يعاني قطاع غزة من حصار برا وجوا وبحرا وقد منع الجيش الإسرائيلي على الصيادين الفلسطينيين الإبحار أكثر من أربعة أميال بحرية وذلك في مخالفة واضحة وصريحة لاتفاق التهدئة الذي ينص على ستة أميال قابلة للزيادة، ليزيد التضييق على الصياديين الفلسطينيين الذين يعانون الأمرين في لقمة العيش، وذلك بعد أن قتل احد الصياديين الفلسطينيين خلال مزاولته مهنة الصيد في عرض بحر غزة ومواصلة الاعتداء على زملائه. واستشهد ظهر أمس السبت (7|3)، صياد فلسطيني متأثراً بجراحه التي أصيب بها في ساعات الفجر الأولى بعد تعرضه لنيران البحرية الإسرائيلية. وقال الناطق باسم وزارة الصحة الفلسطينية، أشرف القدرة، ل "قدس برس" إن الصياد توفيق سعيد أبو ريالة (32 عاما) توفي ظهر السبت متأثراً بجراحه التي أصيب بها بعد تعرض قاربه لنيران البحرية الإسرائيلية فجراً خلال مزاولته مهنة الصيد في عرض بحر غزة. وكانت زوارق حربية إسرائيلية قد فتحت في ساعة مبكرة من فجر السبت، نيران أسلحتها الرشاشة تجاه قوارب صيد الفلسطينيين قبالة شواطئ مدينة غزة، ما أسفر عن إصابة أحد الصياديين بجراح خطيرة حيث تم نقله إلى مشفى الشفاء لتلقي العلاج، في حين تم اعتقال صياديين آخرين كانا على متن قاربين آخرين وتم اقتيادهما إلى ميناء "اسدود" الإسرائيلي شمال قطاع غزة. وباستشهاد الصياد أبو ريالة يرتفع عدد الشهداء الذين قضوا منذ انتهاء الحرب على غزة وتوقيع اتفاق التهدئة بين المقاومة الفلسطينية ودولة الاحتلال في السادس والعشرين من آب (أغسطس) الماضي برعاية مصرية، إلى ثلاثة شهداء. وأبلغت سلطات الاحتلال الإسرائيلية الصيادين في قطاع غزة بتقليص مسافة الصيد إلى 4 ميل بدلاً من 6 ميل، في أعقاب استشهاد الصياد توفيق أبو ريالة، وذلك بحسب نقيب الصيادين الفلسطينيين نزار عياش. وأكد عياش ل "قدس برس" أن نقابته قررت تعليق الصيد لمدة ثلاثة أيام احتجاجًا على القرار واستشهاد الصياد أبو ريالة واستمرار اعتداءات الاحتلال بحق الصيادين بشكل متواصل. واعتبر حظر الصياد بمساحة لا تزيد عن أربعة أميال تمثّل انتهاكا وخرقا، لاتفاق التهدئة الذي أبرمته الفصائل مع دولة الاحتلال برعاية مصرية، داعيا كافة الأطراف إلى تحمل مسؤولياتها تجاه ذلك بما فيها الوسيط المصري. وأشار إلى ما يتعرض له الصياديين الفلسطينيين بشكل يومي من قبل البحرية الإسرائيلية مما يعرض حياة آلاف الصيادين الذين يقتاتون أرزاقهم من مهنة الصيد. واتهم دولة الاحتلال إضافة الاعتداءات المتكررة على الصياديين بمحاولتها إفساد موسم الصيد هذه الأيام وما يعرف ب "موسم السردينة"، وذلك لإبقاء هذه الفئة تحت الضغط الاقتصادي وانضمام حوالي خمسة آلاف صياد إلى صفوف المعطلين عن العمل لتوجيه ضربات موجعة للاقتصاد الفلسطيني المدمر أصلا. وكشف نقيب الصياديين الفلسطينيين أن الإبحار في عمق أربعة أميال لا يعني شيء بالنسبة للصياديين ولن يجدوا أي سمكة لاصطيادها، لذلك البقاء بدون صيد أفضل لنا حتى لا نتكلف خسائر كبيرة جراء تشغيل القوارب وغيرها. واستدرك بالقول حتى ان الصيد في عمق ستة أميال بحرية لا يأتي لنا بالسمك الوفير ولكنه أفضل من لا شيء، مؤكدًا أنهم يحتاجون الإبحار عشرين ميلا حتى يتمكنون العيش بشكل جيد ويوفرون الثروة السمكية للمواطن. وكانت المقاومة الفلسطينية قد وقعت اتفاق تهدئة مع الاحتلال الإسرائيلي برعاية مصرية يقضي بالسماح للصيادين بالصيد لمسافة 6 