لبنان قد تلحق باليمن ومسألة تسديد الفواتير الشخصية ينعكس سلبا على السعودية والخليج - - فشلنا في حل مشكلة اليمن، ووجب علينا التواصل مع كافة الأطراف المتصارعة، وأن نقف على نفس المسافة بينها. - محطة وصال "عنوان لحرب طائفية في المملكة، وتتعامل مع المواطنين الشيعة السعوديين على أنهم أجانب". - استقالتي من 3 شهور، وفي غياب الملك اجتماعات مجلس الوزراء لا قيمة لها. اشتكى وزير الإعلام السعودي السابق من تغول المؤسسة الدينية، وتراجع هامش النقاش داخل مجلس الوزراء السعودي خلال غياب الملك عن ترؤس اجتماعات الحكومة. جاء ذلك في رسالة استقالة مفصلة، اطلعت عليها مصادر مقربة من الوزير عبد العزيز خوجة. وأوردت الرسالة ما قالت المصادر: "إنها شهادة الوزير المستقيل إزاء عدد من القضايا الإقليمية، التي تهم المنطقة". وقالت المصادر: "إن خوجة وجه رسالته للعاهل السعودي قبل أكثر من 3 أشهر على استقالته، وأن الاستقالة بحد ذاتها لم تكن مفاجئة إلا لمن لم يكن على علم بالتحفظات التي أوردها خوجة في كتاب استقالته". اشتكى "خوجة" من أن مجلس الوزراء لم يعد المكان المناسب والملائم ليتجرأ أي وزير على طرح تصوراته وأفكاره، وأن حالة من القمع اللامعقول يفرض على الوزراء في اجتماعات المجلس. وقال: "إنه ومنذ غياب جلالة الملك عن ترؤس اجتماعات مجلس الوزراء لم تعد اجتماعات المجلس لها أي معنى، فالملك شخصيا كان هو من يوفر الغطاء ويعطي الأمان لأي وزير ليطرح أفكاره التي تهدف إلى مصلحة المملكة". وفي الرسالة التي ذيلها بطلب قبول استقالته، تناول الوزير خوجة المفاصل الأساسية التي شكلت أسبابا لاستقالته . تغول المؤسسة الدينية: تحدث بالتفصيل عن تغول المؤسسة الدينية في الحياة الداخلية للسعودية، وأن هذه المؤسسة قد أصبحت الجناح القامع والرادع لأبناء الشعب السعودي؛ محذرا من أنه في حالة استمرار تغول السلطة الدينية على الحياة المدنية الداخلية في العربية السعودية، فإن أمورا لا يحمد عقباها ستحصل بين لحظة أو أخرى. وقال في رسالته: "لو تتبعنا مجمل الأحداث اليومية ورصدناها؛ لوجدنا أن مواجهة حقيقية تحدث يوميا بين المؤسسة الدينية والتيار المدني داخل المملكة". وأضاف أن "النظام القضائي وللأسف يأتي داعما ومساندا للمؤسسة الدينية، فلم ألحظ يا جلالة الملك، أن النظام القضائي قد أنصف حالة واحدة أمام المؤسسة الدينية مع أنكم يا سيدي تعرفون وكلنا نعرف أخطاء وخطايا ترتكبها هذه المؤسسة يوميا في المملكة، ففي عصر العولمة والإنترنت لم يعد شيء يخفى على أحد في العالم، مهما كان". وحذر "خوجة" في رسالته من استمرار الوضع على ما هو عليه، و قال "ما يدفعني لكتابة هذه الرسالة وهذا الرجاء، هو مجمل قضايا داخلية نعيشها يوميا، ومع ما يرافقها من تطورات خارجية تؤثر علينا سلبا أو إيجابا". الوضع في اليمن: طلب "خوجة" في رسالته دورا أكثر فاعلية وإيجابية في اليمن؛ لأنها الدولة الأكثر قربا وتأثيرا على العربية السعودية، وطالب بأن تكون العربية السعودية على تواصل مع كافة الأطراف