- قوات الأمن المركزي لعبت دورًا رئيسيًّا في القمع العنيف للاحتجاجات فقتلت دون محاسبة - محمد إبراهيم صاحب دور محوري في قمع ضد المعارضين السياسيين وكل من يختلف مع الجيش قالت تقارير صحفية أجنبية إن التغييرات الوزارية الأخيرة في مصر، والتي كان أبرزها إبعاد وزير الداخلية شريك السيسي في الانقلاب وقتل معتصمي رابعة والنهضة، قد تكون محاولة لكسب ثقة العالم في الحكومة قبل مؤتمر المستثمرين الأجانب في شرم الشيخ الأسبوع المقبل، وقد تكون مؤشرًا لأن السيسي يريد أن تترأس الوزارة "شخصية صدامية بشكل أقل". وقالت صحف ومراسلون أجانب من القاهرة، إن إقالة الوزير إبراهيم تهدف إلى إلقاء اللوم عليه على كافة الأخطاء السابقة، وتقديمه كبش فداء لأخطاء وجرائم السلطة التي شملت قتل وتعذيب معارضين. ولكن الصحف والمراقبون الأجانب أجمعوا على أن مجرد تغيير الوزير لن يضع حدًا لأزمة التعذيب والانتهاكات المزمنة في السجون. صحيفة "تليجراف" قالت، تحت عنوان "محمد إبراهيم.. رحل مهندس القمع"، إن عهد محمد إبراهيم في الوزارة "كان أسوأ فترة في تاريخ مصر الحديث فيما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان". ووصفت الصحيفة الوزير السابق بأنه كان "المهندس الرئيس" لحملة القمع العنيفة التي استهدفت عشرات الآلاف من المعارضين للحكومة وأنصار الرئيس الأسبق محمد مرسي، الذي شارك في "انقلاب" السيسي عليه في الثالث من يوليو 2013 وأضافت أن رحيل إبراهيم عن وزارة الداخلية جاء بعد تزايد الانتقادات ضده؛ بسبب عدم قدرته على إيقاف استخدام القوة المفرطة من قبل الشرطة، لاسيما بعد مقتل الناشطة شيماء الصباغ في يناير الماضي واتهام الشرطة بإطلاق الرصاص عليها. وأشارت الصحيفة أيضًا إلى أن جهاز الشرطة تعرض لحرج شديد على خلفية إطلاقه الغاز المسيل للدموع على جماهير نادي الزمالك الشهر الماضي، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 22 منهم. وفيما يتعلق بإمكانية تغير أيديولوجية الداخلية بعد رحيل إبراهيم عنها، اعتبرت الصحيفة أنه إذا لم يكن هناك إصلاح لقطاع الأمن نفسه، فإن مجرد تغيير الوزير لن يضع حدًا لأزمة التعذيب والانتهاكات المزمنة في السجون. تبييض وجه القمع وتحت عنوان "السيسي يطيح بوزير سحق المعارضة"، قالت نيويورك تايمز إن: "وزير الداخلية المصري محمد إبراهيم، الذي لعب دورًا رئيسًا في الحملة القمعية الوحشية واسعة النطاق للحكومة ضد المعارضة السياسية، تمت الإطاحة به من منصبه أمس الخميس في تعديل وزاري أعلنه مكتب قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي". وأشارت إلي أن التعديلات التي جرت الخميس "ربما تكون محاولة لتعزيز الثقة في الحكومة قبل مؤتمر للمستثمرين الأجانب، سيُعقد في منتجع شرم الشيخ، الأسبوع المقبل". ولكنها قالت إن التعديلات الحكومية كانت متوقعة بعد إجراء الانتخابات البرلمانية التي كان مقررًا لها الشهر الجاري، ولكن تم تأجيلها لأجل غير مسمى، بعد قرار من المحكمة الدستورية بتأجيلها في وقت سابق من الأسبوع الحالي قائلة: "إن القوانين التي تحكم الانتخابات لم تكن دستورية". ونوهت إلى أن "ضباط الشرطة، والذين كان يُنظر إليهم طويلًا بأنهم يفتقدون للتدريب وضبط النفس، تعاملوا بحصانة أكبر بعد تولي الجيش مقاليد السلطة في البلاد، بينما اكتفى إبراهيم بتجاهل اتهامات سوء المعاملة والانتهاكات، وفقًا لدعاة حقوق الإنسان". الأمن المركزي.. والسماح بالقتل وأشارت إلى أن: "قوات الأمن المركزي وعناصرها لعبت دورًا رئيسًا في القمع العنيف للاحتجاجات الإسلامية ضد تولي الجيش مقاليد الأمور في البلاد، وقتلت مئات الأشخاص خلال فض اعتصام رابعة في أغسطس عام 2013، وفي الوقت الذي توسعت فيه الحملة الأمنية لتشمل النشطاء اليساريين والليبراليين، لم يكن لدى السيسي أي شكوى من إدارة إبراهيم للوزارة". البيه ضابط كما أنه في الآونة الأخيرة لم يكن إبراهيم قادرًا على إحباط