"المنشاوي" يشارك في المنتدى الإقليمي الأول للتعليم القانوني العيادي في أسيوط    نائب رئيس الوزراء: معرض TransMEA شهد مشاركة دولية واسعة وحضور جماهيرى كبير    وكيل زراعة كفر الشيخ: صرف الأسمدة بالجمعيات الزراعية دون ربطها بمستلزمات الإنتاج    ستاندرد بنك يعلن الافتتاح الرسمى لمكتبه التمثيلى فى مصر    الإنتربول يكرم الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب بوسام الطبقة الخاصة    الأرصاد تحذر: حالة عدم استقرار وأمطار وبرق ورعد بعدة مناطق واحتمالات تساقط ثلوج    ختام ورشة من الحكاية إلى المسرحية ضمن مهرجان القاهرة لمسرح الطفل    وزير الاستثمار: مصر ضمن أفضل 50 اقتصاداً فى العالم من حيث الأداء والاستقرار    جنوب سيناء.. تخصيص 186 فدانا لزيادة مساحة الغابة الشجرية في مدينة دهب    وزارة العمل: 157 فرصة عمل جديدة بمحافظة الجيزة    بحماية الجيش.. المستوطنون يحرقون أرزاق الفلسطينيين في نابلس    خبر في الجول – الأهلي يقيد 6 لاعبين شباب في القائمة الإفريقية    موعد مباراة مصر وأوزبكستان.. والقنوات الناقلة    مبابي: سعداء بعودة كانتي للمنتخب.. والعديد من الفرق ترغب في ضم أوباميكانو    موعد نهائي كأس السوبر المصري لكرة اليد بين الأهلي وسموحة بالإمارات    «مؤشرات أولية».. نتائج الدوائر الانتخابية لمقاعد مجلس النواب 2025 في قنا    بعد شكوى أولياء الأمور.. قرار هام من وزير التعليم ضد مدرسة «نيو كابيتال» الخاصة    19 ألف زائر يوميًا.. طفرة في أعداد الزائرين للمتحف المصري الكبير    بعد افتتاح المتحف المصري الكبير.. آثارنا تتلألأ على الشاشة بعبق التاريخ    محمد صبحي يطمئن جمهوره ومحبيه: «أنا بخير وأجري فحوصات للاطمئنان»    أسعار الفراخ والبيض اليوم الأربعاء 12 نوفمبر 2025 بأسواق الأقصر    هبة التميمي: المفوضية تؤكد نجاح الانتخابات التشريعية العراقية بنسبة مشاركة تجاوزت 55%    الرئيس السيسي يصدق على قانون الإجراءات الجنائية الجديد    نجم مانشستر يونايتد يقترب من الرحيل    الغرفة التجارية بمطروح: الموافقة على إنشاء مكتب توثيق وزارة الخارجية داخل مقر الغرفة    ذكرى رحيل الساحر الفنان محمود عبد العزيز فى كاريكاتير اليوم السابع    أثناء عمله.. مصرع عامل نظافة أسفل عجلات مقطورة بمركز الشهداء بالمنوفية    رئيس الوزراء يتفقد أحدث الابتكارات الصحية بمعرض التحول الرقمي    غنية ولذيذة.. أسهل طريقة لعمل المكرونة بينك صوص بالجبنة    بتروجت يواجه النجوم وديا استعدادا لحرس الحدود    عاجل- محمود عباس: زيارتي لفرنسا ترسخ الاعتراف بدولة فلسطين وتفتح آفاقًا جديدة لسلام عادل    «المغرب بالإسكندرية 5:03».. جدول مواقيت الصلاة في مدن الجمهورية غدًا الخميس 13 نوفمبر 2025    وزير التعليم: الإعداد لإنشاء قرابة 60 مدرسة جديدة مع مؤسسات تعليمية إيطالية    الرقابة المالية تعلن السماح لشركات تأمين الحياة بالاستثمار المباشر في الذهب    انهيار عقار بمنطقة الجمرك في الإسكندرية دون إصابات    عاجل- رئيس الوزراء يشهد توقيع مذكرة تفاهم بين مصر ولاتفيا لتعزيز التعاون فى مجالات الرعاية الصحية    «عندهم حسن نية دايما».. ما الأبراج الطيبة «نقية القلب»؟    