اليمنية المختلفة، وأن تقف على نفس المسافة بينها، وأن تكون العربية السعودية، هي الراعي الأكثر اهتماما بقضايا الشعب اليمني، وعدم الارتكان على جهود الآخرين لحل الأزمة اليمنية، بل يجب أن يكون الدور السعودي، هو الدور الأبرز لحل كافة القضايا اليمنية فأي خلل في اليمن سينعكس فورا على العربية السعودية. وطالب "خوجة" بضرورة تغيير نمط وأسس العلاقات السابقة في اليمن، وطالبه أن يرعى حوارا يمنيا يجرى على أرض المملكة. وقال: "إنه لا بد للسعودية أن تعيد مبادرتها لدمج اليمن في النظام الاقتصادي لمجلس التعاون الخليجي، وأرى أن الحل في اليمن يبدأ أولا بالاقتصاد، فما لم يشعر المواطن اليمني بوضع اقتصادي مريح أسوة بجيرانه؛ فستكون اليمن خزان بارود سينفجر ويصيب جيرانه.
الوضع البحريني: قال "خوجة" في رسالته: "إنه بعد أربع سنوات من الأزمة البحرينية، ثبت بشكل قاطع أن الحل الأمني المستخدم في البحرين لم يأتِ ثماره، بل على العكس من ذلك زادت وتيرة الأحداث هناك؛ فقد أصبح الرأي العام العالمي أكثر تجاوبا وقبولا للمعارضة البحرينية، وأن قوات درع الجزيرة التي أرسلت للبحرين؛ لإيجاد الحل أصبحت طرفا في المشكلة وللأسف، فإن عنوان الأحداث في البحرين، هو عنوان طائفي. إن حل مشكلة البحرين، يرتكز على حوار بحريني داخلي تساهم فيه المملكة مساهمة فعالة، ولا تعني مطالبة البعض بحقوق ما، أنهم يريدون التمرد ونسف الدولة. وقال خوجة: "إن مشكلة البحرين ستبقى الخطر الأبرز الذي سيعصف بالوضع في دول الخليج مستقبلا، وستعطى المبررات للآخرين؛ لرسم سياسات تطال الإقليم بأسره، وستكون العربية السعودية بالذات ساحة الارتداد لما سيحدث في البحرين". الربيع العربي: وبشأن ما يعرف بالربيع العربي، قال "خوجة" في رسالته: "لقد ثبت بأن الربيع العربي له أجندته الخاصة، وأن هذه الأجندة لها من يرعاها دوليا، فلم يعد مقبولا بعد الآن أن ننظر ببراءة لما يحدث في المنطقة، فقوى "الإرهاب" التي أصبحت وللأسف عنوانا معبرا عن الربيع العربي، لها من يحتضنها ويدعمها ويتبناها وفق أجندة مصالحه، وقال "آن الأوان لنا أن نقيم بشكل أكثر جدية حقيقة ما يحصل". الوضع في لبنان: إن ما حدث وما يحدث في اليمن حاليا مرشح لأن يحدث في لبنان بأي لحظة قادمة، وحول الوضع في لبنان، طالب خوجة بضرورة أن تستعيد العربية السعودية دورها الحقيقي في لبنان، وأن نقرأ الخارطة هناك بشكل دقيق وصحيح. وقال: "وأنا كسفير سابق في لبنان أرى وما زلت حتى الآن أن العربية السعودية لها مكانة مقبولة عند جميع اللبنانيين والمتصارعين، ويمكن للعربية السعودية أن تلعب دورا إيجابيا في حل الأزمة اللبنانية الداخلية، وسيكون هذا الدور مقبولا من الجميع". وأضاف أن "الوضع الداخلي في لبنان جد خطير، ويجب علينا أن لا نبقى جامدين أمام الواقع هناك؛ صحيح أن مسألة انتخاب رئيس تمثل مشكلة، لكن المشكلة الحقيقية، هي عملية التجييش في المنطقة، وارتفاع وتيرة الحرب الطائفية، فهي الإشكالية الحقيقية". وطالب "بالغوص الحقيقي في المشكلة