سلسلة من التفجيرات الدامية في العاصمة القاهرة، في الوقت الذي أصاب الحكومة اليأس حيال تحقيق الاستقرار في البلاد. وقالت إن محللين يستبعدون أن تكون الإطاحة بالوزير إبراهيم "مؤشرًا لجهود إعادة تشكيل وزارة الداخلية أو التنصل من إبراهيم، الذي تشير التقارير إلى شغله منصبًا كمستشار أمني"، مؤكدة أن الإطاحة بمحمد إبراهيم "قد تكون مؤشرًا لأن السيسي يريد أن تترأس الوزارة شخصية صدامية بشكل أقل، وفقًا لكريم مدحت عنارة، الباحث في الشؤون الجنائية والأمنية في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية". ويقول "عنارة": إنه في أعقاب سقوط مبارك، عمل اللواء مجدي عبد الغفار تحت قيادة وزير داخلية، كان محتفظًا بعلاقته بالقوى السياسية المختلفة، ومن بينها الإخوان المسلمين، قائلًا: "يمكن أن يكون ذلك التعديل مؤشرًا لنهج أكثر تساهلًا تجاه تلك القوى". ووصفت الصحيفة محمد إبراهيم بأنه "صاحب دور محوري في قمع الحكومة المدعومة من الجيش البعيد المدى والقاسي ضد المعرضين السياسيين". فشل أمني وأشارت صحيفة "وول ستريت جورنال" إلى أن الوزير المقال "يواجه الكثير من الانتقادات لفشله في كبح جماح الهجمات الجهادية المتزايدة من ناحية، كما يواجه من ناحية أخرى إدانة من جانب المنظمات الحقوقية؛ بسبب القمع العنيف ضد النشطاء الإسلاميين والعلمانيين"، بحسب الصحيفة. وقالت إن تغيير إبراهيم في هذا التعديل الوزاري يعود إلى "خيبة الأمل" التي صاحبت وجود إبراهيم في الوزارة؛ حيث إن الهجمات مستمرة ضد الجنود المصريين والأهداف التجارية والمدنية. وأشارت وول ستريت جورنال إلى أن الإرهاب استمر في عهد إبراهيم، بل وزادت حدته في العام ونصف العام الأخيرين اللذين أعقبا الإطاحة بمرسي، وتعد سيناء أكثر النقاط سخونة في هذا الصدد؛ حيث تشهد هجمات ضد أهداف وقوافل عسكرية، مما أسفر عن مقتل العشرات من جنود القوات المسلحة ورجال الشرطة. وأوضحت أن أعلى الأصوات التي نادت بإقالة إبراهيم كانت في يناير الماضي بعد مقتل الناشطة شيماء الصباغ برصاص الشرطة. وأضافت أن إبراهيم قبل الإطاحة به، كان قد أفلت من سلسلة من التحولات الرفيعة المستوى؛ حيث إنه كان قد عين من جانب الرئيس السابق محمد مرسي، لكنه شارك في الانقلاب على مرسي في يوليو 2013 قبل أن يشن حملة من القمع على أنصار مرسي، وكان من أبرز الشواهد على ذلك فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة في أغسطس 2013. شريك المذبحة وقد تناول عدد كبير من النشطاء الأجانب والصحفيين التعديلات في مصر بالتعليق؛ حيث علق المدير التنفيذي لمنظمة هيومن رايتس ووتش "كينيث روث" على حسابه على فيس بوك، بقوله: "السيسي يقيل شريكه في مذبحة رابعة". وقال روث في تدوينه على حسابه الخاص على موقع التدوينات المصغرة تويتر: "السيسي يقيل وزير الداخلية محمد إبراهيم شريكه في تنفيذ مذبحة ميدان رابعة العدوية التي راح ضحيتها قرابة 817 قتيلًا". ووصف الكاتب إياد البغدادي، الكاتب بمجلة فورين بوليسي، إقالة إبراهيم بأنها "تهدف إلى إلقاء اللوم عليه على كافة الأخطاء السابقة"، قائلًا: "كما وصفت الصحفية الهولندية رينا نيتجس، مراسلة إذاعة "بي آن آر"، وزير الداخلية المقال محمد إبراهيم ب"المتغطرس"، زاعمة أنه كان يضحك متغطرسًا، خلال مؤتمر صحفي يتعلق بمقتل الناشطة شيماء الصباغ. وكتبت "نيتجس"، عبر حسابها على موقع التدوين المصغر "تويتر"، تقول: "تغيير إبراهيم الذي كان يضحك متغطرسًا خلال المؤتمر الصحفي حول مقتل شيماء الصباغ". فيما قالت "لويزا لوفلوك"، مراسلة صحيفة ديلي تليجراف البريطانية، إن إقالة وزير الداخلية محمد "خبر هائل". وربطت ماجي ميشيل، الصحفية بوكالة أسوشيتد برس، بين القرار والمؤتمر الاقتصادي بشرم الشيخ المزمع إقامته خلال الشهر الجاري؛ قائلة: "قبل أسبوع من المؤتمر الدولي (الاقتصادي)، تم تغيير وزير الداخلية محمد إبراهيم بمسؤول متقاعد في قطاع الأمن الوطني".