خلت اسماء المرشحين لمجلس النقابة من محمد عبد القدوس وعبير سعدى ، وهما اسمان يستحقان التحية ، وسيتركان فراغا كبيرا خاصة لارتباط نجاح اللجان التى تولوا شئونها باسمهما أكثر من أى لجنة أخرى ، فبمجرد ذكر لجنة الحريات بنقابة الصحفيين لابد ان تقترن باسم محمد عبد القدوس ، كما انه لا حديث عن نجاح لجنة التدريب وتطوير المهنة الا بما قدمته عبير سعدى عرفنا بالزميل محمد عبد القدوس فى نهاية السبعينيات ، وأرتفع اسمه مع اعتقالات السادات الشهيرة عام 1980 ورفض والده الكاتب الكبير احسان عبد القدوس التوسط للافراج عنه ، فهم من اسرة متواصلة بالكفاح والمواقف والتى كانت تعرف بها جدته روز اليوسف صاحبة واحدة من اعرق المؤسسات الصحفية ، وكم تعرض ابنها احسان للاعتقال حتى فى عهد الثورة التى احبها واحبته وشخصيا عرفت بمحمد عبد القدوس عن قرب فى وسط الثمانينات فى موقف طريف حيث كنت مكلفا بتغطية اعتصامات طلاب كلية الطب ، وتوجهت لمواجهة عميدها الدكتور هاشم فؤاد والذى كان معروفا بصرامته ، فاذ بمقابلة محمد ، وتعجب لانه جاء للكتابة لجريدة " الشعب " التى أعمل بها ، وعلمت ان المرحوم عادل حسين عرض عليه الكتابة بالجريدة خاصة مع التوجه الجديد ، وتولى محمد عبد القدوس الاشراف على باب " أخبار ممنوعة " وهو من أقوى ابواب الجريدة ، حيث كان يأتى باسرار لم تنشر فى الصحف خاصة عن كبار المسئولين بالدولة ، وكانت تأتى بردود أفعال قوية ، وكنت واحدا من ابرع كتابها ، بل اكاد ان اكون فى مقدمة المتعاونين مع محمد عبد القدوس فى هذا الباب وكان عبد القدوس يقدم بجانب " أخبار ممنوعة " كثير من الانفرادات والآخبار الهامة ، ويكتب مقال من أكثر مقالات الجريدة قراءة بجانب مقالات عظام مثل عادل حسين وحلمى مراد وفتحى رضوان والسيد الغضبان ومحجوب عمر وابراهيم شكرى وغيرهم من أصحاب القلم والموقف وفى هذه الفترة – وسط الثمانينات – اتجه محمد عبد القدوس للنشاط النقابى فتقدم لعضوية مجلس النقابة وحقق نجاحا باكتساح ، وهو ما كرره لنحو 30 سنة متواصلة ، وكثيرا ما كان ينفرد بالحصول على أعلى الاصوات فرغم ان محمد عبد القدوس ينتمى للاخوان ، وهى جماعة تلاقى خلاف ان لم يكن عداء – من كافة الاتجاهات الآخرى ، خاصة من الاتجاهات اليسارية والناصرية التى تسيطر على أغلبية النقابة ، ومن الحكومة التى تتدخل ولو بطرف خفى سواء بمرشحين من كتابها أو بأمتيازات لمن تسعى لانجاحهم ، الا ان محمد عبد القدوس لم يكن مجرد مرشح بل كان " حالة خاصة " حيث كان يحصل على أصوات من كافة الاتجاهات ، حتى ان بعض اصدقائنا من اكثر المختلفين على الاخوان كانوا ينتخبونه وبحماس ، واذكر مرة ان زملاء من اليساريين والناصريين منهم الزميلة بهيجة حسين والزميلة نور الهدى زكى وغيرهم اكدوا انهم لن ينتخبوا أى اخوانى ، ثم عرفت بانتخابهم لمحمد عبد القدوس ، وعندما ضحكت متعجبا قالوا : ماذا نفعل .. امام ورقة الانتخاب نجد القلم تحرك ليختار محمد عبد القدوس كان اختيار الجميع له ردا لما كان يفعله ، فهو لم يفرق يوما فى موقفه بين أى اتجاه ، فكان يناصر الحريات لكل الزملاء دون أى استثناء ، وظل ودود ومحبا للجميع حتى مع أقسى من يهاجمونه فلاقى احترام الجميع وقد لخص محمد عبد القدوس هذا لنجاح فى " روشته " حول عوامل فوزه طوال سبع دورات نقابية منذ عام 1985 وبنسبة عالية من الآصوات ، وهى " روشته " كتبها من واقع خبرته الطويلة وتشمل مواصفات النقابى الجدير بالحصول على الاصوات وتحقيق النجاح ومنها : أن يكون ناجحا فى عمله الاساسى ، وأن يثبت وجوده هناك أولا عنده وقت كاف لخدمة زملائه ولا يعطيهم بقايا وقته ان يعتبر نقابة الصحفيين ملكا لكل ابنائها من حملة الآقلام ، وأن يضع نفسه فوق كل الانتماءات فى خدمة الجميع ، ولا تقتصر علاقته على تيار بعينه أن يكون متواصلا مع الصحفيين فى مختلف المؤسسات الصحفية ويذهب اليهم فى أماكن عملهم ، ولا ينتظر أن يأتوا اليه فى النقابة ، وعنده القدرة على الخدمة العامة فهذا ليس بالسهل أبدا واسع الصدر يتحمل النقد ، متواصلا مع الجميع ابتداء من كبار