«انقلب» المجلس الثوري لحركة «فتح» على فاروق القدومي أمين سر الحركة، وهو أعلى منصب في الحركة، وانتخب بالاجماع في ختام اجتماعاته في رام الله الليلة قبل الماضية الرئيس محمود عباس قائداً عاما للحركة، الأمر الذي يعزز من سلطات عباس على حساب سلطات القدومي. ولقب القائد العام ل «فتح»، الذي حمله الرئيس الراحل ياسر عرفات، منصب غير رسمي وغير منصوص عليه في النظام الداخلي، لكن عرفات حاز عليه بسبب ثقله الخاص في هذه الحركة التي قادها منذ تأسيسها في اواسط الستينات وحتى رحيله قبل عامين. وكانت صلاحيات عرفات قد وزعت بعد رحيله بين نائبيه في «منظمة التحرير» وحركة «فتح» بحيث حاز عباس على منصب رئيس اللجنة التنفيذية للمنظمة فيما حاز القدومي على منصب امين سر حركة «فتح». ولانتمائهما الى خطين سياسيين متعارضين سرعان ما نشبت خلافات حادة بين عباس والقدومي. ولم تثمر جهود المصالحة بين الرجلين الا بعد فوز حركة «حماس» في الانتخابات التشريعية في يناير مطلع هذا العام عندما اجتمعا في لقاء مصالحة، بدت قصيرة، اتفقا فيه على اعادة بناء الحركة لمواجهة التحديات التي وضعت امامها بعد خسارة الانتخابات. غير ان الرجلين سرعان ما افترقا بفعل تجدد الخلافات التنظيمية والسياسية بينهما. ففي الاجتماع الاول للجنة المركزية بكامل اعضائها بعد رحيل عرفات والذي عقد في العاصمة الاردنية في اغسطس الماضي، ظهر خلاف تنظيمي كبير بين عباس والقدومي حول حق كل منهما في التعبير عن الموقف السياسي للحركة. ففي حين اعتبر القدومي امر اعلان الموقف من حقه بصفته صاحب اعلى مرتبة تنظيمية في الحركة، اعتبر عباس الامر من حقه بصفته رئيس منظمة التحرير ورئيس السلطة. وقال مقربون من عباس انه شعر باحراج شديد من اللغة السياسية التي استخدمها فاروق القدومي في البيان الختامي الصادر عن الاجتماع المذكور للجنة المركزية. وتفجر الخلاف بين عباس والقدومي لدى محاولته عقد اجتماع ثان للجنة في العاصمة الاردنية عمان في اكتوبر الماضي. فقد أصر القدومي على ترؤس الاجتماع وتحديد جدول اعماله الامر الذي أثار عباس ودفعه الى إلغاء الاجتماع والعودة الى رام الله. وفي اجتماعات الدورة الاخيرة للمجلس الثوري التي عقدت في رام الله على مدار ثلاثة ايام بادرت مجموعة من اعضاء المجلس لتقديم اقتراح يقضي بإعادة إحياء منصب القائد العام ومنحه للرئيس للتغلب على تنازع الصلاحيات بينه وبين القدومي. ولدى عرضه للتصويت في الجلسة الاخيرة فاز الاقتراح بإجماع اعضاء المجلس الذين شاركوا في الاجتماع. ويؤدي انتخاب عباس قائدا عاما لحركة «فتح» الى تركيز قرارات الحركة في يده. وقرر المجلس ايضا تكيلف عباس، بالتشاور مع اللجنة المركزية، تشكيل قيادة ميدانية للعمل التنظيمي في الضفة والقطاع، وهو مطلب طرحته اخيراً القيادات الشابة والوسطى في الحركة غير الراضية عن قيادة اللجنة المركزية. وقرر المجلس ايضا الطلب من اللجنة المركزية اعادة توزيع المهمات بين اعضائها ومواصلة الاستعدادات لعقد المؤتمر العام السادس في النصف الأول من العام المقبل. وقرر كذلك تشكيل لجنة استراتيجية سياسية تقدم خلال شهر تصوراتها حول خيارات الحركة في المرحلة المقبلة واستحداث مفوضيات جديدة في اللجنة المركزية تعنى بقضايا القدس واللاجئين والأمن.