حملت مصادر إعلامية مقربة من التيار المحافظ في إيران الحكومة البريطانية مسؤولية الاضطرابات التي تلت الانتخابات الرئاسية في أعقاب محاكمة موظف في السفارة البريطانية وأستاذة جامعية فرنسية على خلفية تلك الأحداث. فقد نشرت صحيفة كيهان -التي تعد بمنزلة اللسان الناطق باسم النظام الحاكم في إيران- على صفحتها الأولى اتهاما صريحا لبريطانيا ووصفت لندن بأنها كانت "غرفة العمليات والقيادة لأعمال الشغب في طهران بالتعاون مع واشنطن وتل أبيب"، في إشارة إلى الاحتجاجات التي أعقبت إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية الإيرانية التي جرت في 12 يونيو/حزيران الماضي.
كما اتهمت الصحيفة -التي عادة ما يعين مديرها المرشد الأعلى للجمهورية علي خامنئي- دبلوماسيين في السفارة البريطانية في طهران بأنهم كانوا على اتصال دائم بحملة المرشح الإصلاحي الخاسر في الانتخابات الرئاسية ورئيس الوزراء الأسبق مير حسين موسوي.
اتهامات أخرى
وانضمت صحيفة "إمروز" -وتعني بالفارسية "اليوم"- المحسوبة على الجناح المعتدل في تيار المحافظين لحملة الاتهامات بقولها إن الاعترافات التي كشفت عنها جلسة المحكمة الثورية السبت تبين أن بريطانيا وفرنسا وألمانيا كانت من الداعمين "لانقلاب ناعم" ضد الثورة الإسلامية في إيران.
وتابعت الصحيفة أن الإفادات التي وردت أثناء المحاكمة أثبتت أيضا أن مواقع الإنترنت مثل "فيسبوك وتويتر" استخدمها وبشكل كبير أنصار المعارضة لنشر الأنباء وصور الاحتجاجات.
وجاءت هذه الاتهامات تعليقا على ما نسب من اعترافات أدلى بها الموظف الإيراني في السفارة البريطانية حسين رسام أمام المحكمة الثورية السبت إلى جانب الأستاذة الفرنسية الجامعية كلوتيلد ريس، والموظفة الإيرانية في القسم الثقافي بالسفارة الفرنسية نازاك أفشار.
المحكمة الثورية
ووفقا لما ذكرته مصادر إعلامية إيرانية وجهت المحكمة للفرنسية كلوتيلد ريس تهمة الإضرار بالامن القومي من خلال المشاركة في الاضطرابات وجمع أخبار ومعلومات وإرسال صور للاضطرابات إلى الخارج، وهي تهمة تصل عقوبتها بموجب القانون الإيراني إلى الإعدام.
فيما وجهت لنازك أفشار تهمة تقديم معلومات عن الاضطرابات المتعلقة بالانتخابات إلى جهات أجنبية، كما اتهم الموظف بالسفارة البريطانية حسين رسام بالتجسس بعد إقراره -وفقا للرواية الإيرانية- بتسليم معلومات عن الاضطرابات إلى واشنطن وقيام دبلوماسيين بريطانيين -من بينهم السفير- بحضور تجمعات لأنصار المعارضة.
الرد الأوروبي
وندد الاتحاد الأوروبي بالمحاكمة في بيان رسمي صدر السبت عن وزارة خارجية السويد -التي تتولى حاليا الرئاسة الدورية للاتحاد- عدّ "اتخاذ إجراء ضد أي دولة أو مواطن أو موظف بسفارة دولة في الاتحاد الأوروبي إجراء ضد الاتحاد بالكامل".
وفي بيان مماثل، نددت وزارة الخارجية الفرنسية بالاتهامات الموجهة لكل من ريس وأفشار، وجددت مطالبتها بالإفراج عن مواطنتها المعتقلة في طهران معتبرة أن جميع ما نسب إليها لا أساس له من الصحة.
كما ندد وزير الخارجية البريطانية بمحاكمة المحلل السياسي الإيراني في السفارة البريطانية، مؤكدا أن الاتهامات مفبركة وتقوض مصداقية إيران.
وكانت لندن وصفت محاكمة رسام بأنها إساءة كبيرة وتخالف ضمانات قدمها مسؤولون إيرانيون بارزون بعد الإفراج بكفالة عن الموظف المعتقل.