الصحفيين وحتى أصغر محرر ، ويستطيع كل صحفى الوصول اليه بسهولة وأخيرا يقول .. أحترسوا من الوعود المعسولة خلال الانتخابات ، وأختاروا من يحمل برنامجا محددا بعيدا عن الشعارات ، وتتوفر فيه المواصفات التى ذكرها سابقا ان محمد عبد القدوس وان كان ترك موقعه فى مجلس النقابة ، الا اننا نثق انه سيستمر نصيرا للحريات ، وعونا لكل من يلجأ اليه بعيدا عن اية مناصب أو انتخابات ، ونثق فى استمرار عطائه فى كل مجالات الخير للمواطن والوطن ، وكما كان فى قضاياه وندواته ينفتح على القضايا الوطنية المختلفة نثق فى انه سيستمر فى العطاء والمعاونة للجميع أما الزميلة عبير سعدى والتى هى افضل من تولى موقع مقرر لجنة التدريب وتطوير المهنة ، فقد تركت بصمة جعلت عنوان الاهتمام بدور النقابة فى تطوير المهنة والارتقاء بالصحفى مهنيا مرتبطا بها حتى مع تركها الانتخابات عرفت عبير سعدى منذ سنوات طويلة ، وقد كانت طالبة بكلية الاعلام جاءت الى النقابة لعمل موضوع صحفى كنت طرفا فيه ، حيث كانت تتدرب فى مجلة " الشباب " التى يصدرها الاهرام برئاسة تحرير الراحل الكبير عبد الوهاب مطاوع ، وكان اللقاء فى موقع النقابة القديم ، واستمرت العلاقة الصحفية بعبير والتى خيرت بين التعيين بالاهرام واخبار اليوم فأختارت الآخبار ، وأحبت عملها وتفانت فيه ، خاصة بما طورت فيه نفسها من مهارات وعلى رأسها اجادة اللغات الاجنبية اجادة تامه ، واجادة تكنولوجيا المعلومات بمهارة فائقة ، وهى دروس لأى صحفى يبحث عن تحقيق النجاح بجدارة من خلال مهاراته وانضمت عبير سعدى للترشح لعضوية مجلس النقابة لنقل هذه المهارات الى كل الزملاء ، فأحبها كل من يسعد للارتقاء بالمهنة ، والتف حولها جموع الصحفيين حتى حققت أعلى الآصوات وبفارق كبير جدا عن أى منافس ، وواصلت عبير نجاحها بجدارة فى أكثر من دورة انتخابية ، وواصلت الدورات التدريبية للصحفيين ليست فى المهام الاساسية فى اللغات الاجنبية وفنون الكمبيوتر فحسب ، بل أمتدت لكل ما يتعلق بالصحفى سواء فى فنون التصوير أو الحماية المهنية عند تغطية المخاطر من حوادث ومظاهرات وحروب ، والاسعافات الآولية وغيرها وغيرها من الفنون التى تساعد الصحفى فى عمله ولم يتوقف عطاء عبير عند النقابة الآم بالقاهرة ، بل ذهبت الى المحافظات لتعقد نفس الدورات بالاسكندرية ، بل وفى مدن القناة ، وفى محافظات الصعيد ، ليستفيد كل الصحفيين دون استثناء ووسط هذا التفانى كان حلم عبير سعدى بانشاء مركز لتدريب الصحفيين بالنقابة ، وان يكون التدريب الفعلى وليس الشكلى – كما يحدث الان- شرطا لقيد الصحفى بالنقابة ، وان يسابق الصحفى المصرى الصحفيين فى كل بلاد العالم .. الا انها للاسف تعرضت لمتاعب وتحديات لمحاربة ووأد هذا الحلم الذى عملت لتحقيقه .. وهو نهج أصبح محزنا لمحاربة كل من يحقق نجاح فان لم يكن وأده فليكن السعى لخطفه مثلما حدث مع جهود الزميلة هويدا فتحى فى نادى الصحفين بالاسكندرية ، واسامه داود فى مشروع العلاج وغيرهما وللآسف اثرت عبير الابتعاد ، لتترك الما عند كل صحفى غيور على مهنته ، ونعرف ان نفس الآلم اصاب قلبها فهى أكثر ممن احبوا المهنة وسعوا للارتقاء بها نعرف ان عبير سعدى لن تتوقف عن الارتقاء بتطوير نفسها فى الدراسات المتطورة ، ونثق انها ستنقل خبرتها ونجاحها لآى صحفى يتطلع للنجاح ، وانها لن تتوانى عن خدمة أى صحفى بمودتها المعروفة وروحها الاسوانية الطيبة فى كل وقت واذا كنا ندعو بتحقيق اطيب الامنيات لكلا من الزميل محمد عبد القدوس والزميلة عبير سعدى بما قدماه للمهنة وللوطن ، فاننا نؤكد ان الدور الآول لمجلس نقابة الصحفيين هو ما قدمه عبد القدوس وقدمته عبير وهو الدفاع عن الحريات ، والارتقاء بتدريب وتطوير الصحفى .. ولو أقتصر ألآمر على السعى لغير ذلك مهما زاد البدل او تزايدت الخدمات – رغم أهميتهما - فقد لا يصبح هناك فارقا بين النقابة والنادى الآجتماعى .. فقد أصبح واضحا الفارق بين النقابة والنادى هو اعلاء الحريات والارتقاء بالمهنة ، وهو ما نجده فى بصمات محمد عبد القدوس وعبير سعدى ومن يسير على نهجهما.