في حوار بين مؤسس جوجل إيريك شميدت ومؤسس ويكيليكس جوليان أسانج، تم طرح مسألة مستقبل الانترنت، هل المستقبل في الحرية أم خضوع كل البشرية المستخدمة للإنترنت لسلطة وزارة الخارجية الأمريكية ومجلس الأمن القومي الأمريكي ووكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية. ويكيليكس تمنح الناس حرية المعرفة وجوجل ترى الهدف ربط الناس بواشنطن والشركات الغربية. هناك في لانغلي-فرجينيا من يعرف كل شيء عنا، من أول ذوقنا الأدبي حتى علاقاتنا العاطفية...لنتدبر كيف يمكننا مواجهة ذلك. التقنية جديدة والفكرة قديمة، السلطة تستخدم الناس ضد الناس، تستخدم فضول الناس ورغبتهم في المعرفة والظهور والشهرة لفضح الخصوم او استغلال معلوماتهم ضدهم... فهل تتغير ثقافاتنا بشكل يتيح لنا مواجهة ذلك؟ كتغيير مفهوم الفضيحة مثلا، فلا تكون السخرية من جهة رسمية او التدخين أو الشرب، او علاقة الحب هي الفضيحة بل يكون قتل آلاف المدنيين في الشوارع والتعاون الأمني مع اسرائيل وأمريكا وسرقة المال العام هو الفضيحة الكبرى؟ إنهم في السلطة يروننا شبكات متصلة ذات عقد تكثر عندها خطوط الاتصال، ويخيفهم انهم لا يقدرون ان يحيطوا بكل خطوط الاتصال في هذه الشبكة، فيركزون جهودهم عند عقدها...فكل من يزيد عدد اتباعه على تويتر او فيسبوك مثلا عن مائة الف يشكل عقدة في الشبكة، فيجمعون عنه المعلومات بغية استخدامها لمصلحتهم، فهل يستطيع المائة ألف، ان يكسروا توقعات السلطة فلا تؤثر فيهم حملات التشويه التي تقوم بها؟ تعرض وائل غنيم وعلاء عبد الفتاح وزياد العليمي والعبد الفقير وعبد الرحمن يوسف وكثيرون آخرون مثلا الى حملات كهذه، ولكنها حتى الآن لم تنجح بسبب مخالفة رد فعل الناس لتوقع السلطة. مهما فعلت، فان السلطة لا يمكنها ان تؤذي الناس الا بالناس وإذا عرف الناس ذلك، فلا سلطة. يا ناس ما فيش حاكم الا من خيال محكوم. ومع ذلك، فلا بد، كمسألة أمن جماعي للناس من إنشاء شبكات تواصل مستقلة عن رأسمالية الشركات الكبرى... وان اتصال بعض الناس ببعض خارج الانترنت هو الذي نجَّح انتفاضات 2011، اتصال وتشبيك في المساجد والكنائس والشوارع والمصانع والقصائد والأغاني... المسألة مسألة حياة أو موت، والسلطة تموت، والبشرية تبقى والحياة تزداد حرية، ان أردنا، وتسامح الأعزل مع الأعزل ولم يتسامح الأعزلان مع المسلح.