اليابان تتعاون مع بريطانيا وكندا في مجالي الأمن والاقتصاد    وزير دفاع إسرائيل يغلق محطة راديو عسكرية عمرها 75 عاما.. ومجلس الصحافة يهاجمه    منتخب مصر يخوض تدريباته في السادسة مساء باستاد العين استعدادا لودية أوزبكستان    المشدد 15 و10 سنوات للمهتمين بقتل طفلة بالشرقية    السعودية تستخدم الدرون الذكية لرصد المخالفين لأنظمة الحج وإدارة الحشود    القليوبية تشن حملات تموينية وتضبط 131 مخالفة وسلع فاسدة    فيلم «السلم والثعبان: لعب عيال» يكتسح شباك تذاكر السينما في 24 ساعة فقط    الحبيب الجفرى: مسائل التوسل والتبرك والأضرحة ليست من الأولويات التى تشغل المسلمين    دار الإفتاء توضح حكم القتل الرحيم    ما الحكم الشرعى فى لمس عورة المريض من قِبَل زوجة أبيه.. دار الإفتاء تجيب    «العمل»: التفتيش على 257 منشأة في القاهرة والجيزة خلال يوم    الأهلي يضع تجديد عقد ديانج في صدارة أولوياته.. والشحات يطلب تمديدًا لعامين    إطلاق قافلة زاد العزة ال71 بحمولة 8 آلاف طن مساعدات غذائية إلى غزة    قصر العينى يحتفل بيوم السكر العالمى بخدمات طبية وتوعوية مجانية للمرضى    «لو الطلاق بائن».. «من حقك تعرف» هل يحق للرجل إرث زوجته حال وفاتها في فترة العدة؟    وزير الخارجية يعلن انعقاد المنتدى الاقتصادي المصري – التركي خلال 2026    اليوم.. عزاء المطرب الشعبي إسماعيل الليثي    «وزير التنعليم»: بناء نحو 150 ألف فصل خلال السنوات ال10 الماضية    نتائج أولية في انتخابات النواب بالمنيا.. الإعادة بين 6 مرشحين في مركز ملوي    اليوم.. محاكمة 6 متهمين ب "داعش أكتوبر"    دعاء الفجر | اللهم ارزق كل مهموم بالفرج واشفِ مرضانا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التأمل وأثره في حياة الفرد المسلم
نشر في الشعب يوم 16 - 02 - 2015


بسم الله الرحمن الرحيم
تقديم :
نقف اليوم عند خُلق جديد من الأخلاق الإسلامية ، ألا وهو خلق التأمل ، خلق التأمل يدلنا عليه قول الله عز وجل :
﴿ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ ﴾
( سورة البقرة )
مما يبعث على تقوى الله عز وجل أن يحرك الإنسان ذهنه ، وعقله ، ولبَّه ، وفكره ، من هذا قالوا : التفكر باعث على الإيمان ، والإيمان باعث على استقامة السلوك ، وهذا سبب اختيارنا اليوم لهذا الموضوع ، ليكون خلقاً من الأخلاق الإسلامية ، فكيف يكون التأمل بادئ ذي بدء ؟
التأمل :
1 – النبيُّ أُمِر بالتأمل :
أستاذ أحمد ، ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( أَمَرَنِي رَبِّي بِتِسْع : خَشْيَةِ الله في السِّرِّ والعلانية ، وكلمة العدل في الغضب والرضى ، والقصد في الفقر والغنى ، وأن أَصِلَ مَنْ قَطَعَنِي ، وأعطي مَنْ حَرَمَنِي وأعْفُوَ عَمَّنْ ظَلَمَنِي ، وأن يكون صَمْتي فِكْرا ، ونُطْقِي ذِكْرا ، ونظري عبرة ))
[ زيادات رزين عن أبي هريرة ، وانظر الترغيب والترهيب ]
2 – الوقوف عند آيات الأمر والنهي عملاً وتطبيقًا :
لكن هناك أصل كبير جداً في التأمل هو : أنك إذا قرأت القرآن الكريم ، وقرأت آية فيها أمر ينبغي أن تأتمر بها ، وأيّ آية ينبغي أن يكون لك موقف منها ، هذه آية أمر ينبغي أن تأتمر ، وإذا قرأت آية فيها نهي ينبغي أن تنتهي ، قرأت آية فيها وصف لمشاهد أهل الجنة ينبغي أن تسعى إلى الجنة ، قرأت آية فيها وصف لأهل النار ينبغي أن تتقي النار ، ولو بشق تمرة ، قرأت آية فيها قصة أمم غابرة كفروا فأهلكهم الله عز وجل ينبغي أن تتعظ .
