أكد الدكتور أحمد الطيب، رئيس جامعة الأزهر، خلال كلمته أمام مؤتمر دولي حول مستقبل الإصلاح في العالم الإسلامي، إن عدم وحدة مرجعية واحدة وتضارب مشروعات الإصلاح هو السبب في المشكلات التي يعاني منها العالم الإسلامي. وشدد د.الطيب خلال دراسة المؤتمر لتجربة "حركة فتح الله كولن التركية، على أن نجاح المشروعات الإصلاحية بات مشروطًا بوجود مرجعية عليا تستند إلى الكتاب والسنة النبوية الصحيحة. كما دعا د.الطيب إلى التصالح بين الإسلاميين والليبراليين من خلال صيغة وسطي لحل إشكالية الانقسام التقليدي في الأمة بين تيار منحاز للتراث وآخر يدير ظهره له وثالث إصلاحي "خجول". وقال الطيب أن :"العالم العربي يعاني من تعدد المرجعيات وتباينها، فهناك مرجعيات غريبة بعضها تم استدعاؤها من الغرب وأخرى من الشرق" . وعقد الطيب مقارنة بين المرجعيات في العالم العربي والدول الغربية، موضحًا أن تنوع الأذهان بالأخيرة جاء في إطار مرجعية حضارية واحدة سارت في اتجاه واحد، كما كانت التباينات بها جسرًا للقوة والرفاهية، وفي المقابل أدى تعدد الأذهان بالعالم الإسلامي لمتواليات من التفتيت والتجزؤ، وتحولت التباينات إلى سبب في الهدم، كما أصبح الاختلاف لدينا لا يعبر عن هموم الأمة بقدر ما يعبر عن انتماءاتنا للداخل والخارج . وشدد على أن غياب المرجعية سبب الانتكاسات التي تعرضت لها مشاريع النهضة الثقافية العربية الإسلامية، موضحًا أن وحدة المرجعية لا يعني إغلاق الباب أمام الاستفادة من الحضارة الغربية. ودعا رئيس جامعة الأزهر إلى الاتفاق على أنه لا إصلاح ولا نهضة بدون الحفاظ على هوية الأمة وتراثها ومقومات وجودها ، وكذلك لا نهضة أو إصلاح بدون استفادة من علوم الغرب، مفرقًا بين الشريعة والفقه، فالأولى هي النص أي القرآن والسنة النبوية الصحيحة، أما الفقه فيتمثل في استنباطات العلماء. وأكد أن التراث ليس مقبولاً كله، ويجب أن يأخذ منه أشياء وتترك أخرى، والاختيار يكون بناء على قدرته على مواجهة مشكلات العصر، قائلاً إن هذا الأمر ليس نقيصة في التراث ولكن طبائع الأمور، فالتراث يجب أن يتحول تيار دافق لا أن يكون مستنقع آسن . وأضاف: إن السلفيين كانوا يراهنون على الماضي وأن يعيشوا اعتمادًا عليه وإغلاق الأبواب أمام الحضارة الغربية فأصبح المجتمع أعزل أمامها، أما المتغربين الذين أداروا ظهرهم للتراث فقد أدارت الأمة لهم ظهورها ولم يحلو مشكلة من مشكلات المجتمع ، معتبرًا أن التيار الإصلاحي الوسطي هو المؤهل لحمل الأمانة وقادر على التجديد دون تشويه الشريعة . وفيما يتعلق بأزمة النقاب، قال رئيس جامعة الأزهر إن :"عدم سعة الصدر في أحكام شرعية ارتبطت بالأصل بقواعد اجتماعية تغيرت مع الزمن مثل موضوع حلق اللحية والنقاب"، ورفض الطيب عقب إلقاء كلمته توضيح موقفه من "النقاب", قائلا: "موضوع النقاب أصغر من أن أتحدث فيه". جدير بالذكر أن الدكتور أحمد الطيب رئيس جامعة الأزهر تعتبره الأوساط الغربية أحد الرموز الدينية في مصر والعالم العربي، قد لا يعلم الكثيرون عنه انه ينتمي إلي الصوفية وأنه ورثها عن والده وجده في مدينة الأقصر.