجئين السوريين استقبلتهم دول مثل الأردن ولبنان؛ الدولتان الفقيرتان بالرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة والإمكانات المتواضعة، كما استقبلت تركيا أيضا مئات آلاف اللاجئين السوريين، مع غياب واضح للدول العربية الغنية وعلى رأسها دول الخليج. تقصير خليجي واضح ونقل موقع "دويتش فيله" عن الكاتب الصحفي والمحلل السعودي، سليمان العقيلي، أن دول الخليج استقبلت "أعدادًا قليلة من اللاجئين على أراضيها، مقارنة بدول أخرى مثل الأردن ولبنان"، إلا أن هذا لا يعني أن دول الخليج نأت بنفسها عن المساعدة. فالعواصم الخليجية كما يقول دفعت "مليارات الدولارات" من أجل مساعدة اللاجئين العرب في المخيمات الموجودة في الدول الأخرى. كما أن العديد من المؤتمرات قد خصصت لدعم اللاجئين السوريين ماليا، وكان أخرها في الكويت في مارس من العام الحالي. وبالرغم من تعهد مؤتمر الكويت بتقديم 3.8 مليار دولار للتخفيف من الأوضاع المأساوية التي يعيشها اللاجئون السوريون، إلا أن أيا من الدولة الخليجية لم تعرض استقبال لاجئين على أراضيها. كما اكتفت جامعة الدول العربية بالثناء على المانحين العرب لتبرعاتهم وخاصة الكويت التي تبرعت بمبلغ نصف مليار دولار، من دون أن تتطرق الجامعة إلى ضرورة إيجاد رؤية عربية موحدة أو آليات ملزمة للدول الأعضاء لتوزيع أعباء اللاجئين عليها. الأسباب التي تمنع دول الخليج من فتح أبوابها ويبرر العقيلي الانغلاق الخليجي أمام اللاجئين بأنه نابع من "خوف تصدير الأزمة إليها، وهو ما يقلق الحكومات الخليجية بشدة"، خاصة وأن دوائر الحكم الخليجية ترى بأن المنطقة العربية تشهد اضطرابات وقلاقل بشكل عام، وهو ما قد يجعل من أراضيها ساحة لامتداد هذه الأزمات. وأكد العقيلي بأن دول الخليج استضافت جاليات عربية كثيرة قبل الربيع العربي، وما تفعله اليوم من انغلاق هو من باب الحماية لهذه الدول. وقال الخبير المصري من مركز الأهرام الاستراتيجي، معتز سلامة، في حديث مع "دويتش فيله"، إن السياسة الخليجية إزاء اللاجئين بدأت تتشكل بعد المظاهرات التي شهدتها الأراضي الإماراتية من بعض الوافدين السوريين، الذين تظاهروا ضد بشار الأسد في فبراير 2012، وقيام السلطات الإماراتية حينها بإلغاء إقامة المتظاهرين السوريين وترحيلهم من أراضيها، وهو ما أثار انتقاد مؤسسات المجتمع المدني وفي مقدمتها منظمة هيومن رايتس ووتش. نعم للمستثمرين ولا للاجئين وبالرغم من مناشدة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين حكومات دول المنطقة بتوفير ملاذ للاجئين الفارين من سوريا، فإن العواصم الخليجية أبدت عدم مرونة لاستقبال هؤلاء اللاجئين. وانتقد مراقبون سياسات الدول الخليجية التي تقفل أبوابها أمام اللاجئين المحتاجين للحماية، والذين تقطعت بهم السبل، لكنها تفتح أبوابها على مصراعيها أمام الأغنياء منهم فقط، وهو ما يطرح التساؤل إن كانت دول الخليج تبحث عن لاجئين على أراضيها من تصنيف الدرجة الأولى.