في واقعة تؤكد على عودة نظام مبارك بكل عيوبه، وعمل الأجهزة الرقابية بمكيالين، والتغاضي عن كبار القوم، واستمرار تستر الوزراء على المفسدين بل وحمايتهم ومكافآتهم.. تم التنكيل بالأمين العام لهيئة تخطيط مشروعات النقل بوزارة النقل المحاسب ممدوح الدبيكي؛ إثر رفضه العديد من التجاوزات ومنها رفضه الانصياع بالموافقة لمنح مقاول 52 مليون جنيه إضافية بعد أن قفز بتكلفة مشروع ميناء "قسطل" من حوالي 35 مليون جنيه إلى 87 مليون جنيه. وجاء هذا رغم تأكيد تقرير جهاز المحاسبات لكل ما اعترض عليه الموظف النزيه وإدانة كبار المسؤولين بهيئة تخطيط مشروعات النقل وبالموانئ الجافة.. كما كشف تقرير الجهاز عن عشرات الأخطاء الجسيمة والتجاوزات.. الإ أن كبار المسؤولين رأوا التنكيل بالموظف النزيه لإرهابه وإيقاف كشفه للمخالفات فقاموا بتخفيض تقريره على عكس كل السنوات السابقة، والذي كان يحصل على درجة الامتياز، ثم قاموا بمعاقبته بخمسة أيام جزاء لحديثه عن المخالفات بأجهزة الإعلام، رغم أن حديثًا كان بالتليفزيون الرسمي للدولة وفضائية أقرب للحكومة، وتحدث من خلال المستندات، وطالب بمواجهة المسؤولين، وناشد وزير النقل ورئيس الوزراء ورئيس الجمهورية التدخل خاصة أن التجاوزات بعشرات الملايين، ومن بينها مستندات بمبالغ مالية لا يجيز القانون سلطة الموافقة عليها سوى رئيس الوزراء، الإ أنهم ضربوا عرض الحائط بهذا كله، ولضمان عدم اطلاعه على أي مستند حتى ولو كان من اختصاصه تم إصدار قرار بإيقافه عن العمل ثلاثة شهور. حماية المفسدين في ذات الوقت وافق وزير النقل على صرف جهود غير عادية على صرف مبلغ 12000 جنيه (المبلغ صافي) شهريًّا للسيدة/ عزة غانم نائب رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لتخطيط مشروعات النقل من بند جهود غير عادية بعد تحمل موازنة الهيئة مبلغ الاستقطاعات 2250 جنيه تقريبًا شهريًّا، وعلى حساب التأثير في مبالغ صرف الجهود غير العادية للعاملين حتي أخر السنة المالية من عجز. وجاء هذا الكرم الحاتمي، وفى دولة تبحث عن أي قرش لدعم اقتصادها حتى تبرع البسطاء بقرطين (حلق) أو يتبرع تلميذ بمصروفه، والأعجب من هذا السيدة المذكورة مسؤولة عن إهدار المال العام بملايين الجنيهات. حيث قامت منذ رفض السيد المحاسب/ ممدوح الدبيكي الأمين العام للهيئة رفض صرف مبلغ 11700 مليون جنيه قيمة أعمال بالأمر المباشر لميناء قسطل البري بسبب عدم وجود موافقة السلطة المختصة (رئيس مجلس الوزراء) طبقًا للقرار الجمهوري رقم 82 لس 2013 والمادة 78من قانون المناقصات والمزايدات، فتحايلت المذكورة بإحالة الأوراق إلى هيئة الموانئ البرية لتقوم بالصرف للمقاول والتلاعب بالقانون، و للأسف بموافقة المدعو محمد مصطفى مندوب وزارة المالية، رغم أنه – كما ذكرنا – لا يجوز صرف مبلغ أكثر من عشرة مليون جنيه إلا بموافقة رئيس الوزراء، علمًا بأن المقاول حصل على المشروع بمبلغ 9ر 35 مليون جنيه، ومنذ أسابيع تم افتتاح المشروع