أصبحت أرواح المصريين هي أرخص ما في بلدهم، وذلك بسبب الإهمال والفساد المنتشر في أرجاء الدولة، هذا الإهمال لم يقتصر على سن بعينه، حيث لم يرحم منه الأطفال، الذين حصد الإهمال من أرواحهم العشرات خلال تواجدهم في مدارسهم التي من المفترض أن تساهم في بناء مستقبلهم وليس موتهم. وحصد الإهمال أرواح 4 تلاميذ منذ بداية العام الدراسي الجديد في 20 سبتمبر حيث قتل 4 تلاميذ داخل مدارسهم في حوادث متفرقة، جراء الإهمال في مراجعة إجراءات السلامة، في الوقت الذي تبرر فيه وزارة التربية والتعليم وقوع ذلك ب”تعدد مسؤولياتها” وأن تغيير ما يحدث في المدارس يستغرق وقتا طويلا وتظهر نتائجه بالتدريج. البداية كانت من مدرسة الراعي الصالح بمدينة بورفؤاد في بورسعيد في أواخر الشهر الماضي، عندما لفظ التلميذ مصطفى محمد سلامة (10 سنوات)، أنفاسه الأخيرة بعد إصابته بحالة من الإعياء وسقوطه مغشيًا عليه، بينما تنسلت إدارة المدرسة من مسئوليتها في إسعاف الطالب، مدعية أنه لم يتوف داخلها، في حين تؤكد مصادر طبية أنه وصل المستشفى جثة هامدة. وجاءت الحالة الثانية للطالب يوسف محمد، الطالب بالصف الثالث الابتدائي بمدرسة عمار بن ياسر بالمطرية، في 14 أكتوبر الجاري، وذلك بعد سقوط زجاج نافذة بفصله عليه، وإجرائه عملية له بمستشفى عين شمس التخصصي لاستخراج قطع زجاج من رقبته التي اخترقتها عند محاولته فتح إحدى النوافذ. الحادث تكرر بشكل مختلف يوم الأحد الماضي، حيث قتل طالب آخر اسمه يوسف سلطان زكي عبدالعال، التلميذ بالصف الأول الابتدائي في مدرسة الصغيرات بمركز مدينة النجيلة في مرسى مطروح، بعد سقوط بوابة المدرسة عليه. وبعد 48 ساعة من مقتل تلميذ مرسى مطروح، قُتل رابع طالب خلال شهر منذ بدء الدارسة في المدارس، اسمه أدهم محمد أحمد عبدالعال، الطالب بالصف الثالث الابتدائي، بعدما لقي مصرعه تحت عجلات سيارة تغذية مدرسية صباح الثلاثاء، بينما أصيب زميله إبراهيم وليد صلاح. أما اليوم الأربعاء، فاستيقظ أهالي محافظة السويس على خبر إصابة 12 تلميذًا من مدرسة سيد البشتلى الابتدائية بالتسمم بعد تناولهم لبنًا فاسدًا. وقال مصدر طبي إن التلاميذ، من فصلين دراسيين بنفس المرحلة التعليمية، فيما تتولى إجراء الأجهزة المعنية إجراء التحقيقات اللازمة في الواقعة. وكانت هذه الحوادث نتيجة طبيعية لما تشهده المدارس المصرية من إهمال كبير، ظهر على هيئة أبنية آيلة للسقوط وفصول متهالكة، وإهمال المدرسين والمشرفين في مراقبة وتوجيه التلاميذ، كما تنتشر القمامة والباعة الجائلين أمام المدارس مما يعرض حياة 16 مليون طلاب للخطر، حيث اتهم أولياء الأمور وزارة التربية والتعليم بالتقصير واللا مبالاة، حيث لا يشغل الوزير سوا معاقبة الطلاب الذين يرفعون شارات رابعة العدوية أو يحملون أدوات دراسية عليها نفس الشعار. وتفتقد المدارس المصرية إلى العديد من الخدمات التى تحتاجها حتى توفر للطلاب مكان آمن لا يتعرضون فيه لأذى، حيث لا بد أن تنطبق شروط الأمان والسلامة على المبانى حتى لا تتكرر مثل هذه الحوادث. وهذه الخدمات تتمثل في التأكد من عدم وجود أسلاك كهربائية مكشوفة، وفحص المباني من فترة لأخرى ووضع تقرير عن هندسة المبنى يتوافر فيه شروط السلام والأمان، إضافة إلى توفير طبيب بين كل أربعة أو خمسة مدارس وصيدلية للإسعاف السريع، لتفعيل الرعاية الصحية، وإنقاذ الطلاب عند تعرضهم لمكروه، ووجود مبنى به الأجهزة الأولية لوقف النزيف لتفعيل فكرة الرعاية الصحية المدرسية، ووضع بروتوكول مع وزارة الصحة يقبل الطالب بالكارنيه المدرسى أو بطاقة المدرس لسرعة إنقاذه. وفي اعتراف لها، قالت وزارة التربية والتعليم، على لسان محمد فهمي مدير عام هيئة الأبنية التعليمية:” نحن بالفعل أمام مشكلة حقيقية، فلدينا 598 مدرسة مهددة بالانهيار وتحتاج إلى إزالة وقد صدر لنا توجيه من وزير التعليم باتخاذ اللازم نحو هذه المدارس بتكلفة إجمالية تعدت 240 مليون جنيه وانتهينا بالفعل من ترميم وإعادة بناء عدد كبير من المدارس قبل بداية العام الدراسى الجديد، وجار الاستمرار في أعمال الصيانة”. وتعجز الوزارة عن تجهيز المدارس بأطباء واحد لكل مدرسة أمر غير متاح الآن، إلا أنها تقوم بتوفير طبيب لكل 6 أو 7 مدارس، بحسب تصريحات المتحدث الإعلامى للوزارة هانى كمال. وكان تقرير حقوقي قد رصد 857 حالة انتهاك لحقوق الطفولة داخل المؤسسات التعليمية، في النصف الثاني من العام الدراسي الماضي، حيث تراوحت الانتهاكات ما بين التسمم الغذائي من خلال التغذية المدرسية والإصابة بالأمراض المعدية كالغدة النكافية وإنفلونزا الخنازير، والإهمال الجسيم في مباني المدارس المعرضة للانهيار. وقال التقرير، الصادر عن المؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة في إبريل إن التجاهل هو السمة الأساسية للحكومة المصرية، مشيرًا إلى أن الحكومة تجاهلت المطالبات بحماية الأطفال. هذا الوضع لم يدفع الوزير إلى تقديم استقالته لاستشعاره بالحرج والمسئولية، وإنما جعل المسئولين يتحدثون بمزيد من الاستعلاء على الشعب المصري، فمصر ليست كالدول المتقدمة ك”الولايات المتحدة” أو “اليابان” ليقدم الوزير استقالته اعترافًا منه بالتقصير، وذلك بحسب تصريحات المتحدث باسم الوزارة!!