ميل بحري تزداد تدريجياً حتى تصل ل 12 ميلا. وأفاد حقوقي فلسطيني، بأن قوات الاحتلال الإسرائيلي قتلت عقب إبرام اتفاق التهدئة في قطاع غزة قبل ستة أشهر ثلاثة مواطنين فلسطينييْن وجرحت عشرات آخرين، في حين واصلت اعتداءاتها المختلفة بحق القطاع دون توقف. وأكد مدير مركز "الميزان" لحقوق الإنسان عصام يونس في حديث ل "قدس برس"، أن قوات الاحتلال الإسرائيلي واصلت تصعيد هجماتها واعتداءاتها في المناطق الحدودية في قطاع غزة وفي عرض البحر، منذ انتهاء الحرب الأخيرة على غزة في السادس والعشرين من آب (أغسطس) الماضي، وتوقيع اتفاق التهدئة برعاية مصرية. وأوضح أن قوات الاحتلال فتحت النار في المناطق الحدودية أو ما تعرف بالمنطقة "مقيدة الوصول" 29 مرة منذ توقيع التهدئة، أوقعت خلالها شهيدين و35 جريحاً بينهم 9 أطفال. كما ارتكبت 52 انتهاكاً بحق الصيادين قتلت خلالها الصياد أبو ريالة، واعتقلت 51 صياداً وأوقعت 17جريحاً واستولت على 15 قارباً للصيد وخرّبت معدات وآليات الصيد في 10 حالات أخرى، مضيفاً أن الأيام الثلاثة الأخيرة شهدت اعتقال 6 صيادين وأصابت 3 آخرين في حادثين منفصلين. وقال يونس: "إنه وأمام استمرار الحصار الذي يهدد حياة المئات من سكان قطاع غزة، وتصاعد الهجمات والانتهاكات الإسرائيلية التي تستهدف المدنيين في البر والبحر وتحرم السكان من مصادر رزقهم، فإنهم في مركز الميزان لحقوق الإنسان يعبرون عن استنكارهم الشديد لاستمرار الحصار وتصاعد الانتهاكات الإسرائيلية التي تفضي إلى التسبب في قتل وجرح المدنيين وحرمانهم من حقوق أساسية بموجب القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان". وحذر المجتمع الدولي من مغبة استمرار وتصاعد هذه الممارسات في ظل حالة الحصانة التي يتمتع بها مرتكبو انتهاكات القانون الدولي، داعياً إلى التحرك العاجل والوفاء بالتزاماته القانونية والأخلاقية تجاه المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، واحترام التزاماته القانونية بموجب القانون الدولي في ملاحقة كل من يشتبه في ارتكابهم انتهاكات جسيمة لقواعد القانون الدولي الإنسان. ومن جهته استنكر النائب جمال الخضري رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار قتل الاحتلال الإسرائيلي صياد فلسطيني وتقليص مساحة الصيد المسموح بها في بحر غزة من ستة أميال إلى أربعة. وقال الخضري ل "قدس برس" إن هذه الجريمة امتداد للعدوان المستمر والمتصاعد بحق الصيادين من إطلاق نار واعتقال وتدمير مراكب وتخريب شباك الصيد. وشدد على أن هذا الاستهداف وقتل الصياد وتقليص مساحة الصيد هو مضاعفة للمعاناة الموجودة أصلاً وتشديد للحصار الإسرائيلي الذي يخنق غزة براً وبحراً وجواً وخرقاً لكافة الاتفاقيات. وبين أن هذه الجريمة مُركبة حيث يعيش الصياد في غزة بين نار الجيش الإسرائيلي وأسلحته ونار الحرمان من الصيد وتقليص المساحة المسموح بها للصيد. وأكد الخضري أن إسرائيل تهدف من وراء هذه السياسات والممارسات لإفراغ البحر من الصيادين وملاحقتهم في قوت يومهم ما يعني زيادة معدلات البطالة والفقر المرتفعة أصلاً. وتعرض قطاع غزة في السابع من (يوليو) الماضي لعملية عسكرية إسرائيلية كبيرة استمرت لمدة 51 يوما، وذلك بشن آلاف الغارات الجوية والبرية والبحرية عليه، حيث استشهد جراء ذلك 2311 فلسطينيًا وأصيب الآلاف، وتم تدمير آلاف المنازل، وارتكاب مجازر مروعة. قدس برس