أين التأمل في القرآن ؟ 1300 آية تتحدث عن الكون ، والإنسان والمخلوقات ، ما يزيد على سدس القرآن .
قبل قليل قلت : أيّ آية لك منها موقف ، هذه الآيات ما الموقف منها ؟ هو التأمل والتفكر .
3 – آياتٌ قرآنية أصلٌ في التأمل :
الأصل في الموضوع :
﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾
( سورة آل عمران )
هذه الآية أصل في التأمل ، الآن :
﴿ قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾
( سورة يونس الآية : 101 )
﴿ فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ ﴾
( سورة عبس )
﴿ فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ ﴾
( سورة الطارق )
﴿ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى ﴾
( سورة الليل )
﴿ وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ ﴾
( سورة الفجر )
﴿ وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى﴾
( سورة الضحى )
آيات القرآن الكريم الكونية ، والتكوينية ، والمتعلقة بالإنسان ، وبالمخلوقات رؤوس موضوعات للتأمل ، من أجل معرفة الله ، فإذا عرفنا الله أولاً ، ثم عرفنا أمره تفانينا في طاعة الآمر ، أما إذا عرفنا الأمر ، ولم نعرف الآمر تفننا في معصية الآمر .
معرفة الآمر قبل معرفة الأمر :
المجنَّد في قطعة عسكرية ، قال له زميله : ازحف ، لا يزحف ، قال له عريف : ازحف ، ربما لا يزحف ، قال له اللواء : ازحف ، يزحف ، الأمر واحد .
حينما تعرف مَن هو الآمر ، ماذا ينتظرك لو عصيته ، ماذا ينالك لو أطعته ، لذلك أنا أقول : إن عرفنا الآمر ، ثم عرفنا الأمر تفانينا في طاعة الآمر ، والمشكلة الكبرى في العالم الإسلامي أن الأمر معروف ، لكن هناك ضعف شديد في معرفة الآمر ، هذا الضعف انعكس تقصيراً وتجاوزاً وانحرافاً .
رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما كان يذهب ، ويتعبد في الغار الليالي ذوات العدد ، لم تكن الرسالة بعد قد نزلت عليه صلوات الله عليه ، ولم يؤمر بعبادات وطاعات ، فهل كانت عبادته هناك عبارة عن أدعية ؟ أم كانت تأملاً ، وتفكراً ؟
4 – التأمل والتفكر عبادة :
كانت تأملاً ، العبادة الأولى هي التأمل ، لأن الله عز وجل يقول :
﴿ وَيَتَفَكَّرُونَ ﴾
التفكر مستمر ،
﴿ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾
ودليل آخر :
﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾
( سورة الزمر الآية : 67)
فالإنسان يرقى في معرفة الله عن طريق التأمل .
﴿ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآَيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ ﴾
( سورة الجاثية )
إذاً التفكر هو العبادة الأولى ؛ عبادة معرفة الله .
من خلال الأمثلة نكتشف هذه الوظيفة ، وهي بكلمة موجزة : ينبغي أن ينتهي بك المتأمل إلى معرفة الله ، إن عرفته عرفت كل شيء ، وإن فَاتك فاتك كل شيء .
هذا ما يحدث عند دوران الأرض حول الشمس :
مثلاً : الأرض تدور حول الشمس في مسار بيضوي إهليلجي ، في أثناء حركتها من القطر الأكبر إلى القطر الأصغر بحسب قانون الجاذبية ، الجاذبية تتأثر بالمسافة طولاً وقِصراً ، فإذا قلّت المسافة ازدادت الجاذبية ، وحينما تتجه الأرض في مسارها حول الشمس من القطر الأصغر ، وكانت في القطر الأكبر فهناك احتمال كبير أن تنجذب الأرض إلى الشمس ، وإذا انجذبت إلى الشمس احترقت في ثانية واحدة ، وانتهت الحياة ، هذه يد من ؟ علم من ؟ قدرة من ترفع سرعتها لينشأ من رفع السرعة قوة نابذة تكافئ القوة الجاذبة ، فتبقى على مسارها .