بعد أن وصلت التكلفة إلى نحو 87 مليون جنيه بزيادة قدرها 52 مليون جنيه. التنكيل بالشرفاء أما المحاسب النزيه ممدوح الدبيكي والذي حافظ على المال العام وتصدى لهذا الفساد، فبدلا من أن يتم مكافأته على المحافظة على المال العام وتكريمه، تم خصم مبالغ من دخله الشهري منذ تصديه للفساد ومنه خصم نسبة 10٪ من حافز شهر إبريل وخصم نسبة 30٪ من حافز شهر مايو وخصم نسبة 50٪ من حافز شهر يونيه وخصم نسبة 50٪ من حافز شهر يوليه وخصم نسبة 60٪ من حافز شهر أغسطس وخصم نسبة 70٪ من حافز شهر سبتمبر وخصم نسبة 70٪ من حافز شهر أكتوبر لسنة2014 وارجعت السبب لخصم الحوافز شهريٍّا لأن الأمين العام جالس بدون عمل نسيت أن سيادتها هي التي أصدرت القرار رقم 15 لسنة 2014 بسحب العمل الخاص به، فهل يعلم وزير النقل بم يتم خصمه شهريًّا من المحاسب/ ممدوح الدبيكي هو وحدة على مستوي الهيئة بالكامل والتابعة لوزارته ثم جاء قرار بخصم 5 أيام لحديثه عن الإعلام ويبدو أن وزير النقل وكل جهات التحقيق ليس لديهم فكرة عن الدستور الذي أكد على حرية الرأي. التقارير تكشف الفساد ويبدو أيضًا أن وزير النقل لا يدري أنه منذ سحب العمل من الأمين العام لهيئة تخطيط مشروعات النقل، كشف تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات عن"عدد 2 مناقضة"، الأولى بتاريخ 5 مايو والثانية بتاريخ 10 سبتمبر 2014 وموضحًا بهما مخالفات عديدة مطلوب إجراء التحقيق في أغلبها، وإن كل هذه المخالفات لم تكن من قبل عندما كان الأمين العام قائمًا بعمله، ويمكن المقارنة بين المتناقضات السابقة والآخريات بتقارير جهاز المحاسبات؟ أم أن الوزير أخر من يعلم؟ أما المفاجأة فهي طلب المذكورة المكافأة لنفسها – وذلك من خلال المذكرة التي قدمتها إلى وزير النقل- وقالت فيها: في إطار خطة الوزارة للنهوض بالكوادر البشرية فإنه يتم صرف حافز ومكافأة الجهود غير العادية لرؤساء الجهات التابعة للوزارة، وأسوة بهذه الجهات قد ترون التكرم بالموافقة على تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل للهيئة العامة لتخطيط مشروعات النقل، وذلك للتفضل بصرف مكافأة أو جهود غير عادية لشخصي باعتباري نائب رئيس مجلس إدارة الهيئة وذلك من ميزانية الهيئة. وهذه المذكرة التي تجيء على طريقة "كله يدلع نفسه" إذ أن من الطبيعي أن يطلب الموظف لنفسه سلفة أو قرض، وأن المكافآت يقدرها الرؤساء في العمل من خلال ملاحظتهم، كما أن قولها بالمعاملة بالمثل لباقي المسؤولين بالوزارة في وقت لديها مخالفات بالملايين فإن الوزارة تمثل خرابًا للمال العام ومرتعًا للفساد، أما الصرف بدعوى تنمية الكوادر البشرية فهي مصيبة المصائب إذ أنها تدمر الكوادر الشريفة وأمامنا ما حدث للمحاسب النزيه ممدوح الدبيكي الذي تصدى للفساد فقامت بالتنكيل به. هل هناك لوم إذا قيل عن عودة دولة الفساد.. وبالأدق كما وصف مثل هذه الحالة الكاتب الساخر جلال عامر – رحمه الله – لا تقل عودة دولة الفساد فهي لم تنصرف.