في زمن القمع والاستبداد يبدو أن قوات امن الانقلاب لا تقتل معارضين الانقلاب بالرصاص فقط، فالإهمال الصحي والتعنت والتعذيب وسائل أخرى تستخدمها ميليشيات الانقلاب لقتل معارضيها وراء القضبان وبعيدا عن عدسات الكاميرات. "المعتقلون السياسيون بسجن المنصورة يستغيثون ويستنجدون بأصحاب القلوب الرحيمة والمنظمات الحقوقية من تعنت مصلحة السجون و إدارة الترحيلات بمديرية الأمن، في إخراج الحالات الحرجة والمزرية لتلقي العلاج بالمستشفيات المتخصصة، ويحملون وزارة الداخلية بحكومة الانقلاب مسئولية حياتهم" هكذا جاء رسالة استفاثة المعتقلين من خلف القضبان عسى أن يجدوا مغيثا و مساعدا لهم. وأضافوا في الرسالة عدد من الأسماء لحالات صحية حرجة: "1- عادل يوسف عبد السلام مصاب بفشل كبدي حاد والحالة متأخرة جدا 2-سامي عبد الجواد البقلي كٌسرت ركبته داخل السجن ويحتاج لتركيب ساعد من 4 شهور 3- محمد السيد يونس مصاب بحصوة في المثانة وتضخم في البروستاتا يويحتاج لتدخل جراحي 4- هشام أبو الفتوح عويضة ضمور في الشبكية 5- محمد طلعت شمس إلتهابات جلدية شديدة 6- محمود عبد الهادي قرحة بالمعدة بالإضافة إلى آلام حادة في الأسنان ولا يوجد طبيب متخصص في السجن". هكذا جاءت استغاثاتهم، وقبل أن تظهر إلى العلن وتصل إلى الإعلام، توفي حامل الأسم الأول الأستاذ عادل يوسف البالغ من العمر 55 عاما الذي كان مصابا بفشل كبدي حاد، وحالته المتأخرة لم تجد من إدارة السجن سوى التعنت والإهمال الطبي حتى دخل في غيبوبة وتوفى بعدها. يُذكر أنه قد تم اعتقاله يوم 30/ 8/ 2013 من تظاهرة مناهضة للانقلاب العسكري في مدينة المنصورة، عقب فض ميداني رابعة والنهضة، فيما حكم عليه بالسجن 10 سنوات بتهم التظاهر وقطع الطريق وترديد هتافات معادية للجيش والشرطة، وذلك في القضية المقيضة برقم: 10334 لسنة 2013 جنح ثان 2442 لسنة2013 كلي جنوب. واشتهر سجن المنصورة بوفاة المساجين به نتيجة الإهمال والتعنت، إذ شهد السجن أول حالة وفاة داخل السجون المصرية عقب انقلاب 3 يوليو، عندما توفى القيادي الإخواني الدكتور صفوت خليل الذي كان مصاب بالسرطان ويأخذ جرعات علاج الكيماوي وأجرى عملية بتر في قدمه، وبالرغم من سوء حالته الصحية تعنتت الداخلية في الإهمال الصحي له واستمرار حبسه رغم مرضه بالسرطان. الجدير بالذكر أنه في 12 ديسمبر 2014 تزامنًا مع اليوم العالمي لحقوق الإنسان، أصدر المرصد المصري للحقوق والحريات تقريرًا تحت عنوان “المقابر الرسمية” في إشارة إلى أماكن الاحتجاز من سجون وأقسام ومحاكم ونيابات، كشف عن مقتل 212 معتقلا ومحتجزًا في أماكن الاحتجاز جراء التعذيب والإهمال الطبي المتعمد وسوء الأوضاع وانتشار الأمراض وعدم وجود تهوية في تلك الأماكن منذ 30 يونيو 2013 بينهم 83 حالة قتلوا منذ أن تولى “السيسي” منصب الرئاسة رسميا حتى تاريخ إصدار البيان. وأكدت وحدة الرصد والتوثيق ب”المرصد” أن أماكن الاعتقال تحولت إلى مراكز لتصفية الإنسان معنويا وبدنيا بشكل تدريجي لتتحول إلى كائنات لا تمت للبشرية بصلة. فيما أكدت مصلحة الطب الشرعي في تقريرها الختامي لعام 2014 المنقضي بأن حالات الوفاة داخل أقسام ومراكز الشرطة بلغت 90 حالة.