﴿ إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا ﴾
( سورة فاطر الآية : 41 )
الآن وصلت إلى القطر الأصغر ، ولأن سرعتها ارتفعت نشأت قوة نابذة تكافئ القوة الجاذبة :
﴿ إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا ﴾
تابعت سيرها ، وصلت إلى القطر الأطول ، سرعتها عالية ، السرعة العالية مع ضعف الجاذبية هناك احتمال أن تتفلت من جاذبية الشمس ، وتنطلق في الفضاء الكوني ، عندئذٍ تصبح حرارة الأرض 170 درجة تحت الصفر ، وهو الصفر المطلق ، وعندئذٍ تنتهي الحياة كلياً من على الأرض .
ما الذي يحصل ؟ تخفض الأرض سرعتها ، هذه ن ؟ علم من ؟ قدرة من ؟ تقدير من ؟ من هذا الانخفاض تنشأ قوة نابذة أقلّ ، لتكافئ القوة الجاذبة الأقل ، فتبقى في مسارها :
﴿ إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا ﴾
لا بد من إله عظيم ، لا بد من حكيم قدير غني ، لذلك التفكر في خلق السماوات والأرض يضع الإنسان أمام عظمة الله .
لو فرضنا أن هذه الأرض تفلتت من جاذبية الشمس ، وأردنا أن نعيدها إلى الشمس ، فإننا نحتاج إلى مليون مليون حبل فولاذي ، قطر كل حبل خمسة أمتار ، وهذا الحبل يتحمل قوى شد تساوي مليوني طن ، بشكل أو بآخر قوة جذب الشمس إلى الأرض تساوي مليون مليون ضرب مليونين ، مليوني مليون مليون طن ، كل هذه القوة من أجل أن تحرف الأرض 3 ميليمترات في الثانية ، تسير الأرض على مسار 3 ميليمترات في الثانية تشكل في المجموع مسارا إهليلجيا .
لو غرزنا هذه الحبال على سطح الأرض المقابل للشمس ، المفاجأة أن بين كل حبلين خمسة أمتار ، نحن أمام غابة من الحبال ، لا زراعة ، ولا صناعة ، ولا بناء ، ولا قطار ، ولا طريق ، ولا طيران ، ولا شيء ، يأتي قوله تعالى :
﴿ اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ﴾
( سورة الرعد الآية : 2 )
أي رفع السماوات بعمد لا ترونها ، هي القوة الجاذبية ، هذه آية تدل على الله عز وجل .
سرعة الضوء :
إنشتاين عملاق العلماء ، الفيزيائيين ، الذي جاء بالنظرية النسبية ، وله قول إيماني رائع ، هو يقول : " كل إنسان لا يرى من هذا الكون قوة هي أقوى ما تكون ، عليمة هي أعلم ما تكون ، رحيمة هي أرحم ما تكون ، هو إنسان حي ، ولكنه ميت " .
كيف اكتشف هذا العالم الكبير أن السرعة المطلقة في الكون هي سرعة الضوء ، 300 ألف كم تقريباً ، وأن كل جسم سار مع الضوء أصبح ضوءاً ، وأن كل جسم سبق الضوء تراجع الزمن ، ويمكن حينئذ افتراضاً لو ركبنا مركبة أسرع من الضوء لرأينا الرومان وهم في الشام ، ورأينا موقعة بدر وأحد والخندق ، إذَا سبق الإنسان الضوءَ تراجع الزمن ، فإذا سار معه توقف الزمن .
لو تصورنا طائرة أقلعت من سدني إلى أمريكا ، أمستردام في هولندا ، وفي وواشنطن في أمريكا ، وسرعتها كانت 1600 كلم ، مع سرعة حركة الأرض مع الشمس ، مع سرعة الأرض حول نفسها ، ينطلق من سدني الساعة الخامسة صباحاً ، ويصل إلى واشنطن الساعة السابعة صباحاً في نفس اليوم ، سار مع الأرض .
إذاً : لو سرنا مع الضوء لتوقف الزمن ، هذه الندوة لو أنه يصدر منها إشعاعات ، وسرنا معها لرآها الناس إلى أبد الآبدين ، ولو قصرنا عن الضوء لتراخى الزمن .