اللبنانية، ويقر الجميع أن الحل هناك لا يمكن أن يمر إلا عبر العربية السعودية، فإن كان للبعض عندنا تحفظات على شخصية ميشيل عون، كرئيس مسيحي قوي للبنان، فإن خيارات أخرى يمكن للعربية السعودية أن تتبناها من داخل المعسكر الآخر، فسليمان فرنجية، حفيد الرئيس الأسبق للبنان، والذي كان الأقرب للسعودية والأكثر صداقة معها؛ أرى فيه رجلا من الممكن أن يكون مخرجا". وقال: "إن سليمان فرنجية الحفيد، وعلى الرغم من حلفه الوثيق مع سورياوإيران، إلا أنه لم يتطاول يوما على العربية السعودية، بل كان يعطيها المكانة الدائمة واللائقة في الحياة اللبنانية الداخلية". وذكر: "إن مسألة تسديد الفواتير الشخصية في لبنان له ثمنه الكبير الذي سينعكس سلبا يوما ما على العربية السعودية هناك، وأرى يا جلالة الملك أن حل المسألة اللبنانية سيشكل مدخلا لخلق جو عربي إيجابي للتعامل مع الآخرين". المسألة السورية: وحول المسألة السورية، قال خوجة في رسالته: "أرى يا سيدي أن الشعب السوري وحده، هو الذي يدفع ثمن ما يحصل هناك، فمن وجهة نظري أن الثورة السورية التي كانت تعبر عن حقيقة طموح الشعب السوري قد ولت، وأن ما يحصل في سوريا الآن هو صراع إقليمي دولي سينعكس بأي حال من الأحوال على دول المنطقة، وأرى أن الوقوف إلى جانب الشعب السوري يتطلب من الجميع السير بخطوات جادة؛ من أجل إيجاد حلول سياسية تصون الدم السوري بأسره وتحفظ وحدة سوريا". الشأن الإيراني: وبخصوص العلاقة مع إيران قال الوزير خوجة: "أرى يا سيدي ضرورة مواصلة الحوار مع جارتنا إيران، وعدم ربط الحوار معها بأي تحالفات إقليمية ودولية، وعلينا أن نخوض الحوار بصورة مباشرة مع إيران وفق مصالحنا، وبما يضمن أمننا، وعدم ربط هذا الحوار بقوى دولية، أو إقليمية، فلقد ثبت لنا بالدليل القاطع أن هذه الدول لا يهمها إلا مصالحها، وعلينا أن لا ننسى أن إيران دولة جارة، ولها تأثير لا يمكن تجاهله" . الاستقالة أم الإقالة: وقالت المصادر التي كانت على اطلاع على مواقف الوزير السابق: "إنه وبعد الأحداث الدامية التي وقعت في منطقة الأحساء شرق السعودية يوم الرابع من نوفمبر، عندما هاجمت مجموعات متطرفة إحدى الحسينيات الشيعية خلال احتفالهم بعاشوراء، ومقتل العديد؛ أصدر الوزير خوجة بوصفه وزير الإعلام والثقافة قرارا فوريا بإغلاق مكاتب محطة "وصال" الإسلامية في السعودية، محملا القناة المسئولية الأدبية عن الجريمة من خلال البرامج التي تبثها، والتي تحرض على الطائفية". وقال خوجة: "إن محطة وصال، هي عنوان لحرب طائفية في المملكة العربية السعودية، وتتعامل مع المواطنين الشيعة السعوديين على أنهم غير سعوديين، بل هم إيرانيون، وتحرض على قتلهم". وقالت المصادر، بأن "القرار الجريء الذي اتخذه الوزير خوجة ضمن صلاحياته كوزير للإعلام يبدو أنه خلق جبهة معارضة له، قادتها المؤسسة الدينية؛ حيث شنوا هجوما عنيفا عليه لدرجة اضطرت الملك للتجاوب مع هذه الضغوطات؛ لمنع التصعيد، واحتواء تداعياته؛ ليجيء قبول استقالة عبد العزيز خوجة، الحل الأقل مرارة .