خرجت أولى ثورات الربيع العربي من تونس، بات لديها أول حكومة منتخبة ديمقراطية في أعقاب الانتخابات الرئاسية التي انتهت أمس الاثنين بفوز الباجي قائد السبسي، لكن ذلك الأمر لا يمكن أن يُسعِد واشنطن .. بتلك الكلمات استهل موقع (هافنجتون بوست) الأمريكي تقريره عن الانتخابات الرئاسية بتونس. وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أصدر بيانا أمس الاثنين قال خلاله "إن تونس أعطت مثالا لامعا للمنطقة والعالم بأسره لما يمكن تحقيقه عبر التفاني من أجل الديمقراطية وتوافق الآراء والعملية السياسية الشاملة، وإنجازاتها خلال العام الجاري تضع الأساس لمستقبل أكثر استقرارا وازدهارا وديمقراطية للبلاد".. مضيفا أن بلاده ستستمر في دعم تونس حيث إنها تلتحق بركب ديمقراطيات العالم. لقد أصدر كيري والخارجية الأمريكية بيانين متطابقين عن التطورات الديمقراطية الوليدة في جميع أنحاء العالم، وعلى الرغم من ذلك، لا تزال تونس تحظى بأهمية استثنائية، فلا تزال الأمال معقودة على أن تستمر الحكومة الجديدة في عملها وأن تثبت أن الديمقراطية يمكنها العمل في المجتمعات الإسلامية التي اعتادت لفترات طويلة على الحكم المستبد وقمع الحركات السياسية الإسلامية الداخلية. وقال مسئولون أمريكيون في تصريحات لهافنجتون بوست إن الفوضى التي تعم أرجاء العالم الإسلامي بداية من سوريا التي مزقتها الحرب، حيث وافق أوباما بتردد على المشاركة في القتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية، مرورا للحليف الموثوق اليمن وانتهاءا عند ليبيا .. كل ما سبق يجعل لدى مسئولي واشنطن شعور باليأس من أن يشهدوا تغييرا إيجابيا في تونس. وحذر محللون أيضا من أنه ينبغي ألا تثق الولاياتالمتحدة بشدة في استقرار تونس، فالبلاد لا تزال في مرحلة انتقال سياسي من عهد زين العابدين بن علي، الديكتاتور الذي ظل أكثر من 20 عاما في الحكم، وأطيِح به في 2011 بعد قيام أولى ثورات الربيع العربي، ثم تبعت تلك الفترة ظهور حركة النهضة الإسلامية على الساحة السياسية وسيطرتها على البرلمان ثم توصلت الأحزاب في تونس إلى اتفاق بأن تذهب الرئاسة مؤقتا للمنصف المرزوقي (الموالي للنهضة) في ديسمبر عام 2011. العام الماضي، شهد تطورا آخر على الساحة السياسية لتونس، بعد أن استقال عدد كبير من مسئولي حركة النهضة في البرلمان وتم حل البرلمان وإجراء انتخابات جديدة في أكتوبر الماضي ومع اكتمال الدستور الجديد، تم إجراء الانتخابات الرئاسية، التي فضلت حركة النهضة عدم المشاركة فيها. ويُعد فوز السبسي بالانتخابات تاريخيا لأنه جاء في أعقاب تشكيل برلمان جديد واختيار رئيس عبر الانتخابات، الأمور التي تجعل تونس أول دول عربية منذ قيام ثورات الربيع تكمل عملية الانتقال الديمقراطي بذلك الشكل، غير أن معارضي السبسي، ومن بينهم المرزوقي، حذروا من أن صعوده لسدة السلطة يمكن أن يمهد الطريق لإحياء استبداد بن علي، وينسف ما تحقق من انتصارات في ثورة الياسمين. ويزعم معارضو السبسي أيضا أن تونس مهددة بالسير في الطريق الذي سارت فيه مصر، حيث عاد الحكم الاستبدادي لها العام الماضي في أعقاب انقلاب عسكري (على حد زعم الموقع) ضد حكومة الإخوان المسلمين المنتخبة .. ويقول شادي حامد وهو زميل في معهد بروكينجز ومؤلف كتاب (إغراءات السلطة) "ثمة الكثير من الحديث الاحتفالي حول تونس أعتقد أنها تستحق المزيد من الحذر، وأنا قلق من أن يؤدي ذلك النوع من الحديث إلى أن تصرف واشنطن نظرها عن تونس بحجة أنها تسير بشكل جيد". وفي الوقت الذي يعتقد فيه بعض المراقبين الدوليين أن السبسي أفضل شريك لحل تلك المشكلات لأنه علماني، فقد حذر شادي حامد من أن السبسي لا يمتلك اعتمادات الديمقراطية أكثر من أي شخص داخل حركة النهضة. المصدر: مصر العربية