فهذه النظرية دقيقة جداً ، أعطت الزمن البعد الرابع ، أما أن نجد هذه النظرية في القرآن فهذا شيء غريب جداً ! قال تعالى :
﴿ وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ﴾
( سورة الحج )
العرب تعدّ السنة القمرية ، القمر يدور حول الأرض دورة كل شهر ، إن أخذنا مركزه ومركز الأرض ، ووصلنا بينهما بخط ، هذا الخط هو نصف قطر الدائرة ، التي هي مسار القمر حول الأرض ، القمر والشمس ، المركز والمركز ، وصلنا بخط ، هذا الخط نصف قطر الدائرة التي هي مسار القمر حول الشمس ، لو ضاعفنا هذه المسافة ، و ضربنا القطر في البي 14 ، 3 المحيط ، لو ضربنا ب 12 بالسنة بالألف ، بالألف سنة ، طالب من طلابنا بإمكانه أن يحسب كم يقطع القمر في رحلته حول الأرض في ألف عام ، لو قسمنا هذا الرقم على ثواني اليوم ، 60 ب 60 ، ب 24 ، المفاجأة الصاعقة لو قسمنا ما يقطع القمر في رحلته حول الأرض في ألف عام على ثواني اليوم لكانت سرعة الضوء الدقيقة ، 299752 ، والتقريبية 300 ألف ، ما معنى ذلك ؟ أي أن ما يقطعه القمر في رحلته حول الأرض في ألف عام يقطعه الضوء في يوم واحد :
﴿ وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ﴾
هذه التأملات ترى أن الله عظيم ، وأن خالق الأكوان هو الذي أنزل هذا القرآن ، هذا تأمل أيضاً .
حينما يقول الله عز وجل :
﴿ قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ﴾
( سورة العنكبوت الآية : 20 )
ثم نرى كثيراً من العلماء والباحثين ، إن كان في الطبيعة أو في الحيوان ، أو في أعماق البحار ، أو أطباء يصلون ببحثهم ، وعلمهم إلى أن لهذا الكون خالقاً ، أو يداً تنظم هذا الكون ، الذي يلفت أنظارنا إلى أن البعض يقول لك : تأملت ، وبعد التأمل خرجت بنتيجة مفادها أن ليس لهذا الكون إلهاً ، وأن الصدفة التي أوجدت هذا الكون ، أو أن الطبيعة أوجدت نفسها بنفسها ، فهل يصدق هذا الرجل في أنه بعد التأمل خرج بهذه النتيجة ، أم أنه رجل مكابر ؟
لا وجود للصدفة :
لا ، هو مكابر ، هل تصدق أن نأتي إلى مطبعة فيها الآلات ، وفيها الحبر ، وفيها الحروف ، وفيها الورق ، ونأتي بمتفجرة ضخمة جداً ، ونفجر هذه المطبعة ، النتيجة قاموس لاروس ، مستحيل ! .
إذا أتينات إلى مصنع حديد ، وفجرناه ، هل تكون النتيجة طائرة جانبو ، أو 777 ، مستحيل ، ومبدأ الصدفة ألغي ، من أجل أن تسحب عشر ورقات من كيس بالتسلسل ، حالة واحدة من عشرة آلاف مليون لعمل بسيط جداً ، ولا قيمة له أن تضع عشر وريقات في كيس مرقمة من واحد إلى عشرة ، وأن تسحب عشوائياً إلى أن تخرج هذه برقم واحد ، ثم اثنين ، ثم ثلاثة ، وأربعة وخمسة ، وستة ، وسبعة ، وثمانية ، وتسعة ، وعشرة ، هي حالة من عشرة آلاف مليون حالة .
أما ذرة الحمض الأميني الذي في خلية الإنسان فلا تكفي ذرات الكون لوجوه صدفة ، فموضوع الصدفة موضوع لا وجود له ، قال تعالى :
﴿ إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ * َقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ نَظَرَ * ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ * ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ * فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ * إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ * سَأُصْلِيهِ سَقَرَ ﴾
( سورة المدثر )
لا يمكن أن يكون الإلحاد عن علم ، قال تعالى :
﴿ وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آَخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ ﴾
( سورة المؤمنون الآية : 117 )
مستحيل أن يكون الكفر مبرهناً عليه .
بعض الناس قال : إن مجال التفكر أربعة ، تفكر بالطاعات ، وتفكر بالمعاصي ، وتفكر بالمهلكات ، وتفكر بالمنجيات ، وجعل التفكر بالطاعات والمعاصي كأنه عنوان أنه بالجوارح ، وأما التفكر بالمهلكات والمنجيات فيتعلق بالنفس ، الجوارح فهمناها ، تفكرت في معصية فعلتها ، أو أتفكر في عبادة قمت بها ، فهل التفكر في المهلكات والمنجيات هي أمثال الغيبة ، والنميمة ؟
التفكر في المهلكات والمنجيات :
الكبائر الباطنة أخطر من الكبائر الظاهرة ، الكبائر الظاهرة يتاب منها ، ولكن الكبائر الباطنة قلَّما يتوب الإنسان منها ، لأنه يتوهم أنه هو على صواب ، لذلك أخطر شيء في حياة الإنسان الكبائر الباطنة ، الكبر ، والاعتداد بالنفس ، والشعور بالتفرغ والتوحد ، والشعور بالفوقية ، والاستعلاء ، هذه الأمراض مهلكة .

