اتهم مثقفون اليسار المصري ب«عدم الالتفات للريف والفلاحين رغم أنهم يمثلون الجزء الأكبر من النسيج المجتمعي» وقالوا خلال ندوة عقدها حزب التجمع، لمناقشة كتاب «من أوراق شاهندة مقلد» للدكتورة شيرين أبوالنجا إن «الطرح التقدمي الديمقراطي لليسار سيظل طرحاً نخبوياً ما لم يهتم بهذه الفئة» وأشاروا إلي أنه مع بداية الخمسينيات ومع تأسيس مجموعات من التنظيمات الشيوعية كانت كتابات توثيق الواقع الزراعي والعلاقات الزراعية في مصر شديدة الفقر. ويلقي الكتاب الضوء علي الصراعات التي كانت موجودة فترة ثورة يوليو والتصدي لمناورات الإقطاع التي قادت لاغتيال الشهيد صلاح حسين، الذي فصل من كلية الآداب بسبب مواقفه من النظام، وأشار الكتاب إلي أن حسين رأي حتمية العودة إلي الريف وقيادة النضال من هذا الموقع خلافا لموقف غالبية المثقفين آنذاك والذين ظلوا في أماكنهم بالجامعة واكتفوا بالحديث عن النضال في الريف من موقع بعيد. وشهدت الندوة حضوراً مكثفاً لمثقفين وكتاب فضلاً عن عدد كبير من أهالي قرية «كمشيش»، كان من ضمن الحضور الدكتور محمود عبدالفضيل، عريان نصيف، حلمي شعراوي والفنانة عزة بلبع وأدارها الناقد أسامة عرابي الذي عرض لمسيرة مقلد النضالية مشيراً إلي أنها يوم زيارة المناضل الثوري أرنستو جيفارا لقرية كمشيش وأثناء الاحتفالية الكبيرة التي أعدت له وبعد جهد كبير نجحت في أن تخترق الصفوف والاستحكامات الأمنية رافعة شعار «ثوار فلاحي كمشيش يطالبون برفع العزل السياسي». وقال عرابي إن شاهندة مقلد أحسنت صنعاً عندما أخرجت أوراقها ومذكراتها لطبعها ووضعها بين يدي القارئ بعد أن ظلت حبيسة الأدراج زمنا تجاوز 40 عاماً لتطلعنا علي معالم لحظة تاريخية فارقة في نضال الشعب المصري ومسار ثورة يوليو حيث أتت هذه الأوراق علي طبيعة التحديات التي واجهتها البلاد حيال طبقة المالكين العقاريين والبرجوازيين الكبار في إطار علاقات إنتاج ذات طابع انتقالي من الإقطاع إلي الرأسمالية. أما الدكتور محمود عبدالفضيل فرأي أن ثمة ضرورة تاريخية كانت تستوجب نشر «أوراق شاهندة مقلد»، سواء في دفعتها الأولي أو الدفعة التالية التي ستنشر لاحقاً، لأن المسألة الزراعية في مصر علي الرغم من أهميتها وخطورتها لم تحظ باهتمام كاف في التحليلات اليسارية لافتاً إلي أنه لا عذر في ذلك الأمر فقد كانت آنذاك تجربة ناصعة في الصين حول الأوضاع الفلاحية والزراعية، وكان لازماً علينا أن نستلهم منها في دراسة الأوضاع في بلد زراعي مثل بلدنا مصر. وقال د.عبدالفضيل: «إن اللحظة التي وقعت فيها أحداث كمشيش واغتيال الشهيد صلاح حسين جاءت في توقيت مهم جداً في تطور النظام الناصري، فقد كانت لحظة أزمة لهذا النظام الذي أحاطه الكثير من التناقضات دفعت للتساؤل حول مصير هذا النظام وهل سيتقدم إلي الأمام أم سيتراجع إلي الخلف وهذا ما أوضحته الرسائل التي كتبها الشهيد صلاح حسين ووثائق الشيوعيين آنذاك. مؤكداً أن تجربة كمشيش برزت وتبلورت لوجود هذه الطليعة الثورية التي لم تتوافر في أماكن أخري، فضلاً عن أنها ترصد العلاقة بين النضال الوطني العام، والنضال الطبقي في الريف من خلال الشهيد صلاح حسين. وقال: «بدون هذا الربط والتلاحم الحميمي بين الوطني العام والطبقي ستصاب قضية اليسار في مقتل». ووفقاً لحلمي شعراوي، أستاذ الدراسات الأفريقية والعربية فإن قيمة الكتاب تنبع من كونه يعد من أوائل وأهم الكتب التي تقدم التجربة الفلاحية بدءاً من ثورة 1919 حتي ما بعد ثورة 1952.