كتبت صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية في سياق افتتاحيتها اليوم، أن "مبارك يحتفل بالبراءة بينما يواجه آخرون القمع ..محاولة السيسي إعادة استبداد القرن العشرين محكوم عليها بالفشل". وقالت الصحيفة : عندما قدمت الحكومة العسكرية المؤقتة الرئيس المخلوع حسني مبارك للمحاكمة، وصفنا وقتها تلك الملاحقة القضائية بالزائفة. وعندما أدين "مبارك" في يونيو 2012، بتهمة تتعلق بالفشل في منع قتل المتظاهرين، نقلنا على لسان محامين مصريين قولهم إن الحكم سيلغى في محكمة الاستئناف، وهو ما حدث السبت الماضي، عندما أسقط القاضي اتهامات قتل المتظاهرين، مبرئًا الطاغية السابق من اتهامات فساد عديدة أخرى. هؤلاء الذين يرون أن تبرئة "مبارك" هي الخطوة الأخيرة في عملية تغيير مسار ثورة 2011 محقون. النيابة والقضاء في مصر يسيران على هوى السلطات السياسية. عندما كان الجيش يحاول بتر مطالبات جماعية بتنفيذ العدالة من أجل هؤلاء الذين قتلوا إبان الثورة، قدمت النيابة قضية رديئة ضد "مبارك" الذي أدانته المحكمة في وقت صعود الإخوان للسلطة. لكن الآن، أما وقد عادت السيطرة للجيش، وحظرت الجماعة،وقياداتها، وزج بنشطاء مناصرين للديمقراطية في السجون، يعرف القضاء ما ينبغي عليه فعله في استئنافات قضية مبارك. لقد أعاد عبد الفتاح السيسي خلق النظام الاستبدادي الذي كان "مبارك" يترأسه، ولكن على نحو أكثر بكثير في وتيرة القمع. منذ الانقلاب الذي قاده السيسي قبل نحو 17 شهرًا، قتل النظام المصري ما يتجاوز ألف شخص، ويتضمن ذلك مذبحة ضد متظاهرين في أحد ميادين القاهرة، وصفتها "هيومن رايتس ووتش" بأنها من أكبر عمليات القتل لمتظاهرين في يوم واحد خلال التاريخ الحديث. النظام المصري كبت أيضًا حرية الصحافة، التي كانت موجودة نسبيًّا في عهد "مبارك"، علاوةً على قمع منظمات غير حكومية كان "مبارك" يسمح بتواجدها. كما ألقى النظام القبض على سياسيين سلميين منتمين للإخوان، كانوا يتقلدون مقاعد في البرلمان خلال النظام السابق. ومع احتمال إطلاق سراح "مبارك"، ومسؤولين أمنيين أمروا بإطلاق النار على متظاهرين عزل، يواجه المئات من هؤلاء الذين عملوا، على نحو سلمي، من أجل الديمقراطية، أحكام حبس طويلة. العديد من الأشخاص، مثل أحمد ماهر، وأحمد دومة، أدينوا لخرق قانون التظاهر الوحشي الذي يحظر مظاهرات بدون موافقة حكومية، كما احتجز آخرون، مثل المصري-الأمريكي محمد سلطان، لأكثر من عام دون محاكمة. نظام السيسي كذلك أكثر عداءً للولايات المتحدة من نظام مبارك، وبالرغم من ذلك، أوضح الرئيس أوباما، ووزير الخارجية جون كيري عن رغبتهما في إقامة شراكة مع السيسي، بالرغم من سجل الجنرال الذي تجاهل مناشدات أمريكية متكررة بإطلاق سراح قليل من السجناء؛ لتبرير عودة المساعدات الأمريكية كاملة. لقد ألمح السيسي مؤخرًا إلى احتمال الإفراج عن اثنين من صحفيي الجزيرة. يحملان جواز سفر أجنبي، لكنهما ظلا في السجن، بينما يحتفل مبارك ببراءته. العديد من رؤساء الولاياتالمتحدة تعاونوا مع نظام "مبارك"، وأغفلوا عدم اكتراثه بالديمقراطية، وحقوق الإنسان، وفشلت مصر في تلك الأثناء في تحقيق تنمية على الصعيدين الاقتصادي والسياسي، وباتت مصدرًا رئيسيًّا لقادة، وأيدولوجية التطرف بالشرق الأوسط. محاولة السيسي إعادة استبداد القرن العشرين محكوم عليها بالفشل، وكذلك عودة إدارة أوباما إلى سياسة الاسترضاء. المصدر (مصر العربية)