التأمل سبيل لعصمة الإنسان من المعاصي :
﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾
( سورة فاطر الآية : 28 )
حينما تتفكر في خلق السماوات والأرض تقف أمام عظمة الله .
تأمَّل كيف في آلية مواجهة الإنسان للخطر :
أنا ذكرت مرة أن الإنسان قد يمشي في بستان ، فيرى أفعى ، ما الذي يحصل ؟ صورة الأفعى تنطبع على شبكية العين إحساساً ، هذه الصورة تنقل إلى الدماغ بآلية معقدة جداً ، كآلية نقل الصورة عبر التلفزيون ، العصية والمخاريط فيها مواد كيماوية ، تتأثر بالضوء ، ينشأ من هذا التأثر تيار كهربائي متفاوت الشدة ، هذا يشحن إلى الدماغ ، وترسل الصورة التي كانت على شبكية العين ، الدماغ معه مفهومات ، الأفعى لها صورة ، لكن الطالب الذي درس الأفعى ، وأن لدغتها قاتلة ، هذا مفهوم ، هناك تقرأ الصورة في ضوء المفهومات ، الدماغ ملك الجهاز العصبي ، يدرك الخطر ، فيأمر بمواجهة الخطر ، وهناك ملِكة اسمها الغدة النخامية هي ملكة الجهاز الهرموني ، وكأن الدماغ كملك يلتمس من الغدة كملكة أن تواجه الخطر ، النخامية أوامرها هرمونية ، بينما الدماغ أوامره كهربائية ، الغدة النخامية ترسل أمراً إلى الكظر ، هي غدة فوق الكلية ، الكظر بدوره يوجه أربعة أوامر ، أمرا إلى القلب ، يرفع وجيب القلب من 80 ضربة إلى 180 ضربة ، لأن الخائف يحتاج إلى جهد عضلي ، ليهرب أو ليواجه ، والجهد يحتاج إلى دم ، والدم يمشي بطيئاً بالنبض النظامي ، وإذا أسرع النبض سار الدم سريعاً فلبى حاجة العضلات .
الآن حتى ينجح القلب في تصفية الدم عبر الرئتين لا بد من وجيب مرتفع ، فيذهب أمر ثان من الكظر إلى الرئتين ، يرفع وجيب الرئتين ، فالخائف يلهث ، والخائف ضربات قلبه سريعة .
بعد ذلك يأتي هرمون يضيق لمعة الأوعية المحيطية ، الإنسان عنده أوعية دموية محيطية ، وداخلية ، محيطية هي الأوردة ، والداخلية الشرايين ، لذلك لونه وردي ، أما إذا ضاقت هذه الأوعية مال لونه إلى الصفار ، فالخائف يصفر لونه ، لأنه جاءه أمر ضيق لمعة الأوعية الشعرية ، لأن الخائف لا يحتاج إلى وجه متورد ، يحتاج إلى سلامته ، هذا ترتيب من ؟ صنع من ؟ قدرة من ؟ .
الأمر الرابع : يذهب إلى الكبد ، ليحرر كمية سكر إضافية ، تكون وقوداً لطاقة الجسم ، فلو فحصنا دم خائف لوجدنا فيه السكر مرتفعا ، ثم إن الخائف يحتاج إلى دم أقرب إلى اللزوجة منه إلى السيولة ، لو تلقى ضربة بسكين ، وكان دمه مائعاً لسال الدم كله في دقائق ، لذلك ينطلق هرمون من الكبد إلى الدم فيلقي فيه هرمون التجلط ، وإذا فحصنا دم خائف نجد دمه لزجاً ، والقلب نبضه سريع ، والرئة وجيبها سريع ، واللون أصفر ، هذه كلها احتياطات لمواجهة الخطر ، يد من ؟ وقدرة من ؟ وعلم من ؟ وحكمة من ؟.
﴿ هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ ﴾
( سورة لقمان الآية : 10 )


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.