السيسي كان لديه رغبة قوية، وربما يكون المنقذ له، هو استجابة الغرب لمطالبه الجامحة دون ضوابط، والتدخل العسكري في ليبيا. من جهة أخرى يرى دبلوماسيون غربيون أن التحالف المتزايد بين قائد الانقلاب في مصر عبدالفتاح السيسي وقائد الانقلاب في ليبيا اللواء الليبي خليفة حفتر سيزيد من الاضطرابات في ليبيا، ويشجع الأخير على التصرف من جانب واحد كما يجعل علاقاته مع حكومة طبرق أكثر توترًا. جاء ذلك في سياق مقال تحليلي لصحيفة (وول ستريت جورنال الأمريكية) حول رفض الغرب للمقترحات المصرية للتدخل العسكري في ليبيا. وفيما يلي مقتطفات من المقال: يعزي دبلوماسيون غربيون رفض مقترح السيسي بتشكيل تحالف عسكري لمحاربة تنظيم داعش في ليبيا، إلى الحملة القمعية التي يمارسها النظام المصري ضد الإسلاميين المعتدلين داخليًّا. وشنت مصر أولى غاراتها الجوية على أهداف في ليبيا الإثنين الماضي، بعد يوم واحد من بث فيديو يظهر ذبح 21 قبطيًّا مصريًّا كانوا يعملون في ليبيا، ثم أتبع السيسي تلك الغارات بمناشدة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بعمل حملة عسكرية أكبر ضد الجبهة الجديدة للتنظيم في ليبيا. لكن مقترحات السيسي قوبلت بفتور من الدبلوماسيين الغربيين، الذين قالوا إن تدخله في ليبيا وتعميق الأزمة الحالية يهدد بتقويض جهود الوساطة للأمم المتحدة الضعيفة فعليا في ليبيا، وقال دبلوماسي أمس الخميس "السيسي ليست لديه المصداقية تجاه الإسلاميين المعتدلين، في حقيقة الأمر فهو خصم لهم، لذا فهم ينظرون لاستغلال غاراته العسكرية كذريعة لتجنب المحادثات". ويبدي دبلوماسيون غربيون قلقهم من أن التدخل المصري في الأزمة الليبية قد يتسبب في عزل الإسلاميين المعتدلين، وإفشال فرص التوصل لحل سياسي. ورفضت حكومة السيسي الانتقادات الموجهة إليها من جماعات حقوق الإنسان والدبلوماسيين والصحفيين تجاه الحملة التي يشنها على معارضيه داخليًّا وأبرزهم الإخوان المسلمين، فالجماعة الإسلامية المعتدلة قريبة من الإسلاميين في ليبيا والمشاركين في مفاوضات تشكيل حكومة وحدة وطنية. وقدم السيسي مقترحات الإثنين الماضي تقضي بتقديم دعم أممي لفكرة التحالف العسكري لمحاربة تنظيم داعش داخل ليبيا، لكنها قوبلت بالرفض ما دفع مصر وليبيا للتراجع وتقديم طلبات أقل الأربعاء الماضي، وكان من بينها رفع الحظر عن الأسلحة وفرض حظر بحري على المناطق الواقعة خارج سيطرة الحكومة المعترف بها دوليًّا. التدخل العسكري المصري في ليبيا حظي بدعم داخلي كبير بعد حملة السيسي ضد الإخوان المسلمين، فمع توليه مقاليد السلطة في مصر بعد "انقلاب" في يوليو عام 2013 أطاح بأول رئيس منتخب والمنتمي للإخوان المسلمين محمد مرسي، ثم فاز بالانتخابات ضد مرشح ضعيف بعد أن قام نظامه بحبس عشرات الآلاف من أنصار الإخوان المسلمين وقتل الآلاف من المحتجين المؤيدين للإخوان. الغارات العسكرية الأخيرة لمصر على ليبيا تعيد التأكيد على الدور القيادي الدبلوماسي والعسكري الذي تلعبه في منطقة الشرق الأوسط على الرغم من مرورها باضطرابات طيلة 4 سنوات، وحظيت حملة السيسي على الإخوان بدعم من أغلب دول الخليج وموافقة هادئة من إسرائيل وتحالفات أقوى مع قادة مناهضين للإسلاميين في ليبيا وسوريا والعراق. الدبلوماسيون الغربيون يحجمون عن الشراكة مع اللواء خليفة حفتر المناهض للإسلاميين، فهم يبدون قلقهم من أن يقلل ولاءه السابق لمعمر القذافي شعبيته بين الليبيين، ويدعم حفتر الحكومة المعترف بها دوليًّا التي تنشط في مدينة طبرق شرق البلاد، والتي تتنافس أيضًا مع حكومة انتقالية في العاصمة طرابلس تدعمها "فجر ليبيا".